الرسالة نت – معاذ مقداد
"مات كما كان يتمنى(...)، مقولة يقولها كثير من الناس"، و"باسم" تمنى التبخّر في سبيل الله، فتحقق له مُراده، "فسار مُتعجل الخطى كمسير أهل الحب للميعاد".
"اللهم بخّرني في سبيلك، ولا تجعل لي قبرًا يزار، وارزقني الإثخان في العدو"، هذه الدعوات لطالما صدح بها الشهيد باسم محمد الأغا الذي ارتقى كما تمنى فتبخّر جسده في ميدان المقاومة بمواجهة آليات الاحتلال في خانيونس جنوب قطاع غزة.
باسم ذو 25 ربيعًا يقطن مع عائلته في السطر الغربي من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، التحق بصفوف كتائب القسام منذ ما يربو عن ثمانية أعوام، فكان في الصفوف الأولى من جيش النخبة القسامي.
تفاصيل حياة الشهيد باسم وجهاده يرويها لـ "الرسالة نت"، رفيق دربه الشيخ محمد محمد الأسطل الذي علِم عن حياة باسم ما يجهله الكثيرون.
وقبل أن تشُن "إسرائيل" حربها الأخيرة على غزة، وفي الأيام الأُوَل لشهر رمضان، هاتَفَ الأسطل باسم وأبلغه بالاعتكاف الجزئي في المسجد، "فوافق كما هو حاله في كل الطاعات".
حكاية باسم تلخصت في أنه ذات يوم بعد إصابته-بحادث سير- ذُكر أمامه أن شابًا فجّر نفسه في دبابة ولم يبق له أثر، فقال لمن حضر: "أسألُ الله أن تكون خاتمتي كذلك ولن تجدو جسدًا تودعوني"، وصدقْ، فارتقى ولم يبقّ له جسد يودَّع.
كتائب القسام بخانيونس قالت لـ "الرسالة نت"، إن باسم خرج من أحد عيون النفق هو والاستشهادي فادي أبو عودة خلف خطوط العدو، ليباغتوا الآليات المتوغلة في بلدة القرارة شمال شرق خانيونس.
النفق الذي خرج منه باسم وفادي هو ذاته الذي حوصر بداخله 23 مجاهدًا من نخبة القسام، لكنْ شاء الله أن يتمكن الشهيدان من الخروج لآليات الاحتلال واعتلائها، وقد فجروا عبوات "تاندوم" بشكل مباشر ما أدى لارتقائهم شهداء.
وبعد انسحاب قوات الاحتلال البرية من حدود خانيونس تفقّد رفاقه المجاهدون مكان استشهاده فلم يجدوا له أثرًا، سِوى القرآن الكريم وكتاب أذكار كانا معه.
وما يثير العجب من سيرة الأخيّار كما باسم، أنه في كل ليلة يصطحب معه شابين من أصدقاءه يقطنون في منطقة "معن"، والتي تبعد كيلومترات عن منزله في السطر الغربي لخانيونس، لأداء الصلاة ثم يعيدهم لمنازلهم بعد شروق الشمس.
"هو صاحب رِقّة قلب، ولا يستطيع أن يحبس بكاؤه في حضرة الجميع"، وكما يضيف الأسطل أنه كان دومًا ما يُطيل الدعاء والتهجّد، مُناديًا الله فلا تعلم ماذا سيدعو بعد ذلك!.
لوعة "باسم" -المتبسم دومًا- للعمل الجهادي والاستشهاد تجسّدت في حياته، كما يوضح الاسطل أنه جاءه ذات يوم يبكي لأنه لم يُقدَّم لعمل جهادي، مُصِرًا على قوله "والله اني لصادق وما كذبت مع الله فلمّ هذا التأخر؟!".
"تميز الشهيد باسم بالدعوة الفردية، وعدد الأشخاص الذين هداهم الله على يديه بالعشرات"، ومنهم رفيق دربه الآخر الشهيد محمود العبادلة.
كُلّ من عرف باسم تحدث عنه بأنه "كتلة صدقٍ تمشي على الأرض"، أحبّه الجميع، وقد وزّع أربعين نُسخة لكتاب حول الاستعداد لرمضان على حسابه الشخصي.
وبمجرد سماع نبأ تفجير دبابة نفذها استشهادي، انتفض والد باسم مؤكّدًا "والله ما بعملها غير ابني"، فكان لديه شعورٌ بأن ابنه استشهد قبل أن يصله الخبر.
هُم شُبانٌ رسموا الطريق، وأثبتوا صِدق نواياهم، فارتقى منهم من ارتقى، والبقية على العهد ماضون، بانتظار مواجهة قادمة أسمتها المقاومة منذ اليوم "وعدُ الآخرة".
فيديوهات ذات صلة
وصية الشهيد بإذن الله
عناصر من كتائب القسام يروون حصارهم في أحد الأنفاق استمر 21 يوما
[1] د. ناصر جاسر الأغا | إلى رحمة الله | 27-10-2014