سيناريوهات القوى المضادة
لن تحقق إسرائيل وأمريكا نجاحا كبيرا يحرف مسار الثورات عن أهدافها في الحرية والاستقلال لأن منطق التاريخ أقوى من أن يلغيه منطق القوة
تعتبر إسرائيل وأمريكا من أكبر الدول إرتباكا حيال ما يجري في الساحة العربية وهما الأشد إرتباكا في البحث عن كيفية مواجهة ما يجري من تصريحات الدولتين ، نلمس خوفهما من المستقبل لأنهما تتوقعان تطور رقابة شعبية على سياسات الحكومات العربية القادمة ، ولن يكون بالأمر السهل على أي حكومة عربية ان تفعل عكس ما تقول ، أو أن تتحالف مع أمريكا وإسرائيل سرا بمعزل عن إرادة الشعوب.
الأنظمة التي قد لا يطالها التغيير السياسي ستجد نفسها أمام واقع شعبي جديد يتسم بالذكاء والبحث عن الحقيقة ، ولا يد له أن ينعكس على كل البيئة السياسية العربية.
دعمت الدولتان الاستبداد والانحطاط الأخلاقي الذي تتميز به الأنظمة العربية لأن في ذلك ما يوفر الأجواء المناسبة لهما لتسيير الأنظمة وفق أهوائهما، وقد كان السلوك الشهوائي والقمعي للأنظمة العربية خادما لاستمرار هيمنة الدولتين ومحاصرة قوى التقدم والتغيير في الوطن العربي ، هذا الوضع مهدد بصورة خطيرة جدا الأن، وأصبح انهيار الاستبداد تدريجيا ، وإقامة أجواء من العزة والكرامة متناقضة تماما مع أجواء الإزلال والإذعان التي وفرت لإسرائيل مزيدا من القوة والنجاح.
من شأن الأجواء الجديدة أن تهدد العمق الإستراتيجي العربي لإسرائيل والذي شكل عبر عشرات السنين أفضل عمق استراتيجي مكن إسرائيل من تسجيل انتصارات متكررة على العرب .وعليه فإن الدولتين تحاولان الأن الدخول في الثورات العربية بهدف تخريبها من الداخل من الصعب معرفة ما تصنع إسرائيل الان بخاصة ان لها وفرة من العملاء والجواسيس في مختلف البلدان العربية، وتستطيع من خلالهم إحداث الفوضى لعمليات إغتيال وإطلاق نار عشوائي وتخريب ، وما شابه ذلك.
ولكن أمريكا تعمل على دعم حلفائها التقليديين وتحاول أن تتدخل في شؤون الحكومتين في تونس ومصر ، وايضا في شؤون اليمن وسوريا والبحرين ، إنها تحاول لي ذراع قوى التغيير ودعم قوى تقليدية تتستر تحت شعار التغيير والحرية.
هل ستنجح إسرائيل وأمريكا في محاولتهما لتلويث مسيرة التغيير في الوطن العربي ؟ أشك أنهما ستحققان نجاحا كبيرا ، لكنهما ستصنعان أجواء من البلبلة من أجل أن يترحم الناس على الايام الغابرة.
لن تحقق الدولتان نجاحا كبيرا يحرف مسار الثورات عن اهدافها في الحرية والاستقلال لأن منطق التاريخ اقوى من أن يلغيه منطق القوة .منطق التاريخ هو منطق قوة لانه يستند إلى إرادة الشعوب ، وهو منطقي وعقلاني لأنه يعبر عن جدلية تاريخية متعلقة بنفي الوضع القائم لصالح وضع جديد ،فمهما حاولت الدولتان إيقاف حركة التاريخ فإنهما لن تتمكنا إلا من عرقلته.
تحيات منار الاغا
سفارة دولة فلسطين - زيمبابوي