مقالات

ورحل ( معروف رفيق) شاعر القطرين

 

ورحل ( معروف رفيق) شاعر القطرين
 

د/ يحيى زكريا الأغا
المستشار الثقافي
 سفارة دولة فلسطين- قطر

     القدس في قلبه والنور والألق ودوحة العز لا يخبو لها ألق

كما رحل عبد الرحيم محمود(عم) الشاعر، يودعنا إلى دار البقاء الشاعر الكبير (معروف رفيق) ، شاعر القطرين كما يحب أن يُسمى، فخبا النور الذي كان يشع في كل مناسبة، شاعراً مبدعاً ، ومناظراً متميزاً ، وناقداً حاذقاً، وضيفاً مستمعاً في محافل أدبية وثقافية متنوعة .
بين مولده عام 1935 في قرية عنبتا بفلسطين، ووفاته عام 2005 بدولة قطر أثرى الثقافة الأدبية بستة دواوين شعرية جمعت بين دفتيها ألق الوطن، وعشق قطر، إضافة إلى لعديد من الأناشيد قدمّها لتلفزيون قطر، ومقالات ثقافية نُشرت في الصحافة المحلية القطرية.
رحل شاعر الحلوتين، وخافقه يقول : هما في فؤادي أغلى اثنتين، كيف لا وفلسطين مصدر إلهامه، وقطر رفيقة عمره.
رحل شاعر القطرين والقدس مازالت مكبلة بقيود حالت دون الصلاة فيها، فأرسل أنّاته من قطر علّها تشفي جرحاً غائراً في الجسد، ولكن:
غداً نرى القدس بالإيمان عامرة     أرض الديانات كل الناس تهواك
غيبه سهم الموت – وهو حق- عن الحياة، لكنه أسهم بإثراء الحركة الأدبية بما أضاف إليها جديداً فصدر له:
( ابتهالات) هي المجموعة الثانية للشاعر بعد ( صرخة مسلم) موجهتان إلى الله، لتعكس ما يتمتع به من حسٍ إسلامي مرهف، وقلبٍ مفعم بالإيمان، متصل بحبل اللله المتين، لم ينقطع أبداً عن لقاء ربه كل حين، وكأنه أحد شعراء العصر الإسلامي الأول لغة واسلوباً وبناءً.
هما رسائل إلى كل من أراد أن يوثّق علاقته بالله، ويبني جسراً من التواصل بين الجسد والروح، ليفتح أمام المسلم حواراً مع الله، من خلال قصائد تمثل قمة في الإبداع الفني.
لينقلنا إلى ( فلسطين الجرح والطريق) في مجموعته الثالثة، يترسم من خلالها الوطن الذي فُقد عام 1967، مؤملاً من أبنائه في الشتات بناء طريق العودة إليه بأظافرهم، حتى لا يفقدوه مرّة أخرى.
ليقدّم لنا المجموعة الرابعة( قطر على شفة الوتر) عرفاناً ووفاءً وتقديراً لقطر التي احتضنته مع العديد من أبناء فلسطين والأمة العربية، مبرزاً المكانة التي أحتلتها دولة قطر في روحه الوفية – وهي كذلك-.
ثم يقدّم لنا المجموعة المتميزة( أشعار للفتيان والفتيات) ضمت العديد من الأناشيد التي تُغنى في تلفزيون قطر، إضافة إلى تضمين الكتب المدرسية بالعديد من قصائده، وجميعها في حب قطر وفلسطين، وهذا يعكس ما يتمتع به القطران في روحه.
ليختم( بالقدس قصيدتي) والتي كان لي شرف مناقشتها قبل ثلاثة أعوام.
أخلص لقطر أيما إخلاص، ونظم فيها العديد من القصائد التي تعكس هذا الوفاء.
حافظ على لغة شعرية إبداعية متميزة، لم ينجرف وراء التيارات الجديدة المعاصرة، التي أفقدت الشعر مكانته وقيمته، وبقي محافظاً على الوزن، والوزن والقافية في بنية النص الأدبي.
منح الكلمة الصدق والموضوعية والإخلاص، انعكس هذا على القصيدة فكراًً وموضوعاً.
وهكذا، رحل الشاعر الكبير، وفقدت الساحة الأدبية في قطر رائداً من روادها، وعلماً من أعلامها الكبار.
رحل الجسد وبقيت مجموعاته بين يدي عشاقه، ينهلون منها لغة الوفاء للأوطان رغم البعاد، وبقيت ( عنبتا ) بزيتونها، والقدس بابوابها الشامخة، رفيقة دربه.
سيفتقدك العديد من الصدقاء – وأنا منهم- وستفتقدك مدرجات جامعة قطر ، ونادي الجسرة، والقسم الداخلي، ومسرح قطر الوطني.
سيفتقدك محبوك، الذين آثروك واحتضونك لخلقٍ تدثرت به طيلة حياتك، وعلمٍ اكتنزته ونثرته على أحبائك وأعدائك.
ستفتقدك صحيفة ( الراية ) القطرية، لشعرٍ هنا ومقالٍ هناك.
نم واسترح أيها الطود الأبي، سنبقى على وعدٍ بأن الفتح آتٍ، وصوت الحق سيهزم كل عادٍ، وسيصدح آذان  بلال في القدس.
رحم الله فقيد فلسطين وقطر، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله الكرام ومحبيه الصبر

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على السفير يحيى زكريا إسعيد حمدان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد