الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي شرفنا وبشرنا بقبول التوبة قبل مغفرة الذنب، نحمدك يا ربنا يا غافر الذنب ويا قابل التوب يا الله، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله حيث قال: "قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ". [يونس:49].
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام عبده ورسوله القائل: "يَوَدّ أهل العافية يوم القيامة حين يُعطى أهل البلاء الثواب لو أن جُلودهم كانت قُرِضت في الدنيا بالمقاريِض". رواه الترمذي وحسنه الألباني
إذاً أحبتي على المؤمن أن يثِق بِربّه، وأن يعلم أن اختيار الله عَزّ وَجَلّ خير له مِن اختياره لنفسه. وأن يؤمن بأن الله عَزّ وَجَلّ حكيم عليم، وأن ما يُقدِّره الله عَزّ وَجَلّ على عباده المؤمنين هو خير لهم .وأن ما يُصاب به المسلم في هذه الدنيا مِن مَرض أو فقر أو غيره مما لا تُحبّه النفس إنما هو تمحيص ورِفعة للدرجات وكفارة للسيئات .ويوم القيامة يتمنّى أهل العافية لو أصابهم مِن البلاء مثل ما أصاب أهل البلاء .. وقال عليه الصلاة والسلام: "إذا سَبَقَتْ للعبدِ من الله مَنْزِلَة لم يَبْلُغْهَا بِعَمَلِه ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده، ثم صَبَّرَه حتى يُبَلِّغَه المنْزلة التي سَبَقَتْ له منه" أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
بالأمس القريب طوينا سوياً صفحة من أنصع وأبهى صفحات الابتلاء بالنفس (وتبعياً المال) ومن ثمَّ الابتلاء بفقدان الولد، هذه الصفحة تتوسطها بوجهها المنير وتتربع على عرشها الأخت الفاضلة المرحومة آمنة بنت قاسم، لقد سطّرت أروع ملاحم الصبر في مصارعة ما ألمّ بها من آلام حار الأطباء في عنونتها وتشخيصها، فمذ وعينا على هذه البسيطة سمعنا بمرضها وأخذت تصارعه مرات ومرات، حتى أنها بثباتها وحمدها وشكرها وصبرها صرعته بإيمانها الذي كان بمثابة الصخرة التي تقهقر المرض من حولها، معلناً هزيمته بأنه لم ينل من هذا الجسد العليل الهزيل، لقد كانت ثقتها بالله وفي الله أكثر من عالية..
سنون تلو أخرى قلّت أو قاربت قليلاً سنين عمرها.. فكان ما كان، وابتلاها الله عز وجل أيضاً بفقدان الغالي البكر الحبيب.. وأي شاب إنه علي "أبو محمد" فعاشت وحشة فراقه.. فبموت علي اقترب الأجل المحتوم لأم علي رحمهما الله.. سلمت أمرها بالحمد والتهليل والحوقلة ولسان حالها يقول خذوني إلى علي اذهبوا بي إلى علي، عقود وهي ليست كما هي بل ازدادت ثقة وإيماناً بالله عاشت عمرها بغير نقصان.. فعن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه قال: "أعمار أمتي بين الستين والسبعين وقلّهم مَن يتجوز ذلك.. أو كما قال عليه الصلاة والسلام"، رحمات ربي وبركاته تتزل عليكما.. فالمرض أبداً لا يعني بأن الموت قريب، ولا الصحة والعافية تعني تأخر الموت.. الإمام الشافعي لخص حياة أم علي وكأنه يحكي قصتها فقال:-
وهنا نتوجه للحاجة الفاضلة "أم سامي" أتم الله عليها الصحة والعافية وأطال الله عمرها وأحسن ختامها، كم كنت صابرة محتسبة ذاكرة لله عز وجل في الليل النهار. صابرة لم تعترضِ ولم تسخطِ، صبرت وصابرت صبر الصالحين نحسبك كذلك ولا نزكي على الله أحداً، كان البلاء عظيماً بقدر حب الله لكِ، فقدت الزوج رحمه الله.. والأحفاد من البنين ماهر أيمن ومحمد يوسف، ومن البنات خير الشباب علي.. ففقدانهم لعمري يقصم الظهر.. والآن أم علي يا رب لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا.
الأخ الفاضل أبوعلي جزاك الله خير الجزاء، فقد كفيت ووفيت وصبرت على ما أصابك، أصعب الكلمات كلمات الشكر والثناء والعرفان بالجميل، فالمفردات تتلاشى لأنها تشعرنا دوماً بقصورها وعدم إيفائها حق مَن كتبت لأجله، فكنت نعم الزوج لزوجك رحمها الله تعالى.. هذا عهدنا بالرجال الرجال.. عظم الله أجرك وأجر أنجالك ساري وسارية وأخص سراج الذي نحمد الله تعالى بأن مَن عليه بكرمه وفضله وكتب له رؤية والدته رحمها الله لينهل من رضاها وليكحل بضيائها عينيه.
تعازينا لكم جميعاً آل الأغا وكذلك موصولة للأخوة الأفاضل أنجال وكريمات المرحوم بإذن الله الحاج قاسم يوسف، سامي ومحمد ويوسف وأيمن وناجي قائلين لكم عظم الله أجركم، فلله ما أعطى ولله ما أخذ في وفاة أختنا أختكم أم علي رحمها الله تعالى ورضي عنها.. جزاكم الله خير الجزاء فقد كنتم خير إخوة وخير الأبناء لوالدكم رحمه الله وتقاسمتم معه وصهركم الوفي أبو علي هذا الحمل الذي أراده الله لكم فكنتم أهلاً لذلك بفضل من الله ونعمة.
وأختم بتكرار دعاء أخي الحبيب أبو علي:-
اللهم تقبل قليل صُنعنا وتجاوز عن تقصير بدر منا.
اللهم افتح لنا ولها ولوالدينا ولأحبائنا في الله، ولأموات المسلمين أبواب فردوسك الأعلى.
اللهم اجعل قبرها وقبورهم روضة من رياض الجنة ولا تجعلها حفرة من حفر النار.
اللهم أنزل على قبورهم الضياء والنور والفسحة والسرور.
اللهم أظلنا وإياهم بظلك يوم لا ظل إلا ظلك، وأسكنا مع رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم جنتك، ولا تحرمنا جميعاً لذة النظر لوجهك الكريم يا رب العالمين.
اللهم تقبل دعاءنا واستجب لرجائنا يا أكرم الأكرمين ويا رب العالمين.
أسأل الله أن يحسن خاتمتنا وخاتمتكم..
[1] زينات يوسف علي الأغا | عظم الله اجركم | 06-02-2013
[2] رائد عبدالقادر عثمان الاغا | إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة | 06-02-2013
وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( يقول الله سبحانه : ابن آدم إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى لم أرض لك ثوابا دون الجنة ) رواه ابن ماجة حسنه الألباني .
ولو تأملنا في الأحاديث السابقة لوجدنا التركيز على قضية مهمة وهي قضية الاحتساب في الصبر ، وذلك لأن يقين الإنسان بحسن الجزاء ، وعظم الأجر عند الله ، يخفف مرارة المصيبة على النفس ، ويهون وقعها على القلب ، وكلما قوي اليقين ضعف الإحساس بألم المصيبة ، حتى تتحول لدى النفس من المكاره إلى المحابِّ ، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه قوله : " ما أصبت ببلاء إلا كان لله عليَّ فيه أربع نعم : أنه لم يكن في ديني ، وأنه لم يكن أكبر منه ، وأني لم أحرم الرضا به ، وأني أرجو الثواب عليه " ، فجعل انتظار الثواب على البلاء من أسباب تخفيفه ، ونقله من دائرة المصائب التي توجب الصبر إلى دائرة النعم التي تستحق الشكر ، وكان نبينا - صلى الله عليه وسلم - يسأل الله اليقين الذي تهون معه المصائب ، فقلما كان يقوم من مجلس إلا ويدعو بهؤلاء الدعوات : ( اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ) رواه الترمذي .
وإذا كانت مقادير الله نافذة على العبد رضي أم سخط ، صبر أم جزع ، فإن العاقل ينبغي أن يصبر ويحتسب ويرضى بقضاء الله حتى لا يحرم الأجر والمثوبة ، وإلا جرى عليه المقدور وهو كاره ، قال علي رضي الله عنه : " إنك إن صبرت إيماناً واحتساباً ، وإلا سلوت سلو البهائم " ، وعزَّى رجلاً في ابن له مات ، فقال : " يا أبا فلان إنك إن صبرت نفذت فيك المقادير ، ولك الأجر ، وإن جزعت نفذت فيك المقادير ، وعليك الوزر ".
وقد بينت هذه الأحاديث عظيم الجزاء للصابرين المحتسبين ، وأن الصبر من أعظم أسباب الفوز بجنة الله ورضوانه … وفي النهايه احتسب ما ذكر اعلاه في اهل الفقيده وهم كذلك ونسال المولي عز وجل ان يسكنها فسيح جناته...
[3] الحاج حسين خالد حسين الأغا وزوجته رندة قاسم الأغا | البقاء لله وحده | 07-02-2013
لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شئ عنده بمقدار.