بسم الله الرحمن الرحيم
"يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي"
رحيل العم وديع حصن القلعة المنيع
بقلم حسام عثمان
الحمدلله رب العالمين الرحمن الرحيم، الحمدلله عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد الحركات والسكون، يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم مَن طال عمره وحسن عمله" أو كما قال عليه الصلاة والسلام.. فما بالنا برجل أفنى عمره في عمل الخير وإصلاح ذات البين وجبْر خواطر المتخاصمين وجمع ولم شمل العائلة والأحبة.
ودعنا اليوم حصناً منيعاً وركناً مهيباً من أركان قلعتنا التليدة، ودّعنا رجلاً من أعظم رجالاتنا، ودعنا علماً من أعلام القطاع بأكمله.. فقد كان رحمه الله رمز خان يونس ووجيهاً من وجهائها ونبلائها، عاش كريماً متواضعاً، صاحب أدب جم، دمث الخلق رفيع الجاه، أخذ على عاتقه الكثير الكثير، فهو عميد العمداء ووجيه الوجهاء ومختار المخاتير، كريم الكرماء، وجهة المحتاجين، يده بيضاء ناصعة يشهد لها القاصي والداني، له عند الله من الخبايا ما له، ما علمنا منه أقل بكثير مما غاب عنا، فهو للفقير عوناً وللمحتاج سنداً، لمن أراد العلم، لمن أراد العلاج، عقلاني حكيم، شيخ وقور.. ما إن تراه حتى تشعر بالأبوة الحانية وبوقار الشيوخ وهيبة العظام، يأسر القلوب بصمته وبقليل كلامه، وبصوته الهامس الخافت، فلا تشعر إلا بوداعة وديع رحمه الله.
بالأمس في 8 أغسطس 2020 قضت الإرادة الإلهية أن تصعد روحك الطاهرة إلى باريها، فهنيئاً لمَن طال عمره وحسُن عمله، زاد عمره على التسعين عاماً وهو من جيل آخر وامتداد لجيل القلعة العظيم، جيل العم أبو عدنان وأبو مروان وأبو هشام وأبو يونس، والشيخ فهمي والشيخ زكريا والشيخ كمال رحمهم الله، عاش معهم وبهم وحافظ بعدهم على إرث ديوان قلعتنا التليد، الذي كان محجاً ووجهة وقبلة للمتخاصمين وللمحتاجين وللتجّار، فعلى أيديهم تصالح الكثيرون وتم حقن دماء الكثيرين أيضاً، ليس في قطاعنا فحسب بل تعدّى ذلك للضفة الغربية والنقب والعريش، رفع الله قدرك وقدرهم، قدر ما أنزلتم الناس منازلهم، هنيئاً لكم محبة الناس وتقديرهم لكم ولديوانكم والله نسأل أن يقيض لعائلاتنا مَن يحافظ ويكمل مشوارها وإرثها العظيمين من رجالنا المتعلّمين والمثقفين والحريصين على تاريخنا المشرف، لنبقى كما نحن وكما كنّا.
رحماك ربي بأبي أحمد، رحماك ربي بعبدٍ لم يدخر جهداً ولا وقتاً، إلا وكان السبّاق دوماً في خدمة أهله وعائلته وخان يونس وقطاعنا الحبيب، يذهب ومَن معه من وجهاء عائلتنا حفظهم الله وأمدّ في أعمارهم لتقديم الواجب من أفراح وأتراح، وجوده يضفي الهيبة والعظمة على وفدهم وموكبهم، يتصدّر المجالس وهو لها أهل، الحديث عنه يطول، إنه من نعمَ الرجال الذين عرفهم القطاع، فاللهم أكرمه بكرمك يا أكرم الأكرمين يا الله.. لم أعلم مَن هو أكثر حرصاً منه على العائلة وتماسكها وترابطها بكل فروعها وأفخاذها، وهنا أنقل لكم ما قرأت وأعجبني "علّموا أبناءكم أن العمّ أب وأنّ الخال عز، وأن العمة قلب حانٍ والخالة أم، علّموا أبناءكم أن الجدّ والجدّة قطعة من القلب، وأن الأخ سند والأخت ضلع، أخبروهم أن لا حب يعادل حب العائلة.. ولا تغرسوا الحقد والكره وقطيعة الرحم.. التربية أمانة ستسألون عنها يوم القيامة".
خالص التعازي لأبنائه الأحبة م.أحمد، أ.محمود، أ.كرم، أ.رياض أنعم بكم من رجال، وبنات المرحوم، وأبناء أخوته وأخواته وأبناء عمومته فرداً فرداً،، العزاء لآل الأغا خاصة ولخان يونس ولقطاع غزة عامة، ولأنفسنا في وفاة عميدنا ووجهينا ومختارنا "أبي أحمد"، اللهم أكرمه فإنه ضيفك يا أكرم الأكرمين ووسّع مدخله وجازه بالحسنات إحساناً وتجاوز عنه يا أرحم الراحمين.. اللهم إنك تعلم بأن المرحوم قد جبر خواطر الكثيرين وكان سبباً في إصلاح المتخاصمين فهو رجل إصلاح وفلاح.. فاللهم الفردوس الأعلى أسكنه مع والدينا ووالد والدينا إنك على كل شيء قدير.
عائلة المرحوم أبو هشام
عنهم/ حسام عثمان