هذه الكلمة ألقيت في حفل تأبين معروف رفيق بنادي الجسرة الثقافي بالدوحة
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب السعادة السفراء
أحباء الشهيد / معروف رفيق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل تعرف الدنيا حقيقة موقفي ومدى طموحي أو طبيعة مطلبي
إني أريد مسافة في موطني آوي إليها بعد طول تغرّب
قبراً، يهدهد جثتي ويضمّها في موطن الآباء. مسرى النبي
نعتذر إليك أبا طراد، فجسدك أحتضنه تراب قطر الأوفياء، وروحك صعدت من مسرى النبي، فنلت الحسنيين من الحبيبتين قطر وفلسطين.
من عنبتا، كانت البداية، حين استقبلت بوابة السما فقيهاً من آل الفقهاء، ارتوي من نبعها، واكتسى عظمه من خيراتها، فكان في أحسن تقويمٍ، ثم إلى قطر وفد، وأكرمت وفادته من كرام هم أهله، فاحتضنوه بحنوٍ، ثم بدى النور في القضيب الرطيب، فاكمل السبعين، نصفها بالأعوام عامرة ، وبالسنين ماتبقى من ألم الفراق على قدس هي عشقه الأوحدِ، أتذكرون معي مجموعتيه ( فلسطين الجرح والطريق والقدس قصيدتي).
إنها عوادي الموت، جاءت تبغي فقيهاً سيدا من آل الفقهاء، فكان على الموعدا، مستسلماً لقضائه طائعاً، مقبلاً على ربّه راضياً، واثقاً من غفرانه موحدا، حملتك الأكف إجلالا، وودعتك العيون أنهارا، وعيون بكتك حباً عن قرب وبعدٍ، ، فضمّكت قبر يهدهد جسدك، في قطر الكرام الكرام، لتروي الأيام بعدك أبا طراد سيرة، هي بالعلم والأخلاق منارةٌ، حزتَها سيادة وسؤددا.
عنبتا ودعتك وأنت فيها وتلك دموعها في كل وادي
أخاله بيننا
هو أنت " معروف " للكرام بذكراك التي خَطّتْ في مستقيم القول حكمةً وإخلاصاً، ووفاءً.
هو أنت" رفيق " للمكارم والنهى، أسقيت منها البنين، والبنات، والعسكرا، لغة البيان، فنعم المشربا.
هو أنت " محمود " في البرية سيرته، متواضع لله، مرفوع اللِقا.
هو أنت " فقيه " لآل الفقهاء أنتساب، أستاذ للبيان، وقبلة للشُّعرا.
أيا معروف: أرحلت ؟ ومن قال؟ إنك لم ترحل! أخالك واقفاً أمامنا، تُلقي على قلوبنا الشعرا، لفلسطين والأقصى، والشهيد، وهدم البيوت، والانتفاضة، ورمضان، وقطر، وشجرة العوسج، والبيئة، والوحدة، وبسام الشكعة، ووادي عنبتا، وانتصار رمضان، والخروج من بيروت.....
لا . لا . رحلت . إذن، مَن للشعر الملتزم بعدك؟ ماذا نبّلغ الخليل بن أحمد؟ ماذا نقول للشيخ/ خالد بن حمد؟ ولحسن توفيق؟ وللدكتور أحمد النعمة؟ ومَنْ سيكتب للفتيات والفتية؟ مَن سيبكي قانا؟ مَن سيذكرنا بأخت مكة؟ مَن سيبشرنا بعودة القدس؟ مَن سينادي على صلاح الدين؟ مَن سيصلي على الشهيد شعراً؟.من سينظم قصيدة العودة؟ مَنْ للمناظرات الشعرية بعدك؟ مَن لقطرَ في شعرهِ وفاءُ كمعروف؟
أبا طراد: أتبكيك مدرجات جامعة قطر، أم البابطين، أم لفراقك يبكيك نادي الجسرة، ومسرح قطر الوطني، والقسم الداخلي، ونادي شباب الدوحة، وصحيفة الراية، والشرق والوطن، وإذاعة وتلفزيون قطر، وسفارة فلسطين، لك في كل مكان علم وشهود، فهنيئاً لك تركت سيرة بالخير تسري بين الأمم.
غادرتنا أبا طراد وكنت فينا مكرماً ومبجلا، عشت الحياة بطيبةٍ وبشاشةٍ، وبساطةٍ، ومرحٍ، تجلى كلّه بذكاءٍِ وبصيرةٍ، وصفاءِ روحٍ، وعلو همّةٍ، وتواضعِ نفسٍ، كل ذلك من بعض صفاته.
ركبت بحور الشعر ولك منها نصيب:
فلك من الطويل نصيب : تُرمى فتؤتي أطيب الثمر.
ولك من الوافر كمالٌ: وافر الإحسان والبيان.
ولك من الكامل بيان: كامل العطاء
ومن البسيط تواضع:
أما فلسطين وقطر اللتان هام فيهما حباً ووفاءً، وتلك من صفاته يقول الشاعر:
هذي فلسطين التي قدستها مدّت معانقة إليك فماً يدا
هذي قطر التي أحببتها حملت على صدرٍ شريطاً أسودا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د/ يحيى زكريا الأغا
المستشار الثقافي
لسفارة دولة فلسطين / قطر