مقالات

لا تفضا "بكارة" فلسطين بحرب داحس والغبراء

 

23/05/2006


 لا تفضا "بكارة" فلسطين  بحرب داحس والغبراء
 د/ يحيى زكريا الأغا
 
 لم تكن نكبة فلسطين عام 1948 التي صادفت ذكراها الثامنة بعد أربعة عقود، قبل   أيام، سوى محطة من محطات الوجع الفلسطيني، نذكرها عبر مقالات، ولقاءات   تلفزيونية، ونكتفي بأننا قمنا بالواجب، ( اللهم إني بلّغت فاشهد)  لكننا- والحق
 أقول- مازلنا نعدم العمل الذي يمحو أثار النكبة، بل ولن أكون متجنياً على أحد   إن قلت بأننا ساهمنا في ترسيخ جذور النكبة بالشكل الذي نحن عليه الآن، سلوكاً   ومنهجاً، وديمغرفية، بل ومكناهم من انتزاع  حقوقنا عبر أروقة دولية، لتصبح
 إسرائيل واقعاً لا يمكننا الآن أن نتجاهله، أو تتجاهله أي دولة في العالم، وتلك   هي مأساتنا، فاستسلمنا لهذا، وبدانا نتوافق ونتقاطع مع المجتمع الدولي ،  ولكن   ما يحدث الآن في قطاع غزة أرى بأنه أقسى من يوم 15 مايو.
 ربما يقول البعض ذلك هراء، فضياع نصف فلسطين لا يمكن مقارنته برصاصة تطلق هنا   او هناك، أو إحراق سيارة، أو إرهاب آمنينن أو تكوين ميليشيات، أو اعتداء على    حرامات، أو قتل للأبرياء، أو أي شكل من أشكال الهم اليومي.
 لكنني أقول بعد تبصّر ورؤية كنت مخالفاً إياها لأحد الزملاء، بأن "داحس   والغبراء"  امتد ريحها الذي زكم النفوس في الجاهلية، إلى فلسطين، إلى غزة،   وأخشى أن يتمدد بها الزمن إلى سنوات، تأكل الأخضر واليابس، ثم يأتي زمن يبدي
 للطرفين سوءاتهما ويندما على ما فعلا.
 لا نريد أن نندم يا فتح الثورة، لا نريد أن نندم يا حماس النضال، ففلسطين أكبر   من أن يمسها أحد بسوء، هي مازالت عذراء، طالما القدس لم تُفتح، فلا تفضوا  بكارتها بدماء قذرة تزكم النفوس، ولا تشهروا السلاح في وجه بعضكم بعضا، فالقاتل   والمقتول في النار مهما حاول البعض تبرئة نفسه.
 لم أخجل في يوم من الأيام من فلسطينيتي، ولن أخجل، لكنني اليوم أحاول من يأسي   المجبول بالهم الفلسطيني، أن أبتعد عن الأنظار كي لا يرمقني أحد بنظرة عتاب 

 تقول لي: أفٍ لكما أيها الفلسطينيون، أهذا هو النضال الذي تدعوننا إليه؟  هل
 هذا هو الجهاد الذي نادت به حماس وفتح؟هل الاقتتال الذي نراه في فلسطين اليوم   سيؤدي إلى دولة فلسطينية واسترجاع القدس الشريف؟   هل هذا يوصلنا إلى انتزاع   حقوقنا المنقوصة على أراضي 1967؟ هل الدماء التي تسيل يمكن أن تنسيكم ما   تكابدوه اليوم من معاناة شديدة في كل مظاهر الحياة؟ هل هذه صورة حماس التي كانت   توجه البندقية إلى إسرائيل؟ هل هذه فتح التي حملت ومازالت لواء النضال أربعين   عاماً؟  فأقول في كمدٍ " لا حول ولا قوة إلا بالله" أخشى أن تكون هناك أيدي خفية   لا تريد الاستقرار السياسي والاقتصادي لأبناء فلسطين؟ يرديون أن تستمر المعاناة   لهم، يريدون أن يحملوا رسائل إلى العالم يقولون: هل الشعب الذي يتقاتل يستحق أن   تكون له دولة؟ فتح لا يمكنها أن تشهر سلاحها في وجه أحد، ولم يسجل التاريخ لها   أن أطلقت رصاصة في الصدر أو الظهر على فلسطيني، بل كانت مصدر تهدئة وتوافق منذ  بيروت وإلى اليوم، وكذلك حماس التي حملت لواء الجهاد منذ عام 1987 وإلى يومنا   هذا، كانت أقرب إلى الاعتدال في تعاملها مع فتح، بل والأقرب إلى فكر فتح الذي   نادت به عام 1965، لهذا لا يمكنهما اليوم أن يتواجها احتراباً.0 أحاول أن أبرئ   نفسي لكن الواقع أقسى من أي تبرئة).
 أبا جهاد أتسمعني اليوم؟ أم تسمع رصاص الغاب يدوّي في طرقات غزة؟ أم تسمع عويل   النساء يصرخن بأعلى صوت كفى احتقاناً، كفى نكبات؟ ماذا تقول لنا أبا جهاد؟
 فربما يسمعك القاصي والداني، لكنك وأجزم بأنك تقول: أحمد الله أنني لم  أكن  شاهداً على عصر الذل والمهانة.
 أبا إياد، أتسمع ما يدور في غزة هاشم ،أم أردت أن تصم آذانك عن سماع أخبار  الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد؟ إن سمعت أجزم بأنك ستقول: أحمد الله أن صعدت   روحي قبل عشرين عاماً حتى لا أكون شاهداً على عصر الانحطاط الفلسطيني.
 أبا عمّار يا قائد الشعب الفلسطيني، ماذا تقول اليوم لرفقاء السلاح، ماذا تقول   لمن حكّم فكر داحس والغبراء، ماذا تقول لرجال صنعوا مجداً عظيماً في مسيرة   الثورة والنضال والجهاد؟ أعتقد أنك تقول بصوت عالٍ كما قال رسولنا الكريم في
 خطبة الوداع: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا....، كفاكم   اقتتالاً.
 أما شيخ الشهداء أحمد ياسين فيقول لكم : اتقوا الله في شعبكم، وفي وطنكم،   ففلسطين أسمى من أن يُشهر سلاح فيها إلا على الأعداء والمحتلين، كفى اقتتالاً،  والقاتل والمقتول في النار.
 وماذا تقول يا رئيس الوزراء( ابا العبد) كما تحب أن تصف نفسك، هل يرضيك هذا    الدم الفلسطيني النازف؟ هل يرضيك تربص المسلم بالمسلم؟ أعتقد أنك أكثر ألما   لِما تسمع وترى، فماذا أنت فاعل اليوم، وأمانة الوزارة التي أبت السموات والأرض   أن تحملنها واشفقن منها وحملتها أنت؟ عهدناك متزناً، والشعب فوضك بالحكم، نأمل
 أن يسود العقل والحكمة كل أقوالنا وأفعالنا حتى يقتدي بنا الصغار الصغار.
 أما أنت أيها الأخ الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ماذا تقول اليوم وقد  أحاطت بك   الأنواء من كل جانب، ماذا تقول والدماء الفلسطينية أصبحت على أجندة العمل   اليومي والدولي؟ ماذا تقول للعالم في زياراتك وسعيك لتحيق الأمن والأمان لأبناء   وطنك، أعلم أنك أكثر ألماً لِما يدور على الساحة الفلسطينية، وأعلم أنك أكثر  معاناة، ولكن الراية في يدك، وزمام الأمور معقودة في ناصيتك، ودماء الشعب   الفلسطيني الذي انتخبك أمانة في عنقك، ولن تتركه يضيع بين ( حانة ومانة) ليتحول   إلى ( داحس والغبراء).

 لنحكم العقل يا أبناء شعبنا الفلسطيني، لنحكّم الفكر السليم، لنبتعد عن المحطات   الفضائية المسمومة، لنترك المجال لأولي الأمر في الكلام، لنرفع راية الحب   والوئام بدلاً من سلاح الغدر.
 والله من وراء القصد

 

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على السفير يحيى زكريا إسعيد حمدان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد