مقالات

....وأصبحتُ في زمنِ الكلاسيكو وجون سينا!- سمر زكريا إبراهيم


....وأصبحتُ في زمنِ الكلاسيكو وجون سينا!     
سمر زكريا إبراهيم

 


لا زلتُ أذكر ولدي قاسم وهو يصيحُ بي منفعلًا :ماما اليوم الكلاسيكو, وأنا أردَدُ وراءه ما..ما..ماذا؟ وهو ينظرُ إلي مستغربًا: أنت لا تعرفين الكلاسيكو يا ماما؟ فأتصنعُ إبتسامةً أُخفي بها جهلي..معقول هوا في حدا لا يعرفه يا قاسم! فيهزُ رأسَه وكأن إجابتي لم تقنعه..وفي نفس اليوم يخبرني زوجي العزيز بإبتسامته التي دوما تزين وجهَه: اليوم سأتأخر قليلاً لأنني سأشاهد الكلاسيكو مع مجموعةٍ من الأصدقاء..وأسارع خلسةً إلى النت لأبحث عبر الجوجل ..لأكتشف أنها المباراة التي يتقابل فيها فريقي برشلونة وريال مدريد الأسبانيين, وكيف لي أن أعرف ذلك ومعرفتي في عالم الرياضة لم تتعد فريقي الأهلي والزمالك من خلال والدي وشقيقاي الذين كانوا يشجعون فريق الأهلي بينما أبناءعمومتي يشجعون فريق الزمالك !

وكما يُقال بالعامية (كله كوم وجون سينا هذا كوم) , ومعرفتي به قد بدأت حين كنت أسمع إسمَ سينا يترددُ ويترددُ في نقاشٍ لإبني وإبنتيَ, وبسذاجةٍ ظننت لوهلة أن كبيرتي تخبرهم عن إبن سينا العالمِ الفذ الذي درست عنه في منهاج اللغة الإنجليزية! ونفس نظرة الإستغراب شاهدتها لمرةٍ أٌخرى في عيني صغيري الذي قال لي: إسمه جون سينا يا ماما مش إبن سينا! والذي بلغ هوسُ جيل أولادي والأجيال الأكبر قليلا منهم هوساً جعل الصمت يخيمُ تماماً على بيتي لدرجةٍ تستطيع فيها أن تسمع رنين الإبرة وهي تسقط !.بعد أن كان يضجُ بصراخِ ولدي وأصدقائه العشرة الذين كانوا في زيارةٍ له لمناسبةٍ خاصة, مما جعلني أسترق السمع والنظر إليهم لأطمئن بألا مكروه قد أصابهم, لأفاجأ بهم وهم متسمرين محدقين قبالَ التلفاز.. ومباراةٍ لجون سينا وشخصٍ آخر .. وصديقٍ صغيرٍ  يهتفُ بهم : ياأولاد ..اللي بيحب جون سينا ما يتكلم ولا كلمة! وبركاتِه تحلُ حين أهددُ ولدي بأني سأمنعه من مشاهدةِ جون سينا إن لم يفعل ما طلبته منه, وبثوانٍ وكالسحر يفعل ما طُلب منه! وصغيرتي ذات العامين التي هتفت باسمه قبل أن تهتف باسمي!

أهٍ من زمنٍ أصبح فيه ميسي وجون سينا وغيرهم مما لا أعرفُ لهم إسماً.. مثلًا يُحتذي به! وأصبحت  دواليبُ أبنائنا تمتلئُ ببلايزَ وجواربَ وأحذيةً ومجسماتٍ لهم! ناهيك عن هوسِ العشقِ الذي غزا عقول أبنائنا وشبابنا وحتى بناتنا غزواً.. جعلت أهم قضاياهم أن يفوز فريقهم أومصارعهم المفضل! لاشك أن ممارسة ومشاهدة الرياضة محببة.. ولكن أن تتركزَ معظم  حوارات ونقاشات أبنائنا في المدارس والجامعات والطرقات حول الكلاسيكو وجون سينا!   فهذا ما يحتاج في الحقيقة إلى توعيةٍ وإرشادٍ قبل فوات الأوان ....يحتاج الى وقفة.         
 

 

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على أ. سمر زكريا إبراهيم سليم الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد