ساعات قليلة ليست بطول السنوات الموجعة التي لم تكن كأي سنوات، فكانت فيها ليالي الانتظار والشوق وأحاديث الصمت والأحلام والآمال والأوجاع والجرح الكبير، أكبر من عدد الساعات، فما أن يبزغ الفجر حتى تطل برأسها تترقب نور الحرية، وترسل بدعواتها لهناك، حيث الاعتقال والتعذيب، ويتحول صباح كل يوم اثنين إلى لقاء مع الأمل ورسائل للعالم كله.
محمد يتنفس الحرية بعد 12 عاما من الاعتقال، يقول أن زملائه وإخوانه هناك قد حزنوا لفراقه، وفرحوا لحريته، وأما هو فكان الأمل قبل عدة شهور أن يكون ضياء على رأس مستقبليه، ليجتمعا معا في بيت والدتهم أم الأسرى، ام ضياء وما كان التكريم إلا لارتباطها الوثيق بالأسرى وقضيتهم ومأساتهم وعدالة مطالبهم، وهي التي تتساءل وبحرقة الأم الصابرة، إلى متى سينتظر ذوي الأسرى، أي أعمار ستضاف إلى أعمارنا لنفرح بحرية أبناءنا، أي سنوات ستضاف لعمرنا الذي تعب ونحن نناشد العالم ليتدخل، ليقول كلمته، ليوقف الاحتلال عن غطرسته، ألا يكفي الصراخ والباء والدموع التي تنتهر في الطريق الى المعتقلات، والساعات الطويلة في إنتظار اللقاء، وسنوات من القهر ومن البعد ومن الأسر.
يقول الأسير المحرر محمد زكريا الأغا، شقيق الأسير القائد ضياء الأغا، أن خلفه الآلاف من الأسرى المعتقلين الذين يعانون من أوضاع قاسية جدا، وقمع غير مسبوق، وأن سلطات المعتقلات، تعمد إلى الضرب بكل القوانين التي تنصف الأسرى، وتتلكأ في تلبية مطالبهم وحقوقهم العادلة، وبل تعمل على إرهاقهم نفسيا وجسديا من خلال حملات نقلهم من معتقل لآخر، كوسيلة من وسائلها الإجرامية في تعذيب الأسرى، وممارسة أساليبها المرفوضة والتي تخالف كل القوانين الدولية والإنسانية، وقال وهو يستقبل الآلاف من المواطنين، إن موضوع الأسرى الفلسطينيين بالغ الأهمية ، وهو جزء لا يتجزأ من القضية الفلسطينية.
أم ضياء وهي تستعد لاستقبال ابنها الأسير محمد كان قلبها يبكي ضياء، كانت عيونها يختلط فيها دمع الفرح مع دمع الحزن، ومشاعرها تتقاذف مثل أمواج البحر، تارة مع محمد، وأخرى وأخرى مع ضياء والى إخوانه الأسرى، ولا يتوقف قلبها ولسانها عن الدعاء، وبرغم الفرحة والسعادة التي ارتسمت على وجهها، إلا أن كل من صافحها وهنأها بحرية "محمد" قد شعر بأن "أم ضياء" ينقصها الكثير لتكتمل الفرحة، "ضياء" الذي ينتظره الجميع، وهو القائد الصامد أيضا، الذي يرفض أن تكسر معنوياته، أو ان يعيش مشاعر الإذلال، ويعمل برغم وجع القيد لكي تبقى معنوياته عالية، ويقوي عزيمته باليقين التام أن فجر الحرية قريب .
تقول أم الأسرى أم ضياء أن ثقتها بالله كبيرة، وأن لحظة احتضانها لفذة ابنها المحرر محمد كانت لحظات استثنائية رسمتها ليالي الانتظار الطويلة، ولم تسعها الأرض من فرحتها التي غمرتها وكأنها تعيش نصف الحلم الجميل الذي لن يكتمل قمراً إلا بحرية جميع الأسرى الذين كلهم محمد وضياء، وأضافت وعيونها تفيض بالدمع، أنه برغم جور وظلم الاحتلال، نتسلح بالأمل، لأن قدر كل فلسطيني أن ينال نصيبه من المعاناة والحزن .
والدتنا الماجدة والصابرة أم ضياء، حتما سيبزغ الفجر، وحتما كما استقبلنا "محمد" سنخرج بالآلاف لاستقبال "ضياء" لتكتمل الفرحة، ولن نفقد الإيمان بالله القادر على كل شيء، ونحن على ثقة أن ليل الانتظار الطويل والحالك الظلمة، سينتهي ليبزغ الفجر وتشرق شمس الحرية وصباح اللقاء، فصبر جميل والله المستعان .
[1] خديجة عبد الحافظ الفرا(ام هشام ) | هنيئا | 10-05-2015