في وداع المعلّم
كتب : د. يحيى زكريا الأغا
اليوم يودع قطاع غزة أحد أبنائها المشهود لهم بالصلاح، اليوم تودع مدينة خان يونس أحد أعلامها المرموقين، وتودع عائلة الأغا أحد رجالاتها ونسّابها، ونساب قطاع عزة، تودع الرجل الذي عرفه أهل العلم والفضل، وعرفته المساجد والجوامع، والمدارس والمعاهد والجامعات، عرفوه جميعاً بعلمه الثرّ، وبتواضعه الجم، وخُلقه الرفيع، وإنسانيته العالية، وروحه المرحة، وشهامته العالية، لقد ترجل الفارس " الأستاذ والمعلم / عمر عودة الأغا " أبو رامي " كما يُحب أن يُقال له، عن صهوة جواده.
اليوم يبكي القطاع من الشمال للجنوب، يبكي الكل الفلسطيني في الداخل، والكل الأغوي في الخارج، إنه أستاذي وأستاذ الأجيال / " أبو رامي" إنه بحق أستاذ الأجيال وليس الجيل، فلقد كان لي الشرف أن نهلت من علمه عام 1966 في مدرسة عبد القادر الحسيني الابتدائية بالصف السادس، مبحث للغة العربية، والخط العربي.
كان أبو رامي أحد أبرز أساتذة عصره، معلماً، ومدرساً، وتربوياً، ومديراً ومشرفاً، ومتطوعا بعد أن بلغ الستين، له إسهامات متعددة في كل المجالات التي تنمي ذاكرة الإنسان، ناصحاً طلابه، وملهما للمعلمين، ومرشداً للمدراء.
آن الأوان لإبي رامي الذي جاب الأرض طولاً وعرضاً من خان يونس لرفح، ومنها للشرقية، أن يرتاح من عناء أيام خلت، فعندما نتكلم عن سيرة أستاذ وهب حياته للعلم والعلماء حتى بعد أن بلغ سن الستين، كان عطاءً لا ينضب، ومتابعته للمدارس لا تنتهي، يرتحل من مدرسة إلى أخرى في الصباح، ليتحدث إلى الطلاب والطالبات عن تجربته في الحياة، وليقدم لهم عصارة ما أثمرت عنه مسيرته المكللة بالنجاحات، فكان الكل الطلابي ينتظر قدومه للمدرسة ليستلهم من فكره وعلمه الكثير، ويسيروا على دربه،ويقتدوا بأفعاله، ويحتفلوا بمقدمه.
يا أيها الفارس الأغوي، كم هي خطبك ومواعظك ودروسك الخاصة والعامة، وكم هي مجاملاتك وزياراتك للناس، إما مهناً سلامة الوصول، أو لشفاء مريض، أو مهناً لناجح، أو لمولود، أو عائداً من رحلة الحج أو العمرة، أو حاضراً في كل المناسبات الاجتماعية بكلمة، و كذلك الوطنية برأي، وحضورك الأطروحات العلمية ومساهمة فكرية، وفي وداع الإحبة إلى الدار الأخرة ولك نصيحة، واليوم مَن من أهل خان يونس سيودعك يا أبا رامي.
موقع العائلة اليوم سيشهد اليوم تعازي لم يشهده من قبل لأي إنسان، فمن منا لا يعرف عمر عوده، ومن من أهل القطاع لا يعرف " أبو رامي" ومن من أهل الشتات لا يعرف هذا الإنسان، إنه الأخ والأب والمعلم والمربي والحبيب، والكريم والمجامل والمشارك، والموهوب، والمصلي والمتصدق والمحب والحبيب، والمحبوب والشهم، والمتواضع، والكبير بعلميه، والصغير مع أبنائه، إنه الأستاذ أبو رامي.
فقدناك يا أبا رامي، ولسان حالنا يقول : من سيلقي كلمة المتفوقين من أبناء العائلة، ومن سيكتب للناجحين والناجحات، والمبدعين والمبدعات، من سيكتب كلمات تنير الدرب لأبناء العائلة، ومن سيلقي كلمات الأفراح، ومن سيستقبل أهل الحل والعقد، ومن سيجلس في الديوان مهللا ومرحباً بالضيوف.
طبت حياً وميتاً يا أيها الأستاذ الجليل أبو رامي، فوالله إننا نشهد أنك أديت الأمانة قدر ما استطعت وزيادة، رحمك الله يا أستاذنا وأسكنك الفردوس الأعلى.
ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا " إنا لله وإنا إليه راجعون"
عزائي لعائلة الأغا، وللمحبين له ولعائلته من أبناء وبنات وزوجة وأحفاد.
[1] د. رانى احمد خالد الاغا | في وداع المعلّم | 14-07-2020
[2] فواز فضل حسين الأغا | تعزية ومواساة | 17-07-2020