نشر موقع النخلة بتاريخ 24/6/2012م، موضوعا مشوقا بعنوان: " ناهض الريس مؤسسة فكر وجهاد وقانون" . وبالنظر لطول الموضوع فقد عمدنا لعدم تضمينه شهادات احباب المرحوم ناهض الريس في عيون محبيه والتي تحمل عنوان " أزاهير الوفاء" .
فخصصنا هذه السطور لنطلع القراء الفضلاء على الشهادات التي تم نشرها في كتاب : " خالدون من فلسطين " الذي صدر مؤخراً لكاتب هذه السطور، والله المستعان .
أزاهير الوفاء
• "أسلم أبو منير الروح، انسحب من زمننا الرمادي ليغشى عالم الخلود والرفعة ويهنأ في مستقره الأبدي بينما المحبون ورفاق الأمس، وعارفو سيرته وسريرته يستعيدون ذكرياتهم مع ذلك الحالم المجاهد، الذين أطلوا على تجربته، فيعدون مناقبه، ويرتبون أحلامه ويألمون، فهو المميز الفصيح بلغته وذائقته، المفعم حيوية وبشاشة.
فارس حضر كل وقائع الثورة المعاصرة، ومثقف ألمعي، هو أول من ترجم كتابا الى العربية عن حرب الشعب، وأول من قدم جيفارا إلى القارئ العربي، وهو الذي كتب الشعر، وأنشد لمدن فلسطين ولأطفالها، رحم الله ابو منير عاشق فلسطين."
عدلي صادق
• «نعم .. الكتابة فعل مقاومة ، ولقد كتب ناهض ليقاوم بقلمه، وحسه ووجعه، ونبضه، وألمه، فرش أحزانه حروفاً دامعة على الأوراق لكنها لا تفتقد الكبرياء/ جال في الوطن المحاصر ليلتقط دموع أمهاته، وشهقات شيوخه، وجوع أطفاله، وفورة شبابه، ليصوغ منها جميعا حكاية الوطن المقاوم الذي ما سلَّم ولن يُسلم، الذي يستعذب أن يسقط معمداً بالشهادة لأن شهادته موت جميل يهب الحياة.
في مقدمة ديوان: " ممالك النارنج" التي كتبها الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي ألمح كلمات تقول: نعم ، ناهض الريس يكتب بدمه، وإذن فهو يكتب بدمنا، ونحن نقرأه ونصدقه!»
لقد أرهقني ناهض الريس وهو يفتح قطوب جرح الفلسطيني ليريني كم هو غائر، وكم هو ثائر، وكم هو نادر، نعم أرهقني لكنه علمني أن الجرح الفلسطيني، وصدور الشهداء التي يطرزها الرصاص هي السبيل الوحيد لاستنشاق نسمة الحرية المأمولة التي ينتظرها شعب مرابط شطب من دفاتره كلمة مستحيل.
هدى جاد
• «لقد ترك الراحل الكبير الأستاذ المستشار وزير العدل ناهض الريس رحمه الله سيرة حياة حافلة بالعمل الوطني والسياسي، وصحب قادة كباراً كأبي عمار وأحمد ياسين وخليل الوزير، وصلاح خلف، وتنقل من بلد إلى بلد يحمل همَّ فلسطين وهمّ المقاومة، وهمّ اللاجئ المشرد، فكان نموذجا طيباً في كل ملف حمله رغم الفساد الذي تغلغل في أحشاء الحركة الوطنية.
ستبقى يا أخي ناهض على الدوام رمزاً لكل ما هو صحيح ونقي في شعبنا، وسيظل اسمك كما أبيك الفلسطيني الكبير والمعلم الأول علما من أعلام فلسطين الكبيرة والمشرفة ونعدك بالوفاء للمثل والمبادئ التي مثّلتها».
د. يوسف رزقة
• " كان أبو منير صاحب مبدأ وفكر وعقيدة، انخرط في العمل الجهادي من خلال هذا الباب رغم مشقاته، وكان بإمكانه ان يستمر في عمله بالنيابة العامة وليصبح منذ البداية قاضيا في هذا السلك المهم وهو جالس على مكتبه دون أن يتحمل كل تلك المعاناة, لكنه كان صاحب مبدأ وفكر وعقيدة، كان من قيادات فتح الكبيرة، واستلم منصب النائب الأول في المجلس التشريعي، ثم حصلت ملابسات نتيحة لمواقفه الشجاعة التي وقف فيها ضد الفساد، ووقف في وجه صاحب القرار ودفع الثمن".
اللواء مصباح صقر
• "لقد رافقت المرحوم ناهض ستة عشر عاما، ولم أر انسانا في أخلاقه ونبله وتدينه، كان رحمه الله من المتدينين الذين لا يقطعون لله فرضا، ورأيت سلوك وأخلاق ذريته فالثمرة كانت واضحة، كانت في مكتبه تعقد جلسات لحفظ وتدريس القرآن الكريم بوساطة احدى كريماته، وقد ارتضى هذا العمل وشجع عليه.
كان يقف مع الحركة الاسلامية ويقول لي ان هؤلاء الناس جذورهم اسلامية ولا يستطيعون اطلاقا أن يخلّوا بالقضية الفلسطينية، الا أنه كان ينتقد بعض السلوكيات الإدارية الموجودة لدى حركة حماس، وكان يعتقد أنها غير جوهرية ويمكن اصلاحها، اما عند المواقف الوطنية الكبيرة التي تتعدى الثوابت، فكان يقف موقفا صلبا لا يماري فيها أحداً إطلاقاً".
عبد اللطيف ابو هاشم
• "رحمك الله يا أبا منير، درست القانون فكنت ميزان الحق والعدل، ولم ترهب سيف المعز، ولم يطمس بصيرتك بريق الذهب، وعدت الى وطنك مرفوع الجبين، لم تطأطئ لمحتل، ولم تخفض جناحك لخائن ولا للئيم، كنت مثلا يُحتذى في العدل، وكان العدل بخير طالما أنت (وزيره)، وما هي الا أيام حتى تركت (المنصب) لا تلوي على شيء، وعلمت أنك لم تعط الدنيَّة كما أعطوا، وكما يحب السلطان ان يرى من حوله وقد غرقوا فيها، فكنت الأبيّ، وليذهب المنصب الى الجحيم اذا كانت الدنيّة مهره."
د. عطا الله أبو السبح
• «لم يكن المناضل ناهض منير الريس يفصل بين سلوكه الشخصي كإنسان وسلوكه كشخصية عامة، وقد مثًّل نموذجا مثاليا للقائد الفلسطيني الحريص على تقديم ما يملك من طاقة وإمكانيات من أجل قضيته الوطنية، فعمل حيث تسمح الظروف وقدراته على تأهيل الشبيبة والأطفال من أبناء شعبه اللاجئ لتحمل مسؤولية المواطنة والعمل لاستعادة حقنا في وطننا».
كان أديباً وشاعراً ومفكراً عمل حتى رحيله لكي يرسخ مفاهيم النزاهة الوطنية والبقاء على الأسس التي قامت من أجلها حركة "فتح" وفي رأسها اعتبار إسرائيل دولة طارئة على المنطقة ويتوجب قتالها تحت كل الظروف.
هذا الرجل القدوة علَّمنا جميعا كيف يكون الوفاء للقيم والمبادئ التي مثّلها. خالص العزاء لشعبنا الفلسطيني في كل مكان "إنّا لله وانا اليه راجعون".
زياد ابو شاويش
• سلام لروحك أيها المستشار ..وأنت تمضي في سلك القضاء والقانون لتضع اللبنات الأولى للدولة الفلسطينية المقبلة، ولكنك في ذات الوقت كنت ترفض أي أخطاء دستورية أو قانونية فكان موقفك مشهوداً عندما رفضت خطأً دستورياً حينما ذكرت في إحدى مقالاتك بعنوان " سقطة في المجلس التشريعي لا يجوز أن تتكرر" وذلك في يوم الثلاثاء (13/5/1997) حيث قلت:" حدث ذلك عندما استبيحت من قبل البعض مناقشة حكم قضائي نهائي وقطعي صدر عن محكمة العدل العليا، وبذلك نصب المتكلمون في نقد الحكم أنفسهم قضاة فوق القضاة وادعوا لآنفسهم علماً فوق علم الطبقة العليا من ذوي الاختصاص".
سلام لروحك أيها القائد الوطني.. فقد كنت حريصاً على الوحدة الوطنية الفلسطينية، فكفى بقولك: "على الفلسطينيين في مناطقهم أن يتمسكوا ويتضامنوا ولا يسمحوا للفتن أن تطل برؤوسها القبيحة منذرة بالدمار" لتؤكد مدى حرصك على هذه الوحدة، ولتكن مقولتك "من لم تنفعه تجربته لم ينفعه جهده" أولى دروس التضحية والفداء لأبناء شعبنا الذي طالما كتبت وأفنيت عمرك من أجل الدفاع عن حقوقه".
محمد السوافيري
• "حينما نتحدث عن الأمانة والعدالة والإخلاص والتضحية والتواضع نجدها مرادفة لكلمة: ناهض"..
عماد الريس
• "طلب مني العم ابو منير أن أتّولى ترتيب أمور مكتبته الخاصة، فأكرمني الله تعالى أن أكون في خدمته لعام كامل، وجدته خلالها مثالاً للنبل، حتى ان بعض لمساته الحانية تسرّبت إلى أعماقي فبدأت أمارسها حبّا فيها وفيه، وأشعر دائما أن له ديْناً كبيرا في عنقي.
حين كنت أراه وأتعامل معه كانت تسكنني هيبة من رجل عاش حياته جادَّا، لكن حين كنت أتأمل وجهه وأنا معه في غرفة مكتبه أعجب من براءة الأطفال التي كانت تكسو محياه ! وتعلمت منه فضل التواضع في الحياة، فما رفع سماعة الهاتف مستمعا منصتا- حين كان نائبا في المجلس التشريعي عن مدينة غزة- الا ووجدته يردد على مستمعيه عبارته الأثيرة :"أنا في خدمتك". نعم كان باستمرار يضع نفسه في خدمة أبناء غزة البسطاء، الذين قلّما وجدوا من يخدمهم بإخلاص!
ان غزة الفقيرة المحاصرة تدخل في ثوب الحزن على فراقك أيها العم الطيب، سيفتقدك الفقراء الذين كنت سندا لهم، والعائلات المستورة، وطلاب الجامعات الذين ساعدتهم ليصلوا إلى ما وصلوا اليه ..".
محمد السويركي
• «كان ابو منير يرفض كلمة "الصراع" مع العدو الاسرائيلي لأن الصراع يكون تصادم بين طرفين للحصول على الحق، والحقيقة أن الحق هنا في طرف احد وليس في طرفين، ولا يحق للطرف الأخر أن يصارع على حق وهمي.
كما كان يكره مصطلح "عرب 1948" لأنه يعني شعب بدون هوية، وكان يقول عنهم: "الفلسطينيون الباقون على أرضهم". ويناشد الناس بعدم التخلي عن أرضهم مهما قست الظروف. وكان يرى بأن السياسة هي "صناعة المستقبل" وليست "فن الممكن".
حازم السراج
• «نعم كنتَ ناهضاً، ومنيرا وريسا، ليس اسما فقط بل فعلا وممارسة، فكانت ثلاثية مباركة متناغمة، نهضتَ في زمن كبا فيه الكثيرون، وأنرت في ظلمة التيه جانباً من النور، وكنت ريساً أينما حللت بصوتك الهدار المجلجل، وثقتك وعزمك الذي لا يلين.
سمعت بك منذ طفولتي، وقرأت عنك ولك في شبابي، وعرفتك منذ سنوات عن قرب، فقرأت فيك الشهامة، والحب، والغيرة على وطن ظنه البعض سلعة للبيع والشراء، أو قطعة للاستثمار والثراء، تعلمت منك الإصرار على الموقف ما اقتنعت أنه صواب، تدافع عنه بإصرار وعناد.
ولعل صفحات "فلسطين" كانت أول اللقاء عندما كنت رئيساً للتحرير، وكنتَ كاتباً يومياً لمقال، من الأوائل الذين عشقوا فلسطين وطنا، وشعباً، وصحيفة، فتواصلتَ وتواصلنا، ونصحت وتناصحنا، وانقطعت وأنت الواصل للود الناصح الأمين، والمحب لفلسطين الصحيفة وربما جاء الأجل وهي بين يديك أو في ناظريك لا تغيب.
عرفتكَ غزة منذ زمن، وعرفتُ أباك وأهلك، وعرفناك في محافل عدة كنت فيها فارساً للكلمة، تحدثت في السياسة فكنت سياسياً بارعاً وفي القانون مدافعاً حاذقاً، وفي الميدان فدائياً مقاوماً، هنا في غزة وهناك في المنافي، لا حباً في مال أو شهرة فلديك الكثير، ولكن عشقاً للوطن فلسطين».
مصطفى الصواف
• نَسْرٌ أَشْهَبْ
أَلِفَ الشَّامخاتِ من ذُرى البلاد
وَحَلَّقْ
فَوْقَ جَلْعادَ/ فوْقَ عَمَّانَ/ فَوْقَ لُبْنانَ/ فَوْقَ الجَرْمقْ
عَرَفَتْ ظِلَّهُ سُهولُ حورانَ/ وأغوْارُ بيسانَ
وَحَطَّ حيناً على الدَّوْحِ/ في الغوطَتَيْن
وجِلَّقْ
غَيْرَ أَنَّ الهوى غَالبٌ/ وفَلسطينُ قِبْلةُ الذي يُحِبُّ
ويَعْشَقْ
نَشَرَ النَّسْرُ ريشَ قَوادِمهِ/ وأَسْلَمَ الرُّوحَ صَدْرُه العريضُ
وصَفَّقْ
ما سوى خَفْقَتَين من جَنَاَحِيه وَلاحَتْ أرْضُ آبائهِ/ كَنَجْمٍ تأَلَّقْ
السُّهولُ الخَضراء/ أَخضْرُها الفاتحُ الغَامقُ/ الأكْثَرُ اخضراراً وأَعْمَقْ
السَّماُء الزَّرْقاءُ/ وَالأبْيَضُ المتَوسِّطُ حَوْلَ زُمُرُّدِها/ رائقُ الموْجِ أزْرَقْ
وَرَأى الغُزاَة يَدُقُّونَ أطْنابَهُمْ/ حَوْلَ مَسجِدِها الأقصى
فَيَنْبجِسُ الدَّمُ.. يَعْلو الى القِبابِ فَتَغْرقْ
ثُمَّ يدْعونَ لاقتسامِ البلاد
أَيُّ فِخاخٍ نَصَبُوا؟/ وأَيُّ سِلْمٍ مُلَفَّقْ؟
صاحَ فيهم: أيُّها الغُزَاةُ إليكُمْ قِسْمَةَ الحَقِّ
وَالحَقُّ أَوْلى وأَصْدَقْ
كُلُّ أخْضَرها لي/ وكُلُّ أزرقها لي/ وَمسْجَدها والدِّمَقْسُ والإستبرق
وَليَ الكَرُّ والفَرُّ/ والطَّعنُ والضَّرْبُ/ وصَهواتُ كُلِّ أجْرَدَ أبْلَقْ
وَلكُمْ حَدُّ سيْفي/ وَرَأْسُ رُمحي/ وَكاس الحِمامِ المُعَتَّقْ
***
نَسرٌ أشيبٌ/مثخَنٌ بالجراحْ/أَسقطَتْهُ الرياحْ
على شعَفِ في ظلال الصَّنَوبرْ
قبرُه على قلبٍ بغزَّةَ/صَلّى على الفقيدِ وكبَّرْ
يا زهورَ النارنجِ لو تَعلمِينْ:
كَمْذا أُحبُّكِ؟ لتَفَتَّحْتِ كي تؤنِسِينْ
وَحْشَتَهُ حين يَسَهْر/لعلَّ النَّدامى يُوافونَه بعدَ حينْ
فَيُنشِدُهُمْ عن فلسطِينْ
من شعره ما تَيسَّرْ
ويُديرُ عليهم إلى آخِرِ اللَّيلِ/شاياً بِسُكَّرْ.
الشاعر عبدالكريم السبعاوي