مقالات

المواصي ... الجوافة ... والخير كله في المواصي- بقلم : محمد سالم الأغا

المواصي لمن لا يعرفها، هي الأراضي الواقعة بالقرب من شاطئ بحر دير البلح والقرارة وخان يونس ورفح مباشرة، وهي من أجمل المناطق التي يجد فيها الإنسان متعته حيث الهواء العليل والظل الظليل, والأرض الرمليه الذهبية التي نبتت بها أشجار النخيل والتين, وأشجار الأثل والأحراش والحلفا وهي أشجار لا تحتاج للعناية كما أشجار أخري، وقد اشتهرت المواصي منذ بدأ الإنسان الفلسطيني استصلاحه لهذه الأراضي بأنها من أجمل المناطق التي يجد فيها الإنسان متعته حيث الأرض الذهبية التي يحلو علي رملها السمر و الهواء العليل والثمار تحيط بك من كل جانب، أنها سلة الغذاء لأهالي قطاع غزة قبل الأحتلال الإسرائيلي، ثم أصبحت مورد ورافد رئيسي لشعبنا الفلسطيني في الضفة الفلسطينية, وكذلك أعتمد الإسرائيليون علي منتجاتها الزراعية، وقاموا باغتصاب المناطق المحاذية للمواصي وبناء مستوطناتهم عليها لجودة منتجاتها الزراعية, ولوفرة المياه العذبة فيها بشكل وفير، والجدير ذكره أن سلطات الاحتلال الأسرائيلي قامت بسرقة مياه المواصي الفلسطينية، وتحويلها الي النقب الفلسطيني المغتصب 1948, كما قامت بفرض قيود صارمة علي منتجاتنا الوطنية الفلسطينية.


أحفاد الرجال يحملون ما زرع  الآباء والأجداد
 


وعندما نتحدث عن المواصي والزراعة في أراضيها، فعلينا أن نذكر جهد الآباء والأجداد في استصلاح هذه المناطق الرملية، وأنهم كانوا يلجئون الي استصلاحها علي ظهور العمال بما يُعرف بالقفف وعلي ظهور الجمال، قبل أن يتمكنوا من أستخدام الجرافات الجنزير والتركتورات، وعلينا أن ننظر اليوم لجهدهم في استصلاح هذه الأراضي بأنه جهد خارق للعادة، لارتفاع تكاليف عملية الاستصلاح، حيث أصبحوا بهذه الآلات من نزح الرمال صيفاً كي تمكن المزروعات من أن تكون قريبة من المياه السطحية القريبة من سطح التربة، وإعادة دفنها شتاءاً خوفاً من إرتفاع منسوب المياه وإغراق مزروعاتهم، وقد كان الآباء والأجداد العظام يتمتعون بنظرة اقتصادية ثاقبة وبعد نظر، حيث قاموا مبكراً بحفر الآبار الارتوازية في مواصي بحر السطر ثم تبعهم عشرات بل مئات أصحاب الأراضي وملاكها بحفر الآبار في مختلف المناطق الساحلية، لري مزروعاتهم، وزراعة أرضهم بالأشجار المثمرة كالنخيل والحمضيات, وأشجار الجوافة التي تميزت المواصي بزراعتها بكميات كبيرة، وعُرفت في أسواق الأردن والخليج العربي وإيران بجوافة المواصي، ولا بد من الإشارة أن وراء نجاح الزراعة المثمرة في منطقة المواصي وراءه رجال فكر زراعي من الطراز الأول حيث جلبوا أنواع جيدة من أغراس النخيل وبذور الجوافة واستوردوا الماكينات والآلات الزراعية من شقيقتنا الكبري مصر، وأثناء الاحتلال الأسرائيلي للأراضي الفلسطينية، فرضت المنتجات الزراعية للمواصي نفسها علي السوقي المحلي الفلسطيني، والعربي المجاور، وكان لها حضور قوي في أسواق أوربا، رغم محاربة العدو لها، حيث كان يُصدر منتجات مستوطناته بإسم " منتجات المواصي" ،وبهذه المناسبة أهيب بأخوتنا العرب لفتح أسواقهم لمنتجاتنا الزراعية، فنحن أحوج لأسواقهم من صدقاتهم .

 


أحفاد الرجال يحملون ما زرع  الآباء والأجداد

 



وبهذا الجهد الفلسطيني الخلاق أصبحت منطقة المواصي تشتهر بإنتاجها لثمار الجوافة، والحمضيات بأنواعها، والخضار بكل أصنافها، إلا أن هذه المنتجات رغم جودتها، لم تسلم من حقد المحتل الأسرائيلي، الذي حارب المزارعين وملاك الآراضي في رزقهم وقوت عيالهم بفرض إجراءاته القمعية وكان أقلها الحصار و منعهم لتصدير منتجاتهم الزراعية، كما كانت تحلوا النزهة في المواصي في موسم البلح والجوافة والفر " السمان"، و أيضا كان أصحاب الأراضي المواجهة لساحل البحر الأبيض المتوسط ينصبون شباك خاصة علي امتداد الساحل لصيد الفر " السمان " وهو من الطيور المهاجرة لذيذة الطعم والنكهة، وكان منسف الفر و" صيدية السمك " من علامات الكرم في المواصي لأعز الأحباب و الخلان .

وقد سألت أحد الأخوة الذين يعالجون مرضاهم بالأعشاب‘ عن الجوافة وأوراقها فقال : أن مستخلص ورق الجوافة، يقي من المضاعفات الخطيرة لمرض السكر، وأن مغلي ورق الجوافة له دور فعال في علاج الكُحة والسعال والأنفلونزا، وله تأثير قوي في حماية أنسجة وخلايا الكبد والبنكرياس من السموم، ويحمي كرات الدم الحمراء ، ويساعد علي مستوي الهيموجلوبين بالدم لدي مرضي السكر في المستوي الطبيعي، كذلك يحافظ علي مستوي اليوريا و أنزيم الكريات ينين بالدم بالإضافة أننا نصفه لمن يعانون من خمول وتليف الكبد، حيث يحافظ علي أنزيمات الكبد في المستوي الطبيعي.

وبعد أن منّ الله علينا بدحر الجيش الأسرائيلي المحتل لأرضنا وقطعان مستوطنيه عن قطاع غزة ومنطقة المواصي تبقي لنا كلمة : يكفينا شرف أننا بفضل وحدتنا الوطنية وتماسك كل أذرع المقاومة الفلسطينية في ذلك الوقت، أن دحرنا الاحتلال الغاشم عن أرضنا الطهور، ولكن يبقي علينا أن نحافظ علي هذا الانجاز ونطوره إلي الأحسن والأمثل، فقد ترك الصهاينة لنا، رغم خستهم ما نتعلم منه، وما نستثمره، وما نترك علية بصمة عظمة شعبنا الفلسطيني، وما نفخر بأننا انتزعنا حقنا من بين أنياب عدو غاشم لا يرحم، ولكن للأسف الشديد فقد تعرضت أغلب المناطق التي أخلاها العدو إلي النهب والسرقة، ولا تزال هذه المناظر الغير حضارية ترتكب حتي تاريخه، وتنخيل وغربلة رمال شوارع وأزقة المحررات وغيرها من الأماكن المحررة، ما أعني، ومشكورة الجهود والأيدي التي زرعت النخيل، ومشكورة الأيدي التي رسمت لمسة من الوفاء لهذا الوطن الذي لم يبخل علي أبناءه, ومشكورة الأيدي التي بنت الجامعات والمعاهد والكليات المجتمعية، ومشكورة أكثر الأيدي التي أرست قواعد لمراكز الأبحاث والدراسات ، في المواصي والمحررات ووسام علي صدر كل من حافظ ويحافظ, علي مكتسباتنا الوطنية من عبث العابثين، وندائي لكل مسئول، وصاحب رأي وطني حر أن يولي شواطئ قطاع غزة من شماله إلي جنوبه الاهتمام، فالشاطئ متنفس لكل أبناء الوطن، وليس لأصحاب الفنادق والشاليهات والقصور، ولا حتي لأصحاب القهاوي، الاستثمار شئ جميل، لكن بدون عشوائية، يجب علي جهات الاختصاص الأوفياء لوطنهم وقضيتهم أن يخططوا لبناء وطن آمن يتنفس فيه أبناءه نسيم الحرية، وعلي الجميع أن يحافظ عليه، لأنه وطننا وليس وطناً للغير.
* كاتب وصحفي فلسطيني

اضغط هنا للتعرف على المرحوم أ. محمد سالم علي حمدان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد