النخلة | عائلة الأغا

أنعي إلى يافا السليبة، وإلى خان يونس الأسيرة، أحد الرموز الإسلامية التربوية الوطنية الوفية المربي الأستاذ عبدالبديع صابر (أبوبلال) الذي لبى نداء ربه في الدوحة راضياً مرضياً مشمولاً برحمة الله تعالى. إنسان مكسوّ بالتواضع، مشبع بالإخلاص ونقاء السريرة، يمتلك ذاكرة فولاذية لا تخترقها آفات النسيان، يمتع جليسه بالأحاديث العذبة، والذكريات الجميلة، والأحداث السياسية بأدق تفاصيلها.. وبتحليلات صافية نقية لا تفريط فيها ولا إفراط، حدثنا مراراً عن ولادته في يافا.. وهجرته إلى خان يونس، التي ضمها وأهلها بين جوانحه، ولم تبرح ذاكرته الحديث المتصل عن إكرام عائلة الأغا له ولأسرته، وارتباطه الوثيق بشخصيات بارزة من أبنائها البررة الذين بادلوه حباً بحب، ووداً بود. وأزعم أن أبناء العائلة في الدوحة أكملوا دائرة الحب التي انطلقت من خان يونس للصديق المخلص عبدالبديع صابر، حتى رمقه الأخير. وكان رحمه الله يتباهى بعشقه للعائلة، وصار مألوفاً لدينا ولغيرنا سماع شهادات تقديره وتبجيله لبعض أبنائها، وفي مقدمتهم عمنا القدير الدكتور خيري حافظ (أبو أسامة) الذي كان يحرص كلما قدم الدوحة على زيارته في بيته، وكذلك الأحبة إبراهيم مصطفى (أبو عاهد) وجاسر سليم وأخويه الفاضلين أحمد وفاضل، وعيد حسين وأخيه حمدي وجاسر عبدالحافظ ووليد خالد وغيرهم ممن غابوا عن ذاكرتي. وبرغم طلاقة وجهه ولسانه، إلا أنني لم أره مكفهراً وعبوساً إلا في عزاء ابن شقيقته المهندس المأسوف على شبابه المرحوم إقبال صقر زوج ابنتنا الغالية السيدة إيناس جاسر الأغا الذي قضى في حادث سيارة مفجع في العام الماضي مع بعض أولاده. قبيل وفاته بنحو أسبوعين ذهبت لعيادته بالمستشفى عصراً فتهلل وجهه، ولمعت بالإشراق عيناه، وأمطرني بعدة أسئلة عن العائلة والأهل.. وفتح ملف ذكرياته القديم، فقلت له مازحاً: لقد قرر المجلس الأعلى للعائلة منحك الجنسية (الأغوية) يا أبا بلال.. فأجابني ضاحكاً: هذا شرف لي يا أبا خلدون. يارب نبتهل إليك ونتضرع لعظمتك أن تشمل أحبابنا الراقدين في الدار الآخرة برحمتك ومغفرتك، وأن ترحمنا أيضاً إذا ما صرنا إلى ما صاروا إليه.. ولا نملك إلا ترداد قولة الحق: (إنا لله وإنا إليه راجعون). نبيل خالد الأغا (أبو خلدون) الدوحة ـ قطر 2010/3/3