نعم الرجل الصابر والحامد وليد خالد
الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، الحمدلله الذي قال في محكم التنزيل في فضل الصبر على المرض والمصائب: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [155] الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [156] أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [157]} [البقرة:155- 157]. وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم القائل: "أكثروا من ذكر هادم اللذات"، الموت، إنه مفرّق الجماعات، الناقل من البيوت والقصور إلى القبور الموحشات، المفجع للأهل والقرابات.
أحبتي في الله لست أدري كيف ومتى ومن أين سأبدأ.. لكنها سنة الحياة، فالموت لا يميز بين صغير وكبير، ولا صحيح وسقيم، ولا غني وفقير، ولا أمير وغفير، ولا عالم ولا جاهل، ولا برّ ولا فاجر: "إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون". ها نحن اليوم معكم وبكم نتوجه إلى المقبرة لنواري الثرى الأخ والشيخ الحبيب الصابر الحامد الشاكر الحاج وليد خالد (ابن العمة الغالية).. صبر على مرضه أيما صبر بابتسامته الحنونة المعهودة.. بوجه مشرق وضاء.. أحب الناس فألقى الله محبته عليهم فأحبه كل الناس.. لا رياء ولا مداهنه.. لا غيبة ولا نميمة.. لا قيل ولا قال، الغاية هي وجهه تعالى..
علم بأن الشوكة حين يشاكها المؤمن تخفف عنه ترفعه درجات وتحط عنه خطايا، لم ييأس ولم يقنط ولم يضجر من ضر أصابه، فنعم الحامد الصابر الشاكر هو، حياته كلها لم تكن له، الأنبياء الأشد ابتلاءً فالأمثل فالأمثل، حياة حبلى بالكثير، عانى الأمرين، لم يرزق البنين ولا البنات، ابتلي بوفاة شريكة حياته منذ عشرين عاما تقريباً، الحاجة التقية النقية الزكية (زكية عبد نعمان) رحمها الله فقد كانت خير معين وشريك له رحمهما الله رحمة واسعة وأسكنهما فسيح جناته، ونتيجة لطيب معدنه وأصله وثقته الزائدة ابتليَ بعامل عربي لم يخش الله أو يخافه سبب له الكثير الكثير من المتاعب والمخاسر، مستغلاً طيبة الحاج وليد رحمه الله.. وبعد ذلك مرض فكانت عملية القلب المفتوح، ثم السكر والضغط، وبعد ذلك الفشل الكلوي، فضلاً عن الغرغرينة آخراً.. كان مستقبلاً لكل ذلك بسعة صدر وترحاب عمّا أصابه من الله، فوالله ما رأيناه متذمراً متحاملاً أو شاكياً، لم نر إلا الحامد الصابر الشاكر ودائماً ما كان يردد “وما تشاؤون إلا أن يشاء الله” علم بأن المرض والابتلاء والصبر عليهما طريقه للجنة.. فاللهم أعطه ما أراد وزد في عطائك وأجزل لرجل أحبك وأحب عبادك..
رحماك ربي بعبدك وليد خالد، الذي لم يكلّ ولم يملّ من أداء الواجب، هنا وهناك من دبي والشارقة وعجمان إلى أبوظبي والعين حتى رأس الخيمة مروراً بالفجيرة وأم القيوين لأداء واجب العزاء أو لمشاركة الأحباب أفراحهم وأتراحهم ودعواتهم، كان رحمه الله محباً لأن يكون شاهداً على عقود الزواج، رافقته في أكثر من عقد، وكذلك رافقته بصحبة الأحبة لإصلاح ذات البين، وأذكر ذات مرة أدركتنا الصلاة وبعد انتهائنا همس في أذني قائلاً: “بعد فراغك من الصلاة وفي أي مكان فقل بصوت مسموع اللهم إني أشهدك أنه لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك، فما من شيء يسمعك (زرع أو شجر أو تراب) إلا وسيكون شاهداً معك على إقامة الصلاة، إنه محب للتيامن معلماً الصغار بأسلوب تربوي محبب للجميع “بإيدك الحلوة.. إيدك اليمين”، مساجد الدولة جلها ربما دخلها وبحث عن المصاحف بداخلها أيها يريد ترميماً أو تجليداً فيأخذها ويعيدها في قادم الأيام، رجل قلبه معلق بالمساجد.. فالله نسأل بأن يظله يوم لا ظل إلا ظله..
أسمى وأصدق تعازينا الخالصة للأخوة الأفاضل نبيل أبو خلدون ونزيه أبو خالد وناهض أبورامي وللأخوة خالد وبشار وتمام أحمد خالد وللمهذّب كمال محمد ناظم ولعائلاتهم ولشقيقة المرحوم الأخت نهى أم محمد والأخت الفاضلة عطاف فتحي أم عبدالرحمن وأنجالكم جميعاً ولكل من له صلة به.. أعانكم الله على ما ابتلاكم رحمات ربي تتنزل عليه وعلى أموات المسلمين أجمعين..
عائلتي عائلة الأغا الحبيبة إننا غاية في الحزن والأسى على ما ألمّ بأحبابنا من أهل الإمارات الغالية.. ها نحن نعاني ألم الفراق على الأحبة الذين فجعنا بما ألمّ بهم وهم عدد غير بسيط، عظماء بقدرهم وبأعمالهم .. عظم الله أجركم جميعاً فيما أصابنا فلله ما أعطى ولله ما أخذ وإنا لله وإنا إليه راجعون.
عن زوجة وأبناء وكريمات المرحوم بإذن الله (أبوهشام)
حسام عثمان