مقالات

قطعة جلدية هزت العالم العربي- محمد عثمان محمد

 

قبل بدء  المباراة بين منتخبي الجزائر ومصر انتظرها الجميع بفارغ الصبر، بدأ مشجعو الطرفين بتجهيز أنفسهم لاستقبال الحدث الرياضي الضخم التي بثته معظم أجهزة الإعلام من العاصمة السودانية، متعة المتابعة للمباراة لم تدم طويلاً إذ تفاجأت بخنجر الغدر يطعنها طعنة تلو الأخرى من كلا الطرفين، هذا الحدث حدث رياضي بحت، لم يكن بالحسبان أن يتحول الحدث الرياضي إلى قضية دبلوماسية معادية ما بين حكومتي الفريقين مما أدى ذلك إلى استدعاء المسئولين العاملين في السلك الدبلوماسي من كلا الطرفين حسبما أفادتنا به وسائل الإعلام، ناهيك عزيزي القارئ عن الخلافات الحادة والعراك بالايدي والتلاسن بين مشجعي المنتخبين، والقطعة الجلدية التي تسببت في جرح واعتقال الكثير من المشجعين مما يثير ذلك التهكم والسخرية بل السخافة تلك هي الصفة التي جلبوها لأنفسهم.

   ماذا حدث لنا نحن العرب؟ ماذا حدث لنا نحن المسلمين؟ علامات استفهام كثيرة تطرح نفسها في الميدان دون إجابات وهذا ما تعودنا عليه من سابق الزمان، لا إجابات لهذه العلامات بل باتت متاهات شائكة وإيهامات معقدة، أوصل بنا الحال لهذه المرحلة البدائية ؟ ويكأننا في عصر الجاهلية.

   هنيئاً للغرب وإسرائيل ألم تحرّك فيكم ساكناً تلك الدعوات والمناشدات الصهيونية لكم بضبط النفس، دولة الكيان الصهيوني تدعوكم يا مسلمين ويا عرب إلى ضبط النفس! عند استقبالكم تلك الدعوة لم تشعروا بشئ تحرّك بداخلكم كالضمير العربي مثلاً ! آسف ! قد نسيت أنكم فتحتم له بيت عزاء منذ زمن بعيد.

في المباراة قبل النهائية فاز المنتخب المصري وغضب الآخر غضباً شديداً وفي النهائية فاز المنتخب الجزائري وغضب الآخر غضباً شديداً، الفرق المغلوبة وشعوبها ومشجعوها أصابها الاستياء والحزن العميقين أدى ذلك إلى البكاء تلك الدموع الملتهبة والمؤلمة نسأل الله لكم الشفاء.

   هل هناك وجه تشابه مع هذه الدموع ومع تلك التي تنزف بسبب المباريات التي تحدث في غزة وقطاعها، ملعب قطاع غزة يضاهي كل الملاعب العالمية حتى أنه مغلق من كافة النواحي خوفاً من خروج الكرة إلى الخارج، المباريات التي تحدث في قطاع غزة كثرت فيها ضربات الجزاء، حتى أن القنوات الفضائية تبث المباريات مباشرة من غزة ولا تحتكرها قنوات معينة حيث يسهل على الجميع متابعتها والاستمتاع بالمشاهد المثيرة وخاصة ضربات الجزاء.

   أما أوجه الاختلاف بين هذه المباراة وتلك، أن مباريات قطاع غزة لم تجد لها مشجعين متحمسين كهؤلاء الذين حملوا السلاح الأبيض وغيره والاعتقالات في صفوف المشجعين واستدعاء السفراء من أماكنهم وقطع العلاقات الدبلوماسية، ومهاجمتهم ومحاربتهم لبعضهم البعض، وخروج الكثير منهم في شوارع وأزقة بلاده معبراً عن فرحته إن كان غالباً أو عن سخطه إن كان مغلوباً، كذلك الاعتصامات أمام المقرات الدبلوماسية والتظاهرات والاحتجاجات وغيرها.

   وهناك وجه اختلاف آخر أن هذه المباراة كانت كرة جلدية دائرية ذات الألوان الزهية، أما عن مباريات قطاع غزة فهي عبارة عن قطع كثيرة معدنية منها والحديدية وأشكالها مختلفة تصيب الهدف أينما كان وفي أي زمان، وأن المباريات في ملعب قطاع غزة تنعقد فجأة دون تحديد موعد أو حتى سابق إنذار، لذا فإن أجهزة الإعلام دائماً على أهبة الاستعداد للبث، واللاعبين أيضاً كذلك جاهزون ينتظرون هجوم الفريق الآخر.

ملعب قطاع غزة بحاجة ماسة إلى مشجعين متحمسين كمشجعي منتخبي الجزائر ومصر تماماً مثلهم جملةً وتفصيلاً، حتى وإن وصل بهم الحال إلى رفع السلاح الأبيض في وجه الفريق الآخر وقطع كل أنواع العلاقات معه أو حتى الموت فإنهم مأجورين بإذن ربهم، أما الذين فارقتهم الحياة  في مباراة الجزائر ومصر فهل هم مأجورون حقاً ؟؟؟  
 

 

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على أ. محمد عثمان محمد حمدان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد