مقالات

رحمانيّات ربانية للآمة المحمدية ( 22 ) بشرى لأهل الرضا والصبر- بقلم المنتصر بالله حلمي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

( رحمانيّات ربانية للآمة المحمدية )

( 22 )

بشرى لأهل الرضا والصبر 

 

الحمد لله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات فأنعم علينا وأكرمنا بنعمة الإسلام ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على خير البشرية سيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
جميعنا ندرك كما هو حال المؤمنون أن ما يصيب الإنسان من خيرٍ أو شرّ مقدرٌ عليه ، والمؤمن إن كان قَدَرَهُ خيراً شَكَرَ ، وإن كان قَدَرُهُ شرّاً _ بمقياس الدنيا _ فإنه يقبل ويرضى بحكم الله تعالى ويحمده ويشكره ويصبر على ما أصابه من ابتلاء أو مصيبة ، والمؤمن سمته الرضا والشكر والحمد لله تعالى والصبر على الابتلاء . ورضا المؤمن بما أصابه من بلاءٍ قضاه الله تعالى عليه نعمةٌ إيمانيّة كبيرة ، لأن رضاه بقضاء الله أعلى درجةً من الصبر ، فالمؤمن رضي بما أصابه من بلاءٍ قضاه الله تعالى وشكره وحَمَدَه ومن ثمَّ صبر لإدراكه أن كلَّ ابتلاء يصيب الإنسان إنَّما هو بقضاء من الله تعالى لا مهرب ولا منجا منه ، وكل شيء من الله تعالى خير ، وذاك اليقين والرضا والصبر والحمد والشكر لا يفعله إلاّ مؤمن .
والمؤمن صحيح الإيمان يدرك بعظمة إحساسه الإيماني الرفيع في حالة مصابه أنه مدلل عند ربه الله سبحانه وتعالى بل قريب منه ، وأن حالة حبّ بينه وبين الله تعالى ، ولو لم يكن مدللاً وقريب منه وحبيب إلى الله تعالى لِما أصابه ، فالله تعالى أحبه فأصابه بذاك الإبتلاء ، وكلٌ يبتليه الله تعالى بقدره ومكانته ، وتلك عظمة كبيرة بأن تشعر بأن حبيبك الله سبحانه وتعالى يبتليك ليقربّك إليه أكثر ، والعظمة هنا هو الرضا بما أصابك ، ومن ثمَّ الصبر ، وتلك علاقة ربانية شفافة ورفيعة مع الله سبحانه وتعالى يدركها المؤمن المصاب بالإبتلاء . من أجل هذا يقول جلَّ شأنه في سورة العنكبوت:‘‘ أَحَسِبَ الناسُ أن يُترَكُواْ أن يَقُولُواْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ(2) وَلَقدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلْيَعْلَمُنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ(3)’’ . ويقول الله تعالى في محكم كتابه الكريم في سورة إبراهيم آية(35):‘‘..وَنَبْلُوَكمْ بِالشَّرِّ وَالخَيْرِ فِتْنَةً وَإلَيْنَا تُرجَعُونَ ’’ ، وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:‘‘ ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة ’’.
والمؤمن يرضى ويستسلم لقدر الله تعالى وقضائه الذي قٌدِّره عليه في حياته ، ويدرك أن كل شيء في هذه الكون كتبه الله تعالى عنده في أم الكتاب منذ الأزل بقدرته وحُكمه وقضائه مصداقاً لقوله تعالى في سورة الحديد:‘‘ مَآ أصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي~ أنفُسِكُمْ إلاّ فِي كِتَابٍ مِن قَبْلِ أن نَّبرَأهَا إنَّ ذِلِكَ عَلَى اللهِ يَسيرٌ(22) لِكَيْلا تَأسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُواْ بِمَآ ءَاتَاكُمْ وَاللهُ لا يُحِّبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ(23)’’.
والابتلاء والفتنة قد يكون نقص في المال أو الزرع أو المؤنة أو حاجة من حاجات الدنيا ، وقد يكون الابتلاء في الصحة أو النفس أو الجاه والمنصب ، وقد يكون الابتلاء موت أبناء أو آباء أو أمهات أو أخوة أو أقارب وأصدقاء ، وقد يكون الابتلاء في سلوك الولد بما لا يرضي الله تعالى ووالديه والناس ، أو قد يكون في سلوك جارٍ أو رفيق سوء لا يخشى ولا يخاف الله تعالى ، وأنواع الابتلاء كثيرة لا حصر لها ، ومن اعترض على قضاء الله تعالى ولم يرضَ وسَخِطَ ، لن ينال رضا الله سبحانه وتعالى ولن يذهب أو يزول الابتلاء بسخط المُبتَلَى .
والله تعالى أنبأنا بهذا في سورة البقرة:‘‘ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشيءٍ مِنَ الخَوْفِ وَالجُوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأَنفُسِ والثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ(155)الَّذِينَ إذَا أصَابَتْهُم مُصِيبَةٌ قَالُواْ إنَّا لِلهِ وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ(156)أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَّبِهِمْ وِرَحْمَةٌ وَأولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ(157)’’ .
ورُويَّ عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال:( أول شيء كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ: ‘‘ إني أنا الله لا إله إلاّ أنا ومحمد رسولي ، من استسلم لقضائي وصبر على بلائي وشكر لي نعمائي كتبته صدِّيقاً وبعثته يوم القيامة مع الصدّيقين ، ومن لم يستسلم لقضائي ولم يصبر على بلائي ولم يشكر لنعمائي فليتخذ إلهاً سوائي ’’) . من أجل هذا فإن الابتلاء لا يطيقه إلاّ مؤمنٌ صادقاً في إيمانه فيرضى بما أصابه ويصبر عليه ويشكر الله تعالى بما كتبه له ، والصابر المحتسب لا يُرفع له ميزان يوم القيامة برحمةٍ من الله تعالى .
ولقمان الحكيم يوصي ولده بوصايا حميدة من بينها الصبر على المكروه لأن الصبر من عزائم الأمور التي تحتاج إلى إيمان رفيع وإرادة فيقول الله تعالى في سورة لقمان على لسان لقمان الحكيم وهو يوصي ابنه:‘‘ يَا بُنَيَّ أقِمْ الصَّلاةَ وَأمُرْ بِالمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ وَاصْبِر عَلَى مَا أصَابَكَ إنَّ ذَلِكَِ مِن عَزْمِ الأمُورِ(17)’’ . يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:‘‘ ثلاثة من رُزِقُهُنَّ فقد رُزِقَ خيريّ الدنيا والآخر: الرضا بالقضاء ، والصبر على البلاء ، والدعاء في الرخاء ’’ . ومن كان أقرب إلى الله تعالى فمصائبه في الدنيا أكثر والبلاء عليه أشدُّ . وقد سأل سعد بن أبي وقاص رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:‘‘ أيُّ الناس أشدُّ بَلاءً ؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : الأنبياء ثمَّ الأمثل فالأمثل فيُبتَلى الرجل حسب دينه ، فإن كان رقيق الدين أُبتلي على حسب ذاك وإن كان صلب الدين أُبتلي على حسب ذاك ، فما تزال البلايا بالرجل حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئةٌ ’’
. ورُوِيَ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:‘‘ ما أصابتني مصيبةٌ إلاّ وجدت فيها ثلاث نِعَم ، الأولى : أنها لم تكن في ديني والثانية: أنها لم تكن أعظم مما كانت والثالثة: أن الله يجازي عليها الجزاء الكبير’’ ثم تلا قوله تعالى:‘‘ أؤلئكَ عَلَيْهِم صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةً وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ ’’ . ورُوِيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:‘‘ الصبر ثلاثة : صبْرٌ على الطاعة ، وصبْرٌ على المصيبة ، وصبْرٌ عن المعصية ، فمن صبر على المصيبة حتى يردَّها بحُسنِ عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة ، ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ، ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجةً ’’ . ومن رَضِيَ وصبر على البلاء واستسلم لقضاء الله تعالى وقَدَرِهِ ثمَّ استرجع وقال:( إنَّا لِلهِ وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ ) انهالت عليه الصلوات من الله تعالى مصداقاً لقوله تعالى في سورة البقرة: ‘‘ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَّبِهِمْ وِرَحْمَةٌ وَأولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ(157)’’ . ويقول الله تعالى في سورة الزمر آية(10):‘‘ إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ’’ ، وهذه الآية الكريمة هي ميزان الصبر عند المؤمن على البلاء ، فيضع مصائبه في هذا الميزان حتى لا يُنصَب لهُ ميزان الآخرة ، فمن صبر على الابتلاء في الدنيا أكرمه الله تعالى في الآخرة فلا يُرَفع له ميزان ولا حساب وتنهال وتنصبُّ عليه الخيرات والصلوات من الله تعالى صبَّاً . والصلاة الواحدة من الله تعالى على الصابرين الذين يسترجعون تعني رحمتهم بدون حدود ، والصلوات هي جمع صلاة ولا يعرف منتهاها إلاّ الله تعالى الذي أمر عباده المؤمنون أن يستعينوا على المصائب بالصبر أولاً ثم بالصلاة فقال تعالى في سورة البقرة:‘‘ يَا أيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبرِ وَالصَّلاَةِ إنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(153)’’ ، والله تعالى جلَّ شأنه وضع نفسه مع الصابرين تقديراً وإجلالاً لهم لامتثالهم لأمره فصبروا ، ولم يضع نفسه جلَّ شأنه مع المصلّين أو المزكّين او الحجّاج بالرغم من قَدْرِ الصلاة وأنها الحبل المتين الذي يربط المسلم بدينه وأيضاً بالرغم من قدر الزكاة والحج .
أمّا القول :‘‘ إنَّا لله ’’ فمعناه : أي نحن عبيد الله وفي مُلْكِهِ وفي قبضته ، إن عشنا فعليهِ أرزاقنا وإن مُتنا فإليه مآبنا ومرَدّنا ، وراجعون إليه سبحانه وتعالى بعد الموت ، وواجبنا كمؤمنين أن نرضى بحُكْمِه وقضاءه ، فإن لم نرضَ فالله تعالى لا يرضى علينا عند رجعتنا إليه . ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:‘‘ ليسترجع أحدكم في كل شيءٍ حتى في شِسْعِ نعله فإنها من المصائب ’’ . ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم علَمنا أن انقطاع الشسع (أحد سيور النعل) من المصائب وذلك قد يكون أقل المصائب ، وأراد صلّى الله عليه وسلّم بهذا أن يعلّمنا الصبر على كلِّ ضرر مهما كان صغيراً أو كبيراً ، لذلك لا يعترض المؤمن على حًكم الله تعالى ويرضى بما أصابه وبما قسمه الله سبحانه وتعالى له ، فيرضى ويحمد الله تعالى ويشكره ويصبر على ما أصابه لأنه يدرك أن الحال الذي اختاره الله تعالى هو خيرٌ له على كل حال وإن كان ظاهره فيه كرب ومصيبة وابتلاء .
والمؤمن يدرك هذا ويشفق على نفسه من الفتنة والابتلاء أو عدم الصبر ويخشى عذاب الله تعالى يوم القيامة مصداقاً لقوله تعالى في سورة المؤمنون آية(57):‘‘ إنَّ الَّذِينَ هُم مِّن خَشْيَةِ رَبِّهِم مُشْفِقُونَ ’’. وأجر الصبر على المصيبة عظيم ، ففي الحديث عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:( مات لي ابنٌ فكتب إليَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:[ من محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم إلى معاذ بن جبل ، سلام عليكم ، فإني أحمد الله الملك الذي لا إله إلاّ هو ، أمّا بعد ، فعظَّم الله لك الأجر وألهمك الصبر ورزقنا وإيّاك الشكر ، ثم اعلم أن أنفسنا وأموالنا وأهلنا وأولادنا من مواهب الله تعالى الهنيّة وعواريه المستودعة يمتعنا بها إلى أجلٍ معدود ويقبضها لوقت معلوم ، ثم فرض الله تعالى علينا الشكر إذا أعطى ، والصبر إذا ابتُلي ، وكان ابنك من مواهب الله تعالى الهنيّة وعواريه المستودعة ، متّعك الله به في غبطة وسرور وقَبَضَهُ بأجرٍ كبير إن َصَبرْتَ واحتَسبتَ ، واعلم أن الجزع لا يرد ميّتاً ولا يطرد حزناً ’’ .
من أجل هذا يقول الإمام القرطبي: وَرَدَ: [ أن الموازين تُنصَب يوم القيامة لأهل الصلاة ولأهل الصيام ولأهل الزكاة ولأهل الحج ، فتُوزن أعمالهم ويوفون أجورهم بالموازين ، وأما أهل البلاء فلا يُنصَب لهم ميزان ولا يُنشَر لهم ديوان ويُصَّب عليهم الأجر والثواب بغير حساب ‘‘ وزاد في رواية ’’: وإن أهل العافية ليتمنون في الموقف أن أجسامهم قُرضِت بالمقاريض لما يرون من حُسْنِ ثواب الله عزَّ وجلَّ ].
وفي حديث شريف طويل نقتطف منه بشرى للصابرين من أصحاب البلايا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:‘‘ إذا كان يوم القيامة ينادي منادٍ: من له على الله دَيْنٌ ، فتقول الخلائق: ومن ذا الذي له على الله دين ، فتقول الملائكة: من أُبْتُلِي بما يُحْزِن قلبه ويُبكِي عينيه فصبر احتساباً لله تعالى فليقم يأخذ أجرهُ من الله ... وتأخذ الملائكة الصابرين من الرجال والنساء حتى يوصلّوهم إلى تحت العرش فيقولون: يا ربنا هؤلاء عبادك الصابرون ، فيقول الله عزَّ وجلّ: ردّوهم إلى شجرة البلوى ، فيردونهم إلى شجرة أصلها ذهب وأوراقها حلل وظلها يسير الراكب فيه مائة عام ، فيجلسون تحت ظلها ويتجلى عليهم الحق سبحانه وتعالى واحداً بعد واحد وواحدة بعد واحدة يعتذر إليهم كما يعتذر الرجل إلى صاحبه يقول لهم: يا عبادي الصابرين إنّما ابتليتكم لا لهوانكم عليَّ بل لكرامتكم عندي ، وقد أردت أن أحطَّ عنكم بالبلاء ذنوبكم وأوزاركم وأبلّغكم درجاتٍ عالية ما كنتم تصلون إليها بأعمالكم ، فصبرتم لأجلي واستحيتم مني ولم تسخطوا من قضائي فاليوم استحي منكم لا انصب لكم ميزاناًَ ولا أنشـر لكم ديواناً ’’ إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ‘‘ فلا أحاسبكم ’’، ....، ثم يعتذر الله إلى امرأة فقدت ولدها وصبرت فيقول لها : يا أَمَتِي قضيت أجل ولدك في اللوح المحفوظ كذا ثم قبضته إليَّ فما جزع لك قلبٌ ولا ضاق لك صدرٌ فابشري اليوم برضائي وجمع شملك بولدك في دار حياة لا موت فيها ومقامٌ لا رحيل منه ولا همّ ولا حَزَنٌ ،...، ثم تأخذهم الملائكة ركباناً على النجائب والرايات بين أيديهم وهم سائرون إلى الجنة فينظر الناس إليهم ويقولون هؤلاء هم الشهداء والأنبياء ، فتقول لهم الملائكة: والله ليس هؤلاء شهداء ولا أنبياء ولكن هؤلاء قوم من عوام الناس قد صبروا على شدائد الدنيا فنجواْ في هذا اليوم ، فيقول الناس: يا ليتنا قد وقعنا في أشد البلاء ، وقرضت لحومنا بالمقاريض فكان لنا مع هؤلاء نصيب ، فإذا وصلوا إلى باب الجنة قرعوا بابها فيجيء رضوان فيقول: من هذا فتقول الملائكة لرضوان: افتح ، فيقول لهم: في أي وقت حوسبوا هؤلاء وخَلَصوا وبعض الناس قيام من التراب ، وإلى الآن ما نشر الحق عزَّ وجل ميزاناً ، فتقول الملائكة: هؤلاء ليس عليهم حساب افتح لهم يا رضوان أبواب الجنان ليقعدوا في قصورهم آمنين ، فعند ذلك يفتح لهم رضوان الجنة فيدخلون إلى منازلهم فتتلقاهم الخدم بالفرح والسرور والتهليل والتكبير فيجلسون على شُرْفِ الجنة خمسمائة عام يتفرجون على حساب الخلق حتى يفرغوا من الحساب فطوبى للصابرين ، قالوا: يا رسول الله ما الذي يُثقِّل الميزان ؟ قال: الصبر’’ .
أما اليوم فهو الذكرى الثانية لوفاة الشهيد شادي المعتصم رحمه الله تعالى ، وكذلك مرور بضعة أشهر على وفاة الطفلين الشهيدين ماهر أيمن قاسم ومحمد يوسف قاسم رحمهم الله جميعاً ، وجميعنا يشعر بألم الفراق وعذابه ، فالقلوب دامية ، ولكنها راضية وصابرة ومسترجعة وإن شاء الله من الصابرين ، ولا يسعني ويسع كل والد ووالدة فقد ولده ورضي وصبر إلاّ أن يسترجع الله تعالى حتى تنهال وتنصبُّ عليه رحمات الله تعالى يوم القيامة ، لأن قََدْرَ المُبْتَلَى الصابر والمحتسب عند الله تعالى عظيم . وما أكثر ابتلاءات أهل فلسطين في الداخل والخارج ، فالله تعالى إن شاء الله يحبهم ليرفع مكانتهم ، وهم أهل الرضا والصبر ، نسأل الله تعالى أن نكون من الراضين الصابرين على كلِّ حال وأن يخفف عنّا في الدنيا والآخرة ، وأن لا يجعلنا من المبتلين وهو راضٍ عنّا ، وأسأله تعالى أن يرحم كل شهدائنا العظام في الوطن والغربة ، وأن ينزل السكينة والرضا والصبر على قلوب والديهم وذويهم ، وبشراهم أن الله تعالى وعدهم بألاّ يرفع لهم ميزان يوم القيامة فيدخلون الجنّة آمنين مطمئنين فلا يصيبهم خوفٌ ولا جزع ، اللهمَّ آمين . وأرجو من قارئي المعذرة فقد أطلت اليوم عليكم فالحديث ذو شجون ، وأسأل الله أن يكون في ميزان حسناتكم ، وصلّى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا الحمد لله ربّ العالمين .

 

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على أ. المنتصر بالله حلمي أحمد الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد