يتهموننا بالإرهاب!
هذه السطور العميقة في معناها ومبناها بقلم زميلتنا الأديبة والروائية الجزائرية الملتزمة ياسمينة صالح، وأحببت أن تكون كلماتها المنتقاة عن الإرهاب أول رشفة نقدمها للقراء الفضلاء.
يتهموننا بالإرهاب، وبأن ديننا يأمرنا بالتراجع نحو الوراء؟!
ماذا يعيبنا أن نحتمي بالله حين لا يجد الغرب ما يحتمون به؟ ماذا يعيبنا أن نتمسك بالعقيدة حين لم يجد الغرب غير فراغات كبيرة صنعوا منها عقيدة صماء!
يتهموننا بالإرهاب؟ كأنهم لم يخرجوا شعوباً من ديارها.. كأنهم لم يعيثوا فيها فساداً، هذه الأرض المكتظة بالتساؤل والخالية من الكبرياء
يتهموننا بالإرهاب؟ كأنهم لم يقتلعوا الأشجار من جذورها.. ولم يبلغوا ذروة الضغينة وأبدية القتل العمدي، أيام كان الله يأمر بالمعروف.. وكانوا يأمرون بالشرك وقتل الأنبياء؟
يتهموننا بالإرهاب؟ لأننا لا نعبد إلهاً باعه يهوذا للرومان، فصنع منه اليهود إلهاً للأشقياء!
يتهموننا بالإرهاب؟ لأن ربنا واحد ولأن رسولنا واحد.. لا نغيره كما يغيرونه كيفما مزاجكم شاء!
فلا تهينوا نبينا أيها الغارقون في الخطيئة والانتهاء.. لا تهينوا نبينا يا حضارة القتل وأيديولوجية الرياء
إلا رسول الله سيد الناس وخاتم الأنبياء
كنت لا أعرف.. وبفضل الله عرفت
(1) المَحَجَّةُ البيضاء
* كثيراً ما كنت أسمع بعض الدعاة أو خطباء المساجد بشكل خاص يرددون الحديث النبوي الشريف «تركتكم على المحجَّة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك».
لم أكن أعرف المعنى الدقيق لكلمة المحَجَّة ولماذا هي بيضاء؟ وقد أكرمني الله تعالى فعرفت المعنى فيما بعد، وأحببت أن أوصله للقراء الفضلاء.
- المَحَجَّة (بفتح الميم والحاء وتشديد الجيم) معناها الطريق أو المنهج. وقال ابن منظور، المحجة هي جادة الطريق أو وسطه. وهي بيضاء لوضوحها، ولذلك قال: ليلها كنهارها: أي لا التباس فيها. واضحة جلية لسالكها، «وتركتكم على المحجة البيضاء» يعني جادة الطريق والله أعلم.
(2) لا ينفع ذا الجدّ منك الجَدّ
* لم أكن أدرك المقصود بالعبارة الواردة في الدعاء: «لا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدّ»؟ وقد عرفت فيما بعد أن هذه العبارة جزء من الدعاء المشروع في الركوع، ودبر الصلاة المكتوبة، والجَدُّ المشهور فيه فتح الجيم وهو الحظ والغنى والعظمة والسلطان. قال النووي رحمه الله: «أي لا ينفع ذا الحظ في الدنيا بالمال والولد والعظمة والسلطان منك حظه، أي لا ينجيه حظه منك، وإنما ينفعه وينجيه العمل الصالح كقوله تعالى: «المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملا» (الكهف 46)
والباقيات الصالحات هي الأعمال التي يبقى ثوابها، ويدوم جزاؤها. وهذا خير أمل يؤمله العبد، وفضل ثواب: والباقيات الصالحات هي: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. وهذا هو المشهور والله أعلم.
(3) لا توجد واو في آية «إنّا لله وإنّا إليه راجعون»
كنت أخطئ وأضيف حرف الواو في قوله تعالى وخاصة عند كتابة برقيات العزاء «وإنّا لله وإنا إليه راجعون»، وما برح البعض يقع في هذا الخطأ ويضيف حرف الواو في الآية، والصواب عدم إضافتها فتكون كالتالي «إنّا لله وإنّا إليه راجعون» (البقرة 156) باستثناء كتابتها إذا كانت منفصلة عنها.
(4) فرق شاسع بين (نفدَ) و(نفذ)
كنت لا أنتبه للفرق الدقيق بين كلمتي «نَفَدَ» (بالدال) وكلمة: «نَفَذَ» (بالذال)، فأكرمني مولاي فعرفت الفرق الشاسع بينهما، فالفعل «نَفَدَ» بالدال معناه «انتهى» كقوله تعالى في سورة (ص) «إنّ هذا لرزقنا ما له من نفاد» بمعنى أن رزق الله لا ينفد ولا ينتهي. وكقوله تعالى في سورة (النحل): «ما عندكم يَنْفَدْ وما عند الله باق».
وكقول الرحمن الرحيم في آخر سورة الكهف: «قُلْ لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا». أما الفعل الماضي «نَفَذَ» بالذال، فمعناه اخترق ووصل كقولهم: «نَفَذَ» السهم في الرمّية بمعنى اخترقها، وكمثل: هذا جرح نافذ أي أنه يخترق، وسميت «النافذة» في الجدار لأنها تخترقه.
(5) ما معنى «والله خير الماكرين»؟
كنت حائراً في معرفة معنى قوله تعالى: «والله خير الماكرين» (الأنفال 30) في الوقت الذي كنا نحن البشر إذا أساء إلينا إنسان نصفه بالماكر أو المخادع.
وقد علمت فيما بعد أن المكر من الإنسان خبث وخديعة وحيلة وهي صفة مذمومة، أما المكر من الله تعالى فمعناه استدراج العبد وأخذه بغتة من حيث لا يحتسب، وهي صفة محمودة لأن الله يوصل العقوبة المناسبة لمن يستحقها بيسر وسهولة قال تعالى: «سنستدرجهم من حيث لا يعلمون» (الأعراف 182) والله تعالى أعلم.
نحن لا ندرك ما يراد بنا
عندما يشب حريق في بيتك، ويدعوك أحدهم للصلاة والتضرع إلى الله تعالى، ينبغي عليك أن تعلم أنها دعوة خائن فكيف إلى عمل آخر؟
فالاهتمام بغير إطفاء الحريق، والانصراف عنه إلى عمل آخر، ما هو إلا استحمار وإن كان عملاً مقدساً أو غير مقدس. علي شريعتي
صلاح الدين وفلسطين
صلاح الدين الأيوبي بطل الإسلام، حائط الشرق، حامي فلسطين، ما أحرانا أن نذكره في هذا الزمن، بل في هذه السنة، كما ذكرنا مكيدة الكائدين للإسلام وخديعة الطامعين في الشرق وجريمة الواغلين على فلسطين.
وما أحرانا أن نستعد لهم اليوم كما استعد لهم بالأمس حين نازلهم بسيف ذي حدين، وعدة ذات سلاحين: مضاء ودهاء، وهمة حاضرة وطول أناة على تقلب الآراء.
عباس محمود العقاد
مجلة العربي- العدد الأول - ديسمبر 1958م
أول وآخر رشوة ارتشيتها!
«الاعتراف بالخطأ فضيلة»، قليلاً ما نردد هذه المقولة في أدبياتنا الحياتية برغم أخطائنا الكثيرة.
وقد آثرت الاعتراف للقراء الفضلاء بهذا الخطأ الذي ارتكبته في باكورة حياتي بهدف الإفادة والتسلية معاً.
الخطأ الأول تمثل في رشوة ارتشيتها ببراءة ودونما سابق إصرار أو سابق ترصد، كيف؟
الزمان: صيف عام 1959 - المكان: الإسكندرية/مصر
التفاصيل:
عندما كنت طالباً بمدرسة خان يونس الثانوية، تقرر سفر مجموعة من طلاب المدرسة لأخذ دورة تدريب عسكري «فتوة» في معسكر «أبوقير» بالإسكندرية، لمدة ثلاثة أسابيع. وكان ضمن البرنامج التدريبي قيام مجموعة من المتدربين بمراقبة حراسة المعسكر ومنع دخول أو تسلل أحد إلى الداخل. وكان نصيبي نوبة حراسة نهارية على البوابة الخلفية، وفوجئت ببعض الباعة الجائلين يحومون حولنا بهدف دخول المعسكر وبيع ما يحملونه للشباب، وقد ابتلاني الله ببائع شجاع الوجه، شحيح الذوق منعته من دخول المعسكر، فأخذ يستعطفني بمعسول القول فلم آبه به: فأخرج من صندوقه الزجاجي المعلق برقبته سمكة مشوية مع رغيفين من الخبز البلدي والجرجير واستحلفني أن أقبل هديته، فقبلتها شاكراً، ولكنه أتبعها بسيل عرمٍ من الرجاءات والاستعطافات كي اسمح له بالدخول، فخجلت منه وأدخلته، مشترطاً عليه ألا يتوغل أو يتأخر، والحق أنه التزم وغادر المعسكر ولسانه يلهج بشكري وتقديري، بعد أن باع كل بضاعته.
لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، ذلك أن أحد زملائي كان يراقب الموقف، فرمقني بنظرة غيظ وكلمة تأنيب: هل ضحك عليك الإسكندراني ورشاك بسمكة؟ منذ متى وأنت تقبل الرشاوى يا نبيل؟
وقد جادلته بحجة واهية وهي أن الرشوة لا تكون إلا بتقديم النقود، والبائع لم ينقدني، ولكنه قدم لي السمكة باعتبارها هدية! فابتسم لسذاجتي، وعلمت فيما بعد أن الرشوة تتلون بمئة لون ولون.. وقد كانت السمكة المشوية أول وآخر رشوة ارتشيتها في حياتي، ولا نامت أعين الراشين والمرتشين: اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم.
مهدي وسميحة.. وفاء قبل الموت وبعد الموت
عمنا الحبيب الغالي المرحوم مهدي نعمات الأغا (أبو عصام) تتجلى في شخصيته كل معالم ومعاني الأخلاق والكرم والطيبة والوداعة والوفاء والحياء، وزد ما شئت من الخصال النبيلة، لقد أحب الله فأحبه وحبب الناس فيه فأحبوه.
أكرمه ربه بزوجة توافرت فيها كل العناصر الإيجابية التي جُبلت في شريك حياتها، فانصهرت الشخصيتان المتآلفتان في بوتقة الوفاء والوفاق، وأفاض الخلاق عليهما بالذرية الصالحة بنين وبنات وحفدة وحفيدات توافرت فيهم جميعاً جينات الأصالة المتوارثة. واستناداً إلى القانون الإلهي السرمدي «لكل أجل كتاب» فقد استرد المودع وديعته، ورجعت نفس العم مهدي إلى ربها راضية مرضية في العام 1987م.
وجرت مياه كثيرة في محيطات وبحار وأنهار العالم قبل أن تلبي أم عصام نداء ربها يوم 2012/2/10 بعد ربع قرن من وفاة بعلها الغالي، وتركت لورثتها إرثاً معنوياً عظيماً لا تبلى نفائسه على تعاقب الليل والنهار. وإلى هنا يبدو الأمر عادياً جداً، لكن الأمر غير العادي والذي يندرج ضمن دائرة «الندرة» في هذا الزمان حينما أميط اللثام من أبنائها البررة فور رحيل والدتهم سميحة يوسف الأغا (أم عصام) عن وصية العم أبي عصام بأن تدفن حبيبته وأم أولاده ورفيقة حياته إلى جواره حينما ينتهي أجلها، ويضمهما لحد واحد عنوانه «وفاء لا يموت»، وتحققت وصية عمنا الراحل.
وأم عصام تركت بعض بصامتها الإيجابية في مقتبل حياتي، وكنت فيما بعد اقتنص أية فرصة مناسبة للحديث عن شخصيتها اللافتة للأنظار، وتبدَّى ذلك بشكل واضح في المقال الذي نشر في موقع النخلة بتاريخ 2009/4/30 بعنوان «سفيان الأغا (مجيد).. عنوان الطهارة النضالية». وكتبت فيه حرفياً: «وأطلب السماح مرة أخرى من القراء الكرام لأعرج مسافة سطرين لأحيي بهذه المناسبة شقيقة العم أبي سفيان السيدة الفاضلة الحاجة سميحة يوسف حمدان الأغا (أم عصام) زوجة عمي الراحل المرحوم مهدي نعمات الأغا (أبو عصام) التي تعتبر بحق صورة باهرة الإشراق في النبل والكرم وعذوبة الحديث، وروعة الاستقبال والمعاشرة.. أدعو الله تبارك وتعالى أن يمد في عمرها ويبارك فيها وفي أنجالها وأحبابها». ولا نملك إلا الدعاء الصادق : اللهم ارحم واغفر واعف عن كافة الراحلين في حماك فأنت القائل «ويعفو عن كثير». اللهم ان احبابنا جاءوا ببابك، وأناخوا بجنابك، فجد يا جواد عليهم بعفوك وإكرامك وجود إحسانك، اللهم ان رحمتك وسعت كل شيء، فارحمهم رحمة تطمئن بها نفوسهم وتقر بها عيونهم، وارحمنا يا مولانا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه. اللهم آمين، وصلّ اللهم وسلم وبارك على الحبيب الأحب صلى الله عليه وسلم، بعدد خلقك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك، اللهم آمين..
فقيدنا الغالي علي محمد سالم الأغا
إن التعازي والمشاركات الوجدانية الواسعة التي هطلت على ذوي فقيدنا الغالي الشاب علي محمد سالم الأغا تدل دلالات واضحة على مدى مكانته في قلوب معارفه ومحبيه. ولذلك اقترح على والده الكريم، الصحفي المعتق الأخ محمد سالم أن يتولى تنسيق تلك المشاركات وإضافة سيرة حياة الفقيد ثم إصدارها في كتيب مشفوع بالصور ليكون وثيقة تكريم وتخليد له. نسأل الله له الرحمة والمغفرة وكافة موتى المسلمين.
خواطر مورقة
التقى ساذجان عربيان في أحد المقاهي، وأخذا يتدارسان في حل للمشكلة الاقتصادية التي تواجه بلدهما. قال أحدهما: نعلن الحرب على أمريكا فتهزمنا، وتحتلنا وتصبح مسؤولة عن اطعامنا بوصفها قوة احتلال. وإذا بالآخر يرد عليه قائلاً: وإذا انتصرنا في الحرب عليها فمن أين سنطعم كل هذا العدد من الأمريكيين؟!
حكمة أصحاب البصائر
قال عبدالله المبارك:
إن البُصَراء (أصحاب العقول) لا يأمنون من أربع:
- ذنب قد مضى لا يدري ما يَصْنَعُ فيه الله عز وجل
- وعمر قد بَقي لا يدري ما فيه من التّهْلُكَة
- وفضل قد أُعطي العبدُ لعله مكر واستدراج
- وضلالة قد زُيَّنت يراها هدى، وَزَيْغُ قلب ساعةً فقد يسلب المرء دينه ولا يشعر.
لا تيأس
يقول الدكتور مصطفى محمود:
لا تيأس مهما بلغت أوزارك، ولا تقنط مهما بلغت خطاياك، فما جعل الله التوبة إلا للخطّائين، ولا أرسل الأنبياء إلا للضالين، وما جعل المغفرة إلا للمذنبين، وما سمّى نفسه الغفار التواب العفو، الكريم إلا من أجل أنك تخطئ فيغفر.
واعلم أن الله لا يملّ دعاء الداعين، وانه يحب السائلين الطالبين الضارعين الرافعي الأكف على بابه، وإنما يمقت الله المتكبر المستغني المختال الذي يظن أنه استوفى الطاعة، وبلغ غاية التقوى، وقارب الكمال.
الابن التاسع: «خالدون من فلسطين»
ربما لا أكون مخطئاً أو مبالغاً إذا قلت إن صدور كتاب قيم لكاتب ما يعادل إنجابه ابناً نجيباً أو ابنة نجيبة. أقول ذلك وقد أكرمني مولاي جل جلاله «فأنجبت» كتاباً أحسبه ذا قيمة موضوعية اسميته «خالدون من فلسطين»، تناولت فيه سير أربعة عشر شخصية فلسطينية وقد صدر مؤخراً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وعمان. ويقع في ثلاثمئة وأربعين صفحة من الحجم الكبير.
وهاكم أسماء الشخصيات التي سجلتها للراحلين الأحياء وهم: عادل زعيتر: رائد المترجمين العرب في القرن العشرين، الفنان: إسماعيل شموط ذاكرة الحياة الفلسطينية، جبرا إبراهيم جبرا: مشروع عظيم في رجل، الشاعر توفيق زياد: جواد لا يملّ الصهيل، المفكر أحمد صدقي الدجاني: حامل المسك، الشاعرة فدوى طوقان: غياب يستعصي على النسيان، المناضل فيصل الحسيني: سراج القدس المنير، ناجي العلي: شاهد على هذا الزمان، أبوسلمى: الشاعر الثائر أبداً، أنيس الصايغ: حياة مكللة بالغار، الناقد إحسان عباس: بين الإبداع والإمتاع، الدكتور قنديل شاكر شبير: نموذج فريد لشخصية الداعية الإسلامي، المناضل منير الريس: قلب متوهج بعشق فلسطين، ناهض منير الريس: مؤسسة فكر وجهاد وقانون.
مداعبة: مثلما يحظى المنجبون والمنجبات للبنين والبنات بحظوظ وافرة من المهنئين والمهنئات في موقع النخلة، أليس من حقي أن أتلقى التهاني المماثلة بمولودي التاسع الذي أطلقت عليه مسمى «خالدون من فلسطين»؟!
[1] جواد سليم إبراهيم سليم | في ميزان الحسنات | 18-12-2012
[2] سليم بيان سليم الاغا | رشفات عذبة | 19-12-2012