بسم الله الرحمن الرحيم
وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) (سورة الروم)
الله أكبر الله أكبر الله أكبر . لا إله إلا الله. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
إنَّه شعار العيد الذي شرعه الله تعالى لنا بمناسبة فرحتنا بالنجاح في الفراغ من أداء ركنين من أركان الاسلام. هما الصيام بعده العيد الأصغر. والحج الأكبر بعده العيد الأكبر، فما هو شكل فرحتنا إذا وفقنا الله تعالى في أداء مجموعة عبادات وطاعات ورأينا ثمرتها وقبولها وصحة الطريق من خلالها، فقد نجحت الأمة في الصبر الجميل على الابتلاءات بأنواعها (السجن-الحصار-نقص الاموال والانفس والثمرات-الاشاعات)، ونجحت الامة في القيام بواجب الدعوة وتقريب الناس من الله تعالى فرأينا الصحوة الاسلامية، وصبرت الأمة المسلمة حتى بدأت تتماثل للشفاء والخروج من أصعب فترة في مسيرتها التاريخية على الاطلاق وهي فترة الملك الجبري، إنها ولادة متعسرة جداً تحيط بها دماء الشهداء الذين رووا بدمائهم هذه النبتة حتى اشتد عودها فاستوت على سوقها لتعجب الزراع وتغيظ الكفار واليهود، الشهداء الذين بذلوا دمائهم بصورة مباشرة في الفصل الأخير من المعاناة وهي الثورات، أو الشهداء الذين قضوا في السجون أو أحبال المشانق التي لم يراهم فيها إلا الله ولم يسمع شكواهم ودعائهم الا الله، دماء القاضي والعالم والفقيه الدستوري والقانوني الاسلامي الدكتور عبد القادر عودة، الذي حكمت عليه المحكمة بالإعدام عام 1954م ونفذوا الحكم بعد يومين من صدوره بعد صلاة الفجر، وكان ذلك في نفس الشهر الذي نحن فيه من ذلك العام، فلما قدموه للمشنقة توجه الى الحكم العدل سبحانه وتعالى يشكو بثه وحزنه على امة يحكمها منافقوها فقال:" اللهم اجعل دمائي لعنة عليهم"، دماء الامام حسن البنا، والمفسر سيد قطب، وغيرهم وغيرهم ممن لا نعلمهم ويكفي أن الله يعلمهم ويعلم اسمائهم واسماء آبائهم رحمهم الله تعالى وألحقنا بهم شهداء بررة مقبلين غير مدبرين في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة بعد طول عمر وحسن عمل.
تصحب هذه الولادة آهات أمة رزحت ردحاً من الزمن تحت نير التبعية السياسية والاقتصادية والفكرية خلال فترة التيه عن الهوية الاسلامية والعربية، ولادة سبقتها آلام المصابين والمعتقلين وآبائهم وأمهاتهم أهلهم وذويهم زوجاتهم وأبنائهم، ولادة متعسرة بعد لعنة الدماء والآلام المظلومة في غزة التي تآمر عليها من تآمر، فارتقت الى الله تشكو اليه من خالفهم ومن خذلهم وتآمر معهم، ولكن ما لبث الليل وعسعسته طويلاً حتى بدأ يُدبر، وما فتئ النهار طويلاً حتى بدأ يسفر ويتنفس، هذا يوم من أيام الله تعالى، انه عيد الأمة بنجاحها في تقديم الشهداء واحتمال الآلام والصبر على الابتلاء والنجاح في الدعوة الى الله، فالوسائل التربوية والخطب والدروس والمواعظ والمؤلفات المعاصرة والاعلام الاسلامي والقنوات الدينية والقرآنية، الجهود الدعوية والتربوية الاخوانية والسلفية والتبليغية والاوقاف الاسلامية وتحفيظ القرآن وكل عمل صالح ووسيلة تربوية تراكمت آثارها ولم تذهب هدراً حتى رأينا نتيجتها بأم أعيننا في أمة تكتب تاريخها بالدماء والآلام والصبر والإنفاق في سبيل الله والعمل الصالح وبناء المساجد في صحوة اسلامية واعية، فالله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
قال الشاعر الاسلامي الدكتور عبد الرحمن العشماوي:
ما أمر هذي الصحوة الكبرى سوى وعدٍ من الله الجليل تحققا
نعم والله انه وعد سابق من الله تعالى بأن ينصر دينه ويظهره على الدين كله، وتحقق اليوم أمام أعيننا، فلا يكن أحدنا سطحياً في نظرته وتفسيره للأحداث أخرقاً غافلاً لا يفهم رسالات الله الا في سياقات مشوهة، بل يصلح كل واحد منا نيته ونفسه كي تكون أهلاً لاستقبال التربية الربانية لنا بالأحداث، فإن من معاني رب العالمين أن الله تعالى يربي عباده على ما يصلحهم.
جزى الله خيراً كل من تكلم كلمة خير، وقدم نفقة في سبيل الله، وبنى مسجداً أو أدار حلقة تحفيظ في أي زاوية من زوايا الامة، فكل مسلم فعل خيراً من هذا في سبيل المصلحة العامة اليوم يجني جزءاً من ثمرة نيته الصالحة، وهذا يؤكد الخير في هذه الامة الاسلامية المباركة، فمن قال هلك الناس فهو أهلكهم.
ندعو الله تعالى أن يتم فرحتنا عما قريب بالفرج عن المكروبين المبتلين المقهورين الذين تقتل مقاتلتهم وأطفالهم وتسبى نساؤهم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم.
وختاماً، فإنني جد متفائل بالخير والسناء والسؤدد والعزة والكرامة للأمة الاسلامية العظيمة التي وصفها الله تعالى الذي خلقها وخلق عدوها بأنها خير أمة أخرجت للناس، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً وتغيراً ايجابياً للخير في المجالات كافة، فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري الى الله ان الله بصير بالعباد.