شهداء في الذاكرة الفلسطينية
القائد الغائب الحاضر
توفيق زياد " أبو الأمين "
1929 ــ 1994
كتب : محمد سالم الأغا *
غاب عنا قائد فذ، عرفته فلسطين، كل فلسطين قائداً شجاعاً لجليلها، ومثلثها، ونقبها ، وساحلها، قاد شعبه في معركة صموده فوق الأرض في يوم الأرض،… فهل عرفتموه ؟ أنه الراحل توفيق أمين زياد ( أبو الأمين ) شاعر الناصرة، بل شاعر فلسطين، كل فلسطين، الذي عاش، ومات ولم يهادن عدوه يوماً، مع رفاق دربه يهوداً وعرباً في حزب " راكاح " الحزب الشيوعي الأسرائيلي، الذين عملوا كل جهدهم لنيل الحقوق المدنية والقومية للمواطنين العرب الذين صمدوا فوق أرضهم والذين تحولوا إلي أقلية بعد أن أغتصب اليهود أملاكهم ومدنهم وقراهم، محكومين بالقوانين العسكرية العنصرية الصهيونية .
والقائد الفلسطيني توفيق أمين زياد ولد في مدينة الناصرة في 7 مايو 1929م من القرن الماضي، وتعلم في مدارسها، و بها تبلورت شخصيته السياسية، وقرض الشعر مُبكراً، ثم ذهب إلي موسكو بالاتحاد السوفيتي ليدرس الأدب الروسي في جامعاته، ويعود من رحلته العلمية، لينغمس في الحياة السياسية لفلسطيني الأرض المحتلة 1948، ويناضل معهم لنيل حقوقهم، وليخوض بهم ومعهم الأنتخابات البلدية وليفوز برئاسة بلدية الناصرة لثلاث فترات متتالية، كما كان عضواً منتخباً في الكنيست الأسرائيلي لست دورات متتالية، عن الحزب الشيوعي الأسرائيلي، وأخري عن الجبهة الديمقراطية للسلام.
وقد أجمع كل من عرف توفيق زياد، أن أشعاره وأدبه ومسيرته النضالية الوطنية تعتبر مدرسة يجب علينا أن نستخلص منا الدروس والعبر، فكان انتماءه لفلسطين فكرياُ وطبقياً واجتماعياً وسياسياً، وكان مدافعاً شرساً لإعلاء شأن الكرامة والقومية والشخصية العربية ، ما أكسبه حب الجماهير الفلسطينية، وجعلته رمزاً وقائداً وأديباً وشاعراً، كما كان محب لوطنه ولأصدقائه ومعارفه، ورفيقاً مخلصاً لرفاق الدرب، وكان عدواً عنيداً لمن اغتصبوا أرضه، وأرض آباءه وأجداده ومن الجدير ذكره أن عدونا الصهيوني قد حاول أكثر من مرة اغتياله والتخلص منه ، لكنها إرادة الله التي كانت تدفع عنه أذاهم، وتبطل مخططاتهم ومؤامراتهم .
وتذكرون معي أن هذا القائد الفذ، قد رحل إثر حادث طرق مروع بعدما كان في استقبال القائد الرمز أبو عمار رحمه الله أثناء زيارته الأولي لأريحا، و الاجتماع به وبالقيادة الفلسطينية، فكان لقاءه بأبو عمار وأركان قيادته آخر لقاء وحدث سياسي لهذا العملاق قبل أن يستقر جثمانه الطاهر في مقبرة مدينة الناصرة بأرض فلسطين أرض الآباء والأجداد.
وتوفيق زياد من أعلام الشعر الفلسطيني ، وكان يذكر دائماً أنه من شعراء المقاومة الفلسطينية الباسلة مع رفاق دربه سميح القاسم و محمود درويش ، وراشد حسين رحمهم الله، وقد أصدر العديد من المجموعات الشعرية ، وأصدر كتاباً بعنوان " صور من الأدب الشعبي الفلسطيني" و مجموعة قصص فولكلورية بعنوان " حال الدنيا " وقد استعان طلابنا الباحثين في دراساتهم الأدبية علي ما أنتجه هؤلاء العظام
فقد تربت أجيالنا الفلسطينية علي قصائده المدوية بما أتحفنا من الشعر الثوري المقاوم فكانت قصيدته و رائعته " أناديكم " تشد علي أيدي فدائيي ومقاومي شعبنا فدائيين وأطفال حجارة وجنرالات ال .أر. بي .جي واستشهاديين ومدافعين عن شعبنا بأجسادهم العارية، اعتي دولة قهرية علي وجه الأرض.
وأمام هذه الشخصية الفلسطينية الفذة والتي كانت لسنوات عديدة رمزاً لمقاومة الأحتلال الإسرائيلي لأرضنا الطيبة، نأمل من سلطتنا الوطنية و وزارة الحكم المحلي وبلدياتنا ومجالس قرانا بتسمية شوارع جديدة بأسماء مناضلينا الذين دافعوا عن شرف شعبنا وأرضه ورووا بدمائهم أرضنا ويعبدوا طريق خلاصنا من الأحتلال الإسرائيلي، ودحره الي مزابل التاريخ ، ومنهم الرمز أبو الأمين توفيق زياد رحمه الله وأسكن جميع شهدائنا جنة الفردوس .
وقد اخترت لكم رائعة أبو الأمين " أناديكم .. أشد علي أياديكم " وهي أحد روائعه الشعرية التي تغني بها شعبنا الفلسطيني، وأصبحت نشيداً لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي و تكريماً للفدائيين وللثورة الفلسطينية الباسلة ومقاتليها الأشاوس .
أناديكم .. أشد على أياديكم
أناديكم
أشد على أياديكم..
أبوس الأرض تحت نعالكم
وأقول: أفديكم
وأهديكم ضيا عيني
ودفء القلب أعطيكم
فمأساتي التي أحيا
نصيبي من مآسيكم.
أناديكم
أشد على أياديكم..
أنا ما هنت في وطني ولا صغرت أكتافي
وقفت بوجه ظلامي
يتيما، عاريا، حافي
حملت دمي على كفي
وما نكست أعلامي
وصنت العشب فوق قبور أسلافي
أناديكم... أشد على أياديكم!!
* باحث وكاتب وصحفي فلسطيني .