النخلة | عائلة الأغا

الدكتور خيري حافظ الأغا يُحَلِّق في الرحاب المحمدية
عرض كتاب «إبهار العقول بإنسانية الرسول»
«لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً» (الأحزاب 21.

نبيل خالد الأغا (الدوحة)

أثناء زيارته الأخيرة للدوحة قادماً إليها من جدة بداية العام الجاري 2010، حدثني أخي وأستاذي الدكتور خيري حافظ الأغا (مواليد خان يونس 1932) عن عزمه إصدار كتاب عن حياة رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم، وأن الكتاب سيصدر لاحقاً، ولم يزد على ذلك. فهنأته سلفاً بقدوم المولود الجديد الذي أطلق عليه عنواناً «مبهراً» يليق بصاحب السيرة المضمخة بطيوب الأقوال وفيوض الأفعال «إبهار العقول بإنسانية الرسول صلى الله عليه وسلم».
وقد أوفى الوفي بما وعد، فصدر الكتاب لاحقاً، وتلقيت نسخة منه، بيد أنني فوجئت حقيقة لا مجازاً - بعدة أمور ممثلة في ضخامة صفحاته البالغة ألفاً واثنتين وسبعين صفحة من القطع الكبير، وفخامة أوراقه، وفخارة تجليده، ونضارة حروفه، وسلاسة أسلوبه، وثراء مادته، وروعة محتواه.
وتساءلت بيني وبين نفسي: كم من الوقت أمضى مؤلفه في تأليفه؟ وكم من الجهد بذل؟ وكم من الليالي قلق وسهر؟ وكم.. وكم.. ؟
هذا ما ستجيب عنه الصفحات الآتية، وهذه دعوة لقرائنا الأكارم لمرافقتنا في استطلاع ملامح وقسمات الوليد الذي يستحق مؤلفه الثناء والتقدير على إنجازه المقدر والذي نتضرع للحق تبارك وتعالى أن يُثقل به موازين مكرماته، وأن يجزيه عن أحباب الله ورسول الله أوفر الجزاء وأبهاه، وأن يحشرنا جميعاً في فردوسه الأعلى و«أن يُقِرَّ عينه، وأعيننا جميعاً بنصرة الإسلام وعز المسلمين، والتمكين للمجاهدين الصادقين، أنه ولي ذلك ومولاه».

جولة بين دفتي الكتاب
فضيلة الداعية الإسلامي المعروف الشيخ محمد حسان قدم للكتاب مقدمة بليغة ومعمقة تفيض بالغبطة والسعادة بصدوره، فأعطى للإصدار حقه من التقدير والتقريظ، وللكاتب نصيبه من الشكر والثناء والدعاء وكذا، «البشارة»، حيث بشَّر الشيخ حسان المؤلف خيري الأغا قائلاً: «وأُبشره بفضل الله عليه، فمن أعظم النعم أن يوفق الله عبده لحبه وحب نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم يشغله بالعيش معه ومدارسة سيرته وأخلاقه وإظهار ذلك كله بأسلوب رائق جميل»، وأضاف: «واستطاع المؤلف حفظه الله ببحثه المانع الجديد أن يضع قلادة جديدة فريدة تتلألأ أنوار جواهرها بنور السيرة الطاهرة، ووفق أن يجمع باقة يفوح شذاها بعبير الأخلاق المحمدية الطاهرة، وقد تمكن مؤلفه - أكرمه الله - أن يسطر صفحة رائعة لإنسانية الرسول المبهرة التي تسعد القلوب والعقول النيرِّة».
وتضمن التقديم إقراراً واقعياً بعظمة السيرة المحمدية الخالدة، وأقسم الشيخ محمد حسان بالله تعالى «أن البشرية تئن الآن من الألم، وتضحك كالمجنون، وتجري كالمطارد لفي أمسِّ الحاجة إلىأن تعود إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فلا سعادة للبشرية عامة وللأمة خاصة إلا إذا عادت من جديد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل الطرق إلى الله مسدودة إلا من طريقه عليه الصلاة والسلام، وقد آن الأوان أن تتعرف البشرية عليه وعلى أخلاقه وشمائله».

المؤلف من جانبه كتب مقدمة موسعة لكتابه من نحو عشرين صفحة رسم خلالها خطة بحثه وأشار فيها إلى أن حياة النبي صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة للمسلمين جميعاً، فهي قدوة: يقتدي بها الآباء والأمهات والمربون والدعاة والمعلمون والمصلحون ومن في معناهم، وأسوة يتأسى بها أصحاب الابتلاءات والمصائب، فحياة الرسول من قبل أن يخرج إلى الدنيا إلى حين خروجه منها مواساة لكل مبتلى.
وأشار المؤلف إلى دافع آخر دفعه لتأليف الكتاب وهو أن أكثر الناس يهتمون بالجانب الديني والتشريعي من سيرته عليه الصلاة والسلام «ورغبت أن يكون هذا الكتاب دراسة متأنية للجانب الإنساني في حياة الرسول الكريم الذي تجتمع فيه جميع أسس تكوين الشخصية الإنسانية المتميزة، وهو المبتغى من هذا الكتاب، فسيرته شاملة لجميع النواحي الإنسانية في المجتمع، مما جعله القدوة الصالحة لكل إنسان».
وأفرد الباحث حيزاً واسعاً في المقدمة ذكر فيها المزايا التي امتازت بها السيرة النبوية العطرة، ومنها: الثبات، والصحة، والعموم، والكمال، والشمول، والوضوح، والمثالية الواقعية، وثبات المصدر، وصحة النقل للسيرة النبوية المعتمدة على مصادر أصلية وثانوية وفرعية، وعمد إلى تفسيرها.
وقبيل ولوجه إلى صلب الكتاب عمد الباحث في «التمهيد» إلى إثبات بشرية أنبياء الله تعالى عليهم جميعاً وعلى رسولنا الحبيب أزكى الصلاة وأطيب السلام باعتبار البشرية حاجة إنسانية وضرورة شرعية.
أما الإنسانية فلكي يكون لقومه - أو لمن بُعث إليهم - مثلاً أعلى في الكمال الإنساني.
وأما الضرورة الشرعية فلكي تكون قدوة لهم في تطبيق الأحكام الشرعية ليكون حجة عليهم، وهذه حقيقة قررها الحق جل جلاله بقوله: «قُلْ إنما أنا بشر مثلكم يُوحى إليَّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً» (الكهف 110).
وعلى ذمة أبي هريرة رضي الله عنه أن الحبيب الأحب عليه الصلاة والسلام قال: «اللهم إنّما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني اتخذت عندك عهداً لن تُخْلفنيه، فأيَّما مؤمن آذيته أو سببتُه، أو جلْدته فاجعلها له كفارة، وقربة تقرِّبه بها إليك يوم القيامة».

ركائز المحتوى
يقع الكتاب - أو الموسوعة النبوية المختصرة - في جزءين، أولهما في خمسمئة وست وسبعين صفحة (576)، وأربعمائة وستة وتسعين صفحة (496) صفحة مخصصة للجزء الثاني وهو الجزء الذي أوصى فضيلة الشيخ محمد حسان بترجمته.
اعتمد المؤلف في استقاءالمعلومات وتوثيقها على مئة وأربعة وثمانين مرجعاً من أمهات الكتب التراثية والعصرية.
وبهدف التيسير على القارئ وإيصال المعلومات إليه بسهولة عمد الباحث إلى تقسيم الكتاب - الموسوعة إلى أبواب وفصول ومباحث سنجملها باختصار.

الجزء الأول
تم عرض محتواه في مقدمة المؤلف.
الباب الأول: مقسم إلى عدة فصول ومباحث. الفصل الأول: الجزيرة العربية قبيل البعثة وفيه ثلاثة مباحث: الجانب الديني والسياسي والاقتصادي.
وتتضمن الفصول الأخرى: السيرة الذاتية للرسول صلى الله عليه وسلم، ولادته، نشأته، شخصيته المتميزة (الفترة العمرية من 15 إلى 25 سنة)، مرحلة النضوج والقوة، التأهل لحمل الرسالة.

الباب الثاني:
عهد جديد
وفيه أربعة فصول: ابتدأ الأول من مبعثه وانتهى بالدروس والعبر، وابتدأ الثاني بنزول الوحي، وبدء البعثة، وانتهى بالدروس والعبر.
وتلاه الفصل الثالث: الأمر بإبلاغ الرسالة والفوائد المترتبة عليها.
ثم تلاه الفصل الرابع: بيان ما وقع من أذى للصحابة الذين أعلنوا إسلامهم، وانتهى ببيان ما تعرض له بعض الباحثين للحكمة الربانية في عدم فرضية القتال في مكة المكرمة.
واشتملت الفصول الأخرى على عدة عناوين: ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش، هجرته إلى الحبشة، ثم حصار المشركين له والذين آمنوا معه في شِعْب بني هاشم (الشِّعب بكسر الشين هو السهل الواقع بين جبلين).
أما الفصل الثامن والأخير فاحتوى على أحداث مهمة منها إسراء الرسول ومعراجه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجدالأقصى، إضافة إلى بيعة العقبة الثانية.

الباب الثالث:
الهجرة الكريمة إلى المدينة
اشتمل هذا الباب على سبعة فصول: الاحتياطات الأمنية في الهجرة، دولة الإسلام في المدينة، السرايا والبعوث، غزوات الرسول عليه الصلاة والسلام، ودور المنافقين وخطرهم علىالإسلام.
وعام الوفود وما الدروس المستفادة منه، وحجة الوداع ومن ثم وفاته صلى الله عليه وسلم والدروس والفوائد والعبر الناجمة عنها.

الجزء الثاني من الكتاب
إنسانية الرسول: عهد وولاء
المؤلف الدكتور خيري حافظ الآغا صاغ مقدمة ماتعة للجزء الثاني من مؤلفه قال في نهايتها «ونحن إذ نقدم هذه الدراسة بين يدي أمة الإسلام إنما نجدد العهد والبيعة لرسولنا الكريم بأن نسير على سنته ونقتدي به في أقوالنا وأفعالنا، ونحن على قناعة تامة بأن الأمة الإسلامية ستعود إليها عزتها ومكانتها إذا عادت إلى دينها وتمسكت بسنّة نبيها عليه الصلاة والسلام».

الباب الرابع:
الجوانب الإنسانية في حياة الرسول
اشتمل الفصل الأول على مظاهر إنسانية الرسول الكريم، وفيه عدة مباحث: اعتناؤه بمظهره وعبادته واجتهاده، وصيَّته للنساء، توزيع المهام بين الرجل والمرأة، وصيَّته بالأم، الجانب العاطفي في حياته الزوجية، التعريف بأزواجه (العشر)، البعد الإنساني في زواجه، التنوع في وليمة العرس، وثبت بولائم أعراس سبع من أمهات المؤمنين، أسباب تفضيل السيدة خديجة عن غيرها، حبه لعائشة، أسباب تفضيلها، وصاياه للرجال بإكرام النساء.. إلخ.
المباحث الرابع والخامس والسادس تضمنت العناوين الآتية:
الرسول معلماً، وبيان لأهم الوسائل التي أُثرت عنه في تعليم أمته، التعليم بالاقتداء وبالتواضع، إدراكه لمواهب أصحابه وتنميتها، واهتمامه بالتنظيم والتخطيط للأسواق والبيوت والحمامات، إضافة إلى سياسته وحكمته في تصريف الأمور.
وخُصص المبحث السابع في شرح الترويح عن النفس بالمزاح.

من نماذج مزاحه صلى الله عليه وسلم: أتت عجوز إليه فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنّة. فقال: يا أم فلان أن الجنة لا تدخلها عجوز. فولت تبكي فقال: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: «إنَّا أنشأناهن إنشاء، فجعلناهن أبكارا، عُرُباً أتراباً» (الواقعة 37-35)،
وأهم ما احتوته المباحث: الثامن والتاسع والعاشر: بكاؤه صلى الله عليه وسلم في عدة مواقف، وغضبه في عدة مواقف، وذكر المؤلف في المبحث الحادي عشر بعض المواقف التي حلف فيها الرسول الكريم، وذكر أنواع الحلف التي حلف بها صلى الله عليه وسلم ومنها: «والذي نفسي بيده»، و«الذي لا إله إلا هو»، و«رب الكعبة». وتم تخيصص المبحث الأخير لذكر ما يحب الرسول ويكره.
وإضافة إلى حبه لذكر الله تعالى وللشهادة في سبيله وللصلاة والصيام والدعاء، كان الحبيب يحب من الناس أبي بكر، وعمر، وعلي، والزبير، وأبي عبيدة بن الجراح، وأسامة بن زيد وأبيه زيد، وكذلك الحسن والحسين ريحانتا أهل الجنة.
ومن الأماكن كان يحب: مكة والمدينة، وجبل أحد، ومن الفضائل الحِلْم والأناة، وكان يحب السفر يوم الخميس، ويحب من الثياب القميص، ومن الألوان الأبيض.
ومن الطعام: ذراع الشاة، والزبد والتمر، والحلواء والعسل.
ما يكرهه الرسول: يكره الكفر والفسوق والعصيان، ويكره التطيّر، ويكره أن يشهد على ظلم، ويكره الكذب والنميمة، وكثرة السؤال فيما لا فائدة منه، وتضييع المال في الملذات والمحرمات، وتزكيةالإنسان لنفسه، والاسم القبيح، وإفساد ذات البين، وريح الثوم والبصل والكراث.
الفصل الثاني: خصص لخلقه ومظاهر حسن خلقه صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: نماذج من أخلاقه، وفيه عدة مباحث: خلق الرحمة، مظاهر رحمته مع الأطفال ومع كفّار قريش ومع الجماد، الأحاديث التي تحث علىالتداوي، وربط الأسباب بالمسببات، سيرته في الجود والكرم، تواضعه، شجاعته، زهده، العفو والصفح، العدل، الحياء، محبته لأصحابه.

زهده
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما شبع آل محمد من طعام ثلاثة أيام حتى قُبض».
- قالت عائشة رضي الله عنها: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير».
- وقالت رضي الله عنها: «ما أكل آل محمد صلى الله عليه وسلم أكلتين في يوم واحد إلا إحداهما تمر».
- وعنها رضي الله عنها قالت: «كان فراش رسول الله من أدم وحشوه من ليف».
الفصول: الثالث والرابع والخامس تضمنت: الشمائل المحمدية، سراريه وأولاده، وعبيده وإماءه وخدمه وكتّابه وأمناءه (دروس وعبر).
إضافة إلى ذكر بعض مآثره واحتجامه ولباسه وطعامه وميراثه صلى الله عليه وسلم.
ميراثه
-عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناراً ولا درهماً، ولاشاة ولا أوصى بشيء.
- وعنها رضي الله عنها قالت: توفي النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير.

ــــــــــــــــــ
ومضات
- تتميز هذه الموسوعة المحمدية المختصرة ببساطة أسلوبها الذي صيغت به، وهو الذي يصفه البلاغيون بـ «السهل الممتنع».
- تتميز الموسوعة بالمجمل بتدفق المعلومات وسهولة وصولها إلى عقل ووجدان القارئ.
- بتوفيق رباني محض نجح المؤلف بدرجة الامتياز في اختيار كلمة «إبهار»، ومن ثم إضافتها إلى «العقول»، ومن ثم «في إنسانية الرسول»، واكتملت اللوحة تماماً في العنوان الأساسي «إبهار العقول في إنسانية الرسول صلى الله عليه وسلم».
- برغم عدم ارتياحي في انتهاج أسلوب السجع بشكل عام، وفي عناوين الكتب بشكل خاص، إلا أن هذا التحفظ تلاشى نسبياً عندما تبحَّرتُ في قراءة الموسوعة وتعرفت على الكثير الكثير من إنسانية رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم صلاة أبدية بعدد ما في علم الله، ودائمة بدوام مُلْك الله.
- ربما يكون الباحث أحد القلائل الذين تفردوا في ذكر العناوين الموحية والمفيدة لتبيان «الفائدة» و«دروس وعبر» عقب الحديث عن حدث مهم، الأمر الذي يساعد على الفهم والإدراك.

بركات
- انتعشت ذاكرتنا عندما قرأنا أن: عدد الغزوات التي قادها الرسول عليه الصلاة والسلام بلغت ثماني وعشرين غزوة وهناك تسع غزوات دار فيها القتال بين الطرفين.
وتسع عشرة غزوة حققت أهدافها دون قتال بسبب فرار الأعداء واستمرت الغزوات ثماني سنوات من 2هـ إلى 9هـ، بينما بلغ عدد البعوث والسرايا ثماني وثلاثين.
- لفت انتباهي واثار اعجابي استنباط المؤلف للحكمة الإلهية من وراء الربط بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام في قول الحق تبارك وتعالى في أول سورة الإسراء: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير».
وتتمثل الحكمة الربانية في بيان أهمية المسجد الأقصى للمسلمين إذ أصبح مسرى رسولهم، وهذا توجيه من الله تعالى إلى المسلمين بأن يحبوا المسجد الأقصى كما يحبون مكة والمسجد الحرام.
وهذا الربط - كما يقول المؤلف - يشعر المسلمين بمسؤولياتهم نحو المسجد الأقصى بالعمل على تخليصه من أهل الشرك وعبّاد الأصنام وإعادته إلى أهل الإسلام.
- من جملة محاسن إخراج الكتاب - الموسوعة وضع العناوين الجانبية للمادة بخط كبير ومميز باللون الأحمر، وتليه التفاصيل باللون الأسود ذي الخط الواضح مقاس 14 بلغة الطباعة والطباعين الأمر الذي يريح القراء خاصة من ذوي الفئات العمرية المتقدمة.
- ومن المحاسن كذلك تشكيل كافة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تشكيلاً بائناً بالضمة والفتحة والكسرة والشدة، مما يعين القارئ على فهم الكلمات دونما عسر أو التباس، وهذا جهد مضاعف من المؤلف ومن ضابط ومراجع المادة السيد أبوعبدالله محمد بن العفيفي جزاهما الله خيراً.
- تبدو بجلاء ووضوح مكابدة المؤلف من حبه الخصيب للحبيب الأحب، ومن آيات ذلك أنه لا يذكر اسم «محمد» أو «الرسول» أو «النبي» إلا وأشفعه بصلاة الله تعالى وسلامه عليه، وذلك في مئات بل آلاف المواضع بالكتاب، وفي بعض الأحايين يستعمل العبارة الموحية «بأبي وأمي وروحي أنت يا رسول الله»، وهذه دلائل إضافية على «انبهار» المؤلف بشمائل وخصال المبهر البشري الأعظم.
- يُحْمد للمؤلف حرصه على تضمين الكتاب - الموسوعة جدولاً مفصلاً عن غزوات الرسول عليه الصلاة والسلام موضحاً اسم الغزوة وتاريخها ومكان حدوثها.
-  الاغاليط الاملائية والنحوية والطباعية قليلة ولا تكاد تذكر، وهذه حسنة مضافة لحسنات المؤلف والمراجع.
- يحمد للمؤلف علوّ كعبه، ونهوض همته، ودؤوب مثابرته، وحرصه على الإفادة والاستفادة من كل نفس من أنفاسه موقناً بأن الطريق موحش، والسفر طويل. والزاد قليل، ولا وقت للمقيل.
- تزامن صدور هذه الموسوعة - الكتاب مع صدور موسوعة جليلة القدر، كبيرة الشأن قام بإعدادها الصديق والجار والحبيب الشيخ ياسين طاهر حافظ الأغا ابن شقيقة الدكتور خيري.
حملت الموسوعة عنواناً لائقاً بها ومناسباً لمحتوياتها «أنيس الجليس»، وهي حافلة بشتى الحكم والمواعظ والفوائد، والفرائد التي أبدعتها عقول العديد من العلماء والأدباء والشعراء ونحوهم.
والموسوعة التي تُؤنس جليسها وتمتعه وتسليه تطوف به في آفاق المعرفة المتنوعة وبوسعه أن يحط رحله ويستريح في أي المحطات يشاء: أخبار الملوك، وصف المعارك، أحوال الأغنياء والأغبياء والماجنين والمجانين، طباع الحيوانات وأشكالها، إضافة إلى الكثير من المِلح والنكات والطرائف المتزنة.. ومن بدائع هذه الموسوعة احتواؤها على اثني عشر جزءاً بعدد شهور السنة، وكل جزء يضم ثلاثين فصلاً بعدد أيام الشهر، أي أن الموسوعة بها ثلاثمئة وستون فصلاً بعدد أيام السنة.
هذه المعلومات استقيتها مما قرأته في مقال للباحث المجد المجتهد الشيخ ياسين نشره في موقع النخلة بتاريخ 2010/8/19، فهنيئاً له نضوج ثمار جهده ووفرة حصاد عقله واستقامة عوده واتزان حياته.


همسات
خلال اطلاعي على الموسوعة سجلت الملاحظات التالية:
أولاً: خلوها من أية معلومات تتعلق بشخصية المؤلف، خاصة بالنسبة للقارئ الذي لا يعرف الباحث الدكتور خيري حافظ الأغا، وعندما أبديت لأبي أسامة هذه الملاحظة في اتصال هاتفي أجابني قائلاً: لقد تعمدت ذلك فلقد زهدت في هذه الدنيا ولا أتمنى إلا حسن الخاتمة ورضا الله تعالى بدءاً ونهاية موقناً بأن كل سعادة دون الجنة فانية، وكل بلاء دون النار عافية.
اقتنعت بالإجابة على المستوى الشخصي، لكنني تساءلت: ما ذنب القارئ العادي من هذا الحرمان؟ لابد للقارئ أن يأخذ حقه، ليس مني، ولكن بحسب ما ذكرته «شبكة فلسطين للحوار» بتاريخ 11 فبراير 2007 في خبر لها من مدينة جدة جاء فيه: «أقيم حفل عشاء الليلة على شرف السيدين إسماعيل هنية وخالد مشعل في قاعة (ألف ليلة وليلة)، وقام بالإنابة عن الجالية الفلسطينية في السعودية الدكتور خيري الأغا شكر الحكومة السعودية والفلسطينية وطرح مشاكل الفلسطينيين».
وعرّفت الشبكة الدكتور خيري بأنه: «أحد مؤسسي الجامعة الإسلامية بغزة، ومدير هيئة الإغاثة الإسلامية، وأمين عام المشرفين على الجامعة الإسلامية، وهو أحد أبرز رجال الأعمال في المملكة العربية السعودية»(1).
ثانياً: خلو الكتاب - الموسوعة من ذكر سنة الطبع، وهذه نقطة سلبية لا مبرر لإغفالها أو نسيانها.
ثالثاً: إن هذه الدراسة القيّمة ربما لا يتوافر الحصول عليها للأغلبية العظمى من القراء نظراً لخلوها من الجهة الناشرة، وعنوانها البريدي أو الالكتروني، أو ثمن النسخة إن كانت ثمة فرصة للابتياع أو للإهداء.
***
في نهاية هذا التطواف المتواضع، نستطيع الإقرار بكل قناعة وثقة أن هذه الدراسة ذات قيمة ثمينة وتهدف في جوهرها إلى الإعلاء من قيمة وعظمة الينبوع المصفى الذي نستقي منه سلسبيل سعادتنا في دنيانا الفانية وآخرتنا الباقية.
وستجد لها مكاناً لائقاً بها بجانب الموسوعات والكتب والدواوين والمقالات التي تناولت سيرة ومسيرة رسولنا الأكرم التي فاضت بها قرائح العلماء والمؤرخين والكتّاب على امتداد التاريخ الإسلامي.
وهي في كل أبوابها وفصولها ومباحثها تهدف إلى ضرورة العودة إلى الجذور الأصلية، استلهاماً لتراثنا الإسلامي العربي الخالد، وتأملاً فيه  ونهلا منه بالقدر الذي يمكننا من الإفادة المطلقة منه بهدف تعظيم مفاهيمنا، وتبجيل واحترام مصادر عزنتا وسؤددنا.
نسأل الله العزيز الحكيم أن يثبتنا جميعاً بالقول الثابت في الدنيا والآخرة. وهو سبحانه وتعالى من وراء القصد، والهادي إلى سواء السبيل وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد بعدد ما في علم الله صلاة دائمة بدوام ملك الله.

وتقبلوا تحيات مخلصكم/ نبيل خالد الأغا (أبوخلدون) الدوحة 16/11/2010


(1) لمزيد من المعلومات يرجى الاطلاع على مقالنا:
«الدكتور خيري الأغا الجامع بين الفضيلتين» المنشور في موقع النخلة - عائلة الأغا بتاريخ 2009/05/12.