نعيش الفقد ... في موسم الحصاد
تسعة أعوام... والعمر يمضي
( 13_ 6_ 1997 )
هبة محمد الأغا
13-6-2006
كانت الشمس تنفخ في قيثارة الروح، وكان أبي يلثم الأرض المقدسة، ولم تزل عصافير الفجر تسأل عن خيال الظل على التينة المجاورة !
كانت أمي لاتزال تجمع حصاد العام ، وكان أبي قد استلقى تحت ( العريشة ) يتوسد التراب بكل عشقٍ للأرض .
تسع برتقالاتٍ، انتهت تواريخهن من عمر موت أبي ! ويتجدد الحزن كمن عاين الرحيل أمس !
كان لدينا شجرة تفاح ، وأقسمت ألا تثمر كما ذي قبل ، فقد غابت يدان ِ كانت ترعاهما بكل الحب والصبر !
في موسم الحصاد ، رحل الدفيء من بين جوانب بيتنا ، مخلفاً وراءه متسعاً من فراغ ، في موسم القمح تلقى بيتنا برقيات العزاء ووفود المشاطرين حزناً غريباً .
كنت لا أعرف الموت إلا حينما زارنا وأخذ أبي معه ، ثم زادت معرفتي له حينما أخذ منا الكثير !
تعيشنا الذكرى بكل تفاصيلها ، بكل معانيها ، بكل الحزن المتجذر في الفتية الصغار بكل الشوق للقاءٍ في جنان الرحمن !
غادرنا محمد نايف الأغا في ليلة صيفية تاركاً خلفه صبية صغار ، وفتياتٍ في عمر الزهر ، لاتقلق يا أبي ! كل شيءِ على ما يرام ، كبر الصغار ، وتفتحت الزهرات ، وحملنا أمانتك في أعناقنا ، وعاهدنا أنفسنا على البقاء بصورتك !
لا تسعنا الكلمات ، ولاتتجاوزنا المشاعر ، فقط نشتاق وندعو ، يسكننا الحنين وتهفو أرواحنا لللقاء ، ونمضي في هذه الحياة ، نبتهل لك بالجنة !
لست أول من يموت، ولا آخر من يموت ، فجرح الفقد في شعبنا هنا متجدد ، يفتح الموت عينه كل صباح ، ليضم إلى جنوده الكثير !
مرور عاجل على ذكرى خلتها بعيدة ، فإذا هي بالأمس ، يشبهننا الحزن في كل صلواتنا ، في كل أشواقنا ، فكتبنا للراحلين ، لا لتمجيدهم بل للعهد على حبهم !
هي الدنيا يا أبي
بكل مقام العمر زهور تذبلُ
تهديك الأرض تحيتها
وتسأل ربها لك الجنة التي هي خير وأبقى !
****
في دروب الحياة ثمة مواقف تستدعينا للكتابة ، للذكرى المنقوشة في قلوبنا بحزننا بفرحنا / كتبنا
هي دعوة/ للدعاء لأبي بالرحمة والمغفرة والجنة
ولكل أموات المسلمين كذلك ( آمين يارب العالمين) !
هبة محمد الأغا
13-6-2006
الشارقة
* في ذكرى مرور 9 سنوات على رحيل والدي ( محمد نايف الأغا / أبو عاهد / السطر الشرقي )