مقالات
رحمانيّات ربانية-36- من فضائل الحوقلة- لا حول ولا قوة إلاَ بالله العلي العظيم- المنتصربالله حلمي
بسم الله الرحمن الرحيم
( رحمانيّات ربانية )
( 36 )
من فضائل الحوقلة
( لا حول ولا قوة إلاَ بالله العلي العظيم )
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والسلام على سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم ، ونسأله تعالى أن يتم علينا نعمة الهدى والتوبة وأن يجعل ألسنتنا رطبة بذكره في كل وقت وعلى كل حال ، اللهم آمين ، أنه هو السميع العليم المجيب .
أمر الله تعالى رسوله الكريم بالذِكْرِ في مواضعٍ كثيرة في القرآن الكريم منها ما جاء في سورة الأعراف آية (205) قوله تعالى:‘‘ وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعَاً وَخِفيةً وَدُونِ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالُغُدُوِّ وَاْلآصَالِ وَلا تَكُن مِنَّ الغَافِلِينَ’’ وجاء الأمر المباشر للمؤمنين بالذِكْرِ في قوله تعالى في سورة البقرة (152):‘‘ أذْكُرُونِي أذْكُركُمْ ’’ ، وقوله تعالى في سورة الأحزاب:‘‘ يا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرَاً كثِيرَاً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وأصِيلاً (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتِهِ لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ الظُلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَكَانَ بِالمُؤمِنينَ رَحيمَاً ’’، وقوله تعالى في سورة غافر(55):‘‘فَاصبِرْ إنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالعَشِيِّ وَالإبْكَارِ’’، ويقول جلَّ شأنه في الغفلة عن الذِكر سورة الزخرف (آية 36) :‘‘ومَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكرِ الَّرحْمَنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطَانَاً فَهُوَ لَهُ قَرِيِن’’ ، أي أنه من لم يذكر الله تعالى كان الشيطان ـ والعياذ بالله ـ قَرينه ، أي مصاحبه في حلّه وترحاله .
والذكر باعتباره وسيلة للقرب من الله تعالى فهو دعاء ، والدعاء دائماً هو ذكر وتضرعٌ وسؤال وخضوعٌ لله تعالى ، والفرق بين الدعاء والذكر في الطريقة والأسلوب . ومن أعرض في الدنيا عن ذِكر الله تعالى فإن الله تعالى هيّأ له في الدنيا معيشة ضنكا وأعد له يوم القيامة عذاباً أليماَ ، مصداقاُ لقوله تعالى في سورة طه:‘‘ وَمَنْ أعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكَاً وَنَحشُرُهُ يَوْمَ القِيامَةِ أعْمَى(124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَني أعمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً(125) قَالَ كَذَلِكَ أتَتْكَ ءَايَاتُنَا فَنسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنسَى(126)’’ فمن نَسَى الله تعالى في الدنيا ، نُسِيَّ في الآخرة وحُشِر أعمى ونال العذاب الشديد والعياذ بالله . ومن ذِكر الله تعالى التهليل والتسبيح والتحميد لله تعالى ، أو تلاوة قرآن كريم ، أو الاستغفار وهو الأمان الذي أنزله الله تعالى لعباده من أمة محمّد صلّى الله عليه وسلّم بعد وفاته عليه الصلاة والسلام . وجاء في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:‘‘ استكثروا من الباقيات الصالحات : التسبيح ، والتهليل ، والتحميد ، والتكبير ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله ’’ .
ومقالتنا في فضل الحوقلة أو (( لا حول ولا قوة إلاّ بالله )) التي لها فضائل كثيرة لو واظب العبد عليها لكانت له دواء من عللٍ تصيب المؤمن ، فإن لا حول ولا قوّة إلاّ بالله يخرج بها العبد من الشدائد والضيق ، كمال سيرد لاحقاً في الحديث الشريف .
لا حول ولا قوّة إلاّ بالله من الأذكار ، ومن الباقيات الصالحات ، كما هي من الدعاء ، وعنها يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنها: كنز من كنوز الجنّة ، وباب من أبوابها ، ومن غراسها ، وبها يكشف الله تعالى الهموم والكروب والعلل ، وبها يصير المسلم مسلماً ومستسلماً لله تعالى ، وبها يحفظ الله تعالى النعمة على عبده ، أمّا الإكثار من قولها فتُخْرِج العبد من الشدائد والضيق .
ونوجز هنا بعضٌ من فضائل لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهلها :
1.لا حول ولا قوة إلاّ بالله ، كنز من كنوز الجنة : فمن أكثر من قولها كثرت كنوزه في الجنة والدليل ما رواه أبو موسى الأشعري أن النبي صلّى الله عليه وسـلّم قال:‘‘ يا عبد الله بن قيس : أكثر من قول لا حول ولا قوة إلاّ بالله فإنها كنز من كنوز الجنة ’’. وفي حديث آخر عن أبي ذرٍ الغفاري رضي الله عنه قال : كنت أمشي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: ‘‘ يا أبا ذرّ ألا أدلّك على كنز من كنوز الجنة ؟ قلت : بلى ، قال : لا حول ولا قوة إلاّ بالله ’’ . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :‘‘ أكثر من قول لا حول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم فإنها كنز من كنوز الجنة ’’ .
2 . لا حول ولا قوة إلاّ بالله ، باب من أبواب الجنة : فقد روى معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ‘‘ ألا أدلّك على باب من أبواب الجنة ؟ قال : وما هو؟ فقال صلى الله عليه وسلم : لا حول ولا قوة إلاّ بالله ’’ .
3 . لا حول ولا قوة إلاّ بالله ، بها غراس الجنة : فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسريّ به مرَّ على سيّدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال:‘‘ يا محمد مرّ أمتّك فليكثروا من غراس الجنة ، فإن تربتها طيّبة وأرضها واسعة ، قال : وما غراس الجنة ؟ قال : ‘‘ لا حول ولا قوة إلاّ بالله’’ .
4. لا حول ولا قوة إلاّ بالله ، بها يكشف الله تعالى الهمَّوم والكروب : فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:‘‘ من قال لا حول ولا قوة إلاّ بالله كان له دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهمّ ’’ .
5. لا حول ولا قوة إلاّ بالله ، يصير بها العبد مسلماً ومستسلماً : فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : ‘‘ ألا أعلّمك أو ألا أدلّك على كلمةٍ من تحت العرش من كنز الجنة ؟ تقول : لا حول ولا قوة إلاّ بالله ، فيقول الله تعالى : أسلم عبدي واستسلم ’’ .
6. لا حول ولا قوة إلاّ بالله ، يحفظ بها الله تعالى النعمة على عبده : فقد روى الطبراني عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:‘‘ من أنعم الله عليه نعمةً فأراد بقاؤها فليكثر من قول : لا حول ولا قوة إلاّ بالله ’’ .
7. لا حول ولا قوة إلاّ بالله من الباقيات الصالحات:وجاء في الحديث ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:‘‘ اسـتكثروا من الباقيات الصالحات ، قيل : وما هنَّ يا رسول الله ؟ قال : ‘‘ التكبير ، والتهليل ، والتسبيح ، والحمد لله ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله ’’.
8. لا حول ولا قوة إلاّ بالله يخرج بها العبد من الشدائد والمضائق : روى الديلمي بسنده عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ‘‘ يقول الله عزَّ وجل : قل لأمتّك يقولوا لا حول ولا قوة إلاّ بالله عشراً عند الصبح ، وعشـراً عند المساء ، وعشراً عند النوم ، يدفع عنهم عند النوم بلوى الدنيا ، وعند المساء مكايدة الشيطان ، وعند الصبح سوء غضبي ’’ .
تلك إطلالة سريعة على فضل واحد من أذكار الله سبحانه وتعالى ، ونسأل الله تعالى أن يلهمنا ذِكره بكرة وعشياً ، وأن تكون ألسنتنا رطبة بذكره ، فيخفف عنا بذكره مصائب الدنيا والآخرة ، وأن نكون ممن يُظلّنا الله تعالى بظلّه يوم لاظلَّ إلاَّ ظلّه برضاه عنّا ورحمته وجوده وكرمه ولطفه ، وأسأله تعالى أن يتغمد والديَّ وأحبتنا والمسلمين والمؤمنين برحمته ومغفرته ، وأن يرحم ويغفر لمن كان سبباً وساعد في نشر هذه الرحمانيّات الربّانية ومن له حقٌ علينا ، في الدنيا والآخرة ، اللهمَّ آمين . ‘‘ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ (127) ربَنَّا واجعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَتِنَا أُمّةً مُسْلِمَةً لَكَ وأرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إنَّكَ أنْتَ التَّوابُ الرَّحِيمُ(128)’’ (سورة البقرة) . وصلّى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وآخر دعوانا الحمد لله ربِّ العالمين.