عندما يئنُ القلم.....
سمر زكريا إبراهيم
أستاذنا ومعلمنا أبا رامي:
دوماً كنت من أشد المعجبين بكتاباتكَ وخطاباتك الارتجالية، ولكن لقائي الشخصي الأول والاخير معك كانَ في حضرة الموت، عندما قدمتُ أُقدمُ واجب العزاء للخالة أم على بوفاة ابنها علي _رحمة الله عليهما- وكنتَ أنتَ جالساً بجوارها. لن أستطيع أبداً أن أنسى دموعكَ المنهمرةَ بغزارة والخالة -رحمةُ الله عليها- تتحدثُ عن علي، وإنْ دلَ ذلك على شيء، فإنما يدلُ على كمِ المشاعر والحب والحنان والإحساس الذي احتواه قلبكُ النقي، الذي أحبَ وأحسَ بالجميع بلا استثناء. لقد شاركتنا جميعاً أفراحنا وأتراحنا وكنت دوما حاضراً في كل المواقف لا تغيبْ.
من منا لمْ تتركْ لهُ ارثاً رائعاً تجّسد برسائلك المكتوبة بخط يدك المنمق الجميل مهنئاً فيها أو معزياً!
تنزّهت من كل ثرثرةٍ لا جدوى منها، وارتقيت ولم يصدحْ لسانُكَ إلا بدررِ الكلام. كانت طريقتُكَ المبهرةُ بالسردِ والخطابة، ولغتك الغنيةُ هي عنواناً لهويتك. سردُكَ لم يكن يشبه أي سرد.. كما هو صمتك وروحُك الهائمة في بحور اللغة العربية.
كم من رسائل الماجستير والدكتوراة، والكتبِ دقّقتها أنتَ على كثرتها لتخرجها سليمةً غير معاقةٍ -بلغةٍ أو معنى -بلا مقابل! لِتثبتَ لنا أن المبدعُ ليس نجماً، وإنما هو معلمٌ متطوعٌ لكي تبقى الثقافة وتستمر..
لن تتهاوى أبداً رغم الغياب، وستبقى علياً في وطنٍ عشقتَ ثراه فعشقك. سلاماً لروحك النبيلة.. سلاماً عليكَ في الخالدين.. سلاماً عليك وأنت في الملأ الأعلى مع النبيين والصديّقين والشهداء وحسن أُولئك رفيقا. نحسبكَ كذلكَ ولا نُزكي علي الله أحدا.
اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واجعل قبره روضة من رياض الجنة وأسكنه الفردوس الأعلى
وإنا لله وإنا إليه راجعون.