في ذمة الله

إلى أمي في الذكرى الأولى لرحيلها- الحاجة المرحومة أم حسام الأغا

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الى امي في الذكرى الأولى لرحيلها
الحاجة المرحومة أم حسام الأغا


لبنان- الخميس- 7 - 1 - 2010
د. غادة قاسم الأغا

ما المصفّى من تِبرِهِ ما النُّضار   ما اللآلي وما الدراري النثارَ
ألفُ ألفٍ من الكنوز و أربى   رمقتها الأحداق و الأبصارُ
لا تساوي في قدرها قدر أمي   إنّ أمي هي الكنوز و أغلى


أيا ست الحبايب :
ها قد مضى عام على فراقك المرّ ... الذي ارتضينا فيه حكم الله وقضاءه ... و لم تجفِ لنا دمعة ..... نتذكرك صباحًا و مساءًا مع إشراقة كل عيد ننتظر صوتك الدافئ الذي كان يبعث الحياة في أسلاك الهاتف الصمّاء التي ما انفكت تبحث عنك لتبث لنا الشوق و الحنان...
افتقدناك كثيرًا يا ست الحبايب
يفتقدك الكبير قبل الصغير
يفتقدك الصهر قبل الإبنة
تفتقدك الكنّة قبل الإبن
يفتقدك الأحفاد قبل الأبناء
يفتقدك الأصدقاء قبل الأقرباء
رب علمت منزلًا لها في قلبي                                         فارأف بي و أعطني صبرًا به أتجلّد
كيف تحلو الحياة بدون بسمتك يا غالية...
... من يكفكف دموعنا
... من يهز الدنيا لفرحنا
... من يخفف من احزاننا
اجنحة ظلك طارت بعيدًا
تركتنا لأمواج الحياة
لم أكن أتصور أني سأكتب رثاء والدتي الحنونة عند وفاتها, وبسرعة البرق يمرّ العام لأكتب خلجات قلب يتوق شوقا للقاء أغلى الأحبة... ربما يكتفي بسماع صوتها ... وإذ أجبر على الرضوخ للقضاء و القدر , يطلب دعواتها من العالم الآخر حكمًا مقضيًّا و مرضيًّا نقبل به علّنا نلقاها و هي راضية مسامحة..
كيف نداوي جرح الغياب الصعب النسيان لا زالت صورتك لا تفارق خيالنا :
تطل بسمتك البهية تدعو بالتوفيق لنا
نظرتك الحنونة تطلب عين الله ترعانا
يطل وجهك البشوش يؤنس غربتنا
ووجود والدنا الحبيب هو سلوانا
اطال الله عمرك والدنا الحبيب الحنون, وانت الذي ما تعبت من دور الأم والأب
تارة تخفف عنا عبء الحياة الصعب و تارة تبحث عن عطر الحنان الذي افتقدته بغياب رفيقة دربك, دفء صوتك يداوي جرح الغياب , ومهما كتبنا وتحدثنا لم و لن نف ذرة من حنانكما و تضحيتكما . و أنت الذي عوضتنا حنانًا فقدناه و أمانًا تمنيناه.
يخفف عنّا حرارة الفراق لقاء الأحباء اخوتنا حسام , إياد , رياض , وإيهاب " رضى قلبي و رضى ربّي عليكم " كما كان يحلو للحنونة الدعاء لكم , أدامكم الله سندًا للوالد و لنا .
أخواتي رندة , و عزة صبرا , فالحياة تستمرّ بالأبناء والأخوة و الأب الحنون و الزوج العطوف.
لقد جفّ قلمي و لم أجد الكلمات التي تستحقينها ... لقد بكى الفؤاد و أرقت العين ,ولم نفيك حقك بالعبارات و العبرات التي لا تساوي شيئًا من إحساسنا بألم الفراق .. بحثت طويلًا في كتب الشعر و لم أجد بيتا يشفي غليلي و يريح قلبي و يعبّر عن عاطفة الأم و حنانها :
قد تنقلت في الجنان و لثمت الورود حمرا و صفرا
و شممت الزهور زهرا منزهرا و الرياحين إذ تضوع عطرًا
ليس عطرًا في الأرض يا أمّ إلّا كنتِ أغلى منه و أطيب نشرا

اليكم أبنائي و بناتي :
إن الأم غالية
إنها أغلى ما في الكون
إنها أطهر مخلوقات الأرض
تزرع الحب و الحنان
تزرع الوفاء و الإخلاص
إنها بحر العطاء
و أرض النقاء
يخجل الإنسان من نفسه لأنه مهما قدّم لأجلها فهو مقصّر..
ربما لا تعرف حجم الحب الذي يكنه قلب أمك و أبيك , ولكنك عندما تتزوج و تنجب الأبناء ستعرف مقدار الحب الذي يكنه الأباء للأبناء .. سأحدثكم عن أم ماتت بين يدي ولدها وهي تحتضر مسحت دمعة على عيني ولدها لتسطر بذلك قصة حب حقيقية لأنها تمنت ألا يراها في هذه اللحظة و حالها يقول انت المهم يا ولدي , من سيرعاك؟ .. و يهتم بك ؟.. و يستمع إلى همومك .. وداعًا يا زينة الحياة.
و هكذا احبائي إن لفقد الأم حرقة قلب لا يطفئها سوى الدعاء بالرحمة و قراءة القرآن, إليك أقول يا أمي :
 

صفحة زمان و انطوت   و كل اللي عرفها حمدها
ضميتها من كل قلبي   و قبلت رجلها و يدها
لفوا جسدها بالأكفان   كأنها طفلة في مهدها


وانا أكتب هذه الخواطر , عاد بي الزمان إلى عام مضى :
في ليلة ليلاء , أحسست بأرق غريب : انقبضت روحي بخوف أرعبني -- فجأة رنّ التلفون صرخت أمي -- بصوت هادئ أجبت : ألو - - فإذا بصاعقة تقول : رحلت والدتك
انطفأت الشمعة المضيئة
اندثرت البسمة الحنونة
يُخلق الإنسان بلا وطن , ولكنه لا يخلق بلا أم
أذكرك مع كل همسة
أفتقدك كلما ناداني ولدي " يا أمي , يا نبع الحنان "
رأيتهم على الأكف حملوك , فصرخت رفقًا بها , انها أمي من تحملون
إنها نبع الحنان ... و العطاء
نبع الإيمان ... و الوفاء
نبع التقوى ... و القلب الحنون
انها القلب الكبير بل البيت الكبير
لا زلت أبكيك ... أيسكت قلب اشتعل من حرقة الفراق أم روح سكنتها ذكراك
فلا حول عندي ولا قوة                                               هو الله حسبي و نعم الحسيب
والدتنا الحنونة ,
دعواتنا لك بجنان عرضها السموات و الأرض أعدت للمتقين
وليصبرنا الله صبرا جميلا .................... الفاتحة
 

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على الدكتورة غادة قاسم صالح علي عثمان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد