في ذمة الله

مواسم الألم .. والصبر!- هبة محمد نايف

مواسم الألم .. والصبر!

 

هبة محمد نايف

إنه الألم .. مرة أخرى !

لاشي يؤلمني في هذه الدنيا إلا رحيل الطفولة، والأسوأ إن كان الرحيل صاخباً مؤلماً متشحاً بالدماء الزكية، ذلك الألم الذي يفجر مآقينا بمشاهد محزنة في مخيلتنا عن صدمة الأمهات والآباء .. عن وهلة الحزن الأولى .. وعن الصمت القاهر .

رحل الطفلان البديعان، وهما يحملان بين جوانحهما زقزقة العصافير الفرحة بالحياة، رحلا وفي عقليهما طموح لا يحده إلا مسافة الطريق بين بيتهم والموت، مسافة الطريق بين رغبتهم بالحياة .. وبين شجرة الكينيا التي شاركت السائق في الجريمة .

الطريق يومها كانت معبدة بالوجع والموت .. ستذكركما الطريق يا ماهر ومحمد .. الأسفلت والشارع .. الحقائب والمقاعد .. المقصف وحصة الرياضة، ستذكركما الطيور المحلقة، والغيوم المسافرة .. وحقول القمح المجاورة لطريق المدرسة .

برحيلكما أيها الصغيران .. تحول الحزن إلى حالة من الذهول، حينما غيبتكم الأرض عن أعيننا، كما غيبت كثيراً من الأحبة والأصدقاء .. الصغار والكبار .. كلهم اختفوا تحت مسميات كثيرة ولكنها تحمل جميعها صفة " الموت " .

من سيعود ليلعب " الكورة " عند الصخرة من جديد؟!

ومن سيجمع " البنانير "  خلفكما أيها الصغيران؟!

ومن سيكتب في دفتر المدرسة في الصفحة الأخيرة أحلاماً صغيرة ؟!

الكل حزين لأجلكما .. لأجل أبويكما، وأمهاتكم وجدتكم وأعمامكم وأخوالكم .. وجيرانكم .. وشارعكم وحارتكم ..

لقد اختار هذا العام أن ينتهي بالحزن يا وجع الطفولة، اختار أن يغلق أبوابه على روحين طاهرتين، على حلم جميل .. للحظة تحول العام إلى مواسم فجيعة، ومواسم صبر أيضاً .

أكره السيارات القديمة .. وأكره شجرة الكينيا .. وأكره السائق المتعنت .. أكره ذبح الطفولة بسكين بارد، وأكره الشاحنات المتهورة، وأحتقر الإهمال ، وأفجع بالمصائب في الصغير والكبير، وأمتثل للقدر الإلهي أيضاً ..، وأسأله تعالى أن يغمر أهلهما بالصبر والنور، والاحتساب والرضا، وأن يرحم الصغيرين، رحمة تليق بكرم الجليل، نحسبهم شهداء الطفولة، وضحايا الاستهتار، وأن يرحم السيد فوزي " أبو عبد الله " وحسبنا الله ونعم الوكيل ..

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على أ. هبة محمد نايف محمد حمدان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد