وفي تلك الحقبه من الزمن تولي كحاكم إداري قضاء ألرمله القائم مقام الرجل المعروف وهو الأستاذ عبد الرزاق قليبوا علما أن هذا الرجل سبق أن كان يقوم علي رأس الحاكم في مدينه بئر السبع وقضائها وله علاقة جيده وتاريخ مجيد مع شيوخها ومواطنيها حيث كان في مدينه بئر السبع مجلس عشائر وله صلاحيات واسعة في حل المشاكل المستعصية هنا وهناك وخاصة ما يسمي بالدموم وهي القتل سوء عمدا أو قضاء وقدر بكافه أنواعه فبحكم ذلك كان له نشاط وعمل مشترك في إصلاح ذات البين بطريقه العرف والعادة والنظم المعمول بها عشائريا مع هؤلاء المشايخ ويتابع خطواتهم ويستعين بهم في تسهيل مهمته كقائم مقام حتى حقق الكثير من النجاح في حل المشاكل المزمنة. في مدينه ألرمله واجهته مشكله قائمه علي اثر قتل احد أفراد عائله موسي في قرية عاقر من قبل احد أفراد عائله صيدم بسبب طوشه عموميه وحصل ما حصل في حينه وتعذر إصلاحهم علي الجهات المعنية في تلك ألحقبه من الزمن ؛واتوه هنا حين ما يحصل حادث قتل في ذلك الزمن تقوم الدنيا ولم تقعد شعبا ودولة لمده سنه وأكثر والناس في حاله هرج ومرج غاضبين منزعجين. حيث كانت جريمة القتل نادرة وتؤلم الناس جميعا إلي ابعد الحدود ؛وليس كما يحصل في زمننا المعاصر حيث تقع جرائم القتل بين الناس وينظروا لها سواء أولي الأمر أو المواطنين كرقم وعدد ليس إلا تجد الناس يقولون حصل طوشه في خان يونس مثلا بين عائلتين وقتل خمسه كذلك برفح بين اتجاهين وقتل أربعه في غزة وقتل ستة في بيت حانون ووصل العدد إلي ثمانية ولا غير ذلك الأمر مجرد ما قد يحصل خبر تتناقله الصحف ومحطات الإذاعة المحلية وهذا ما يحصل بكل حزن و أسي يتم التعامل مع هذه الوقائع مربوطة بالعجز وقله ما باليد حيله. ونعود إلي ما نحن بصدده فاهتم جدا الأستاذ قليبوا وبذل كل مساعيه من اجل إكمال مراسيم صلح مشرف بين عائلتين كريمتين وعزيزتين علي مواطنيهم وجيرانهم بصوره خاصة وعلي الحكومة بصوره عامه فاستعان بعدد من مشايخ الجنوب لما لهم من خبره وحنكه واحترام علي مواطنيهم وكللت مساعيهم بالنجاح ولقد تم تعين يوم من اجل الطيب والصلح النهائي دونما أي علم مسبق لوجهاء ومخاتير المنطقة ... فلما انتشر الخبر هبت القرى المجاورة وأبناء العشائر بكل ما تملك من قوه حيث جهزوا بناء بيوت الشعر والذي جمعوها وبنوها في مكان فسيح يناسب ؛وجمعوا الفراش وأدوات الطبخ من كل قري وعشائر اللواء حيث لم يكن كراسي ولا صواوين وكانت العادة حب التعاون والمساعدة في دم المواطنين ويسعدهم ويشرفهم مد يد العون وان يكونوا في مقدمه من يقدم الواجب كل بنفسه دونما تكليف من احد وكانت العادة المتبعة ؛أن يحضروا المعازيم من مثل هذه الحالة
وهم ألان في ذمه الله ورحمته فلا احد يستطيع أن يزاود علي هذه الشخصيات وهم أصحاب الباع الطويل في هذا المضمار وتمت المصالحة علي أكمل وجه حيث ابهر الجميع تنسيقهم وتنظيمهم للأمور وهذا كان غريب علي هذه المنطقة وسكانها ما تم مشاهدته وتطبيقه حيث احضروا كبار عائله صيدم وكذلك المتسبب ووضعوا منديلا ابيض علي رقبته وأدخلوهم في حفل استقبال مهيب حيث ألهب مشاعر الحاضرين هذا المنظر السامي. حيث تقدم الجمعان وتعانقا وتصافحا وهم في حاله نحيب وبكاء وتقديرا وإجلالا وندما علي ما حصل وصفق لهم الجميع وحيوهم وقدروا لهم مشاعرهم وحسن استقبالهم وتسامحهم العظيم ؛وبذلك عادت المياه إلي مجاريها وأصبحوا في دين الله إخوانا وأذنوا للجميع تناول طعام الغداء الذي كان مقدم سلفا والذي علي ما جرت عليه العادة و التقاليد لم يباشر احد بتناول طعام الغذاء إلا بعد إكمال مراسيم الصلح وإعلان أسماء الكفلاء ويؤذن لهم بعد ذلك من رجال ألجاهه الكريمة بتناول الطعام ؛ وتم ذلك ومن ثم باشر السيد عبد الرزاق قليبوا عن شكره للجميع وطلب من المخاتير والوجهاء وحضور الخير تقديم مساعده ماليه وان يتبرعوا بما تملك أياديهم كما اخذ علي عاتقه فتح حساب مالي في البنك لأبناء الفقيد وتولي بنفسه جمع التبرعات وكان في رفقته رجل فاتح طرف عبأته والكل يدفع حسب استطاعته ولكن اغلب الإخوة الحضور من مخاتير القرى كانت بمثابة مفاجأة لهم فلم يكن معهم إلا القليل من النقود ؛مقدم الحضور في هذا الحشد كل ما يستطيعون من مساعده لولي الدم
وإذا برجل فاضل ومقدام وكريم هب واقفا وتكلم باعلي صوته وعلي وجهه علامة الشجاعة والشخصية الخلابة وكان رحمه الله عليه في هيئته وملبسه أشبه بشخصيه
–محمد علي باشا خديوي مصر رحمه الله وتساءل كم المبلغ الذي جمعته يا سعادة الحاكم مسرعا ما قاموا بجرده وعده وقال إمام الجميع ؛
وأبلت بلاء حسنا وتم إصلاح ثمانون في المئه من مشاكل الدموم التي خلفتها في حينه ثوره عام 1936م وفي خلال عام من ذلك |