مقالات

أخي أحمد .. ينبوع فاض حباً- نبيل خالد - الدوحة

وفاء له في الذكرى العشرين لرحيله
أخي أحمد .. ينبوع فاض حباً
‭‬نبيل خالد الأغا- الدوحة


قبل عشرين عاماً رحل إلى عالم الأبدية أخي الأكبر المغفور له ان شاء الله تعالى أحمد خالد نعمات الآغا (أبوخالد) إثر جلطة دماغية مفاجئة باغتته وهو يقود سيارته في أحد شوارع الدوحة يوم 13/10/1989ومكث في المشفى نحو ثلاثة أسابيع في غيبوبة تامة.
وقد نشرتُ يومئذ في مجلة «أخبار الأسبوع» القطرية مقالة في رثائه بعنوان «في ذمة الله أباخالد» (لطفا اقرأها في الصورة المرفقة)، وفي عدد آخر نشر صديقه الصدوق الاستاذ ناهض منير الريس مقالة بعنوان «موت الإنسان الطيب» (يرجى قراءتها في الصورة المرفقة)، وكذلك صورة عن النعي الذي كتب في الصحف القطرية الثلاث يومئذ.


وبهذه المناسبة كتبت سيرة ذاتية مختصرة عن حياته حتى يتعرف عليه الشباب لعلهم يجدوا فيها ما ينفعهم، ويثري معلوماتهم.


"وألقيت عليك محبة مني"


احمد خالد نعمات الأغا وجه إعلامي جذاب اذا جلست معه وفتح الله شهيته للحديث وحاورته في أي شأن من شؤون الدنيا أو الدين فلا تملك الا ان تعيره كل اهتمامك، وتصغي إليه بشغف، وإذا تعمقت في شخصيته فستجد أمامك ينبوعا متدفقا من الطيبة والحب والحنان والتعاطف الإنساني في أبهى صوره وأنبل أشكاله.


إذا سعيت إليه في خدمة ما مهما كان نوعها، فلن يتوانى أبدا عن تقديمها إليك مع كل الحب والود، وإذا لم يستطع أداءها فلن يبخل عليك بالنصح والإرشاد، اعمل كذا، ولا  تعمل كذا، اذهب الى فلان الفلاني فلن يقصر في خدمتك، وسأتصل به تليفونيا لينجز لك المهمة.
طبع نبيل طبعه الحق في شخصيته.. محبة الناس وخدمتهم.. بغض النظر عن جنسياتهم، وهوياتهم، بعض معارفه، ما برحوا حتى اليوم يسألونني عن اخبار أولاد المرحوم احمد، وكيف حالهم؟ وماذا يعملون؟ أحد الأطباء المصريين قال لي مرارا: إن أخاك احمد - بخدماته للناس - جعلني اقتنع بأن الدنيا مازال فيها أناس يحبون الخير ويعملون له.


شهقة الحياة
شهدت مدينة خان يونس الفلسطينية المحتلة ميلاد احمد في العام 1937، وتلقى فيها مراحل تعليمه الثلاث- عدا فترة محدودة في بداية المرحلة الابتدائية درس خلالها بكلية بيرزيت (جامعة بيرزيت فيما بعد)- ، وفي العام 1962 تخرج في قسم الصحافة بكلية الآداب - جامعة القاهرة، ولعله أول شاب من خان يونس يحصل على هذه الشهادة حتى ذلك الحين.
عمل مدرسا بمدرسة خان يونس الثانوية، ومحررا بصحيفة «أخبار فلسطين» بغزة. ثم رئيساً لقسم الإعلام في إدارة الشؤون العامة بغزة، وكان من بين مهامه مرافقة الوفود الرفيعة التي كانت تزور القطاع يومئذ. ويتضمن برنامج الزيارة الاطلاع على أحوال اللاجئين في مواقع مختلفة، اضافة الى إلقاء محاضرة عن القضية الفلسطينية سياسيا. وقد أتاح له ذلك إقامة علاقات ودية مع عدد من الشخصيات الزائرة والمزورة.


شارك في المقاومة الشعبية إبان حرب 1967، وبعد الاحتلال الإسرائيلي للقطاع تم ابعاده مع مئات الشبان الى مصر بواسطة حافلات يهودية ألقت بهم على حافة قناة السويس نحو الجانب المصري الذي لم يحسن استقبالهم ولم يكرم وفادتهم، وألقى بهم في منطقة نائية بمديرية التحرير، وكان المسؤولون في مصر يظنونهم «عملاء لإسرائيل» وأخضعوهم لاستجوابات معمقة، ونقلوهم من سجن الى سجن.. وكان من ضمن ابناء العمومة المرافقين له في رحلة العذاب المرحوم إبراهيم عبد الأغا " أبو العبد "، المرحوم عصام سعيد الأغا (أبوالسعيد)، والسيد زكريا قاسم نعمات الاغا (أبويحيى) وشقيقه الأستاذ جهاد، وكذلك الأستاذ فايز الشوربجي (أبواحمد) وغيرهم.
كنت يومئذ طالبا في السنة النهائية في كلية دار العلوم وأسكن في شارع المعالي بمصر الجديدة، وذات ظهيرة جاءني شاب وأعطاني ورقة فيها: أنا اخوك، احمد.. تعال ومعك وثيقة سفرك واقامتك لتكفلني.. انا موجود في قسم شرطة مصر الجديدة بميدان الجامع!!
فذهبت  الى القسم ورأيت امامي عشرات الشباب المترامين على بلاط بهو واسع والإعياء الشديد باد عليهم . حاجز متواضع يفصلني عنهم ، صرت أمعن النظر في القريبين مني.. لم أر أخي، سألت الشرطي عنه، لم يعرني انتباها، كان مشغولا بالصراخ مع أحد المجرمين المصريين، وعندما هدأت الضجة أنقدته بعض النقود ليبحث عنه.. أخيراً جيئ به وكان في وضع نفسي وصحي لا يحسد عليه.. وبعد إجراءات عقيمة ات الافراج عنه.. وذهبنا سويا إلى البيت متدثرين بغلالات الهمّ والغّم ، ولما أفاق من ذهوله بعد عدة أيام توجه لمراجعة إدارة الحاكم المصري العام لقطاع غزة في حي جاردن سيتي وسط القاهرة " ما زالت قائمة حتى الآن "، وقدم نفسه باعتباره موظفاً حكومياً في غزة وصدر قرار بتعيينه مفتشاً للتموين بضاحية مصر الجديدة ومكث في عمله عدة شهور.


ثم سافر إلى الأردن، وفيها قابل صديقه الصحفي الكبير وزير الإعلام لاحقاً المرحوم محمود الشريف صاحب جريدة الدستور فاتفق معه ليعمل محررا صحفيا في الاذاعة القطرية الوليدة.


جدير بالذكر ان المرحوم الشريف كان يشغل منصب مدير الإعلام في قطر، ويعود له الفضل في تأسيس الإعلام القطري خلال عقد الستينيات من القرن الماضي الذي يحظى الآن بسمعة طيبة  على المستوى العربي و العالمي .


ونظرا لنشاطه المكثف تم نقله الى وكالة الانباء القطرية محررا فيها حيث مثّلها في بعض المؤتمرات العربية، اختاره وزير الإعلام القطري السابق الأستاذ عيسى غانم الكواري ليعمل معه في المكتب الصحفي بالديوان الأميري القطري، وخلال تلك الفترة عمل مراسلا للعديد من الصحف العربية ولوكالة الأنباء الفرنسية. ورافق أمير دولة قطر السابق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني في عدة زيارات رسمية داخل الوطن العربي وخارجه، وقد ارتبط رحمه الله بصداقات واسعة المدى مع شرائح عربية وأجنبية شتى وبخاصة مع العاملين في الحقول الدبلوماسية والإعلامية، ووهبه خالقه ميزة التعرف على الناس والنفاذ إلى قلوبهم بيسر وسهولة ومحادثتهم في تفاصيل أعمالهم مهما كانت طبيعتها إضافة إلى ولعه بمعرفة العائلات والشخصيات والأنساب وبخاصة في مدينتي خان يونس وغزة ، لذلك كان مختار العائلة المرحوم عيد حسين الآغا " أبو عدنان" يحرص على وجود أحمد ضمن أي وفد عائلي عالي المستوى يتوجه إلى غزة للقيام بأية مهمة اجتماعية ، وقد أفادته تلك المزايا مجتمعة في استيفاء الأنباء الصحفية التي يغذي بها مهنته . 


 وكان رحمه الله سخي اليد طليقها لا تدري شماله ما قدّمت يمينه، وكان الله تعالى يعوضه خيراً، وقد استثمر علاقته بالشخصيات القطرية والفلسطينية الثرية في قطر، لمساعدة المحتاجين كبيري السن من أبناء العائلة «الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف».


صاحب فضل
وأحمد صاحب فضل عليَّ لن أنساه، فهو الذي سعى جاهدا لإخراجي من ليبيا التي قضيت فيها تسع سنوات نصف عجاف (1968 ــ 1977 ، وجاء بي الى قطر لأعمل في المجال الصحفي الذي أعشقه بمجلة الدوحة في إصدارها الأول (1976 ــ 1986)، وقد رحمني الله تعالى فتحررت من قيود مهنة التدريس التي أحترمها وأقدرها .. لكنني لا أحبها ولا أتفاعل إيجابياً معها .


وهذا الصنيع الطيب من أبي خالد يتماهى تماماً مع شخصيته حيث أمسى ولي أمرنا بعد وفاة الوالد رحمه الله، وكان بارّاً بنا وبوالدتنا، وكذلك بخالتنا وزوجة أبينا السيدة أم نزيه، واخواننا الأحبة : نزيه ( أبو خالد)، ومحمد ناهض ( أبو رامي )، وناظم (أبو كمال)، ونهى (أم محمد) وكذلك بذوي رحمنا من الدرجات اللاحقة واتسعت دائرة البر والوفاء في معجمه الانساني فشملت الأصدقاء والمعارف والزملاء والجيران .


وأخيرا..
فأخي أحمد أنجب ثلاثة أبناء: خالد، وبشار، وتمام، وابنة واحدة هي الدكتورة عبير زوجة حبيبنا الدكتور عدنان كامل الأغا (أبو هيثم) وتقيم حاليا في خان يونس، وكذلك الأستاذ خالد الذي يعمل محررا في تلفزيون فلسطين بغزة.
أما زوجته الوفية فهي المربية الفاضلة  السيدة عبلة كامل الشوربجي (أم خالد)، وتقيم حاليا في الدوحة مع ابنيها العزيزين بشار وتمام.
 
وهذه زفرة حزن صاغها شعراً صديقنا الوفي الأستاذ ناهض منير الريس ، ونشرت في حينه في الصحف القطرية :

واحُزْنَ قلبي لفَقْد الصّاحب الغالي

رفيقَ عُمري وأفكاري وآمالي

أنْعي بنعْيكَ أيام الصِّباَ ولَها

أحْلى مكانٍ من التذكار في البال

أنْعي الوفاءَ وقلْباً كان يَحْملُه

شَهْم وديعٌ كريمُُ العمِّ والخال

يا خان يونس قومي للعزاء فقد

فَقدْتِ خَيْرَ فتى من خيرة الآل

ويا فلسطينُ صَبْرا روحُ أحمدَ لم

تَبْرحْ تَحوُم حولَ مِشْرافكِ العالي

أبــــــــــــــــو خلـــــــــــــدون
الدوحة ــ قطر
18 ابريل 2009

مرفقات


نعي المرحوم أحمد خالد الاغا كما نشر في الصحف القطرية 14/10/1989


مقال بعنوان " موت الانسان الطيب " بقلم صديقه الصدوق الأستاذ ناهض منير الريس
ونشر في جريدة أخبار الأسبوع بعد الوفاة






مقال باسم نبيل خالد الاغا كما نشر في مجلة أخبار الأسبوع القطرية بعد الوفاة.



المرحوم احمد خالد الاغا " يميناً والى جواره المرحوم عبدالعزيز المساعيد
عميد الصحافة الكويتية،والتقطت الصورة في مقر صحيفة الرأي العام
بالكويت اثناء زيارة رسمية للكويت ضمن وفد قطري عالي المستوى


بطاقة عمله رئيساً لقسم الاعلام بدائرة الشؤون العامة بغزة 1966.


بطاقة عمله في الاذاعة القطرية.
 

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على أ. نبيل خالد نعمات خالد الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد