نداء حار للداعيات في دار الكامل
نبيل خالد الأغا/ الدوحة
أخواتي الفضليات.. بناتي.. حفيداتي وكافة المترددات على دار الكامل سواء في مصلى النساء أو مراكز تحفيظ القرآن الكريم/خان يونس/ فلسطين
سلام الله عليكن ورحماته وبركاته وبعد:
عبدالله الضعيف السائر على درب السبعين خريفاً يحييكن من مقر غربته الطويلة المضنية، ويهنئكن جميعاً بحلول هذا الشهر الرمضاني الكريم بكل مفردات التهاني القلبية النابضة بالحب والوفاء والإخلاص، ويبارك لكن هذه النشاطات المكثفة التي تتبناها دار الكامل التي أسسها من حرّ ماله ابننا الوفي لأمته ووطنه الحاج محمد كامل الأغا نضّر الله وجهه، وأجزل مثوبته، وأمدّ عمره، وأنعم عليه وعلى عائلته ووالديه وأحبابه وكل من يتفيأ في ظلال جوده وكرمه بالرحمة والبركة والمغفرة.
أخواتي.. بناتي الداعيات العزيزات الغاليات:
لقد أكرمكن أكرم الأكرمين وأجود الأجودين، فاختصكن بإحياء أكرم شهوره في هذه الدار الفريدة من نوعها في مدينتنا الغالية، واختصكن بأداء مهمات التنوير والترشيد والتوجيه لفضائل ديننا الإسلامي الحنيف، وهي لعمري مهمة اضطلع بها أنقى عباد الله وأكثرهم طهراً ونقاء.
ولا غرو أنكن ستؤدين الأمانة بكل أريحية لأن الدعوة إلى الله تعالى هدفكن الأسمى الذي تسعين لبلوغه، وهو ذات الهدف الأسمى الذي يسعى لتحقيقه حبيبنا الحاج «أبوكامل» وكل المنضوين تحت اللواء الخالد: «لا إله إلا الله محمد رسول الله».
أخواتنا وبناتنا الداعيات: أم محمد النجار، أم أحمد النجار، أم أحمد الحداد، أم علي فروانة، أم حامد النجار، الشيخة لطيفة، أم بلال البطة، أم بلال شراب، أم محمد الاسطل، أم محمد معمر.
إن الأمانة التي تضطلعون بأدائها نبيلة في هدفها، عظيمة في قيمتها، كبيرة في أجرها، ولن تحتجن لتوصية مني أو من سواي، لأن اختياركن لأداء هذه المهمة لم يأت من فراغ، بل بعد تدقيق وتمحيص. ولكن انطلاقاً من حرصي على بلوغكن الحد الأعلى من النجاح وانطلاقاً من غيرتي على بناتي وحفيداتي أودُّ تذكيركن - مجرد تذكير - أن كل واحدة منكن تمثل مدرسة مستقلة بتلميذاتها اللائي سيصبحن أمهات ينجبن البنين والبنات وإنكن تربين أجيالاً متعاقبة من أمهات المستقبل الواعدات.
ويحضرني في هذا المقام قول شاعر النيل حافظ إبراهيم:
الأم مدرســـة إذا أعَدَدْتهــا أعْدَدْتَ شعباً طيّبَ الأعْراقِ
لا تحسبنَّ العلْم ينْفَعُ وحْـده مــا لم يُتــَـوّج ربّه بخَـــلاق
فالعِلْمُ إنْ لم تَكْتَنفهُ شمــائلٌ تُعْليه كان مطِيَّة الإخـْفـــاقِ
وأتمنى منكم تحقيق أمنية تصل حدّ الرجاء وهي أن تركزن في عظاتكن بشكل خاص على تبيان الحصاد المرّ لآفة خطيرة ما برحت تنخر في هيكلية المجتمع الفلسطيني بشكل خاص - والعربي بشكل عام - نساءه ورجاله وأعنى بها آفة الغيبة اللعينة التي تنخر في خلايا ومسمات الكثيرين من ابناء وبنات شعبنا الفلسطيني الذي تثخنه الهموم والأحزان من كل جانب.
لقد كانت تلك الآفة اللعينة من أخطر ما كان يواجه مجتمعنا في القطاع الغزي في النصف الأخير من القرن الماضي، وكنت شاهد اثبات عليه في طفولتي ومقتبل شبابي، وكان يمثل البضاعة الرائجة لدى العنصر النسائي بشكل خاص، وكان مؤملاً أن تكسد تلك البضاعة المزجاة وتبور بشكل شبه نهائي مع ارتفاع نسبة المتعلمين والمتعلمات التي نتباهى بها، لكن ذلك الأمل تلاشى بل أن العدوى امتدت إلى العنصر الرجالي الذي شارك بدوره في اشعال فتائل الفرقة والتباغض بين أبناء الوطن الواحد.. وبصورة أكثر وضوحاً بين الأقارب مما زاد الأمور سوءاً وخيبة وتجسدت المقولة الممقوتة «الأقارب عقارب» بين أفراد الأسرة الواحدة، بل أكاد أجزم بأن المغتربين الفلسطينيين يعانون من وطأة هذاالواقع المرير، وأنا لا أصدر حكماً معمماً معاذ الله، بل مجرد نماذج عديدة من التفسخ والانفلات الأسري والقطيعة الممتدة من الكبار إلى الصغار ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
القلب ينز صديدا
القضية طويلة ومتشعبة، والحديث عنها يحتاج إلى حلقات، وقلبي يطفح صديداً جراء استفحال هذه الآفة - ولاأقول الوباء - الذي يهدد مجتمعنا الفلسطيني الذي لا تنقصه المزيد من الهموم والغموم، وأنا لا أنفي - بل أفخر وأمتدح - نماذج مشرفة بلغت الحد الأعلى من الحميمية والحب في الله تسرى بين العائلات والأسر الفلسطينية وينطبق عليها قول حبيبنا الأحب صلى الله عليه وآله وسلم: «الحب في الله أوثق عرى الإيمان» ولايملك المرء أمام تلك الحالات الإيجابية الرائعة في تآلفها ومودتها إلا أن يحني الهامات اعجاباً وإكباراً.
العبد الضعيف لا يشعل حريقاً أيتها الكريمات.. معاذ الله ألف مرة ومرة.
بل يلقي حزمة من الضوء المبهر على عيب كبير كان مسكوتاً عنه ومؤيدا من شياطين الإنس والجن وقد حان الوقت كي ألفت الأنظار إليه، وتبيان مدى خطورته على شعبنا وقضيتنا.
وخلاصة القول أني أهيب بالداعيات الفضليات بدار الكامل وبكل من آتاهم الله علماً ومقدرة من الدعاة والداعيات في أنحاء المجتمع الإسلامي أن يركزوا جهودكم على هذه الآفة التي أشارت إلى خطورتها الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي يمكن الاسترشاد بها والإستئناس بمضامينها.
أحييكن أيتها الماجدات، وأحيي أختنا الكريمة الدكتورة هيفاء فهمي الأغا راعية هذه الجهود الدعوية المباركة، وممثلة أخينا المحسن الكبير الحاج محمد كامل، وأرجوكن الدعاء له بالخيرات والبركات وطول العمر. والرحمة والمغفرة لوالده المرحوم كامل عبدالرحمن الأغا الذي اختطفه حمام الموت في العام ١٩٥٥م، وهو في الواحد والعشرين ربيعاً من عمره. والذي لم ينجب إلا محمداً.
والدعاء موصول بالرحمة والمغفرة إلى أمه المجاهدة الصابرة المحتسبة المغفور لها وللمسلمين جميعاً إن شاء الله الحاجة خيرية حافظ الأغا التي وهبت حياتها لتربية محمد وتعليمه ولله في هذا الأمر شأن عظيم، فرب رجل أفضل من مئة رجل!
ولا تنسوا الدعاء لباقي أرحامه وفي طليعتهم الخال الذي حدب عليه واحتضنه الأخ الدكتور خيري الأغا (أبو اسامة) أطال الله عمره، وأحسن خاتمته، ووفقه والمسلمين جميعاً لرضى الله تعالى.
الله تعالى من وراء القصد، وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل.
وأرجو أن تتقبلوا أيها الأحباب أندى تحايا مخلصكم ومحبكم في الله نبيل خالد الأغا (أبوخلدون) وصلّ اللهم وسلم وبارك على الحبيب الأحب صلاة دائمة بدوام ملكك، وعدد خلقك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك.
وكل رمضان ونحن وإياكم إلى الله أكثر قرباً وحباً وطاعة.
اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد
الدوحة/٣ رمضان/١٤٣٣هـ
٢٠١٢/٧/٢٢م