مقالات

في شرم الشيخ تَقرَّرت الدِّية .. ولكنْ

 

لم تكن آلة القتل الصهيونية قد هدأت بعد  ، عندما خرجت أصواتٌ فلسطينية و عربية و دولية تتحدث عن إعادة إعمار غزة ، و كاد العرب أن ينشطروا إلى شطيرتين .. الأولى تنادي بأن يكون الإعمار من حق من صمد و قاوم ، و شطيرة أخرى  دائماً تتحدثُ عن شرعيةٍ فقدت الشرعيةَ و الشارع.

وبين مؤتمر "القمة" في الدوحة ، و مؤتمر القمة في الكويت ، صحراءٌ من الأشواك  تتلاطمُ في سمائها غربان البين ، و انكشفت وجوهٌ باهتةٌ ، و مؤخراتٌ  كانت يوماً ما حائط صدٍ أمام أعداء الأمة ، وبدأ الصراعُ واضحاً على الزعامةِ ، يمارسون أساليب الجاهلية الأولى في وقتٍ كان الدم الفلسطيني يملأ الشاشات ، و النابالم مع  قنابل الفوسفور  و اليورانيوم  المنضب  ُيمعن ُ في سحق الأخضر و اليابس  أمام مرأى و سمع العالم .

وبعد أن سكتت آلة القتلِ - إلاّ قليلا- هرول الجميعُ إلى الحديثِ عن الإعمار ، وإزالة آثار العدوان . و كثيراً ما تعني  هذه الكلمة " إزالة آثار العدوان" إخفاء معالم الجريمة ، و في خضمّ المشهد المأساوي ، و كأنه مشهد من مشاهد مسرح اللا معقول  لتينيسي وليامز ، فكيف يعمِّرُ الآخرون ما دمَّرهُ المجرم ؟؟؟
نحن هنا  أمام مهزلة انسانية ، أخلاقية  سجَّلها التاريخ في صفحةٍ رماديةٍ قاتمة ، الكلُّ يدقُّ بيده على صدره يزايدُ  ليرفع مبلغ "الديَّة" حتى وصل امبلغُ إلى ما يزيدُ عن أربعةَ مليارات من  الدولارات .
نعم تستطيع هذه المليارات بناءَ ما دمَّره العدو المجرم ، بعد سرقةَ ما تيسر منها لمحترفي  المتاجرة بدمنا  أو هكذا يتخيلون ، لكنْ هذه المرّة لا يجب أن نصدق الثعلب في ثياب الواعظين !

نحن أمة لا تنكرُ المعروف ، بل نحن أشدُّ وفاءً لمن قدم موقفاً ، أو صرخةً  .. ولعلَّ  من اشترى مع  زملائه  بعضاً من الشموع من ريف مصر و حملها إلى المعبر ليرسلها إلى أهلنا لتضيء ليلهم الحالك السواد إلا من ومضات القصف و نيران الحرائق لهو أكثر صدقاً من حاملي شيكات المليارات . و صورة الوفاء ناصعة  للذين حملو صورَ  البطلين أردوغان وتشافيز  . فالرسالة واضحة ، شعبنا يريد المواقف أكثر من المليارات "العبثية" التي لن تعوض عائلةٍ عن عائلها الذي سقط تحت ركام بيته ، و لن تعيد إلى " جميلة" ساقيها  و لن تعيد إلى محمد عينيه
ولن تعيد عائلة " السموني" التي أبيدت في جريمة تشبه كل الجرائم  التي مارسها نفس القاتل منذ أن زرعه الإستعمار البريطاني في أرضنا.

شكراً لشهامتكم و أنتم تتعهدون  بالدفع السخيّ لغزة ، و لكن لنا أن نتساءل : أين كان كرمكم عندما حوصرت ثورتنا في بيروت ؟ و أين كان كرمكم  عندما تبعثرت بنادقنا في صحراوات الدول العربية ، و هل يجب أن يسقط الآلاف شهداء  و جرحى  حتى تنتفخ أوداجكم سخونةٍ و تعاطفاً ولا أقول تكفيراً للذنب !!

نعم شعبنا يحتاج إلى إلى من يداوي جراحه ، ويعمر بيوته ، و مدارسه ، و مشافيه و لكن يجب أن لا ننسى الجريمة ، و لن يهدأ دمنا إلا بتعليق القتلة على مشانق العدالة الدولية ، التي فقدت عدالتها منذ ولادتها المشبوهة ، و أصرخ في أذن رئيس محكمة الجنايات الدولية : هل أنت أحول ؟؟؟!!


 

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على أ. مصطفى عثمان مصطفى عثمان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد