مقالات

ما زال الفلسطينيون يبتسمون !- عبدالله محمد مهدي




على الرغم من الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية , إلا أن الكنافة النابلسية ما زالت لذيذة للغاية , وما زال النابلسيون يتقنونها , ويقدمونها إلى ضيوفهم , وعلى الرغم من الاحتلال وقسوته وظلمه , إلا أن شباب وفتيات رام الله وجنين والقدس ما زالوا يرقصون ( الدبكة ) الفلسطينية التراثية , ومازالوا يقتنون قفزاتها وحركاتها المذهلة , وعلى الرغم من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين . غنت الفنانة الرائعة ذات الصوت (الأوبرا لي ) المميز ريم تلحمي , أغاني الصمود والثورة والأمل , وصدحت بصوتها من مدينة جبل النار , وهي تقول (راجعين) .

الفلسطينيون يعشقون الحياة , وهم متمسكون بالأمل , على الرغم من كل الماَسي التي مرت بهم , وعلى الرغم من كل المواقف الصعبة والقاسية التي يتعرضون لها ليلا ونهارا , وعلى الرغم من ذل الصهاينة , وتعنتهم وظلمهم اليومي الذي يتفاقم بشكل مستمر .

رام الله ونابلس مدينتان جميلتان , ربما تتفوقان على كثير من مدن الوطن العربي في جمال الطبيعة , وحتى في البنيان والنظافة , لكن هذا الجمال مؤقت ومعرض بين لحظة وأخرى للتشويه والهدم والتدمير من قبل قطعان المستوطنين وجنود الاحتلال , المتربصين والمحاصرين لجميع المدن الفلسطينية , ومن كل الاتجاهات .

نعم هناك سلطة وطنية , وهناك أراض فلسطينية , وهناك مدن , وناس وحياة وأسواق وبيع وتجارة , لكن كل ذلك مرهون بمزاج الاحتلال , لاسيادة للعرب على أراضيهم , ولا حرية في دخول المدن العربية أو الخروج منها , مداخل المدن ومخارجها تمتلئ ومن الاتجاهات الممكنة كافة بالحواجز الإسرائيلية , وباَليات العدو و أسلحته الفتاكة , ليتحكم في الهواء والماء والغذاء وأروح البشر وأرزاقهم , يسمح للفلسطينيين بالحياة متى أراد , ويهديهم الجوع والعطش والموت متى أراد أيضا !

الوضع صعب للغاية, ومعقد للغاية , والشروط الإسرائيلية لحياة الفلسطينيين موضوعة لحماية طرف وظلم طرف , لمصلحة فئة وضد مصالح فئة , شروط مذلة لحياة مذلة , حياة شعب في سجن كما يريد ويشتهي السبحان , إنه بالفعل سجن كبير ! ومع ذلك تباشير الأمل مرسومة على وجوه أهل نابلس وأهل رام الله , وكذلك غزة وأريحا والخليل وجنين والقدس , الذين ما زالوا يضحكون على الرغم من معاناتهم , ومازالوا يبتسمون على الرغم من أحزانهم الشديدة , وعلى الرغم من ذاكرتهم الحزينة التي تحمل لحظات قليلة من الأمل , ومساحات شاسعة من الدموع والقتل والتدمير وفراق الأحبة وجراح لا يمكن تضميدها , مهما طال الزمان وتوالت الليالي!

إنهم بحاجة إلينا , نعم يحتاجون إلى تضامننا , ويحتاجون إلى كل أنواع الدعم المعنوي قبل المالي , يحتاجون إلى الدفء والحنان والمشاعر الطيبة , يحتاجون إلى كل شيء , لا يجب أن نتركهم يواجهون التعنت والجبروت والظلم والقهر اليومي بمفردهم , فهم يستحقون الحياة رغم أنف الاحتلال .

فرحة الفلسطينيين برؤية إخوانهم العرب , وهم يشاركونهم احتفالاتهم في نابلس , كانت بادية على وجوه الجميع , ربما لا تضاهيها فرحة أخرى , فهم بحاجة على رؤيتنا بينهم , وبحاجة إلى أن يحسوا بوقوفنا إلى جانبهم , ووصولنا إليهم , بالزيارة والمشاركة على أقل تقدير , ما دمنا نستطيع ذلك , فهل نحرمهم ذلك أيضا !

جميع وزراء الخارجية والثقافة العرب كانوا يستطيعون فعل ذلك , وجميع المثقفين العرب يستطيعون مشاركة القدس في احتفالها الختامي , باختيارها عاصمة للثقافة العربية , وجميع المعنيين من كل الدول العربية كان بإمكانهم إغاظة الإسرائليين الذين لا يرغبون في رؤية العرب إلى جانب إخوانهم العرب , ولايسرهم , إطلاقا , تكثيف الزيارات العربية إلى مناطق ومدن السلطة الفلسطينية , لكن لم يفعل ذلك سوى أهل الإمارات والأردن فقط , ولم يكترث المتبقون , كما هي عادة العرب !



" منقول "

 

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على أ. عبدالله محمد مهدي نعمات خالد الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد