(أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ؟) سؤال سألته الملائكة لربنا سبحانه وتعالى قبل أن تبدأ التجربة البشرية بخلق أبي البشر آدم، نفهم منه أن كل بقعة من الأرض يسكنها بشر من بني آدم هذا المخلوق الجديد سيتقاتلون ويسفك بعضهم دم بعض، بل انها سنة الخلق أنه لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله، وبالفعل أول جريمة قتل وقعت على الأرض كانت في أول جيل من ابناء آدم الذي نزل من الجنة شخصياً، وفي حياته ، " فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ".
أورد الدكتور راغب السرجاني في كتاب أخلاق الحروب في السنة النبوية في فصل عنوانه حتمية الحروب: خلال 5560 سنة الأخيرة من تاريخ مسيرة البشرية نشبت 34531 حرباً أي بمعدل 6.2 حرب كل عام، وأنه قد مرَّ على الدنيا خلالها ما يقرب من 185 جيلاً لم ينعم بسلم مؤقت منها الا عشرة أجيال فقط.
في شهر يوليو عام 1914 بدأت الحرب العالمية الأولى، وفي شهر يوليو عام 2014 بدأت حرب العصف المأكول في غزة، لذا أردت أن أمر سريعاً على بعض الحروب في المئوية الأخيرة التي تأثرنا بها مباشرة أو غير مباشرة سواءً على الصعيد العالمي أو الاقليمي أو المحلي ، والتي منها:
أولاً: الحرب العالمية الأولى (عدد القتلى من البشر أكثر من 9 مليون انسان):
من أكبر نتائجها انهاء امبراطورية تركيا الاسلامية (دولة الرجل المريض) تمهيداً للاستيلاء على مناطق نفوذها.
ثانياً: الحرب العالمية الثانية(عدد القتلى من البشر 55 مليون انسان):
من أكبر نتائجها ظهور الولايات المتحدة الأمريكية ثم انشاء دولة اسرائيل ودعمها (لتمثل الغرب في السيطرة على الشرق الاوسط كجزء من تركة الخلافة العثمانية المسقطة)
ثالثاً: الحرب الباردة:
من أكبر نتائجها تفرد أمريكيا وربيبتها المدلعة اسرائيل بالعالم (عالم القطب الواحد)، رأى العالم القيم السياسية والادارية والقانونية والاقتصادية للتي تطرحها الرأسمالية كبديل عن الشيوعية، لنرى حكم الغرب عن قرب.
رابعاً: حرب الخليج:
من أهم نتائجها قبول العرب للسلام مع اسرائيل حتى منظمة التحرير الفلسطينية عملتها (طبعاً العرب لن يكونوا متعصبين للقضية الفلسطينية أكثر من أصحابها، وكما قال أحمد مطر عن الثور الذي فر من الحظيرة وعاقبوه على فعلته السوداء بعمل سلام مع اليهود، ختمها قائلا: وبعد عام حصلت حادثة مثيرة، لم يرجع الثور، ولكن خرجت وراءه الحظيرة)
أما الحروب العربية الاسرائيلية خلال الفترة من 1948 حتى 2008م:
أولاً: حرب 48 (عدد الشهداء من العرب والفلسطينيين 11 ألف شهيد) : انهزمت جامعة الدول العربية وخطتها وقامت الدولة اليهودية على أرض فلسطين.
ثانياً: حرب 67 (عدد الشهداء 16 ألف شهيد فلسطيني): تكميل احتلال الضفة وغزة والقدس، وانهزام عبد الناصر والاعلامي العربي حسب مدرسة الكذابين للناطقين باسم الحروب العربية أيامها.
وفي حقيقة الامر هذا الواقع على الأرض
ثالثاً: حرب 73 (عدد الشهداء من المصريين 15 ألف شهيد): حرب التحريك تم تحويل النصر الآني فيها لعقد اتفاقية سلام دائم هزيل بين مصر واسرائيل
اصابة شارون في حرب 73
تبادل الضحكات على مستوى القمة العربية الاسرائيلية الأمريكية في اتفاقية كامب ديفيد
نتائج حروب العرب مع اسرائيل خلال ستين عاماً
- فقدت الدول العربية البوصلة العربية الوطنية والدينية قبل ذلك، فدخلت في معاهدات سلام مع اليهود، وقبلت بكل الافرازات السامة الناتجة عنها مثل: تفاهمات الحدود والمعابر واتفاقات دفاع مشترك ضد أي عدو ممكن يهدد الطرفين.
- اعتبر العرب أن اليهود هم جيراننا الذين انسجم الجسم العربي من وجودهم في وسطه، بل اعتبر بعض العرب أن أمن اليهود جزء من الأمن القومي العربي .
- سحب السلاح من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية واستبدالها بغصن زيتون، وقطع الطمع الفكري من أن يعود أي فصيل منهم للعمل العسكري مرة ثانية، وذلك باستخدام العصا الاسرائيلية والجزرة العربية الرسمية وبضغوط من رؤساء ودول كبرى.
- أصبحت البلاد العربية سوقاً مفتوحةً لكل السلع المصنوعة أو المزروعة أو المنتجة فوق أرض العرب في فلسطين بدلاً من مقاطعتها.
- عدد اليهود في العالم 11 مليون، وعدد العرب في العالم أكثر من 300 عربي، وعدد المسلمين في العالم قريب من مليارين، وكل الدولة اليهودية قائمة في وسط العرب فقط ب 6 مليون يهودي واستطاعوا أن يعيشوا ويحافظوا على أنفسهم وسط هذا المحيط المتلاطم ستين عاماً.
- ارتباط مصالح القيادات العربية أو قادة الجيوش أو أبناءهم بمصالح عليا شخصية مع رجال أعمال يهود، ليشعروا حقيقة أن التهديد لأي طرف سيمس الطرفين((حرب باردة مع حكام الملك الجبري العربي))، وكل دولة لها حساباتها التي تناسب حجمها ومصالحها وغيره من الثغرات التي ولجها اليهود اليهم.
- الأرض التي احتلها اليهود من فلسطين 20 ألف كيلو متر مربع، في حين مساحة أرض العرب حول هذه الدولة الزنيم 13 مليون كم مربع، وكل الخيرات والركاز الذي أودعه الخالق سبحانه في تلك الاراضي يصب جزء كبير منه لخدمة اليهود ، الغاز العربي يصب عند اليهود، المياه العربية تصب عند اليهود، البترول والنفط العربي يصب عند اليهود.
- سيصبح متوسط دخل اليهودي الذي يستثمر ويعمل في أرض العرب في فلسطين في سنة 2020 قريب من 30 ألف دولار سنوياً، ومتوسط دخل الفلسطيني صاحب الأرض لا يتعدى 7 آلاف دولار سنوياً.
- المصروفات العامة للحكومة الإسرائيلية عام 2013 حوالي 68 مليار دولار، وايراداتها العامة حوالي 74 مليار دولار.
- كل عربي أو مسلم تسول له نفسه أن يعادي أو يحارب اليهود يكمل بقية عمره في السجون العربية أو ستقتله الأيدي العربية اما بتهمة التخابر مع الارهابيين لليهود، أو بدعوى تهديد الأمن القومي العربي.
- التبجح بقتل وحصار الفلسطينيين خلال السنين الثمانية الأخيرة، دون عمل حساب لهيبة الدول والجيوش العربية ولا شعور بالنجدة العربية عند أي دولة عربية ممكن تفكر تنجد أهل فلسطين بجيوشها أو قوتها أو مقاطعتها وغيره من وسائل الضغط القانوني أو الشرعي، بل وتكشف لنا الحقائق أن نسبة من قادة العرب صهاينة أكثر من اليهود في الحفاظ على مصالح اليهود العليا في المنطقة.
- استباحة أجواء عربية، واختراق حدود برية، والسيطرة على مياه اقليمية لدول أخرى واستخدامها في عمليات قرصنة بحرية ، كذلك قصف مفاعلات نووية عربية، وقصف أهداف استراتيجية داخل دول عربية، بل واحتلال العراق تم على مرآى ومسمع من الجميع، واستبيحت دماء وأعراض المسلمين هناك، واعدام علني بكل تبجح لرئيسه في يوم عيد المسلمين، اننا بالفعل نوجد في قاع التاريخ .
الخلاصة المستفادة:
- الحرب هي الصيغة العلمية المضبوطة بقواعد التي تعبر عن الغضب الموجه من طرف الى خصمه، وغرض الحرب الأساسية هي إحداث ردع مقابل في نفس الخصم وهيبة وخوف وهلع داخلي كلما ذكر الخصم في محضره، فهل اذا ذكر اسم أي عربي أو جيش عربي من الدول التي خاضت الحروب السابقة سيصيب اليهود الخوف والصرع منهم، أم أنهم قصفوا أجنادهم من السماء وقصفوا مفاعلهم النووي ولم يأت الوقت المناسب للرد.
-
نتائج وانجازات الحروب لا تقاس بأعداد القتلى من الطرفين فقط سواءً في القديم أو الحديث، لأن الحرب هي مجهودات عسكرية حربية ترمز لمدى تحقق الانجازات السياسية والاجتماعية والتغييرية المرافقة لها، ومدى انتصار ارادة أحد الطرفين على الآخر، وديمومة الروح القتالية العالية أثناء سير العمليات العسكرية.
توضيح لهذا البند بالرقم والورقة والقلم::: بلغ عدد اليهود القتلى بأيدي العرب والمسلمين في حروبها خلال 60 عاماً 23 ألف يهودي، وعدد العرب والفلسطينيين يقارب من 32 ألف شهيد في الحروب وحدها، وقريب من 11 ألف شهيد في المجازر والاستنزاف المستمر خلال ست عقود من الاحتلال (مجزرة دير يس، صبرا وشاتيلا، قانا، قبية، خليل الرحمن، خان يونس، كفر قاسم، الانتفاضة الاولى، الانتفاضة الثانية، انتفاضة النفق وغيرها ).
-
في كل الحروب السابقة لا توجد للعرب والمسلمين قيادة سياسية مخلصة مقاومة معنية بجني ثمار الدماء والارواح التي تقدم في الحروب.
-
القيادة العربية أيامها لم تكن تمارس القتال على أنه عبادة في سبيل الله لها حسب ضوابط القرآن دوافع ومعالم بداية ولها حسب آيات القرآن معالم انتهاء واختتام تحفظ للمسلمين روح النصر والانجاز في كل الأحوال.
أما الحروب الفلسطينية الاسلامية مع اليهود في الفترة من 2008 حتى 2014
أولاً: حرب الفرقان (عدد الشهداء ألف ونصف شهيد فلسطيني)::
ثبتت المقاومة وأثبتت نفسها لأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية، صاحب الحق والأرض استيقظ من رقاد طويل وامتشق سلاحه، آخذاً بقول الشاعر (( ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك)).
ثانياً: حرب السجيل (عدد الشهداء مائة وخمسين شهيد فلسطيني)::
من أهم انجازاتها أنها لأول مرة تضرب المقاومة الفلسطينية الاسلامية تل آبيب وتدوس كرامة اسرائيل في الأرض.
ثالثاً: حرب العصف المأكول (عدد الشهداء ألفين ومائة وخمسين شهيداً فلسطينياً)::
من أهم انجازاتها توسيع مساحات الاستهداف للمدن المحتلة، فأي كرامة تبقى لدولة نووية كاملة السيادة عندما تُضرب عاصمتها السياسية، وميناءها البحري، ومطارها العسكري، والمدني، ومفاعلها النووي، وتفرض على المحتل حظر التجول في غلاف غزة، وحظر التجمع في أي مكان في مساحة الدولة طولاً وعرضاً، وتصمد أمام حمم نارية تعادل 6 قنابل نووية وتصمد 51 يوماً متتالية، انها عظمة الله تعالى ومعيته مع عباده المظلومين، يا جماعة الملاكم الرياضي يحرس أماكن استراتيجية في جسمه لئلا يستطيع الخصم من المس بها والا ستحسب عليه نقاط فشل في المصارعة أمام شاشات التلفزة العالمية.
نتائج حروب غزة مع اسرائيل خلال ست أعوام:
- تعديل البوصلة العربية والاسلامية لتؤشر نحو العدو الحقيقي للأمة وهم اليهود.
- وجود جسم منظم مؤسسي ينمو ويترعرع بقوة واقتدار، وتمتلك هذه المقاومة المسلحة والمنظمة (ولأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية) السيادة التامة وحرية التحرك والتحصن والتدرع الأرضي داخل جزء محرر من أرض الوطن التاريخية.
-
الدفاع عن أرض غزة والاستماتة على حدودها: فقد خاضت المقاومة حروبها للدفاع والاستماتة على حدود هذه البقعة المحررة من الوطن ((غزة)) لئلا تستطيع قوة المحتل من دخولها أو اعادة احتلالها أو استباحتها بالدم البارد، أو رص الناس على الجدران وقتلهم وتجزيرهم، ولو كسرت المقاومة على حدود غزة خلال 51 يوماً لدخل اليهود غزة وأجبروا الأطفال على شرب البنزين ثم حرقوا جثثهم بالصوت والصورة كما حصل في بقع أخرى مستباحة من الوطن ليس فيها مقاومة منظمة تدافع عن الناس، ولقام اليهود بالتقاط صور اذلال أهل غزة.
- ارغام أنف المحتل ومسح كرامته بالأرض بخطف بعض الجنود، وخطف جندي في أي ثكنة في وقت الاسترخاء والاستراحة ليست انجازاً كبيراً مثل أن تخطف جندياً في وسط حرب طاحنة، وهو خارج من دبابات محصنة ومدرعة بمعطف الريح ونظام تروفي للحماية، والدبابات مغطاة جواً بالطيران الحربي، والطيران غير المأهول، والبر والبحر، واليقظة العالية لكل جندي، بل كل عيون الدولة وعملاءها متفتحة على ميدان الحرب بالأخص بعد الاعلان الواضح من المقاومة عن نيتها الصريحة أنها ستحاول خطف الجنود، واتخاذ اليهود اجراء خطة هانيبعل لقتل المخطوف، ورغم ذلك يتم الخطف.
-
رسم صورة لغزة تلك البقعة المحررة في ذهنية الجيش المحتل أن غزة هي مقبرة الطغاة، فمصير الجندي الداخل اليها واحد من خيارات ثلاث: اما القتل، أو الأسر، أو العودة بعاهة مستديمة، وذلك لقطع الطمع داخله من المحاولة بعد ذلك للدخول البري بعد المحاولة الفاشلة الثالثة.
-
الافراج عن ألف على الأقل من الأسرى الثلاثة آلاف المتبقين في السجون اليهودية حسب عدد الجنود المخطوفين.
- تفعيل دعوات المقاطعة للسلع الاسرائيلية في غزة ولدى الشعوب العربية الثائرة لتكوين رأي عام كبير من المعادة لهذا الجسم السرطاني وسط أرض العرب تمهيداً لازالته وتحطيم دولة اسرائيل بكاملها في العملية الجراحية الكبيرة القادمة المرة القادمة أو التي تليها على أكثر تقدير بعون الله، وقد سعدت حين وجدت من العائلة اخوة أفاضل وجدوا لهم دوراً مقاوماُ من خلال المقاطعة للسلع الاسرائيلية ضمن حملة قاطع، الأخ ياسر محمد الأغا والأخ أحمد الأغا.
- المفاجئة الكبرى كانت في صمود الشعب كله، ذلك الشعب الذكي الذي يفهم ويُقدر ويحب المقاومة، الشعب الذي يعرف أن هذه المقاومة قد حملت اللواء بقوة وعملت قدر استطاعتها لحمايته، ولكن هذا الشعب يعلم أن في يد العدو نقطة قوة وحيدة لن تستطيع المقاومة حمايته منها وهي الطيران والقصف الجوي المدفعي، فهل سينهار الشعب ويكون عبئاً اضافياً على المقاومة، أم سيراعي طبيعة الحرب وخصوصيتها في هذا الظرف الدقيق من تاريخ الأمة، فكان خيار الشعب المسلم بعد أن ربط الله على قلوبهم، (((نحن مع المقاومة))) ، هذه الكلمة تنطلق من الأفواه وهي معمدة بالحدث الحقيقي، والدم الفعلي، والجرح المؤلم، والبيت المهدوم أمام ناظري صاحبه، ورغم كل هذا يرسل رسالة صموده لقيادة المقاومة لن نكون نقطة ضعفكم التي تعيقكم، وقد قالها ذلك الختيار الجالس في مكانه وقتل من ابناءه وهدم بيته: ""احنا هنا قاعدين وصابرين حتى النهاية وبنقول للمقاومة خلصتي لما تقول لنا نعم بنرجع على دورنا"" ، شعب عظيم اذا رآى صاروخاً ينطلق تجاه اليهود يقول : "اضرب اضرب تسلم ايدك يا اللي بتضرب"، انه الشعب العظيم صاحب المعدن الصافي، انه الجيل الفلسطيني الذي دفع فاتورة التأهيل ليكون جيل التحرير الذي أكل السكينة وقام من هذه الطعنة ووجهها لعدوه المحتل حتى اختل
- الادارة العلمية والتخصصية الواضحة التي تميزت بها المقاومة الفلسطينية، تعرف متى تشن الحرب النفسية، تجهز اناشيد باللغة العبرية لتضرب بها قلوب اليهود، وتخترق القنوات الفضائية والجوالات وترسل طائرة بدون طيار مصنوعة بأيدي عربية فلسطينية غزاوية، واستخدام بندقية قنص لأول مرة تخلع القلوب خلعاً لأن رصاصتها تقتل على بعد كيلومترين برصاصة 14.5 كل هذه الابداعات وعلى رأسها الأنفاق وغيرها من العمليات المفاجئة تعبر أننا أمام أناس مدربين، وكما قال الجيش الاسرائيلي ان الجنود الفلسطينيين من رفح حتى بيت حانون يواجهوننا بنفس الكفاءة القتالية العالية كأنهم متخرجون جميعاً من نفس الاكاديمية العسكرية.
- الدراسة العلمية والمتواصلة للعدو ونقاط قوته وضعفه ومطاراته العسكرية وقواعده القتالية، ونظامه العسكري، فيراقبون الحدود بدقة متناهية ليل نهار ويستهدفوا رئيس الاركان أثناء زيارته، ويضربوا باص نقل الجنود في ايرز، ويدخلوا بحراً لقاعدة زيكيم اول مرة نسمع عنها في الحرب، في المقابل أول مركز دراسات عربي تناول التعرف على اليهود وعقائدهم ومطاراتهم وغيرهم من خلال نظرة استراتيجية وليس مجرد معلومات استراتيجية، فجمال عبد الناصر أنشأ أول مركز بعد حرب 67، بمعنى خاض العرب حروب 48 وحرب 56 وحرب 67 وزادهم من العلم عن عدوهم معلومات استخبارية ليس الا.
- قطع الطمع بل واليأس من المستقبل لدولة اليهود بين جوانح العرب في فلسطين، وليس أدل على ذلك من الاعتزال السياسي والانسحاب من الحياة السياسية الذي فاجأ به الجنرال باراك الجميع، باراك الذي شارك في عمليات بطولية في تاريخ اسرائيل، يستشعر بالحس القيادي والاداري أنه ضمن ربان مشروع فاشل لا مستقبل له، ولا يوجد أي أفق مبشر، فهل الذكي والقائد اذا توفرت عنده القناعة الكاملة بهذا المصير سينتظر حتى حصول لحظة الانهيار، أم سينزل من السفينة قبل أن تغرق، وهذا الكلام اليوم نسمعه بعد الحرب الأخيرة بكثرة.
- حفيد موشي ديان يقود حملة هروب معاكس حتى لا يوصف وحده بالجبن ويدعو التجار ورجال الأعمال للخروج لأي بلد يعيش ويستثمر في أماكن أكثر أمناً من دولة اسرائيل، طبعاً كل يهود العالم 11 مليون، منهم 6 في اسرائيل، والخمسة الباقين موزعين في دول العالم ومعظمهم جاءوا وشاركوا في الحروب ، ومن نجا منهم يهرب عن هذا الجحيم، وهذه الاستراتيجية هي بمثابة قطع شريان الامداد البشري الذي تقوم عليه الدولة، الدولة بلا شعب آمن ويشعر بالاستقرار والأمن يعني دولة مضطربة مزعزعة من الداخل، وهذا العنصر بالذات سيظهر له آثار كبيرة وخطيرة خلال السنوات الخمس القادمة بإذن الله.
- من أهم الانجازات هي التجربة العملية لمدى قوة وصلاحية وشجاعة الجندي المسلم الفلسطيني في المعركة وتحت هدير الطائرات والدبابات والزنانات، فاكتشفنا أن جنودنا أبطال المعارك والنزال والقتل من نقطة صفر للجندي الذي تم قهره وخطفه وضربه بأعقاب البنادق على الهواء مباشرة أمام أعين العالم، والجنود الآخرين يرون زميلهم يقتل ويخطف فلا يطلق النار لأنه خائف على نفسه، بل ويطلق النار على رجليه ليخرج من هذا الجحيم الذي يعيشه صباح مساء