مقالات

الدوحة- د. يحيى زكريا الأغا يوقع كتابين

قطر- الدوحة- الجمعة الموافق 9-1-2015-د. يحيى زكريا الأغا يوقع كتابين على هامش معرض الدوحة الدولي الخامس والعشرون للكتاب

•  سميح القاسم في ظل الغياب
•  وطن ومواطن في عهد أبو مازن

وقد أقيمت على هامش معرض الدوحة الدولي للكتاب فعالية فلسطينية متميزة، حضرها سعادة الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث، وسعادة الدكتور / زياد أبو عمرو نائب رئيس الوزراء وزير الثقافة الفلسطيني وعدد من أصحاب السعادة السفراء وجمهور غفير من أبناء الجالية الفلسطينية والجاليات العربية وغير العربية، واستمرت الفعالية حتى الساعة العاشرة والنصف مساءً.


بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة في شعر سميح القاسم


د. يحيى زكريا الأغا
سعادة الأخ الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري        
وزير الثقافة والفنون والتراث بدولة قطر
الحضور الكريم كل باسمه ولقبه
اسمحو لي بهذه الكلمات الواجبة قبل الدخول في صلب الموضوع:
ما زلت أذكر أول زيارة للمرحوم  شاعر فلسطين سميح القاسم للدوحة، وما زلت أذكر ، وقفته بنادي الجسرة الثقافي، وغيرها من الأماكن التي احتضنته شاعراً، وإنساناً، ومفكراً، مازلت أذكر كلماته في حضرة معالي الوزير الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري الذي كان أول من دعاه لتكون الدوحة حاضنة لشاعر من الداخل،قال:  " قطر العروبة  التي تبدو كل يوم أقربَ إلى نبض فلسطين" وانطلقت قريحة الشاعر.
وبعد:    
        
خلال مسيرتي المتصلة بالأدب عامة والأدب الفلسطيني بخاصة، وقفت على شعر سميح القاسم، الذي يعتبر مصدراً من مصادر الإبداعي الفني في لغة الأدب، فوجدته أحد الشعراء الذين أرسو  قواعد من النضال المتجدد لغة أحسبها خاصة بسميح، من خلال فيض القصائد التي قالها في مواقف وأزمنة مختلفة، فقصائد السجون ملهبة للحماس، وقصائد المناسبات الفلسطينية ثورية وباعثة في النفس أملاً في الخلاص من الواقع الذي يكابده الفلسطيني صباح مساء، ووجدانيته ينبعث منها ألم المعاناة، ووطنياته محفزاً للمقاومة، وقومياته طريقاً للخلاص من استعمار جثم سنوات على أعناق الشعوب، وإنسانيته تعبيراً عن روحه، زانسيابية في سردياته مع ترابط بين مكوناتها.

ما أن يقرأ أي إنسان شعر سميح، فلابد وأن يضيف إلى قاموسه اللغوي الجديد لغة جديدة مصدرها الأرض التي عشقها، والسجن الذي سُجن فيه، والإقامة الجبرية التي فُرضت عليه، والمقاومة التي دَعى إليها ليكون أول منْ نادى بها، لأن النبض الذي يحرّك سميح هو الوطن، وعندما أقول الوطن، فهذا يعني الكثير لسميح، فهو الحاضنة، و الابن، والأخت، والأخ، والزوجة، والحياة والممات، إنه كل شيء، إنها لغة نابعة من انتماء الشاعر لهذا الوطن رغم أنه يعيش في غربتين، غربة بسبب الاحتلال لأرضه، وغربة تحجبه عن التواصل مع الدزء الآخر من وطنه، لهذا نشتم رائحة الفصول الأربعة في سردياته، وكتاباته،  ووجدانياته ووطنياته.

سيطرة الوجد في شعر سميح، يلقي بالمتلقي أو القارئ في واحة ذات ألوان متداخلة تشبه قوس قُزح، فتشعرك بالألم والحزن، وما أن تتعمق في الفكرة حتى يخرج من هذا الحزن الذي لا يذعن له، ليخرج من بين ثنايا الألفاظ كالعنقاء، معلناً الإصرار على عدم الاستسلام مهما كلفه من ثمن.

شعر سميح القاسم يُعلن على الملأ" أنا الفلسطيني" موجود، مخاطباً المحتل: مهما سجنتم، ومهما ألقيتم بنا في المنافي، وفي غيابات الجبّ، فعنواني هو فلسطين، ورغم المآسي والمرار، والجوع والتجويع، والجسور المغلقة مع العالم ، فأنا موجود، هكذا يعلن سميح وبإباء، أن هذا الشعب لن تُنزع منه ملكية الأرض التي مازال يقبض عليها كالقابض على جمر، ولن تغيّر هوية الفلسطيني وإقامته في المنافي مبادئه، وعنوانه الرئيسي، فيقابلَ المعتقلات، والتهجير والرصاص، بالإرادة، والتحدي، والمواجهة، إنه شعر يملؤك بالانتماء إلى الوطن فلسطين.

يقول:
فمن يُتمي، ومن حزني، ومن جوعي، ومن عاري
يشيب لهيب أشعاري
ولن أتعب
طول العمر، لن أتعب

إن خط النضال في شعر سميح القاسم، وجد مكانه إلى جانب الشعراء الآخرين، فأصبح واحداً من شعراء فلسطين لا ينازعه أحد في لغته الشعرية، ولا قاموسه الفني، ولا صوره المحكية، وإيقاعاته التي تناسب دوماً واقع الصورة، فأبدع شعراً نابضاً بالحيوية، مرتكزاً على هويته النضالية الضاربة في أعماق الوطن، فلّون في قصائده، وأباح لنفسه – وهو حق له – حرية الحركة بين ثنايا النص، فصدر له العديد من الدواويين، إلى جانب العديد من القصائد التي لم تنشر في ديوان.

دواوينه وكتبه ورواياته وسردياته، وصلت إلى حوالي ثمانين مؤلفاً  تحاكي الوطن، وترسم ضجيج الحاضر بلغة شعرية مؤثرة، يستخدم التراث في رسم ملامح الصورة، ويغوص في أعماق التاريخ، ليربط الماضي بالحاضر، ويستخدم لغة حوارية في النص ومع النفس، ليتعانق مع المتلقي بلغته، مع صور شعرية متنوعة، فيحمله هذا  إلى الاندماج التام مع هذا الحوار الذي به يستنهض الهمم، لمقاومة عدو الشمس.

  حمل رسالة النضال مبكراً، وأسلم نفسه لوطنه، فعاش الحياة بحلوها ومرّها، ليصبح كما قال" ذرة تراب في هذا الوطن، وجسراً يربط الماضي الجميل بالحاضر الأليم، ليبني مع شعبه ملحمة الفداء لغدٍ أفضل"  وبإذن الله ستشرق الشمس، ويصبح القمر أجمل.

سميح القاسم مناضل بالكلمة، كيف لا، ودواوينه تحاكي هذا النضال، وترسم بالحرف توحده مع الكلمة ليصبح بلغته الشعرية وكأنه المتكلم باسم كل الفلسطينيين، ثم نجده يرسم صورة ناطقة من خلال  معلقة" بغداد "  وأحسبها كذلك لِما تكتنزه من ألم يعتصر هذا القلب، ويبكي على ما حلّ  بمدينة الرشيد، وكأنه يحاكي وطنه فلسطين الذي أصابه ما أصاب بغداد، لتتحول قصائده بقلمه وعنفوانه إلى قلعة للأبطال، ومدرسة يتعلّم فيها الأبناء كيف يكون النضال.

دواوينه حافلة باستفهامات،  يحوّلها إلى إجابات شافية، وتعجبات، يجلو بعدها الغمامة، وتعيد الأمل للشعب الذي كاد أن يصل إلى مرحلة من اليأس جرّاء مايتحمله من معاناة صباح مساء.

ما أن تقرأ شعر سميح حتى ترسم  كمتلقي معه بالكلمة حدود الوطن من خلال الألفاظ التي امتزجت مع تراب الوطن من رفح حتى الناقورة، هكذا هو سميح القاسم، صوت ولفظ وفكر وإحساس، نَظَمَ فأبدع، وحاكى الزمان والمكان، فأجاد،  وأيقظ الوعي الإنساني، فاستنهض الهمم،  وأبرز الوعي القومي لدى الشعوب،  وتجسّد مع العمل الوطني، فأصبح سميح جسداً لفلسطين.

سميح القاسم لم يساوم، والشعب لن يساوم، لأن الوطن لا مساومة عليه، هذا ما يقوله شعر سميح، ويدعو له، فجاء الصوت عالياً مطالباً بعدم الاستسلام مهما ادلهمّ الليل، ومهما حامت غربان الزمن الضليل فوق الأرض.

سميح القاسم مقاوم، ويستدعي التاريخ، فهذه إيزيس يعبر بها للحاضر، وهذا صلاح الدين يعبر به للمستقبل، وهذه كفر قاسم:

وأنا يا كفر قاسم
أنا لا أنشد للموت... ولكن
ليدٍ ظلّت تقاوم.

هذا سمع يدعو للمقاومة التي ترتكز على الحق، متخذا من " كفر قاسم" طريقاً للعبور.
بل ويطالب الجمع الفلسطيني بالبقاء على هذه الأرض، وألا يتركها:
كيف نفرُّ من منبتنا الأرضي؟ كيف نفرّ من منبتنا الأرضي؟
وكيف نُبِحْ للنسيان أجيالاً من البغض؟
وكيف ؟ وكيف؟
لن نهدأ.

شعر سميح، يتجاذب الاتجاه القومي من خلال ثورات الشعوب في كل من مصر والكونغو، وفيتنام، وأسيا، مع صور النضال لشعبه المصابر المكافح، فيتمنى الخلاص  لهذه الشعوب من الاستعمار وصولاً ليوم القطاف:
يا اخوتي الأحياء، في أفريقيا في أسيا
نسمع عن خلاصكم من لعنة الدماء
لكنكم يا أصدقائي تكتبون
يا إخوتي ! بالدم تكتبون
تاريخكم ونشرة الأنباء!.

إن استخدام الشاعر للقصيدة المقفاة، كما نقرأها" من المدينة" ليقول لنا : إن المدينة لها جذور ضاربة في التاريخ فكان الوزن الخليلي ليحقق الهدف والمضمون من النص:
 هذه نبرتي... وهي ذراعي     وثيابي... وأحرفي.. ومتاعي
هذه خطوات كما أحفظها        درب  بيتي  وردَدتها المراعي
وأغاني لم تنزل مثلما كانت      تدوي  في  كرمنا   الملتاع

سميح القاسم، شاعر لكل المفردات، ولكل الأماكن، ولكل الصور الفنية المركبة، والبسيطة، يعرف كيف يستخدم اللغة الشعرية ليعبّر عن مأساة وطنه، فتحوّل خلال رحلته الطويلة والممتدة والمتنوعة في أقاصي الأرض إلى قطعة من الوطن أينما حلّ وطاف، فأصبح جزءاً من وطن، ورسماً على جبينه، وجواز سفر في مطارات العالم.

أختم بالقول بأن دواوين سميح تجمع بين دفتيها كثير اً من الحب، وكثيراً من الانتماء للأرض التي عاش عليها، وسجن فيها، وأحب فيها، وتزوج منها، ومات فوقها، ودفن فيها.
إنه سميح الصوت والصورة والوجدان والمقاومة، ومفخرة أدبية لفلسطين والوطن العربي.
أختم بهذه الأبيات:
جدي هنا في مسرب
أختي هنا في مشتل
عمي هنا في حضن بيارة
شعبي هنا يتلو وراء الثور والمحراث أشعاره
شعبي هنا، دم على اشواك صبارة
سل هذه الأشجار أخباره!
حُثّ الخطى يا لولبَ القطار
حُثّ الخطى فالشمس في انتظار!!
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الفرقة




التوقيع على الكتاب


الدكتور يوقع الكتاب




جناح فلسطين


دعوة من وزير الثقافة القطري


سعادة الدكتور  حمد الكواري وزير الثقافة القطري


أبناء المرحوم سميح القاسم











الندوة




صورة عامة

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على السفير يحيى زكريا إسعيد حمدان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد