كتب : محمد سالم الأغا *
قصيدة عليا وعصام أو قصيدة " رُلي عربٌ " كما أعتاد أهلُنا والعرب عموماً علي تسمية كثير من قصائد الشعر ببداية مطالعها، هي قصيدة للشاعر اللبناني قيصر المعلوف ، وهذه القصيدة قليلاُ ما تجدها في كتاب، أو قليل من يحفظها كاملة ، ولكني أتذكر أنني سمعت بعض أبياتها من أبناء عمومتي الأكبر سناً، وقد كانوا يحفظوا قليلاً من أبيات هذه القصيدة، ويرددون أبياتها في المطارحات الشعرية، وجلسات السمر، ومن شدة إعجاب الجميع بها بحثت طويلاً عنها وعن من قالها، و عن كلمات وأبيات القصيدة كاملة، فوجدت ضالتي عند شاعر وحيد من شعراء خان يونس هو ابنها الأستاذ عبد الدايم عاشور رحمه الله ، والذي كان يعمل ممرضاً في ( مستوصف المدينة المشهور " بالصحية القديمة" الكائن في منزل الحاج خالد نعمات خالد الأغا، ولا يزال الشارع الذي يقع فيه المنزل مشهوراً بشارع الصحية حتى الآن ) ، وكان مشهوراً بشعره الوطني والاجتماعي، وقد تحدثنا طويلاً عن هذه القصيدة، " الملحمة " التي تحكي قصة تراجيدية، لامست مشاعر من سمعها أو يقرأها ، لأنها تجسيد حي لمعاني الكرامة و العز والشرف، والشجاعة والشهامة ، وطاعة الوالدين، والحب السامي والوفاء بأحلى معانية في آن واحد، والتي صاغها الشاعر اللبناني المُجيد قيصر المعلوف.
والشاعر قيصر المعلوف، لبناني الجنسية، ولد في مدينة زحلة سنة 1874م ، وسافر إلي البرازيل بأمريكا الجنوبية، حيث عمل بمدينة سان باولو ، وكان ناجحاً في عملة، حيث أنشأ سنة 1898م جريدة عربية هي الأولي في البرازيل وأمريكا الجنوبية في ذلك الوقت ، وهناك أصدر ديوانه الشعري " تذكار المُهاجر " 1906م ، ثم عاد إلي وطنه الأم 1914م وقبل وفاته بقليل أصدر ديوانه " ديوان قيصر المعلوفـ وتوفيّ ببيروت 1960، ومن الجدير ذكره في هذا المقال ، أن الشاعر قيصر المعلوف، هو شقيق المؤرخ اللبناني الشهير وعضو المجامع العلمية المصرية والسورية واللبنانية، عيسي اسكندر المعلوف ،أي أنه عم الشعراء شفيق المعلوف، صاحب ملحمة " عبقر " وفوزي المعلوف صاحب " علي بساط الريح " وكانوا يلقبونه بشاعر الطيارة، ورياض المعلوف .
وقال لي : الأستاذ عبد الدايم ، رحمه الله يومها، بأن كثير من أهالي البنات يسمون أسماء بناتهم " رُلي "، أو " رُلا " أو "رولا "، تمجيداُ لهذه القبيلة العربية الأصيلة التي تتصف بالإباء والشجاعة والاعتداد بالنفس، وفنون القتال،وكثرة الخيول العربية الأصيلة،التي هاجرت من الجزيرة العربية ، واستقرت بصحراء الشام قبل مئتي عام تقريباً ، وهذا ما تلمسه أخي القارئ من قصيدة عليا وعصام .
وفي نهاية مقالي هذا ، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرحم، الشاعر قيصر المعلوف، و شاعرنا الفلسطيني الأستاذ عبد الدايم عاشور, وكل شعراء العربية، وأن يأخذ بيد الأحياء منهم إلي بر السلامة، وأهدي هذه القصيدة لقراء ومتصفحي موقع النخلة و لكل متذوق للشعر العربي الجميل ، واليكم،
الـقصيــدة الــمــلـــحمـــة :
رُولا عـَــــربٌ قُــصــورُهــم الــخــيــامُ | ومــنــزلـُـهــم حـُـــمــــاةُ و الــــشـــــآمُ | |
إذا ضـاقــت بـهــم أرجــــاءُ ارض | يـطــيــبُ بـغـيـرِهَــا لَــهـــم الـمُــقــامُ | |
غُـــزاةٌ يـنـشـدون الــــرِّزْقَ دَومًــــا | عـلـى صَـهــواتِ خـيـلٍ لا تُضــام | |
غــرامُــهــم مـــطـــاردةُ الأعـــــــادي | وعـــزِّهــــم الأســـنَّــــة والــسِّـــهـــامُ | |
إذا ركِـــبــــتْ رِجــالـُــهـــم لــــغــــزوٍ | فـمــاْ فـــي رَهـطِـهـم بَـطــلٌ كُــهــام | |
ولا يـبــقــى مــِــــنَ الــفُــرســان ِ إلا | عـَجـايـا الــرُّبــعِ والــولــدِ الـفِـطَــام | |
وكانـت مــن عَجـايـا الـربـعِ علـيـا | ومـــن فـتـيانـِه النُـجـبـا عـِـصــامُ | |
لــقـــد نــشـــأ رُعــــــاةً لـلـمــواشــي | كـمـا يـنـشـا مـــن الـعُــربِ الـغـُـلام | |
هناك ;على الـولا عَقَـدَا الأيـادي | وعــاقــدُ حَــبــلٍ قـلـبـيـهما الــغـــرامُ | |
ولــمـــا أصـبــحــت عــلــيــا فـــتـــاةٌ | يَـلـيــقُ بــهــا الـتـحـجُّـبُ والـلِّــثــامُ | |
وصــــار عــصــامُ ذا زَنــــد قــــوي | يَــهـــز بـِــــه الـمُـهـنَــدُ? والـحِــسـام | |
دَعـــتْــــه أُمَـــــــه? يَـــومًــــا? إلــيــهـــا | وقالـت: يــا هُمامي ?يــا عِـصـامُ? | |
بــثــأرِ أبــيــك خُــــذْ مــــن? قـاتـلـيـه | وإلا عـــابـَـــك الـــعُــــرب? الــــكـِـــرامُ | |
فصاحَ : وهل أبي قد مـات قتـلا | وأنـــى يُـقـتَـل الـبَـطــلُ الـهُـمــامُ? | |
ألا سَـمــيّ لــــيَ الأعــــداءَ? حــــالاً | فـمــا للـصـبـرِ فـــي قَـلـبــي? مُــقــامُ | |
أبـو عليـا الغـريـمُ بـنـي فانـهـضْ | وهـــذا الـــدرعُ درعـُـــكَ? والـحـســام | |
فـصـاحَ وقلـبُـه المضُـنـى خَـفـوقٌ | أبـــو عـلـيـا ؟؟ أأمــــاه الــمــرامُ? ؟ | |
نـعــم فـــاروي الأسـنــةَ مـــن? دِمـــاه | ولا يمـنـعـك عـــن شــــرفِ? غــــرامُ | |
وإلا عـشــتَ بـيــن الــعُــربِ? نــــذلاً | رداكَ الـــــذُلُ والعارُ الوسامُ | |
فــحــل عــصــامُ مـهـرتَــهُ? سـريـعــا | وســارَ وسـحــبَ مـدمَـعَـه سِـجــامُ | |
وكـــــان أبــــــو حـبـيـبـتــهِ? وحيداً | عـلـى مـهــرٍ أضـــرَّ بـــه? اللجَـــــامُ | |
هـنـاك تـبــارزَ الخـصـمـانِ? حـتــى | عــلــى رأسـيـهـمـا عُــقـــد الـقــتــامُ | |
عــصـــام أرســــــلَ الطـعـنـاتَ تـتـرى | فــقـــدّت مـــــن مــبـــارزهِ الـعــظــامُ | |
وعـــاد لأمــــــهِ جــــــذلاً طـــروبًــــا | فقالـت: مـا وراءَك يــا عـصـامُ؟ | |
فـجــرّد سـيـفـهُ الـدامــي ضـحـوكًـا | وقـال لهـا: ابشـري قُضـيَ المـرامُ | |
وبيـنـا هـم بـضـحــكٍ ، إذ بـعـلـيــا | وقـــد أدمــــى مبـاسـمـهـا الـلِـطَــامُ | |
فقالـت : ((يـا عصـام أبـي قتيـلا | ألا فــاثــأر لـعـلـيــا يـــــا هــمـــامُ ! | |
فمـن لـي غيـر زنـدك فـي الرزايـا | إذا عـــم الـبـلا وطـمــا الـغـرامُ ؟)) | |
فقال لها : ((ابشـري عليـا فإنـي | لأهــل الـعـَهـد فـــي الـدنـيـا إمـــامُ | |
لـســوف تــريــن قـاتِـلــه قـتـيــلاً) | وأنــصــتَ مــــا أتـــــمَّ لـــــه كـــــلامُ | |
وأغــمــدَ سـيـفـَـه بـحَـشــاهُ حـــــالاً | فخــــــرَّ ولـلـكَــلــوم بــــــه كــــــلام، | |
ولــمــا شـاهــدتْــه فــــــي هـَــواهـَــا | قـتــيــلاً يـسـتـقــي دمـُــــه الــرغـــامُ | |
نضـت مـن صـدره الهـنـديُ حــالا | وقــالـت : لا تـمـت قـبـلي عصــام! | |
سـأثر من غريـمك يـا حـبــيبـي | كـذاك الـعَهـدُ يـُــُقضـي والـــذمـــام | |
وأغـمـدت الـحـسـامُ بـهــا وقـالــت | علـى الدنيــا ومــن فيـهـا الـسّـلامُ |
[1] لبنى ياسين طاهر الأغا | سلمت يداك | 23-04-2011
[2] هلال عاشور سعد الاغا | لا فض فوك | 25-04-2011
[3] أبو مؤيد/ ناجي سليمان حافظ الاغا | شكر متواصل | 25-04-2011
[4] المنتصر بالله حلمي أحمد الآغا | المناهل الجميلة لأبو علي | 28-04-2011
[5] مفيد شلاش نايف شبير | ابداعات بلا حدود | 06-05-2011