مقالات

المرض الصامت - د. سلام زكريا

المرض الصامت

 

          تتزاحم الأسئلة لديك لمعرفة ماهية هذا المرض الصامت القاتل الذي يهاجمك فجأة دون مقدمات , ولا تدري أنك وزوجتك وأهل بيتك المسئولين عن إعداد وجباتك الغذائية هم من يقع علي عاتقهم ولحد كبير إصابتك بهذا المرض . أبدأ بسؤال بسيط للجميع وهو: هل قمتم في يوم من الأيام بتغيير شبكة المياه الداخلية القديمة في بيوتكم ؟ هل رأيتم حال تلك الشبكة " المواسير" التي اعتراها وكساها الصدأ من الداخل بعد سنوات طويلة من الاستخدام؟ ببساطة ستشاهدون أن قطرها أصبح ضيقاَ بدرجة كبيرة نظراً لتراكم الصدأ علي جدرانها وأصبح وصول الماء إلي هدفه النهائي قليل أو معدوم. هكذا الحال في حالة المرض الصامت ( تصلب الشرايين ). فالصدأ أشبه بالكولسترول والدهون مع الفارق في الخطورة . ففي حالة تصلب الشرايين تترسب وتتراكم كميات من الكالسيوم والدهون والكولسترول والألياف علي الجدران الداخلية للشرايين أو علي جزء منها علي مدار سنوات عديدة دون أن تلاحظ أي أعراض مرضية .ويظل المرض صامتاً إلي أن تشعر بألم فجائي في الصدر كأحد الأهداف التي تصاب . عندها تكون الجدر المرنة (المطاطية) للشرايين قد تحولت إلي جدر (صلبة) وأصبح قطرها ضيقاً أو أصيبت بالانسداد الجزئي أو الكلي.فما هو الكولسترول؟ الكولسترول مادة دهنية تتواجد في الدم وفي كل خلايا الجسم، ويحتاجها الجسم لبناء الخلايا وتصنيع بعض الهرمونات. يأتي الكولسترول من مصدرين أساسيين : المصدر الأول يتم تصنيعه في الكبد ، أما المصدر الثاني فهو من تناول اللحوم بأنواعها  ، بالإضافة إلى  مشتقات الحليب و البيض. ينتقل الكولسترول في الجسم عبر الأوعية الدموية ، و نظراً لعدم انحلاله في الدم ، فإن انتقاله من وإلى خلايا الجسم يتم محمولاً على حوامل خاصة تسمي البروتينات الدسمة . و هناك أنواع عديدة لهذه البروتينات  أهمهما : البروتين الدسم منخفض الكثافة ( LDL ) والذي يعرف بالكولسترول الضار.والبروتين الدسم عال الكثافة( HDL  (والذي يعرف بالكولسترول النافع أو الجيد. وعندما ترتفع نسبة الكولسترول السيئ في الدم يترسب تدريجياً علي الجدار الداخلي للشرايين . ومع مرور السنين تصبح تلك المواد الدهنية المترسبة والمتراكمة كثيفة وقوية مسببة ضيق بها, الأمر الذي يؤدي إلى ضعف تدفق الدم المحمًل بالأكسجين للعضو الذي يغذيه عبر هذا الشريان فيؤدي في النهاية إلى ضعف حيوية ووظيفة هذا العضو . أما إذا حصل انسداد كامل لهذا الشريان , فأن ذلك يؤدي إلى موت العضو أو جزء من العضو الذي يتغذي من هذا الشريان مثل حدوث موت جزء من عضلة القلب نتيجة لانسداد الشريان التاجي الذي يغذي هذه العضلة. وفي بعض الحالات يودي تراكم الدهون على جدر الشرايين إلى ضعف جدار الشريان وبالتالي تمزقه وحدوث النزيف مثل النزيف الذي يحدث في المخ محدثا السكتة الدماغية عند كبار السن. وفي حالات أخرى يؤدي تراكم الدهون على جدران الشرايين إلى انفصال أجزاء صغيرة من هذه التراكمات وانتقالها عبر الدم محدثة انسداد لشرايين أخرى صغيرة وبالتالي حدوث جلطة في مكان بعيد عن مصدر هذه الجلطة. الشكل المنقول أدناه يفسر ما تقدًمنا بذكره ويبين الشكل الطبيعي للشرايين حيث قطر الشريان الطبيعي "الواسع" ثم بداية تكوين وترسب الدهون علي جدر الشريان , ثم ضيق القطر نتيجة تراكم الدهون (اللون الأصفر), ثم الانسداد الذي حصل فيها نتيجة تراكم الدهون .


أسباب تصلب الشرايين والعوامل المساعدة على حدوثه:

1.       التدخين . 2.ارتفاع ضغط الدم . 3.ارتفاع نسبة السكر في الدم. 4.ارتفاع نسبة الكولسترول والدهون الثلاثية  في الدم. البدانة والخمول وقلة النشاط الرياضي. 6. القلق والتوتر.

أعضاء الجسم التي تتأثر بتصلب الشرايين :

يمكن أن يحدث تصلب الشرايين في أي جزء من أجزاء الجسم، وأهم الأعضاء الحساسة لحدوثه هي:

·        القلب، حيث يسبب تصلب الشرايين الإصابة بأمراض القلب.

·        الدماغ، حيث يسبب تصلب الشرايين الإصابة بالسكتة الدماغية.

·        الأطراف مثل الساقين، حيث يسبب تصلب الشرايين ضعف الدوران أو الغرغرينا.

·         الأمعاء، حيث يسبب تصلب الشرايين موت أجزاء منها.
هل هناك أعراض وعلامات لمرض تصلب الشرايين ؟
تصلب الشرايين لا يصيب الإنسان  بين عشية وضحاها , إنما يحدث بعد تراكم تدريجي للدهون يستغرق شهوراً طويلة تمتد لعدة سنوات , ولا تظهر أعراضه إلا في أواخر العقد الرابع وبداية العقد الخامس , مع أن أحدث الأبحاث الطبية أظهرت أن هناك أشخاصاً يصابون وهم في العقد الثالث  حيث تظهر علي الجميع  الأعراض التالية : 
1.  ألم في الصدر نتيجة لنقصان وصول الدم إلى عضلة القلب وخاصة إذا قام الشخص ببذل مجهود كبير. ذلك أن حاجة عضلة القلب للدم أثناء الحركة تزيد عما هو عليه أثناء الراحة والاسترخاء. إذا شعرت بهذه الأعراض ,يجب مراجعة الطبيب المختص فوراً.
2.  ألم في الساقين إذا تأثرت شرايين الرجلين بمرض تصلب الشرايين, وهي حالة نرى فيها كبير السن مثلا يمشي لفترة ثم يتوقف نتيجة لحدوث الألم ,  ثم يمشي مرة أخرى وهي العلامة التي تسمى بالمشي المتقطع نتيجة لتصلب شرايين القدمين. وفي الحالات المتأخرة يحدث ألم الساقين حتى أثناء الراحة. (ملاحظة: هناك أسباب أخرى لحدوث ألم الساقين أثناء الراحة مثل التهاب بالحلق أو الكلى أو الأسنان أو في عظام الساقين أو نتيجة للنوم الكثير أو نتيجة لدوالي الساقين.
3. اختلال في قياس ضغط الدم .
تشخيص مرض تصلب الشرايين:
إضافة للأعراض والعلامات السابقة, فان هناك عدد من الفحوصات والقياسات الطبية التي تساعد في تشخيص مرض تصلب الشرايين مثل:

  • تحليل نسبة الدهون الثلاثية والكلسترول في الجسم لدي مختبرات طبية مختلفة.وعن مستوي الكولسترول في الدم يجب أن يقل مستواه في الدم عن 200 ملليجرام في المائة ,وأن يقل مستوى الكولسترول الضار (منخفض الكثافةLDL) عن 120 ملليجرام في المائةيجب التأكد من دقة التحليل والقياس بأخذ أكثر من عينة لإعادة التحليل قبل اتخاذ أي سياسة علاجية. ويوصى عادة بأخذ ثلاث قياسات للكولسترول في ثلاثة عينات منفصلة للمريض بعد صيام 12-14 ساعة وعلى عدة أيام متتالية.
  • التأكد من فعالية ووظيفة الكلى والكبد.
  • التأكد من عدم وجود مرض السكر في الدم بتحليل نسبة الجلوكوز في الدم .
  •  استخدام جهاز التشخيص المقطعي للجسم.
  •  استخدام الأشعة الملونة للشرايين.


نصائح للمصابين بارتفاع نسبة الدهون الثلاثية و الكولسترول في الدم:

        إذا أثبتت التحاليل الطبية بأن نسبة الكولسترول والدهون الثلاثية في الدم فوق مستواها الطبيعي , يتم        مراجعة الطبيب المختص وإتباع النصائح التالية:

1.      تجنب تناول الحلويات العربية والشوكلاتة والكريمات والمشروبات الغازية بقدر الإمكان.

2.      الإقلال من أكل اللحوم الحمراء بأنواعها المختلفة ويفضل أكلها مشوية , والابتعاد عن جلود لحم الدجاج , و في المقابل الإكثار من تناول الأسماك.

3.      الإقلال من تناول البيض ويكفيك من (2-3 بيضات أسبوعيا) بدون أكل صفارها. والابتعاد عن الكبد والكلاوي بقدر الامكان.

4.      الإقلال بشكل كبير من تناول المكسرات .

5.      الاعتدال في تناول الحليب والجبن قليل الدسم.

6.      الابتعاد نهائياَ عن السمن الحيواني والزبدة والقشدة.

7.      الإكثار من تناول الخضروات والسلطات بإضافة زيت الزيتون عليها.وننصح بتناولها طازجة مع كل وجبة غذائية لأهميتها البالغة في مقاومة معظم الأمراض.

8.      الإكثار من ممارسة الرياضة سواء في البيت أو خارجه( نصف ساعة يومياَ) , وننصح الجميع بالمشي السريع (الهرولة) ثلاثة أيام في الأسبوع علي الأقل.

9.      إياك والتوتر الشديد والقلق , وزيادة الوزن لأنها سبب من أسباب هذا المرض.

 

    هل هناك نباتات أو أعشاب يمكنها تخفيض الكولسترول؟
نعم ,هناك عدة أعشاب ونباتات وفواكه وخضروات تساهم في تخفيض نسبة الكولسترول المرتفع في الدم.لهذا ننصح الجميع الإكثار منها تجنباَ للإصابة وتجنباً لمزيد من الارتفاع , وحفاظاَ علي جسم سليم مع ملاحظة أن ذلك لا يعفيك من مراجعة الطبيب المختص إذا شعرت بالأعراض أنفة الذكر. ومن هذه الفواكه والنباتات :

1.     العنب البنفسجي أو الأسود :

أفادت أحدث نتائج الدراسات الأمريكية والفرنسية والتي نشرت حديثاً  بأن العنب بصورة عامة  مفيد في تحسين وظيفة القلب، مؤكدين أن عصير العنب يمتاز بفاعلية أعلى في مقاومة تصلب الشرايين أو تخفيف تداعياتها وذلك لاحتوائه على كميات مكثفة من مضادات الأكسدة التي أودعها الله سبحانه وتعالي في أجسامنا وفي مكونات كثير من الفواكه والأعشاب و التي تقي الجسم من كثير من الأمراض, وتخفيف احتمالات ترسب الصفائح الدموية على بعضها البعض وتجلط مكونات الدم داخل الشرايين. وقد ثبت أيضا أن تناول العنب يقلل معدلات الكولسترول في الدم والتراكم الدهني في الشريان الأورطي، وبالتالي يحميك من الإصابة بأمراض القلب. والمعروف أن عصير العنب الأسود أو البنفسجي أقوي تأثيراً من العنب الأخضر. وعليه ننصح بتناول كأس من عصيره يومياً.
2. التفاح :
لقد وجد في دراسة أجريت من قبل الايطاليين والايرلنديين والفرنسيين أن أكل تفاحة يومياً يخفض كولسترول الدم و تزيل ترسبات الكولسترول من الجسم.

3.الأجاص :

أثبتت الأبحاث العلمية أن تناول حبة واحدة من الأجاص (انجاص) يومياَ يعمل علي تخفيض نسبة الكولسترول في الدم بشكل ملفت نظراً لاحتوائه علي ألياف تعمل علي امتصاص الكولسترول والتخلص منه.
4.  الجزر :

 يقول المثل الأوروبي إن أكل جزرة في اليوم يطرد عنك الكولسترول. وفي دراسة تمت في جامعة ادنبرا في سكوتلندا بالمملكة المتحدة وجد أن الجزر يساعد علي تخفيض مستوى الكولسترول في الدم. أما الأوراق فتحتوي على كميات كبيرة من مادة بورفايرتيين (Porphyrins) التي تنبه الغدة النخامية والذي يؤدي إلى زيادة مستوى الهرمونات الجنسية.
5.  الثوم :
بالإضافة لفوائده الأخرى غير المذكورة هنا ,
توصل علماء في جامعة ألاباما في برمنجهام بلندن إلي أن فاعلية الثوم في تقوية القلوب تكمن في مادة "أوليسين" التي تتكسر فينتج عنها مركبات الكبريت كريهة الرائحة التي تغير الفم بعد أكل الثوم والتي تتفاعل مع خلايا الدم الحمراء لتنتج ثاني كبريتيد الهيدروجين الذي يعمل علي ارتخاء الأوعية الدموية قليلاً بما يسهم بانسياب الدم بسهولة فيها. وينخفض ضغط الدم ويخف العبء علي القلب، حيث يتمكن الدم من حمل المزيد من الأكسجين وتوصيله إلي الأعضاء الحيوية في الجسم.وأثبتت دراسات أخري قدرته الفائقة علي تخفيض الكولسترول في الدم. وننصح بأكل فصين يومياً في أي وقت من الأوقات وحسب ما تراه مناسباً.

6.  البصل :

يعتبر البصل (الني أو المسلوق أو المشوي) من النباتات التي لها تاريخ طويل مع الأمراض فهو يستخدم مدراً للبول ومضاداً حيوياً للالتهابات ومهدئاً ومقشعاً (طارد للبلغم) ومضاداً للروماتيزم ومفيدا للدورة الدموية.وينصح الجميع بلا استثناء بأكل بصلة علي الأقل يومياً لتجنب الإصابة بارتفاع نسبة الكولسترول في الدم. وفي دراسة أجريت في كلية تانجور الطبية بالهند وجد أن كلا من الثوم والبصل تخفض كولسترول الدم وتجعل الدم مقاوماً للجلطات. وهذا بالطبع يقلل من خطر أمراض القلب.وذكرت الدراسة التي أعدتها الجمعية الوطنية الأمريكية للبصل ومقرها مدينة غريلي في ولاية كولورادو أن البصل يحتوي على مادة أورغانوسولفور (الكبريت العضوي) المعروف عنها بدورها في تخفيض ضغط الدم والكولسترول.

7. الباذنجان :

أكدت الأبحاث الطبية أن الباذنجان مفيد للصحة وخاصةً في علاج تصلب الشرايين والوقاية منه، ويمكن تناوله مطبوخاً مع الطعام أو علي شكل مخللات أو مقبلات .ويساهم الباذنجان في الوقاية من السمنة أو إزالتها، لأنه منخفض السعرات الحرارية، فكل مائة جرام منه تحتوي علي 29 سعراً حرارية، كما يعيق الباذنجان انتقال الكولسترول من المعدة إلي الشرايين، ويخفض من نسبة الدهون.كما ويحتوي الباذنجان علي نسبة عالية من المواد المكافحة للسرطان "نفس المواد الكيماوية التي تجعل التفاح مفيداً"، كما أن الصبغات الداكنة تعمل علي منع التأكسد.

أختم مقالي بأن النباتات والأعشاب والفواكه والخضروات مفيدة يشكل كبير للإنسان. وقد ذكرها الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم في عدة مواضع ونذكر منها ما جاء في سورة  سورة الأنعام (وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ). وكما جاء في سورة عبس (( ثم شققنا الأرض شقاً, فأنبتنا فيها حباً, وعنباً وقضباً, وزيتوناً ونخلا, وحدائق غلبا , وَفَاكِهَةً وَأَبًّا)).

أخي القارئ.. أختي القارئة ..كن واثقاً ومقتنعاً وعن عقيدة قوية بأن الله سبحانه وتعالي هو الشافي من كل مرض حتى لو كان من أخطر الأمراض المنتشرة في عصرنا. وإياك والاستسلام لأي مرض مهما بلغ منك أو تفشي فيك . سلم أمرك إلي الله تماماً وادعوه في جوف الليل بنية الشفاء , وتذلًل إليه, مع الحرص علي  التداوي كما أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم , وكذلك التصًدق علي الفقراء والمحتاجين بنية الشفاء ,وستري نور الله أمامك و شفاء الله أقرب إليك من حبل الوريد , وأن فضل الله عليك كبيرا .

تمنياتي للجميع بدوام الصحة والسعادة



اضغط هنا للتواصل أو التعرف على الدكتور سلام زكريا إسعيد حمدان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد