الحج لبيت الله الحرام وذكريات تتجدد كلما هل ذي الحجة
كتب : محمد سالم الأغا *
الحمد لله الذي أنعم عليَّ بالحج لبيت الله الحرام مرتين الأولي كانت في 13 إبريل نيسان حتي 5 مايو 1996 والثانية ما بين 30 أكتوبر حتي 14 نوفمبر 2011 ، وذكرت ُ التاريخين حسب التقويم الميلاد حتي تلمسوا الفرق بين التقويمين الميلادي والهجري وعظمة الخالق سبحانه وتعالي في أنه ملك الملوك الذي بيده تغيير كل شيء وهو حي لا يتغير، هذا وكلما هل علينا شهر التضحية والفداء ذي الحجة نتذكر قول ربنا عز وجل في كتابه العزيز بعد بسم الله الرحمن الرحيم "
" ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين" صدق الله العظيم ... وكلنا نتذكر ونذكر الاحداث العظيمة التي عاشها نبي الله ابراهيم عليه السلام عندما أمره رب العزة تبارك وتعالي بأن يرفع قواعد بيت الله الحرام كأول بيت علي وجه الأرض والتي اتخذها المؤمنين بالله المسلمين قبلتهم منذ أن خلق الله الخلق وألي أن يرث الله الأرض ومن عليها ...
وكلنا نتذكر دعاء سيدنا إبراهيم عليه وعلي نبينا محمد صلي الله عليه وسلم أفضل صلاة وأتم تسليم ، بعد بسم الله الرحمن الرحيم " وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ *** رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الرحيم " صدق الله العظيم .
وعندما نتذكر هذه الآيات الكريمة، نتذكر معها الأحداث التي حدثت في حينها منذ آلاف السنين عندما جاء نبي الله إبراهيم بزوجته وأم ولده إسماعيل هاجر عليهما السلام ليضعهما في هذه الأرض الصحراء وذاك الوادي الموحش بأمر الله عزت قدرته وعز جلاله ليعمره ويكون نبراساً للمسلمين، وعندما همّ أبراهيم ــ عليه وعلي نبينا محمد صلي الله عليه وسلم أفضل صلاة وأتم تسليم ــ علي ترك ولده و زوجته في هذا المكان الموحش، سألته زوجه : أتتركنا بأمر الله ؟ أم من عندك ...
فقال لها : بل بأمر الله ... فقالت وهي مؤمنة بالله ومحتسبة :
إن الله لن يضيعُنا ... أرأيتم أخوتي وأحبتي في الله هذه الكلمات التي نطقت به ستنا هاجر عليها السلام وهي في غاية الاطمئنان و التوكل علي الله ...
وأعلموا أخوتي وأحبتي أن من يتوكل علي الله ويعتمد عليه كستِنا بل أمُنا هاجر فإن الله عز وجل لن يتركه طرفة عين ، فعلينا أن نؤمن بذلك ونثق به أنه يرزقنا الخير في كل وقت و زمان وعلي مر الأيام ...
اخوتي وأحبتي في الله ، ولما همَّ سيدنا أبراهيم بترك المكان خفق قلبه وخاف علي ولده و زوجه أم ولده اسماعيل فأخذ يدعو لهما من قلبه وهو يلهج بهذه الكلمات الربانية التي أنزلها لنا وعليه رب العالمين في قرآنه الكريم بعد بسم الله الرحمن الرحيم " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " . صدق الله العظيم ...
ومن يري مكة وجبالها وأرضها يؤمن بأن الله قد طيب أرضها الموحشة بعد دعوة أبو الأنبياء أبراهيم عليه السلام وأن قلوب كل المسلمين المؤمنين بالله أفئدتهم تهوي لمكة وأن كل خيرات العالم شرقه وغربه يغمرها بها بعد دعوته ... فالحمد لله رب العالمين الذي هدانا لهذا الدين الحنيف ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ...
وهذا يذكرنا بما قامت به أمنا هاجر بعدما نفذ ما كان معها من طعام وشراب وبعدما شعر وليدها ورضيعها بالعطش فأخذت تجري وتدور بين الوديان والجبال المحيط بها ، فأخذت تجري بين جبل الصفا والمروة بحثاً عن ماء تسد به رمق وليدها ...
وهذا ما جعله الله منسكا من مناسك الحج لنعتبر ونتذكر معاناة أمنا وستُنا هاجر وكيف ضرب سيدنا أسماعيل ــ عليه وعلي نبينا محمد وأنبياء الله أفضل صلاة وأتم تسليم ــ الأرض فانبجست مياه زمم من ذلك اليوم حتي اليوم وإلي أن تقوم الساعة والتي فيها إرواء وشفاء لكل من يشربها بإذن الله ...
وفيما نتذكر اليوم فإننا نتفكر معكم ونتذكر ما تعرض له و رآه سدينا أبراهيم في رؤيته الامتحان التي رأي فيها أنه يذبح ولده اسماعيل، ونري طاعة نبينا اسماعيل لوالده عندما قص عليه ما رأي ... فقال لوالده عليهما السلام : يا أبتي افعل ما تؤمر ... ونتذكر كيف أسلم سيدنا أسماعيل نفسه لأبيه طائعاً له ومتوكلاً علي رب العالمين ... ونتذكر كيف فداه رب العالمين بذبح عظيم عبارة عن كبش ضخم وكبير والذي أصبح فيما بعد ذلك ما يسمي " بالأضحية " التي نقوم بفدائها عن أبنائنا الذكور ...
وكلما وقفنا في عرفات نتفكر ونتذكر وقفة رسول الله صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع التي أرسي فيها أسس وقواعد دول الاسلام التي يجب علينا وعلي المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ممن يريدون أقامتها اليوم أن يتذكروا ما قاله نبينا محمد صلي الله عليه وسلم :
" يا أيا الناس ان دمائكم واموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في عامكم هذا" كما حذرِّ يم عليه الصلاة والسلام من : التعامل بالربا لأنه يؤدي ضعف الأمة وعلاقة المسلمين بعضها بعضا ، وكما نادي في جموع المسلمين يومها بأن الصلاة جامعة وبأن الصلاة هي عماد الدين ...
أخوتي وأحبتي وأخيراً أوصيكم ونفسي بطاعة الله وعدم معصيته وأن نتوكل عليه و أن نتعاون وأن تتصافي قلوبنا ونتراحم، فيرحم كبيرنا صغيرنا وأن يوقر ويحترم صغيرنا كبيرنا، و أسأل الله العلي القدير أن يتقبل منا ومنكم الصلاة والصيام والحج وأن نستلهم الذكريات وان نفهم معاني الآيات وأن نعمل ما يرضي رب العزة وأن نوثق علاقاتنا مع بعضنا بعضا و أن نوثقها مع الله أولاً واخيرا...
ونحن نعيش هذه الأيام مباركة وبعدما خرجنا من أتون الحرب الأخيرة التي شنها اليهود الإسرائيليون الصهاينة وجرائمهم التي طالت الأطفال والنساء و الرجال الأمنين وقذفوا خلالها بمحارقهم وبدبابتهم ومدافعهم وصواريخهم التي هدمت البيوت والمنازل والأبراج علي رؤوس أهلها الأمنين فإننا نسأل الله أن يؤلف بين قلوبنا ويمُكنا من تحرير مقدساتنا و وطننا وتطهيره من دنسهم وأن نستخلص حقوقنا الفلسطينية كاملة غير منقوصة وأن نبني دولتنا الفلسطينية العتيدة وعاصمتها القدس لكل الفلسطينيين ونعيش فيها بأمن وأمان وسلام كالشعوب المحبة للســــلام .
• كاتب وصحفي فلسطيني
• m.s.elagha47@hotmali.com
• 29 سبتمبر 2014
صور التقطت في موسم الحج نوفمير 2011
مع الحاج الزميل الصحفي حسن أحمد والحاج اللواء موسي عبد النبي في " مـني "
صلاة الفجر في الكعبة مع الحاج محمد علي عابدين وحاج سوري طبيب من حلب الشهباء
وقفتنا في عرفات مع الأخ التونسي مدير فندق الدار البيضاء بمكة ســي عبد اللطيف بن سالم
والحاج أبو مهند حمودة مسئول بعثة الحج الفلسطينية
أستراحة بعد السعي بن جبلي الصفا والمروة مع الأخوة الحجاج حسن أحمد و الحاج محمد علي عابدين
والحاج حسن صباح من سئولي بعثة الحج الفلسطينية في جبل المروة
الحاج محمد سالم الأغا - 2011