مقالات

مهما كتبنا فلن نوفيك حقّك - عدنان صالح عدنان

بسم الله الرحمن الرحيم

" إنا لله وإنا إليه راجعون " كان حقاً علي في يوم الجمعة المبارك أن أتحدث ولو قل الحديث عن ذلك الإنسان الذي كان يمثل لي سنداً وعوناً في هذه الحياة ، إنه رحل عنا بجسده ولكن روحه وذكرياته العطرة لم تزل هنا ! كفاني فخراً يا جدي انك ربيتني على يديك منذ صغر سني علمتني كل ما هو خير ، كنت معطاءً كريماً ، كنت محباً للصغير والكبير وفياً لأصدقائك ولآخر لحظةٍ من حياتك  ، رحمك الله كنت مقيماً للصلاة ، ملازماً لقراءة القرآن الكريم ، كنت محباً للناس وتود البعيد والقريب لم يعتب عليك لا قريب ولا بعيد ، كنت تحب كل الناس وتعطف على الفقراء. "أحببت الله فأحبك الناس" رحمك الله يا جدي لم أعهد في حياتي كلها انك شتمت احداً أو اغتبت، حتى أنك كنت لا تسمح لأحد ان يغتاب أحداً في مجلسك، ولم أرك رددت محتاجا طرق بابك ، كنت محافظاً على صلاتك وتحب الحافظين لكتاب لله، ولهم معزة خاصة في قلبك . كان موعدي لختم المصحف هو يوم الخميس الثالث من اغسطس كنت قد اخبرته انني على وشك الانتهاء من حفظ المصحف بتوفيق من الله وفرح فرحاً شديداً لسماعه ذلك ، رحمه الله قبل وفاته اوصاني بإصلاح المصاحف الخاصة بطلاب التحفيظ في المسجد و جهز اجزاء القرآن المنفصلة للأطفال الصغار في المسجد كان محباً للقرآن وأهله كان محبا للعلم والمتعلمين .

أتذكر أنه وفي كل عام يطلب كشف بأسماء الناجحين في الثانوية العامة ويتصل بهم وبأهلهم ويهنئهم ويبارك لهم وعليهم ، ولم تترك أي أحد بدون مواساته او تهنئته سواء في الوطن أو الشتات 

رحمه الله كان عندما يسمع او يتذكر اسم أمه او اسم ابيه تفيض عينيه من الدمع حنينا وشوقا كان باراً بهم، محباً للجميع، وإني أتذكر عبارتك الشهيرة التي كنت ترددها على لسانك لتؤكد لنا أن دنيانا زائلة، كان يقول " الدايم الله والعمل الصالح " علمتني معنى البر و معنى الكرم معنى الجود والعطاء معنى الخير والصلاح رحمك الله، وقبل الليلة الأخيرة بصمت وهدوء ، داوم على تلاوة القرآن كنت أراقب بصمت وأنت تدعو الله طوال الليل وتصلي وتدعوا أمام أعيننا وصعدت الروح إلى بارئها بصمت، بروحٍ هادئةٍ مطمئنة ، رحمك الله ، فقد أحسن خاتمتك حيث توفيت وأنت تصلي وتدعوا في الثلث الأخير من الليل ، وتبعث يوم القيامة على ما كنت عليه ، كان جبينه يصب عرقاً من حسن الخاتمة رحمه الله ، كنت قد رأيت الحشود والوفود المعزين والمواسين ، أيقنت حينها أنك لم تكن شخصاً عادياً من رفح حتى بيت حانون أصدقائك و أحبابك و زملائك جاؤو معزين ومواسين لنا . اللهم تقبله بواسع رحمتك ، اللهم أكرم نزله اللهم أسكنه الفردوس الأعلى اللهم عوضنا خيراً ، وأجرنا في مصيبتنا ، وعزائي لجدتي الغالية أم صالح اللهم ألهمها الصبر و السلوان، اللهم اربط على قلبها وأحفظها وكن سنداً وعوناً لها . " ادعوا له بالرحمة والمغفرة في هذا اليوم المبارك " ،

رحمة الله عليك يا سيدو..تدعي الله ان يغفر لك ذنوبك الصغيرة...استدعي الله بأمانته التي اهديت لنا وهي روح جدي ، جدي كم اشتاق اليك وكم اشتاق لنظراتك السعيدة ...كم اشتاق ان اقول لك كل شيء في نفسي ...فانت الان رحلت ولم تعد .فمن الان سيجلس امام بيتك على الكرسي فكنت دائما عندما اذهب الى أي مكان كنت تجلس عليها وتنتظر بتشوّقٍ إعمار الديوان ورؤيته والجلوس فيه ...لم اتوقع موتك ابدا ...ولم انتظره يوما ...اهدي لك سلامي وسلام كل احبابك واهلك وناسك ...واقربائك ...فجدتي كانت تنهمر من عيناها الدموع...عماتي و أعمامي لم يتركوا كلمة حزينة ولم يقولوها من شدة آلامهم ؛ تركهم أب مخلص وصديقاً لأولاده .

لا اعرف ما حصل لي قد بكى قلبي قبل ان تدمع عيناي ...ففراقك صعب جدا يا جدي العزيز ...اريد ان اقول لك ان تكون سعيد الان في قبرك .فقد آلمنا جميعا فقدانك...فما الانسان غير نطفة من الطين قد خلقنا الله لكي نعيش حياة بحلوها و مُرّها .

 

آه ! وألف آه ! لم تفارقني تلك اللحظة التي كنت فيها متعب ، ففي آخر أيامك يا جدي كنت فقط تنظر الينا بعيناك الدامعتان ، كنت تنظر في الشخص حتى تشبع منه كأنك كنت تشعر انك ستتوفى و...لم تكن تحرك شيئا في جسدك الا اصابع يديك...

كان صوتك مثل الرنين المنبعث إلينا ...ولم تكن تغضب علي إلا لمصلحتي ...فانا اعرف ذلك جيداً .

كان وجهك ابيض تشرق من شمس الصباح من ضيائه ,وبياضه اللامع...وابتسامتك ,ابتسامتك التي لم تفارقك حتى وانت ميت ...وعينيك الذابلتان ...ووجهك الجميل الذي لا مثيل له ...قد اصبحت الان جسدا بلا روح ...فسأقول لك أنك أنت أفضل وأعظم أب وجد وسند في هذه الحياة ...فلمن كنا نلجأ في معاناتنا إلا لك ...لما كنا نلجا ...؟ومن كان

الذي يخرجنا من المازق ...؟لغاية الان انا لا اصدق

أنك توفّيت ولم أعد أراك بعد الآن ...ولم أسمع صوتك بعد هذا اليوم ...الذي هو يوم لا يوجد له شروق إلا بك فدائماً سأتذكرك بصورةٍ جميلة وسأحكي للكل عنك وكم كان قلبك طيب ...فجدي انت مثلي الاعلى ومن خلالك تعلمنا كيف نعيش ومنك اخذنا الطيبة والحنان والروح الدافئة ...وعلمتنا ايضا ان مهما حصل معنا اننا نبقى صامدين ... فقد رحلت ولم تتلاك لنا سوى فراغ هواء ... من يجلس على كرسيك بعد الان ...؟! ,من سيشتري لنا الهدايا ,فقد دخلت الى غرفتك ورأيت سريرك لم يكون له روح ولا رونق ...يا جدي اناديك بأعلى صوت وقد اختفيت مثل السكر في الماء...لم اتمكن من ان اسيطر على غضبي فوسادتك ,وسادتك تشتاق اليك لكي تضع عليها راسك لكي تنام وتستريح ...فارسل لك سلامي عليك ...وعلى كل المسلمين وسأدعي واصلي وسأقرأ لك آيات القران الذهبية لأهديها لروحك المرفرفة حول حيطان البيت والغرف الباردة فحتى الهواء ساكن لن يتحرك ...وسأدعي ايضا لكل المسلمين الامراض منهم والطيبين ان الله يشفيهم من امراضهم ...فغفرانك ...غفر انك ...غفرانك يا الله يا رب العباد على جدي الحميم وعلى كل الاموات المسلمين ...فالمرض صعب جدا خصوصا لشخص عزيز على روحك واصعب شيء ان تراه يختفي امام عينيك يوما باخر ولا تستطيع ان تفعل له شيئا ...

فيا جدي اريدك ان ترجع ولا اعرف كيف... ولم اتوقع ان اتألم هكذا , ...فانا سأزورك في قبرك ولن اتركك ابدا ...وسأطمئنك على كل احوال اقربائنا ...لم يعد لي نفس لشيء ولا حتى ان اتنفس

"فلا اله الا هو الحي القيوم أستغفرك واتوب اليك"

"فلا اله الا هو الحي القيوم أستغفرك واتوب اليك "

"فلا اله الا هو الحي القيوم أستغفرك وأتوب إليك "

أتمنى أن تكون قد فارقت الدنيا و أنت راضٍ عنا ..

- رحمتك يا الله على جدي -

" انقطع عمله ،، وأنتم أمله "

دعواتكم له بالرحمةِ والمغفرة ..

حفيد الفقيد: عدنان صالح عدنان صالح

 

 

 

اضغط هنا للتعرف على المرحوم أ. عدنان صالح إسعيد حمدان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد