مقالات

ديوان النورس 2004

شعر



 

مصطفى الأغا

إهــداء

إلى شهيدٍ أشرُفُ أنَّني أحملُ اسمهُ كاملاً :-
مصطفى عثمان الأغا شهيدُ مجزرةِ خانيونس 1956 و رفاقِه الأبرار .
إلى روح معلمي و رفيقي في زنازين البطواـةِ .. أبي
إلى من علمت الصَّبرَ كيف يكونُ الصبر .. أمي

إلى رفاق الرحلة .. فداء
و عثمان و محمود و ندى و نور

لعلَّها تقْصُرُ المسافاتُ و يقتربُ الحلمُ أكثر.
 

مصطفى عثمان الأغا
 

كلمة الشاعر

هذا هو النورس يرفرف الآن على مرفأه الأخير بعـد أن تاه طويلاً بين المطابع باحثاً عن حبرٍ يليقُ بترحاله وحزنِه الأبديّ ، كـمْ كان يحلمُ هذا النورس بأن يستريحَ على ضـفاف البحر في خان يونس الأبيَّة و العصيَّة على المحتل الغاشم و قـد تحقَّقَ له أن يُبلِّلَ أوراق شعره عبقُ البحرِ و الندى المتساقط على كروم اللوز و الصبَّار و الحنون إنْ كان لا يزال هناك بعض منه لم تطاله معاول المجرمين الصهاينة .
غلاف هذا الديوان باللون الأســــود .... هكذا أردته أن يكون لا لأنني أكره الألوان والفراشات ولا لأن جُلَّ قصائده عن أطهرنا و أكثرنا عطاءً و هم الشهداء لأن رسالتهم لنا لا لنلبس الأسـود و نبكي على قبورهم ولكن لننهض و نحمل الراية ، وليس السبب مادياً أيضاً فهذا الديوان لم يكلفني سوى ألم المخاض في كتابته . الأسودُ هنا صرخةٌ لونية تضاف إلى صرخاتي في القصائد لتقول لأمتنا العربية و الإسلامية هذه هي رايتكم إن طال نومكم أكثر .
شكراً لكل من رفرف مع هذا النورس و هم كثرُ وأخص بالشكر الصديق الأديب / عبد الله تايه رئيس إتحاد كتاب فلسطين في غزة هاشم على اهتمامه الصادق بطباعة و نشر هذا الديوان و أشكر كل أحبتي في منتدى النخلة على الدفء الجميل في استقبال النورس .


مصطفى عثمان الأغا
القاهرة

هلْ أخبَرتْكَ السُّنْبُلة؟
إلى روح شهيد الإنتفاضة الأولى البطل / أسامه محمد النجار

هل كنتَ تعلمُ ما تخبئُهُ الرياحُ المقبلة؟
هذا الضياعُ نعيشه هل كنت تعرف أوله؟
هل كنتَ تعلمُ سيدي
أنَّ القتيلَ سينحني حتى يصافحَ قاتلهْ ؟
والبعضُ يأتي لاهثاً
والبعضُ مكرهاً
والبعضُ يأتي زاحفاً
والبعضُ يأتي هرولهْ
هل أخبرتْكَ السنبلةْ ؟
أنَّ الذين سيخرجون من الجحور ليمتطوا ظهرَ الخيولِ الصَّاهلةْ
هم شاهدون على اكتمال المهزلةْ
وهم الذين تبعثروا
لمَّا عَلا صوتُ الصَّهيلِ إلى العُلا و احمرَّ حدُّ المقْصَلةْ
هل أخبرتك السنبلة؟
أنَّ الذين توضأوا بدموع أطفالِ الشهيدِ
سيعبرون الجسرَ بالنصر المزيَّفِ والجموعِ الغافلةْ
هل أخبرتك السنبلة؟
أنَّ البواسلَ يرحلونَ إلى السماءِ لربَّهمْ
والجالسون الآن في كل المواقعِ
هم بقايا من بقايا المرحلةْ
قسماً بكل يمامةٍ هدَلتْ على صوتِ الرصاصِ بمِدفعكْ
قسماً بحباتِ الترابِ المستريحِ على دمكْ
قسماً بروحِكَ
وهي ترحلُ عن ربوعِ اللوزِ و النوَّارِ والحضنِ الدفيءِ
سنرتدي ثوبَ المقاتلِ
في انتظار المسألةْ
ونعيدُ ترتيبَ الفصولِ كما أردْتَ
لكي تعود القافلةْ
يافا

يافا .. تعِبَتْ كفِّي
ِمنْ لملمةِ المطرِ الساخنِ فوق الخدينْ
تعبت كفي
يافا .. دمعُك لا يكفي
لو ملأ حياضَ بحارِ الدنيا
لا .. لن يكفي

ذنبُك؟؟؟
لا تسَلي عنْ ذنبِكِ
ذنبُكِ أنكِ منا
ذنبك أنك فينا
نحن؟؟
نحن جرادٌ يُشوَى فوق رمال الصحراءِ
لتأكله الغربانْ
نضحك
تأكُلنا الغربانْ
نضحكُ
يصفعُنا السجانْ
نضحك
تُسرقُ منا الأوطانْ
نضحك
نضحك
نضحك
إلا أنتِ دمعُك أتعبني
تعبتْ كفي !
لأعيش قليلا في وطني


أهربُ من وجع التلفازِ
الى صحفٍ
لا تخجلُ من صورةِ عاريةٍ في صفحتها الأولى
لكنْ تخجلُ من صورةِ طفلٍ من غزةَََ
فُقئتْ عيناهُ و شُلْ
أجلُد نفسي بالحزن
و أهربُ من نظرة أطفالي
أجلد نفسي
بالحزن فأدنو من صحفٍ لا تعرفني
أهرب منها
كي لا تصفَعني جثثُ الأطفالِ المحمولين على الأعناقْ
ما عادت تُجدي كلماتُ اللعنةِ
فالحسُ تبلدَ
و الوطنُ الممتدُّ من البحر الى البحرْ
تعِبتْ عيناهُ
و أدمنَ ألعابَ الحاسوبِ و أفلامَ الرُّعبِ ِ
فغادر ساحاتِ الشرف الى المتعةِ كي ينسى :-
لونَ الدمِّ و طعمَ الجرحِ ورائحةَ الموتِ القادم مع نشرات الأخبارْ
أتسوَّلُ فوق رصيف الغربةِ كَفَناً
ألأني أخشى الموتَ غريباً؟
قالتْها يوماً قارئةُ الكفِِّ و قالت:-
ستعيشُ طويلا
وتعيش طويلا
لكنْ ستموتُ غريباً!!
أتمنى أن تُخطيءَ كلماتُ العرافةْ
لأَعيشَ قليلاً في وطني
 

5/12/2001

كانوا

كانت ترقبُ من أعلى الشرفةِ خوزات الجندْ
كان يمزِّقُ صدرَ الشارعِ
يُطلِقُ حجراً
يكتبُ شعراً فوق الحائطِ
يزرعُ علماً فوق السِّلكْ
كبُروا
قال أحبُّكِ!
قالتْ وأنا أحبَبْتُكَ
قال متى؟!
قالت منذُ الحجرِ الأولْ

18/1/1997

أغنية على رصيف الذكريات
(الى روح الفنان المناضل/ عدلي فخري ..
غنى في خنادق بيروت المحاصرة و قاد الجموع التي غنت خلفه للحرية ومات وحيدا)


القبَّراتُ قَتلْنني شدواً وحزنا
ألأنني طيرٌ رَمتْهُ الريحُ في حضن المنافي
فاستراح على رصيفٍ لا يعود الى الوطنْ
وحدي أفتشُ في العيون عن التي
همستْ اليَّ بسرِّها
فتركتُ قلبي عندها
كي لا تموتَ من الفراغِ مرارةً خلفَ السِّياجْ
جسدٌ أنا
والروحُ تبحثُ عن دروب العائدينْ
جسدٌ أنا
فيه التمردُ و الحنينْ
جسدٌ أنا ..
فاضَ الحنينُ بمقلتيهِ فلمْ يجِدْ دربَ الرُّجوعِ إلى البيادرِ
فاستراحَ على رصيفٍ باردٍ والريحُ تعوي
جسد انا والريحُ تعوي والمدينةُ أطفأتْ انوارها
والعائدون تقاطروا
مروا و ما ردوا السلامَ
ماذا يهم اذا تأخر نورسٌ عن سربه؟؟
ماذا يهم إذا اشتكى؟
ماذا يهم إذا بكى؟
ماذا يهم إذا تغير لونه
مما تناثرَ من دخان الحافلاتْ؟
رسم الدخانُ بمقلتيه سحابةَ الوجعِ القديمِ فظل يبكي
ثم عاد الى الرصيف محملا بالذكرياتْ
لكنَّه
بدأ الغناءَ و لم يمُتْ !
النورس

بدايةُُ هذا الفضاءِ الملوثِ .. كُنْ
فكانت بكارةُ هذي العوالمْ
وكان الهواءُ الذي نشتهيه
وكان الصفاءُ
وكان الغناءُ
وكانت قصيدة
وصار التكاثرُ للآدمي
فكان الصراعُ و كان الضياعُ و كانت جريمة
وكان الشهودُ قتيلٌٌ و قاتلْ
وبعضُ سنابلْ
و ذاكَ الغرابُ الشقي
وكيفَ تحاولُ قتلَ الفراغ
بدق الطبول
و أنت المراوغُ رغم ارتحالك بين الضفافْ؟!
وهذا البكاءُ
بريقٌ تلألأَ في وجنتيك اغتراباً و خوفا
فكيف تخافُ الرحيل؟
و أنت امتدادٌ لهذي الشواطيءِ
كيف تخاف الرحيل؟
و كيف تصدقُ
أن النوارسَ ترحلُ دوماً لأن الشواطيءَ
ملتْ ضجيج َالطيور؟
أمام الشواطيء
كلُّ الخلائق تعلنُ عهْدَ اكتمال القمرْ
و أنت امتدادُ لهذي الشواطيءِ
كيف تخاف الرحيل؟
وإن عاندتك دروب الوصولِ
هناك البديل
سيكفيك قبرٌ بحجم الكتابِ
تسميه منفى
يجيء إليك الغريبُ
يرد عليك التحية
يوقع في خانة العائدين كلامَ الوطنْ
فسمِّ الذي صار فيك غريباً
نبيا
وسمِّ انتحارك فوق الحروف
ابتداءً
وسمِّ ارتحالك بين الضفاف
اغتراباً
وحاول زيارةَ كلِّ القبور
لمن مات يحمل شكل الوطنْ
ستعلنُ حرباً على الأغبياءْ !
لأن الإله سيسألُ يوم الحسابِ :-
- منحتُك عقلاًً
- وقلباً يحبُّ
- لماذا تصادرُ هذي المشاعرْ؟!
- وكيف تعطِّلُ عقلاًً يميِّزُ كلَّ البشَرْ؟!
- وكيف تمزِّقُ هذي الدفاترْ؟!
- وفيها العبورُ إلى قرطبة
- وفيها الرحيلْ
- وفيها رحيلٌ وراءَ الرحيلْ
فحاوِلْ قراءةََ بعضَ السطورِ
لِسفْرِ الخروجِ و سِفْر الرجوعْ
ونمْ مستريحاً
على شمعة الذكرياتْ!!!
 

القاهرة : 1/يناير/1999

 
القهوةُ مازالت مُرَّة

مهداه الى روح الشاعر العراقي الكبير/ بُلندْ الحيدري

قالوا لنا :-
- هذي المنافي سوف تحملنا الى جسرٍ يسافر للوطنْ

*( هذا انا ملقى هناك حقيبتان
و اذا الحياة كما تقول لنا الحياة :-
يد تلوح في رصيف لا يعود الى مكان)

و حملتَ أحزان الرجوعْ
و غسلتَ أرصفةَ المنافي بالدموعْ
و المطاراتُ البعيدةُ عانَدتْكَ
وربما مَدَّتْ شرايينَ الرجوعِ الى الأماكن كلِّها
إلاَّكَ .. ما عاد اليمامُ يجيءُ صوبَك
كي تعودَ من الضبابِ الى الهديلْ
هذي طريقك أقفَرتْ
ما زلتَ تبحثُ عن صديقْ
عيناك تخفي لوعةَ المشتاقِ
والقدمانِ حافيتانِ تمشي على شوك الطريقْ
ما زلت تبحث عن صديقْ
كالجمر تذوي بين أحضان الحريقْ
ما زلت تحلم بالوطن
وطنٌ يجيءُ على ضفاف الحلم يسكنُنا
ولكنْ ..
ما بين دجلةََ و الوريدِ مسافةٌ
فاهدأْ على غصنِ المنافي كي تغني بالقصيدةْ
يا فارس الكلمات عُْد
فالعائدون مع القصيدة أطعموا نيرانهم كل الورقْ
لم يبق عصفورٌ يغني
رحلتْ عصافيرُ الحقولِ جميعُها
لما تناثر في الهواء السم
والجوفُ احترقْ
يا فارس الكلمات عُدْ
فالبحر يعلو هادرا ويكاد يدركنا الغرقْ
ويكاد يدركنا الغرقْ

* من ديوان خطوات في الغربة للشاعر / بلند الحيدري
 
أعيديني الى كنا

ستزهرُ في حديقتنا
ملايينٌ من الأزهار حمراءُ
بلون الزهرة الأولى
وتشدو فوق شباكي
عصافيرٌ
مسافرةٌ
إلى ميعادنا الأول
أعيديني الى أيامنا الأولى
أعيديني الى عينيك الواناً
من الفيروز و الزعترْ
أعيديني إلى الليل الذي يغفو
على كتفيك أمواجاً
حريرُ الليلِ ما زالتْ سنابلُهُ على صدري
تعانقني
وِشاحَ الحبِّ لو تدرين يا عمري
أعيديني الى أفراحنا الأولى
لثوب العرس طرَّزهُ :-
خيوطُ الشمسٍ ، زهرُ اللوزٍ ، و الحِنَّاءْ
أعيديني الى أمجادنا الأولى
أعيديني الى الفجر الذي غنَّى
أعيديني الى كُنَّا
فإنَّ الآن تُنكرني
وتُنكرني عيونُ الناسٍ
تنكرني بقايانا
أعيديني الى اشعارنا الأولى
أعيديني الى أشواقنا الأولى
أعيديني الى شباكنا الأول
أعيديني

استانبول في 12/6/2000

 
اشعارُنا وُ لِدتْ هُنا


بيني و بين الشمس قافلةٌ
من الشهداءْ
بيني و بين المجد شلالٌ
من الحنَّاءْ
دمنا على الأسفلت يشهدُ
أنَّنا قلنا لهم
لا
لن تمروا
دمنا على الأسوار يشهد
أنَّ لحمَ القدسِ مُرُّ
دمنا على شوك السياج قصيدةٌ
لحنٌ يجدِّدُ في دروب الشوكِ
أمجادَ العربْ
سدِّدْ رصاصَك نحو رأسِ صغيرنا
لن ينحني
سدِّدْ رصاصَك نحو مئذنةِ الشموخِ
فهامتي لن تنحني
سدِّدْ جهنَّمك الجبان الى المدينةِ و المخيمْ
سدِّدْ جحيمَك للحقولْ
سدِّدْ جحيمَك للنَّخيلْ
لن ينحني .. لا
لن يميلْ
إنَّا هُنا ..
أشعارُنا وُلِدتْ هنا
أشواقُنا ، أحلامُنا بدأتْ هنا
و لنا هنا
كلُّ العصافير الجميلة و الغناءْ
ولنا هنا
كلُّ البنفسجِ
و الصنوبرِ
و الفراشات الشقيةْ
و لنا هنا .. زيتونةٌ
شهدت تواريخ الجرائم
لكنها ظلت تقاومْ
 
بُكائية العودة

ونعودُ تحمِلنا القصائدُ
نحو غربتنا الجديدةْ
الآن نقتلُ ما تبقَّى
من عذابات القصيدةْ
كنت أحلم أن أعود لكي أغنِّي
مثلَ عصفورٍ مهاجرْ
أكمَلَ الترحال في كل البلادْ
ثم عادْ
يرسمُ الألحانَ في كلِّ الحناجرْ
ثم عاد محملاً بالذكرياتْ
عن بلادٍ في الشتاتْ
عن مئات الأمسياتْ
لكنَّ عودتَنا الغريبةْ
بدَّدَتْ حُلمي الجميلْ
و رأيتُني أغتالُ فوق قصيدتي
إسمي
ورسماً في الإطارِ لطيفِ جدي
والفراشاتِ التي رَفَّتْ على ورْدِ الجليلْ
هذي القصائدُ كم تغنَّت بالجليلْ
هذي القصائد كم تزاحم فوقها
مليون ثائرْ
الأن تتركني .. وتتركني الدفاترْ
الآن أبدأُ رحلتي...
كم كنتُ أحلم بالوطنْ
كنت أحلم أن أغني
أنْ أُحلِّقَ في سمائي
بين أسراب السنونو
كيف يا صحبي أطيرْ
وسمائي صار ملك الآخرين
كنت أحلم
أن أسقي ورودي بيدي
كيف أسقيها ومائي
صار ملك الآخرين
كنت أحلم.......
 
 
من يهتم؟!
(الى روح الروائي و المترجم الكبير/ أحمد عمر شاهين)

قلبٌ ينزفُ
من يهتم بقلبٍ ينزف؟
قلمٌ يبكي فوق الدفترِ
من يهتم بقلم يبكي؟
نوبةُ سُكرْ ؟
لا
أشياءٌ أخرى قاتلةٌ
طفلٌ يُذْبحُ
حلمٌ يُسرَقُ
يافا تبتعد قليلاً
و القلبُ يدق ويافا لا تسمعْ
هل خفتت دقاتُ القلبْ؟
أم أن جداراً من وجع الأيامِ
يبعثرُ أشلاءَ الصوتْ؟
"أحمد" يشكو للنيل جراحاً
هل عاش النيلُ عذابك كي تسكن فيه ؟!
هل راودك النيل فبحت إليه ؟
هل اعطاك الحبَ المفقودَ
و دفءَ الأم
وفنجانَ القهوةِ
والصحْبةَ
والمائدةَ الثكلى في "الأتيليه" ؟
احمدُ يسحبُ آخر نفسٍ من اصبعِ تبغٍ
ثم يميل قليلاً نحو كتاب ٍ
لم يكملْ ترجمة َحروفه
احمد يسقط فوق سريرٍ يحمل يافطة فلسطين
يا سيد كل الموهوبين
كيف تغادر و الرحلة لم تبدا بعدُ
ويافا تنتظر الفارسَ
كي يكتبَ قصة حبٍ
قصةَ مجدٍ
يرسمه أطفالٌ ساروا نحو الشمسْ
لكنْ .....
من يهتم ؟؟؟!
 
 
السؤال المر
(سألَتْهُ : ماذا ستفعل لو أحببتُ شخصاً غيرك ؟ وكان السؤالُ مُرَّا )
لا تسأليني
واعشقي ما شئتِ في هذي الحياة
إني أُريدك هكذا
فتغيَّري
وتعلَّمي همسَ الشفاه
إني أريدك حرة ً
لا ماعزاً بين الشياه
إني أريدك حرةً
والحرُّ تحكُمه خُطاهْ
الكلُّ يرجو أن يمسَّ ضفائراً
فلتمنحيهمْ
بعض ما أعطى الإاله!
يا ظبية الصحراء هذا حالنا
فهنا المعابد و الهدى وهناك عربدة الطغاة
ماذا يهم صغيرتي
**************** ؟
ماذا يضير كرامتي ماذا يضير ؟
********************
*******
********* ؟
هذا أنا
فتمردي إن شئتِ
إني لا أبالي بالمصيرْ
فيك اقترفت خطيئتي
حين اصطفيتكِ مثلما تختارُ دمعتَها العيونْ
هذا أنا كالطير
أختارُ الغصونْ
و مراكبي تهوى التغُّيرَ
والهروبَ من السكونْ
هذي قُصاصاتي خُذيها ، مزِّقيها
أيُّ شعرٍ قلت فيكِ
أيُّ مسٍّ أو جنونْ
معصوبة العينين لا تترددي
وتقدمي
هذا طريقُ الشوكِ والطينِ
و تعلَّمى من لسعِ أعشابِ الصحاري
وتمرَّغي في الوحلِ
ما دامت عيونُك تشتهيني
كوني مع الأيام شيئاً
واحذري أن لا تكوني
اليوم تحريرُ السبايا فارحلي
وتذكري
أنَّ الحماية في عريني
لن تعصري مني نبيذاً
قطرة الأعناب جزءٌ من وجودي
وهدايتي ، وغوايتي
والشعر بينهما بريدي
عودي الى دنيا الخرافة
و الوعودِ
عودي الى الطيشِ المغمسِ بالخطايا و الصديدِ
عودي الى القاع السحيق ِو حاذري
أن تكسري يوماً...
قيودي

 
 
وأظلُّ احترف الجنون

بين البدايةِ و انحرافاتِ الطريقِ
مواكبٌ
زُفَّتْ لعرس الفجرِ أغنيةً لمن رحلوا
ما عاد يطربني الغناءُ
لأنني
منذ البدايةِ كنتُ أشدو فوق أغصانِ المنافي
كي أعودَ من الضبابِ الى الوطنْ
***
بين البداية و انحرافات الطريق ِ
دمي ،
و أبوابُ الزنازنِ
والمطاراتُ التي يَبِستْ على أبوابِها قدماي
ما عاد يطربني النشيدْ
صـوتي هناك تركته بين الأزقَّةِ
منْشداً لحنَ الخلودْ
ورحلتُ يوما كي أعودْ
أعطيتني قيثارةَ الزمنِ البليدِ لكي أغني
فشدوتُ لحناً باهتَ القسماتِ
مبحوحَ النشيدْ
***
يا أيها الوطن الجميلْ
ما عاد لي غصنٌ لأشدو فوقه
ما عدتُ أحترف الهديلْ
كلُّ الحمائم سافرتْ ..
وبقيتُ وحدي بين أنياب الرحيلْ
يا أيها الوطن الجميلْ
كلُّ الأحبة راهنوا ..
أني سأرحلُ عن ربوعك
نحو منتجعٍ بديلُ
لكنني
رغم التمزق في انتظار المستحيلْ
وبرغم أسوار المنافي و السجونْ
سأظلُّ أبحرُ في عيونك جمرةً
سأظل أحترف الجنونْ
وأظل أحترف الجنون

القاهرة 6/10/1999

 
ذاب في فمها الكلام
(إلى روح الشاعرة / ليلى محمد علي)
قدْ ذابَ في فمها الكلامُ
فتناثرتْ فوقَ الشفاه أزاهرٌ
لتقولَ للشعراءِ أنَّ قصيدتي
عطرُ المواسمِ حين يدركها الغمامُ
قد ذاب في فمها الكلامُ
(و مِدْ ايدكْ على الآخرْ
و هات العمر لو سافرْ
وأنا اللي منتهى سنينك
وأنا اللِّي بينْ صَوابْعينكْ
قلمْ دايرْ على كيفك
بيرسِمني دوايرْ حب ع الطايرْ)
قد ذابَ في فمها الكلامُ
فتوضأ الصبحُ الخجولُ
من الندى
رقصَتْ عصافيرُ الحدائق بالجنونْ
هدَلَ اليمامُ
قد ذاب في فمها الكلامُ
(كلامْ بنْرصُّه في الدواوينْ
ونِتذكَّرْ
في يومْ ما الشاعر الطيِّبْ وِقِفْ قلْبُه
على مْحطِّةْ تعَبْ و أَهاتْ
خِلصْ وقتُه
ما حسِّشْ بيه سوى قَلْبينْ
بيتقابلوا معاه في كْتابْ ..)
قد ذاب في فمها الكلامْ
الآن تأتي
الأن ترحلُ
ثم تأتي..
كي تعيدَ إلى القصائدِ لونَها
الآن تأتي كي توزِّعَ عطرَها
شعراً تعتَّقَ في أباريق الجَوَى حلو الكلامْ
الآنَ تأتي
ثم تمضي...
ثم تمضي في سلامْ

القاهرة 15/يناير/2003

(..) من أشعار ليلى محمد علي بالعامية المصرية

 
الخارطة
(كنت أحلمُ بوطنٍ تملأُ فضاءاته الواسعة زقزقاتُ العصافير ، فوجدت وطناً لا تكفي شوارعه لأسماء الشهداء الذين سقطوا في الطريق إليه)
ماذا أقول لطفلتي
حين تسألُ :-
- كيفَ أرْسُمُ شكلَ خارطةِ الوطنْ؟!
- يا والدي الشكل يشبه خربشاتِ دجاجتي فوق الرمالْ
آهِ من مُرِّ السؤالْ !
ماذا أقولُ و قد تعدَّدت الخرائط و الورقْ
يا طفلتي
هذا الذي يبكي أمامك لا أسميه الوطنْ
هو بعضُه
هو قلبُه
هو قدسُه
لكنَّه بعضُ الوطنْ
يا طفلتي
سنظلُّ نرسمُ حلمَنا
مهما تفلسفَ في السياسةِ جاهلٌ
أوحاول البُلهاءُ تشويهَ الوطنْ
هيا ارسمي ....
شكلُ الخريطةِ خنجرٌ
ما أجملَ الوطن الذي يغفو على حد الخناجرْ
هيا ارسمي .....
عكا تنامُ على ضفاف البحرِ
تنتظر البلابلْ
هيا ارسمي يافا و حيفا و الجليلْ


هيا ارسمي الوطنَ الجميلْ
هيا ارسمي القدس الحزينْ
ولترسميه سنابلاً
ولترسميه بلابلاً
ولتزرعي إسمَ الشهيدْ
علماً على صدر الشوارعْ
- آهِ لنْ تكفي الشوارعْ
- فلتكتبيه على السنابلْ
ولتعلمي يا طفلتي ..
لن يهنأ الأوغادُ فوق ترابه
ولتكتبي فوق الخريطةِ ما يلي :-
سنعود يا وطني قريباً
و الحصى بدأت تقاتل
حتى الحصى بدأت تقاتل
حتى الحصى بدأت تقاتل
 

القاهرة 11/12/2003

 
سلامٌ عليْكَ .. عليكَ السَّلامْ

(إلى روح الشهيد البطل / رائد الأغا)
وحين ارتضيْتَ الرحيلْ
وعانقْتَ هذا المدى والنخيلْ
وعاندْتَ قلبَكَ
ودَّعْت حبَّكَ
حين أضأْتَ المكان الجميلْ
وحين دخلتَ حدودَ المهمةِ
صلَّيتَ فجراً
تَنسَّمْتَ عطرَ الشهادةِ
سالتْ دموعُ الفِراقِ
تبلَّلَ وجهُ الوصيَّةْ
وكنتَ الشبابَ الجميلْ
ولمْ تُعْطِ قلبَكَ إلاّ لِذكرٍ مُبينْ
رسمتَ الطريقَ لمن سوف يأتي
ورفرفَ حولك سربُ الحمامْ
سلامٌ عليك مع الأنبياءْ
سلامٌ عليك مع الشهداءْ
سلامٌ عليك وأنت تسجِّلُ سفرَ البطولةْ
سلامٌ عليك وأنتَ تسطِّرُ أحلى كلامْ
سلامٌ عليكَ
عليكَ السَّلامْ
 

القاهرة 15/2/2004

 
كيف أُقاوم

أتمنى لو كانت أقداري
شيئا سهلاً أملكهُ
أتمنى لو أعرفُ ما يأتي
ما تحملهُ رياحُ الذكرى تحت جناحيها
لو أعرفُ أنكِ زائرةً قلبي يوماً
لكسرْتُ جدارَ حديقتنا
لرسمتُ طريقاً بالحبِّ وألوان الزهرْ
لو أعرفُ أنَّك ممحاةَ ذنوبي
كنتُ سأُبحرُ في عينيك إلى شطآنٍ أبديةْ
صدقاً فاتنتي
أقعدني الحبُّ مراراً
فيه عرفتُ السُّهدَ
وفيه عرفت نهايات الأشياءْ
لا زالت أكواخي عاريةً ، تلعنني
رغمَ الصدق و موتي بين الأسماءْ
كنت أُسارعُ مبتعداً
حين أحسُّ بقلبي يتململُ بين ضلوعي
كنت أغادرُ كلَّ مساحات الزمن الراعشِ
صوبَ عيوني
كنت أخافُ الحبَّ
وأخشى العبثَ بقلبي
حين رأيتكِ
لم أعرفْ ما خبأهُ القدرُ لنا
حين وقفتُ أمام عيونكِ
لم أقدرْ أن أهرب صوب محطات الزمن الضائعْ
في عينيك رأيت رسالةْ
تحمل لونَ الوطن الأخضرْ
في عينيك يموتُ الحزنُ
ويزهرُ بستان الحبُّ
و أحيا فيها كالطفل أبعثرُ أشيائي
كيف أقاومُ ؟
والحب بعينيك يناديني
كيف أقاومُ ؟
والدنيا تضحك في فيكِ و تحضُنني
كيف أقاومْ ؟
 

الإسكندرية 1980

 
ولا أدري
وأكتبُ دون أن أدري
وأعشقُ دون أن أدري
وتأتيني خطاباتٌ
من العشاق تسألني عن المعبدْ
عن الجدران كم ضمَّت هنا مشهدْ
فكم من مرَّةٍ كنا
وكان الحبُّ
مأكلنا
وملبسنا
ننامُ على قصائدنا
ونصحو نرسم الدنيا
بلون الحبِّ
لا الحبرِ
ولا أدري
وأكتبُ قصةَ العنقود من نبضي
و أبكي دون أن أدري
وأكتب قصتي وحدي
أمزِّقها ، تمزقني مع النيران في صدري
فسامحْ يا صديق العمر غربتنا
فقد أعطتك ما ترجو
وقد عاشت معي صبري
فهل تأتي هنا يوما بضمة وردنا الأحمرْ
وتلقيها على قبري ؟
ولا أدري

الأسكندرية 1979

 
طعنة
( إلى صديق العمر رياض قويدر)

وخطفتَ لؤلؤةَ البحارْ *** وجلستَ تلعب بالمحارْ
وأتى ســؤالك باهتا *** عن رحلتي عبر الديارْ
كانت بداية رحلتـي *** أو كنت تعلم بالحوارْ؟
وبرغم عِلمِكَ بالحوارِ *** وما يدور ومـا يُدارْ
أقحمت نفسك صاحبي *** ودخلتَ دائرة الحصارْ
يا من كتمت لواعجي *** وكتبتَ أغنية الدمـارْ
وقطعتَ خيطَ وِصالنا *** وشربتَ كأسَ الإنتصارْ
هذا شـعارُكَ لمْ يعُدْ *** متماسكاً هذا الشـعارْ
حطِّـمْهُ أنتَ بمِعْوَلٍ *** كانت تحطِّمُ في الجدارْ
واعلمْ رفيقَ مواجِعي *** أنَّ البكــاء عليه عارْ
كانت خطـيئةُ دربِنا *** أنَّ الحقيقـــةَ لا تُثارْ
إنَّي أتيتُ مـُـعاتِباً *** متسـائلاً أين الخيارْ
إمـَّـا أبيعُ كرامتي *** أو أمتطي سُـبل الفرارْ
لا زلتَ تُخطيءُ مقصَدي *** وتشيحُ وجهكَ في انكسارْ
وتباعدتْ لغةُ الحوارِ *** تباعدت لغـــة الحوارْ
 
مُصادرة
لماذا اينما أمشي
عيون الشر تتبعني
تلاحقني
كظل النخلةِ الأسودْ
كدود الأرض ألقاها
وبين الكتب ألقاها
وتحت وسادتي ترعَى
دبيبُ الصوت يؤذيني
لماذا زمرة الأنذال صادرتم دواويني
وفيها كل ما فيها
عذاباتي
حكاياتي
عناويني
حروف البيت ثوراتٌ أغذيها
من الأفكار
من لوني
ومن ديني
ففي غضبي يصير القصر معتقلاً
وبابُ القصر أرسمُهُ
كأبواب الزنازينِ
وفي نزقي وفي مرحي
عيون الطفل تلهمني تُحيِّيني
وفي حبي وفي فرحي
تكون الأرضُ فاتنتي
وعاشقتي
أناديها تناديني
وفي الأعياد أهديها
وروداً من بساتيني
وفيها القصة الكبرى
خطاباتٌ مهربةٌ على ورقٍ من التينِ
وفيها شجرةُ الزيتون صاحبتي
فمن يأتي يضمُّ اليوم زيتوني
وماذا بعدُ يا صحْبي
فهل في شرقكم شيءٌ يواسيني ؟!
 

الإسكندرية 1979

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على أ. مصطفى عثمان مصطفى عثمان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد