مقالات

أنا فلسطيني وأحترم هذا اليهودي ...! بقلم محمد سالم علي الأغا

 

كتب محمد سالم الأغا

واليهودي الذي أحترمه هو السيد لطيف دوري ، يهودي عربي عراقي ومواطن يعيش بدولة إسرائيل، كما يحب أن يعرف نفسه، وهو من مواليد مدينة بغداد 1935، وخرج منها هو وعائلته عام 1951 من القرن الماضي، باتجاه إسرائيل ، وكان عمره ( 16 سنة تقريباً ) ، وهو متزوج ولديه عائلة مكونة من زوجته، و ثلاثة أولاد ، وله أربعة أحفاد.

وعن رحيله من بغداد مسقط رأسه، ورحيله إلى إسرائيل، أتذكر أنه قال لنا عندما التقيته لأول مرة في مكتب الخدمات الصحفي الفلسطيني بالقدس والتي كانت تديره السيدة ريموندا الطويل ويساعدها في إدارته السيدان رضوان أبو عياش ، وباسم أبو سمية وآخرين، وحيث كنت أعمل مراسلاً لصحيفة الفجر المقدسية ومجلة البيادر السياسيو مجلة العودة التي كانت تصدر عن مكتب الخدمات الصحفي الفلسطيني،: " أنه وعائلته رحلوا من بغداد إثر انفجار عدة قنابل في كنيس يهودي ، وإثر إشاعات كان يروجها ما يسمي بالموساد الإسرائيلي والذي كان يتزعمه، ( شلومو هيلل اليهودي العراقي، الذي أصبح بعد قيام دولة إسرائيل وزيراً للداخلية، ورئيس للكنيست الإسرائيلي ) في ذلك الوقت لإجبار اليهود علي ترك بيوتهم ومنازلهم في العراق والهجرة الي إسرائيل، رغم أن علاقاتهم مع جيرانهم العرب مسلمين ومسيحيين كانت قوية ومتينه، وأنهم كانوا يعتبرون أنفسهم أبناء للعراق كغيرهم من الطوائف والأقليات العراقية الأخرى، حيث لم يكن أمامهم خيار آخر، بعدما جري إسقاط الجنسية العراقية بأوامر من رئيس الحكومة العراقية آنذاك نوري السعيد، حيث قبض في حينه علي عشرة دنانير عراقية عن كل رأس ليهودي عراقي رحل من العراق وهاجر لإسرائيل ( ولكم أن تتخيلوا الصفقات بين حكومات إسرائيل المتعاقبة مع الحُكام العرب قبل قيامها وبعده، وحتى هذه اللحظات).

ومن الجدير ذكره في هذا المقال أن السيد لطيف دوري كان يعمل صحفياً في صحف المرصاد ، ومجلة حوتام العبرية، و" نيو أوت لوك " الانجليزية، وصوت مبام بالعربية، وسيسجل التاريخ الوطني الفلسطيني لهذا اليهودي، أنه أول من اخترق الحصار العسكري والهجوم الهمجي الإسرائيلي، علي قرية كفر قاسم في الأول من شهر نوفمبر 1956، وتسجيله إفادات جرحي مجزرتها التي فاقت ما تعرض له اليهود علي يد هتلر، وأحصي بالأسماء والعدد 49 شهيداً من أبناء قرية كفر قاسم أغتالهم الحقد الصهيوني بدم بارد، وكثيراً ما كان يصف علي مسامعنا الجرائم الصهيونية ضد شعبنا الفلسطيني بجرائم نازية، ومنتقدا حكومة إسرائيل وقضاتها الذين كانوا يتساهلون مع قتلة الفلسطينيين، ويفرجون عن القتلة الصهاينة بدون أحكام تدينهم، كلما كان القاتل يهودياً، والضحية عربي فلسطيني.

 

 

 شهادة المواطن الفلسطيني السيد شاكر عبد الله عيسي من سكان كفر قاسم وهو أحد الناجين من المجزرة والتي وثقها السيد لطيف دوري


هذا ولقد شغل السيد لطيف دوري العديد من المهمات كسكرتير القسم العربي لحزب العمال الموحد " حزب مبام " ، وعضو اللجنة التنفيذية للهستدروت وهو ( الإتحاد العام للعمال )، وقد خصه أبناء كفر قاسم " بمواطنة شرف "لقريتهم المنكوبة، 1996 في ذكري مرور 40 سنة علي مجزرة كفر قاسم لدوره في كشف هذه المجزرة التي فاقت كما قلت ما تعرض له اليهود علي يد النازي، وتربطه علاقات طيبة مع أهلنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة 48، وهو من الشخصيات اليهودية القليلة التي تعترف بحقوقنا المشروعة والثابتة، ولم يتراجع يوماً عن مواقفه الداعمة لقضيتنا الفلسطينية .

كما كان له السبق أيضاً، في الوصول الي مخيمي صبرا وشاتيلا غداة المجزرة الرهيبة التي أرتكبها الصهاينة مع حلفائهم ميليشيات حزب الكتائب اللبناني بزعامة بشير الجميل وسمير جعجع، والتقط صور للضحايا الأبرياء ووثق الإفادات والأقوال الرهيبة لعدد من الناجين الفلسطينيين الذين نجو من مجزرتي صبرا وشاتيلا، ويحسب له أنه قدمها كدليل إدانة لشارون الي " لجنة كاهان للتحقيق بمجزرة صبرا وشاتيلا والتي شكلتها الحكومة الإسرائيلية بضغط من المعارضة الواسعة في حينهواللجنة المناهضة لحرب لبنان 1982 والتي كان لطيف دوري أحد مؤسسيها " والتي أطاحت بوزير الحرب الصهيوني أريل شارون من منصبه.

ولابد لنا أن نذكر للسيد لطيف دوري أنه أسس لجنة للحوار الإسرائيلي الفلسطيني 1986 مع رفاقه من أبناء الطوائف اليهودية الشرقية، وأخوتنا عرب 48، قبل أن تبدأ إنتفاضة شعبنا الفلسطيني المباركة التي باركها منذ انطلاقتها وأخذ يوطد علاقاته مع قيادة شعبنا الفلسطيني بقيادة الأخ القائد ياسر عرفات والعديد من الشخصيات الفلسطينية الأخرى، وكان من بين الشخصيات اليهودية والعربية من عرب 48 الذين أقاموا خيمة احتجاج أمام الكنيست الإسرائيلي لقيام إسرائيل بإبعاد 415 مواطناً فلسطينينا الي مرج الزهور في لبنان ، ويذكر له أنه جاء وحضر حفل الاستقبال الذي جري في مدينة غزة بعد عودتهم الي أرض الوطن .

ولن ننسي للسيد لطيف دوري ما قاله يوم انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية في سبتمبر 2005 : " أن انسحاب إسرائيل اليوم وتفكيك المستوطنات من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية يشكل انجازا عظيماً ومكسباً للشعب الفلسطيني، وهذا لم يكن ليتم لولا صموده ومثابرته ونضاله علي مر السنين، وبتضحيات طويلة من الشهداء والجرحي وسجناء للحرية".

وقد حذرنا لطيف دوري يومها من الأهداف الخفية للمخططات الإسرائيلية التوسعية ومن مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية وإكمال جدار الفصل العنصري وقطع الطريق علي خطة خارطة الطريق والمبادرة العربية للسلام التي أقرها المجتمع الدولي ، وأضاف يومها قائلاً : لذا علينا كعرب وفلسطينيين ويهود، محبي للسلام العادل، علينا أن نُصعد نضالنا المشترك العادل لإفشال المخططات للحكومات الإسرائيلية العنصرية العدوانية، وبمؤازرة محبي السلام العادل في العالم وإسرائيل حتى يتحقق الحلم الجميل، وكنس الاحتلال الي غير رجعة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وقال يومها وسط هتاف الجماهير : " فلنقل جميعاً في هذا اليوم التاريخي عقبال القدس الشريف.

اضغط هنا للتعرف على المرحوم أ. محمد سالم علي حمدان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد