ألقيتها تحت حذائي .. مرّتين
18/01/2008
لم يكن ما يقلقني و أنا أتابع شاشة السرعة في قطار جوانزو – هونغ كونغ تزايد السرعة حتى تعدت الرقم مائتين، ولكن قلقي عل
ى نتيجة هذه الرحلة ، وهل ستسمح لي سلطات هونغ كونغ بالدخول؟ شاهد زميلي في الرحلة الأخ / علي التيتي توتري و شرودي ، فأذاب رتابة هذه اللحظات ببعض المرطبات و الحديث عن أمور تهمُّ العمل . وصلنا الى المبني الضخم الذي يضم محطة القطارات ، و الجوازات الصينية ، و جوازات هونغ كونغ ، و العديد من المحلات و المطاعم . تقدمنا الى الجوازات الصينية التي ختمت لنا بالخروج ، وترجلنا حتى وصلنا خط الحدود الوهمي الذي تشير لوحة في أعلاه إلى الطريق الى هونغ كونغ . سألني موظف الجوازات بعد تقليب و تحديق في وثيقة السفر : - - هل هذا جواز مصري ؟ - * لا - هل هو فلسطيني؟- - * لا.. وثيقة مصرية للاجئين الفلسطينيين
استدعى الموظف موظفة جاءت من المبنى المقابل ، أخذت الوثيقة و كارت الدخول و أشارت لي أن أتبعها ، أشارت إلي أن أنتظر قليلا حتى جاء رجل أمن و دعاني الى إحدى الغرف الثلاث المخصصة للإستجواب . - ما هو سبب حضورك إلى هنا؟ *أنا في الحقيقة في رحلة عمل للصين ، و حتى يتم تجديد تأشيرتي كان يجب أن أغادر ، و اخترت بلدكم .
قاطعني قائلا:- لكنك بحاجة الى تأشيرة مسبقة - قلت له لا أعلم ، سبق لزملاء لي من الأردن أن دخلوا هنا بدون تأشيرة * الجواز الذي تحمله يحتاج لتأشيرة مسبقة.- قاطعته هذه المره وقلت له : أنا بحاجة فقط لختمين ، ختمٌ للدخول و آخر للخروج ، لو أمكن الحصول عليهما أشكركم كثيرا . -آسف لا يمكنني *إذا دعني أعود! خرج الموظف و في يده الوثيقة و بعض الأوراق التي كان يكتب عليها و طلب مني الإنتظار في الصالة، تثاءب الوقت معي و نحن ننتظر الفرج حتى جاء موظفٌ أمني آخر كبير السن هذه المرة ، و دعاني لنفس الغرفة و بدأ يسأل بنفس البرود الإنجليزي الذي استجوبني به زميله ( هونج كونج كانت حتى وقت قريب مستعمرة بريطانية ، و عادت لأحضان الوطن الأم بشروط خاصة ):- -هل تعرف أحداً في هونج كونج ؟ *لا. -كم تحمل معك من النقود؟ *لماذا تسألني عن النقود ، هل ستسمح لي بالدخول؟ -لا لن تدخل بدون تأشيرة *لماذا تسأل إذن ؟ لن أجيبك ! عاد يسأل بنفس البرود : هل يرافقك أحدٌ في هذه الرحلة؟ *لا -هناك شخصٌ في الخارج ينتظرك، هل تعرفه؟ *نعم ، تعرفت عليه في طريقي إلى هنا ، و لسنا مرتبطين بالسفر معا ، يستطيع أن يكمل رحلته و سألته : لماذا تكبرون القصة ؟ أنا لم أقفز فوق السور ، ولم أتسلل عبر السلك الشائك، و لم أنزل عليكم بالبراشوت ، جئت مثل كل الناس الى بابكم ، وعليكم إما السماح لي بالدخول أو العودة فوراً من حيث أتيت. -أرجو أن أرحب بك في المرة القادمة عندما يكون معك تأشيرة *لن أفعل ! لا شيء هنا يهمني ، و استقبالكم لي سيذكرني دائما بعدم التفكير بزيارة بلدكم مرة أخرى ضحك ضحكة صفراء و قال : تفضل معي. خرجت معه لأجد زميلي ينتظرني قلقاً ، شكرته على انتظاره لي و أخبرته بالإنجليزية أنني سأعود للصين لأنه يلزمني تأشيرة دخول مسبقة ، فسألني بالعربية أين نلتقي بعد ساعة ؟ فأخبرته بالإنجليزية (حتى لا يفهم الضابط أننا نتفق على شيء ما) سأعود إلى شنجن (المدينة الملاصقة لهونج كونغ) و سأتجول هناك لمدة ساعة بعدها سأعود لمحطة القطار المتجه إلى جوانزو. فهم صديقي ما قلت و عدت مع الضابط لاستكمال الأوراق ، وطلب مني التوقيع على ورقة تفيد كم من الوقت استغرق الحديث معي، وورقة أخرى تفيد بأنني أعلم أنه غير مسموح لي بالدخول ، ونادى على شرطي سلمه الوثيقة وورقة أخرى و تبعته حتى خط الحدود الوهمي ، أدى التحية لزميله الصيني و سلمه الوثيقة و الورقة المرفقة و انصرف عائدا. و دخل الشرطي الصيني إلى حجرة قريبة وعاد يسلمني وثيقتي ، فتحتها فوجدت أن ختم الخروج تم الغاؤه . ألقيت الوثيقة على الأرض و دست عليها بحذائي و الشرطي ينظر لي باستغراب شديد و التقطها و مضيت. استغرقت رحلة العودة من الصين إلى الدوحة تسع ساعات ، وصلنا الدوحة في العاشرة مساء ، وكانت بطاقة الصعود إلى الطائرة القطرية المتجهة إلى القاهرة تشير إلى الساعة الواحدة ظهر اليوم التالي. توجهت إلى مكتب القطرية مع بعض المسافرين ، و كتبت الموظفة عبارة تفيد بتأمين المبيت لنا وقالت أعطها لأي موظف بالصالة و سيقوم بعمل اللازم ، نظر الموظف الهندي لوثيقة السفر باستغراب و قال : -ما في فندق *لماذا؟ -ما في جواز *وهذا ليس جوازاً ؟ -هادا فلسطيني ما في يروح فندق *هل دفع هذا الفلسطيني أقل من الآخرين ثمناً لتذكرة السفر؟ و ألقيت بالوثيقة على الأرض و دست عليها بحذائي و بعنف ، و بنفس البرود الذي استقبلني به رجل الأمن في هونج كونج كان تعليق الموظف الهندي بالإنجليزية : ياسيد . كثيرون مثلك فعلوها هنا. مصطفى عثمان الأغا
|