متفرقات

علم القهوة العربية وفنون تقديمها- إعداد جعفر محمد جعفر الأغا

 

 


انتشرت قديما في حياة البادية الكثير من العادات والتقاليد التي خلقت لهم جوا من البهجة والتسلية, وروحا من النبل والعطاء, ونوعا من الشجاعة والرجولة, فحرصوا على فعلها, بل المداومة على فعلها, ليس لأجل شيء, بل لأجل معيشة كريمة تحفظهم وتحفظ سمعتهم.
واحدى هذه العادات كانت "القهوة العربية" والتي اعتبروها رمزا من رموز الكرم, واحدى طقوس حياتهم التي عاشوها واعتادوا عليها , حيث تعتبر من المراسيم الضرورية والهامة لديهم, ومن الاشياء الواجب تقديمها للضيف , مهما قُدم له .

وعلى مر العصور وتتالي السنون, حظيت هذه العادة بالكثير من العادات القبلية, التي مهدت لها الطريق لتكون علما ينهل منه دارسوه, ولتعطي خبرةَ ودرايةَ لهذا الجيل عن ذلك الجيل الذي جعل جلّ اهتمامه في شرف معيشته.

اما عن تلك العادة , التي اعتلت سماء حضارتهم, وتطايرت نفحاتها الى حضارتنا, وعن تلك الفنون التي تُبتدَع لها, فهناك طرق واساليب اجتُذِبت من حياتهم, ووُضِعت بين ايديكم لتكن ولو فكرةً عن الماضي .

ففي العادة وعند قدوم الضيف يكون "المعزب" أو "المضيف" خلف القهوة "البكرج", حيث يقوم بصب ثلاثة فناجين :

اما الفنجان الاول فيسمى (فنجان الهِيفْ) وهو الفنجان الذي يحتسيه المعزب أو المضيف قبل أن يقدم القهـوة لضيوفه , وقديما كانت تسري هذه العادة عند العرب ليأمن ضيفهم من أن تكون القهوة مسمومة ,اما حديثا فجرت هذه العادة ليختبر المعزب جودة وصلاحية القهوة قبل تقديمها إلى الضيوف .

اما الفنجان الثاني فيسمى (فنجان الضيف) وهو الفنجـان الأول الذي يقدم للضيف وهو واجب الضيافـة
وقد كان الضيف قديما في البادية مجـبرا على شربه إلا في حالـة العداوة أو أن يكون للضيف طلب صعب وقوي عند المضيف فكان لا يشربه إلا بعد وعـد من المضيف أو المعزب بالتلبية .

واخيرا الفنجان الثالث وهو (فنجان الكيف) وهو الفنجـان الثاني الذي يقدم للضيف وهو ليس مجـبرا على شربه و لا يضير المضيف إن لم يشربه الضيف إنما هو مجـرد تعديل كيف ومزاج الضيف.

ومن الأمور الخاطئة التي كان يعاقب من يفعلها قديما ان يقوم المضيف بصبّ ملء الفنجان ، لأنه لا يصب ممتلئاً إلا للنساء ، ومن ملأ الفنجان لضيف كان يقال له بلكنةِ اهل البادية "هذه ما هي صبة فنجان أنت قلبك عليّ مليان " او "كيفك كيف ابطيني", وايضا إذا كان المضيف جالسا خلف البكرج فمن العيب أن يمد أحد يده إلى البكرج ليصب القهوة ، كما ويقدم المضيف الفنجان باليد اليمنى ، ويصب باليسرى ، وعلى من يتناول الفنجان أن يتناوله باليد اليمنى أيضا ، وأن يشرب بالسرعة الممكنة ، كما ويجب إعادة الفنجان "الراجع" ، ولا يجوز وضع الفنجان على الأرض قبل الشرب ولا بعده ,وإذا شعر الضيف أن القهوة باردة ، فمن العيب أن يقول أن القهوة باردة بل يقول : قهوتك فاكه .

ومن العادات التي كانت متبعة عند اهل البدو في صبّ القهوة أن لا يصب القهوة أحد الضيوف ولا يصبها الأب والابن موجود ولا الأخ الأكبر في وجود أصغر منه سناً من أخوته.
كما وعند صبّ القهوة وتقديمها للضّيوف يفضل أن يبدأ من اليمين عملاً بالسّنة الشريفة، أو يبدأ بالضيف مباشرةً إذا كان من كبار السّن. والمُتعارف عليه أنّك تصبّ القهوة حتّى يقول الضّيف "كفى" ويُعبّر عن ذلك بقوله "كافي" أو "أكرِم" أو بمجرد هزّ الفنجان، أو أن يغلق بأصابعه فوهة الفنجان.
أما عن مهارة صب القهوة والتفنن في تقديمها أن تُحدِثَ صوتًا خفيفًا نتيجة ملامسة الفنجان للبكرج ، وقديما كان يُقصَد بهذه الحركة تنبيه الضّيف إذا كان سارحًا. كما أنّ مِن مهارة شرب القهوة أن يهزّ الشّارب الفنجان يمينًا وشمالاً حتّى تبرّد القهوة ويتمّ ارتشافها بسرعة.

وأخيرا ً... اصبحت هذه العادة وتلك التقاليد , تُدّرس في الجامعات الحكومية والخاصة في الخارج ,وهناك الكثير من الكتب والمؤلفات التي تتحدث عن تلك العادات القديمة عموماً, وعن طرق تقديم القهوة العربية خصوصا .

هذا ما تيسر جمعه عن هذه العادة الأصيلة في مجتمعاتنا، ولم نقصد بإيراد الموضوع احتوائه وإنما هي إشارات ولطائف ليس إلا....



جعفر محمد
الاحد
21/ رمضان / 1432هـ


 

 

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على المهندس جعفر محمد جعفر طاهر مصطفى الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد