خان يونس- هاني الشاعر- صفا
طٌلب من الطفل محمد رياض طاهر الأسطل "12سنة" من سكان منطقة السطر الغربي بمحافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة كتابة قصيدة شعرية ليُلقيها بمهرجان التفوق لأوائل الطلبة بمدرسة القرارة الابتدائية، ليشكل ذلك مفاجئة لأهله ومدرسيه بامتلاكه موهبة تأليف وإلقاء الشعر بطلاقة.
ونجح الاسطل في كتابة قصيدة مكونة من 20بيتا، أسماها "النجاح" وألقاها بحفل التفوق، بعد أن عرضها على والده الذي يعمل في قسم المالية بجامعة القدس المفتوحة والمهتم بالشعر، وقد أدخل بعض التعديلات البسيطة.
ومنذ ذلك الحين الذي كان يبلغ فيه الطفل محمد "8سنوات" وأطلق عليه "الشاعر الأسطل الصغير" تيمنًا بالشاعر "الأخطل الصغير"، بدأ مشواره الشعري في التأليف والكتابة، بدعم من عائلته، وإعجاب وتشجيع من كل ما يشاهده، فيما بدأ ظهوره يكثُر بالمناسبات كتأبين الشهداء وخروج الأسرى والمناسبات الاجتماعية.
وبدأ الطفل الأسطل أمامنا بإلقاء تحية الإسلام والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، وتلاها موعظة بصوتٍ عالِ ومُنفعل وكأنه يتحدث أمام مهرجان جماهيري، ومن ثم ألقى قصيدة شعرية لأهالي الشهداء خاصة في العدوان الأخير ألفها مؤخرًا، أتبعها قصيدة عن الوحدة والمصالحة الوطنية الفلسطينية.
بداية الطريق
وبعد أن أنهى قصائده يتحدث الطفل الأسطل لـ مراسل وكالة "صفا": "كنت منذ الصف الأول الابتدائي مهتم بالشعر، وأحاول الكتابة لوحدي، لكن أقوم بتمزيق ما كتبته، ولم أريه لأحد، بعدها حاولت أن أتجرأ في الصف الثالث الابتدائي، بعدما طلب مني والدي أن أكتب قصيدة بحقل التفوق للطبلة والأوائل وأنا واحد منهم، بعد أن حصلت على 98.4%".
ويضيف الأسطل "نجحت بكتابة قصيدة بعنوان (النجاح) وأدخل والدي عليها بعض التعديلات، وألقيتها بالمدرسة وحازت على إعجاب الكثير، وبعدها طُلب مني إلقائها بحفل تفوق أخر داخل المدرسة، وحازت على إعجابهم مُجددًا لطريقة وأسلوب إلقائها".
ويتابع "شكلت هذه المحاولة نقطة مهمة في حياتي، كونها شجعتني على الاستمرار والكتابة، وبدأت أشارك في المناسبات، كافتتاح معارض، وخروج أسرى، وحفلات ترفيهية للأطفال كحفل بمنطقة الزنة المدمرة شرقي خان يونس للأطفال، حفلات تأبين شهداء، مهرجانات تفوق، مناسبات اجتماعية مختلفة..".
استمرار وحُلم
ويلفت الأسطل إلى أن القصائد التي كتبها تزيد عن العشر، ومنها (درة في بحر للمحرر عاطف شعت، ستي رومز لمناسبة افتتاح محل لأحد أقربائه، وقصيدة إليكم أيها الشهداء وهي لشهداء الحرب الأخيرة، وأطفال الزنة نجوم في السماء منورين، فلسطيني وافتخر، وقصيدة في القدس، وأمر طبيعي، وأيها الناس أنتم الأمراء..).
ويحب كثيرًا من الشعراء ويُطالع قصائدهم والمناسبات التي يلقون فيها أشعارهم، مثل "تميم البرغوثي، وشاعر الرسول عليه السلام حسان بن ثابت، وسميح القاسم، وأحمد شوقي، فدوى طوقان، إبراهيم طوقان، شريفة السيد، وجيه سالم، نجيب الريس..".
ورغم شغف الشاعر الأسطل الصغير بمتابعة هؤلاء الشعراء، إلا أنه لا يحاول تقليدهم، بل يحاول التأليف لوحده ويتحكم بحركات جسده بعفوية بما ينسجم مع ما يتحدث به، وقد واصل التأليف في ظل أجواء الحرب وبعدها، وكان أخر قصائده "فلسطيني وأفتخر" وقصيدة "في القدس".
ويميل للجو الهادئ أثناء تأليف قصائده، ويبتعد عن الضوضاء، بعد الانتهاء من دراسته بشكل شبه يومي، ويتمنى أن يُصبح شاعرًا يخدم وطنه ودينه ويصل لمراحل مُتقدمة بمجاله، وكذلك قائدًا عظيمًا مثل عمر بن عبد العزيز الذي نشر العدل والإحسان في 30يومًا، حتى أن الأغنام اصبحت تمشي بجوار الذئاب دون خوف.
توفير كافة احتياجاته
أما أسرة الطفل الشاعر الأسطل الصغير، فكان لها الفضل الكبير في اكتشاف وتنمية موهبته، فتوفر له كل ما يحتاجه، وتقف بجانبه في كل شيء، خاصة والده الذي يُنقح له القصائد، ويتابع معه باستمرار ويشجعه، كذلك نجله الأكبر صامد "22سنة" الذي يوفر له الكُتب ويطالع معه المواقع عبر الشبكة العنكبوتية.
ويقول شقيقه صامد لـ "صفا": "منذ بداية حياته هو مميز ومتفوق بالدراسة، ويعتبر من الأوائل على مدرسته، بجانب امتلاكه موهبة تأليف وكتابة الشعر، خاصة بعدما اكتشفناه بالصف الثالث، وبعدها باشرنا معه المتابعة، وتقديم كافة أنواع الدعم المادي والمعنوي، والتشجيع على الكتابة باستمرار..".
ويضيف "نحرص باستمرار أن نوفر له كافة الأجواء التي يريدها، كذلك اصطحابه للمناسبات التي يتم دعوته لحضورها، خاصة الحفل الأخير الذي شارك فيه بمنطقة الزنة المدمرة ببني سهيلا شرقي خان يونس، والذي طلبته بعدها فضائية وإذاعة الأقصى لإلقاء قصائد خلال برنامج، ونأمل بمزيد من التقدم له على هذا الصعيد".
ويتابع الأسطل "شكلت له هذه البرامج نقلة نوعية مميزة، وأصبح يثق بحاله أكثر، خاصة بعد أن حاز أسلوبه على إعجابهم، ونحن نطمح كذلك أن يُصبح خطيبًا ونصحناه بذلك وهو مُتشجع، لأنه يمتلك الجرأة والأسلوب القوي بالحديث".
وحتى يُصبح الشاعر الأسطل الصغير خطيبًا يُطلعه ذووه على كثير من الخطب للعلماء والمشايخ، وأمنيتهم أن يُصبح شاعرا كبيرا يخدم وطنه ودينه ويرفع أهله وقضيته وشعبه للأعلى وينقل رسالة أطفال غزة المظلومين، المسلوبة حقوقهم.