يوم الأرض الفلسطيني هو يوم يحييه الفلسطينيون في الثلاثين من آذار مارس من كل عام؛ تعود قصته لعام 1976، بعد أن أقدمت قوات الاحتلال الصهيوني على مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية، عمَّ على إثر ذلك الإضراب العام، وانطلقت المسيرات الشعبية في فلسطين، مما أدى لاندلاع مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الصهيوني سقط على إثرها الشهداء والجرحى والأسرى على يد آلة القتل الصهيونية.
بالنسبة للفلسطينيين يعتبر يوم الأرض حدثاً محورياً في الصراع المستمر مع الاحتلال، لرمزية ومكانة الأرض بالنسبة للقضية الفلسطينية، وبسبب العدوان المستمر على الأرض الذي يتمثل في مصادرة الأراضي، وإتلاف المحاصيل الزراعية، ونهب ثروات وخيرات هذه الأرض التي كرَّمها الله وجعل فيها البركة.
يتزامن يوم الأرض هذا العام مع انعقاد القمة العربية في التاسع والعشرين من آذار مارس، في منطقة البحر الميت في الأردن على مرمى حجر من الأراضي الفلسطينية المسلوبة، إذ جاء بيان القِمة الختامي "إعلان عمّان" الذي تلاه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ليعترف كعادة البيانات السابقة بوجود كيان سياسي أسموه "إسرائيل"، يقع على الأراضي الفلسطينية العربية التي قُضِمت عام 1967، بل يعتبر (القادة) العرب أن هذا الحل هو الحل العبقري الذي يحقق طموحات الشعب الفلسطيني ويجلب السلام للمنطقة!!.
أيُّ سلام ذلك الذي دعا له بيان "قُمة الميت" مع محتلٍّ قتل شعباً، ونكل به، وشرده في بقاع الأرض، وسلب أرضه العربية الإسلامية المباركة بنص القرآن الكريم.
أيُّ سلام ذلك، بين أُمَّة تتكون من 22 دولة عربية إسلامية تعداد سكانها وفق إحصائيات 2015 ما يقارب 400 مليون نسمة، وكيان احتلالي بغيض فرض نفسه بقوة الدول العظمى لا يتجاوز تعداد سكانه 8 مليون، همه الأكبر هو تمزيق هذه الأمة وشرذمتها وتفتيت روابطها.
يمتلك مجموع الدول العربية التي حضرت القمة، قوةً عسكرية يمكنها أن تكنس المحتل عن الأراضي المحتلة فقط بالتلويح باستخدام القوة، لو أن هذه القوة أُسِّسَت على قواعد الأمن القومي العربي، ولو أن قيادة الشعوب العربية كانت تمتلك النية الخالصة للحفاظ على سيادة أراضيها وخصوصاً المقدسة منها.
اللافت للنظر، أن الرأي العام العربي الجماهيري في أغلبيته معارض لاتفاقيات السلام التي أيدتها القمة والموقعة بين أطراف عربية وكيان الاحتلال الصهيوني، وذلك وفق استطلاع الرأي الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في كل عام، والجدير بالذكر أن هذه الأغلبية بقيت ثابتة على نظرتها من اتفاقيات السلام طيلة فترة مشروع قياس الرأي منذ العام 2011.
بل إن هناك إجماع شبه تام من قِبل المجتمعات العربية على أن المهدد لأمن واستقرار المنطقة العربية هو كيان الاحتلال الصهيوني، بالتالي هناك إجماع شبه تام على رفض الاعتراف بكيان الاحتلال الصهيوني والتطبيع معه.
إذاً، كيف بنا (القادة) العرب في قُمَّتهم نظرية السلام مع كيان الاحتلال، والتخلي عن حق المسلمين والعرب في أرضهم؟
يعود ذلك لإملاءات القوى العظمى صاحبة المصلحة في بقاء كيان الاحتلال الصهيوني، وهي القوى التي حضرت اجتماع القُمَّة العربية بصفة "ضيف"، ولا أعلم من الضيف والمضيف!!.
سيبقى الفلسطينيون يحيون ذكرى الأرض في كل عام، حتى يأتي الوقت الذي لا يجدون مكاناً يقيمون فيه فعالياتهم إن بقي الضيف الأشقر يملي على المُضيف سياسته.
أ. محمد عوده الأغا – باحث في الشأن الإقليمي