في رحاب ليلة القدر
سماحة الشيخ كمال سعيد الأغا رحمه الله
27 رمضان 1416هـ - 1996م
بسم الله الرحمن الرحيم
إعداد عاصم كمال الأغا
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين أما بعد:-
فقد قال الله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1)وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
(3)تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ(4)سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ )
أيها الأخوة الكرام إن الله فضل بعض الليالي على بعض كما فضل بعض الأيام على بعض، وفضل الرسل على بعض وفضل بعض الأماكن على بعض وفي هذا اليوم نستقبل ليلة القدر.
فيــا أخـوة الاسـلام
حقا إن هذه الليلة ذات قدر نزل فيها كتاب ذو قدر على لسان ملك ذي قدر وعلى أمة ذي قدر والله جل جلاله أصطفى صفايا من خلقه واصطفى من الملائكة رسلا واصطفى من الأرض المساجد واصطفى من الشهور الأشهر الحرم واصطفى شهر رمضان واصطفى من الأيام يوم الجمعه، وخير الكلام ذكر الله والقرآن واصطفى من الليالي ليلة لها شأن عظيم وصفها بأنها مباركة فقال (ِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ* فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) وهى ذات قدر لأنه نزل فيها الكتاب الكريم ولذا فهى خير من ألف شهر يمتد سلامها حتى يطلع الفجر على المسلمين فهى عيد نزول القرآن إنها ليلة السلام والخير والانعام وتقدير الأمور وقضائها لملائكة الرحمن إنها ترفع البلاء وتنزل السراء وتكشف الضراء هى ليلة وحيدة في السنة كلها وقد تميزت بعظم قدرها والحق الذي دل عليه القرآن والأحاديث في ذلك كثيرة ومنها:-
عن أنس – رضى الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إذا كان ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة "جماعة" من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله)
وقال أبن عباس – رضى الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(إذا كان ليلة القدر نزل الملائكة الذين هم سكان سدرة المنتهى منهم جبريل ومعهم ألوية ينصب منها لواء على قبرى ولواء على بيت المقدس ولواء على المسجد الحرام ولواء على طور سيناء ولاتدع فيها مؤمناً ولامؤمنة إلا تسلم عليه إلا مدمن خمر وآكل خنرير والمتصمخ بالزعفران)
ولم لا وبالقرآن أبصر بنوا الإنسان وسمعت أذان وتعجبت الجن وفهمت العقول كلام الرحمن قال الضحاك لايقدر الله في تللك إلا السلام وفي سائر الليالي يقضى بالبلايا والسلام ولذا رغب النبى صلى الله عليه وسلم في أحيائها فقال: ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)
لــكن مـا وقتــها؟
الراجح أنها في رمضان وفي العشر الأواخر منه من غير تحديد ليجتهد العابدون ويتنافس المتنافسون من امة الأسلام الذين أخلصوا في ليلة لها ذاك القدر والمكان.
والارجح أنها في ليالي الوتر وهى ليلة الحادي والعشرون أوالثالث والعشرون أو السابع والعشرون أو الخامس والعشرون.
وذهب جمع من الصحابه رضوان الله عليهم أنها ليلة السابع والعشرون من رمضان ومنهم ابن عباس رضى الله عنه.
والحكمة في اخفائها لأجل أن يجتهد الناس في العبادة في جميع شهر رمضان كما أختفت ساعة الإجابة في يوم الجمعة لأجل أن يجتهد الناس في العبادة في جميعه، ويكفى في عظيم فضلها ورفيع شرفها قوله تعالى (إنا إنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هى حتى مطلع الفجر روى مالك في الموطأ عمن يثق بهم من أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أرى أعمار الناس قبله فكأنه تقاصر أعمار أمنه أن لايبلغوا من العمل مثل الذى بلغ غيره من أمته طول العمر)
فأعطاه الله ليلة القدر خيراً من الف شهر والمشهور أنها ليلة السابع والعشرين وهذا عليه جمع كثير من الصحابة وغيرهم وفي مسند أحمد عن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كان متحريها فليتحراها في ليلة السابع والعشرون)
دعـوة
يا أخـــوة الاســـلام
فلنتجتهد في طاعة من لايغفل ولاينام ولنلتمس تلك الليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن في هذا الشهر المبارك شهر الصيام والخير والإنعام وخير العمل ما دام، أي أن ثواب العمل فيها أفضل من ثواب العمل في الف شهر ليس فيها ليلة القدر وأن الله قدر فيها للعابدين قبول الطاعات واتساع الرزق البشرى وحسن العاقبة. فهى ليلة بر وإحسان وصلة وانعام وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف بالعشر الأواخر من رمضان من كل سنه رجاء الفوز بليلة القدر لأنها نزول القرآن الكريم الذي تضمن الخير للخلق والبر للإنسانية
أيهـا الأخــوة الكرام
روى عن السيدة عائشة رضى الله عنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت :
(إن علمت ليلة القدر بماذا أدعوا فيها قال صلى الله عليه وسلم قولى اللهم إنك عفو تحب العفو فأعفوا عنى)
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأخير من رمضان يشد مئزره ويحى ليلة ويوقظ أهله وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم – يخص هذه الليلة بمزيد من العنايه والاهتمام حتى يسير المسلمون على هداها فيجدوا في إحيائها بطاعة الله وقراءة القرآن والدعاء ومطالعة ما فيها من عبر وآيات قال مجاهد هى ليلة سالمة لايستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا ولا أذى فقد سميت بليلة القدر بعظمها وقدرها وشرفها ولأن للطاعات فيها قدراً عظيماً وثواباً جزيلاً وأخفاها الله تعالى عن الناس حتى يرغب عباده فى سائر الطاعات وأخفى غضبه فى المعاصى وأخفى الإجابة في الدعاء ليبالغوا في كل الدعوات فكذا أخفى هذه الليلة ليعظم جميع ليالي رمضان فإن العبد إذا لم يتيقن أي ليلة هى فإنه يجتهد في الطاعة في جميع ليالي رمضان هذا اليوم الفرقان وتلك ليلة نزول القرآن فهل أنجب الدهر مثل يومه في الأيام ومثل ليلته في ليالي العام؟
هذا يوم الفصل فى تاريخ الحياه قد تمخض عن أقوى حدث هز كيان البشر وتحول العالم أجمع بفضله من الركود إلى الحركة ومن الفوضى إلى النظام ومن الجهالة إلى العرفان. كما اثمر أعظم حضارة عرفها الإنسان وأسمى مبادئ خلوها الزمان، تأخذ بيد الإنسانية إلى سعادتها المنشودة وهذه سيدة الليالي التى قدر الله لها أن تكون درة غالية غالية في مفرق الدهر وأن تكون خيراً من ألف شهر، وأن يكون هذا الكتاب الذي سعدت به الإنسانية وأسعدها خير كتاب أنزل على خير رسول إلى خير أمه أخرجت للناس إن هذه الليلة المباركة قد استمدت عظمتها من عظمة القرآن. واقتبست نورها من نور القرآن واستوحت شرفها من شرف القرآن كما كتب لها الخلود وعلو القدر بسبب ما انزل فيها من آيات الهدى والفرقان ومن هذا سماها الله ليلة القدر، وأحاطها بالجلال والعظمة والسمو والرفعة كما أن الآثار العظيمة التي تتحدث عنها تعتبر أعظم أثراً وابعد مدى من ألف شهر بل من الدهر كله، ذلك أن الأيام والليالي إنما يقاس فضلها.
واهميتها بما يقع فيها من أحداث جسام فهنيئا لمن وفقه الهه لإحيائها وناله شئ من فضل الله فيها.
أخــي في الاسـلام
إن أبواب الخير والطاعة في البر والمعروف كثيرة ومتنوعة فقد أنعم الله علينا بفضله وإحسانه ونعمه وخيراته وأمرنا بالسمع والطاعة وحسن العمل وجليل العبادة فلنعمل كما أمرنا وننتهز هذه الفرصة قبل فوات الأوان وقبل أن نلقى ربنا فيسألنا عما فرطنا وضيعنا.
نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا وأن يعيننا على إحياء هذه الليلة المباركة بالذكر والعبادة وتلاوة القرآن كما نسأله تعالى أن يعيد هذه الذكرى علينا وقد تحررت مقدساتنا وحرر أسرانا وتحققت أمانينا بإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وما ذلك على الله بعزيز.
والله ولي التوفيق
[1] ابناء المرحوم الحاج أحمد خالدأحمد الاغا(ابوخالد) | شكرا للاساتذه:-> عاصم كمال وأبو محمد (م.سفيان) | 17-09-2009
[2] هزار أرسلان كامل الأغا | رحمك الله يا جدى | 17-09-2009
[3] خالد مصطفي حسين ايوب | فليرحمك الله رحمة واسعة | 17-09-2009
[4] عبدالله قنديل تيسير بدوي | السماء تفتح ابوابها هذه الليلة | 17-09-2009
[5] باسم جعفر طاهر الأغـــــــــا ( أبو طاهر ) | رحمه الله | 19-09-2009