|
سماحة الشيخ كمال الاغا 1920-2007 |
في وداع العالِم المغفور له الشيخ كمال الآغا: فضل الراحل ومنزلته الرفيعة
ــــــــــــــ عدلي صادق ــــــــــــــ علمت متأخراً، بوفاة شيخنا الجليل كمال سعيد الآغا، وفاتني بالتالي، تقديم واجب العزاء لأسرته الكريمة. فإن لم تكن تشغلني هموم الواقع الفلسطيني، عن ذكر الفضل لأهله، في وقته وفي موضعه؛ فربما تكون ذات الهموم، قد شغلت من يتوجب عليه إبلاغي، بنبأ رحيل رجل بهذه القامة، من مدينة الشهداء الصابرة المعذبة، خان يونس. والشيخ كمال، رضوان الله عليه، هو أحد رجال النخبة المحترمة، من الأطهار الأوفياء، في مجتمع المدينة، وفي وعي أبنائها، وهما جزء من مجتمع الوطن، ومن وعي أبنائه. وإن كان واجباً على الوطنيين المقاتلين من أجل الحرية، تكريم وإنصاف رفاقهم، في لحظة الرحيل وعلى امتداد الذكرى؛ فإن الواجب الأساس، هو التعبير عن عرفان هؤلاء الوطنيين، لمجاهدي المجتمع وأخياره وعلمائه، من حُراس الفضيلة، ومن الراسخين في الوطن، ممن انحازوا دائماً لقيم شعبنا وسمات حياته الاجتماعية، وأخلاقياته، فكانوا بسلوكهم، وبمثابرتهم في الحفاظ كل قيمة إسلامية ووطنية، وبترشيدهم لحياة الناس؛ إنما يقومون على عملية انتاج المقاتلين من أجل شرف هذا الوطن وحريته. والشيخ كمال الآغا، كان واحداً من هؤلاء المجاهدين الأوفياء المنزرعين في أرضنا. يوجه مواطنيه في مساجد المدينة، وفي المحاكم الشرعية، ويكرس نفسه للاستقرار المجتمعي، ولإصلاح البيوت، لكي يظل الفلسطينيون من حوله، على دراية بأنفسهم وبواجباتهم، حيال أهلهم وشعبهم ووطنهم! * * * مرّت سنوات طويلة، منذ أن غابت عن منبر المسجد الكبير، في خان يونس، طلة التقي المفعم ورعا
|
الشيخ زكريا الاغا 1917-1992 |
ونورانية، المرحوم الشيخ زكريا الآغا. ولم ينس الناس الشيخ زكريا، كأحد أولياء الله الصالحين. كذلك الشيخ فهمي الآغا، الذي لا يغيب عن الأذهان عنفوان عباراته ونبرته، وقوة تأثيره في السامعين. وقد عاش المرحوم الشيخ كمال، بعد الشيخين الراحلين، سنوات مديدة، متنسماً خُطى الأخيار الذين وقفوا قبله، وأثناء حياته، على منابر رسول الله. وانعقد الإجماع على دماثة خلق الشيخ كمال، الذي كانت البسمة لا تُفارق مُحيّاه، بحكم الأمرين الطبيعيين: النفس المتفائلة المترفقة بالناس، والامتثال
|
الشيخ فهمي الأغا 1906-1988 |
الإيماني، للتوجيه النبوي العاطر، بضرورة التبسّم. فعندما يكون الشيخ، بصدد التوجيه، أو بصدد الحكم الشرعي في قضية؛ يكون النُطق سمحاً مسكوباً بسلاسة، متوائماً مع طبيعة رجل، إن رأى الحق أعان عليه، وإن رأى جوراً ردّه. وبغير ذلك لم يكن سينعقد الإجماع على فضل الشيخ ومنزلته الرفيعة. * * * لم يتسن لي، التعايش مع المرحوم الشيخ كمال ومجالسته مراراً. فقد بدأت صحته في الاعتلال، ربما قبل وصولي الى الوطن في العام 1999. والفقير الى الله، كاتب هذه السطور، شغوف بمجالسة أمثال الشيخ، من ذوي العلم والفضل والتجارب الثرية. لكنني لمحت من خلال لقاءات قليلة عابرة، ما يرسخ معرفتي العامة، بأهمية الرجل وتميّزه، عالماً ومحدّثاً ومفسراً وخطيباً، وفارساً في حلبة الدعوة. كنت أراه صابراً محتسباً راضياً، لا يفتر لسانه عن ذكر الله. تفيض عيناه بالحب والود لكل من يلقاه، ويذكره أحبابه الأقربون، بالمهابة والتبجيل، وبخاصة في أيام المرض، الذي عايشه بكل الصبر والرضى والشكر. رحم الله الشيخ كمال، وأفسح رب العزة له، في قبره، وجعله روضة من رياض الجنة، وأراه مقعده من الفردوس الأعلى. وحسبنا أن يجنبنا المولى، مآلات القول النبوي الكريم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جِهالاً، فسُئلوا فأفتوا بدون علم، فضّلوا وأضلوا"! www.adlisadek.net |