مقالات

ورحل المعلّم

11/07/2006 

 

ورحل المعلّم
د يحيى زكريا الأغا
قال تعالى" والذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون"

صدق الله العظيم
خان يونس ( مدينة الشهداء) كانت على موعد يوم 27/6/2006 في وفاة أحد ابرز روّاد العلم والفكر في فلسطين إنه إحسان خليل الأغا.
يوم ليس كباقي الأيام، يوم وداع رجل من رجالات العائلة والوطن، رجل كان وسيبقى بما أبدع منارة تضاهي منارة ( حيفا ) يسترشد بها الضال، ليرسو إلى بر الأمان.
اكتظ الناس بالجامع الكبير الساكن في وسط المدينة، بجمع المصلين من كل حدب وصوب، للصلاة على جثمانه.
تسابق المحبين - وما أكثرهم - لحمل جسده الطاهر، كيف لا وهو بمثابة الشهيد الذي أمضى جلّ حياته في خدمة العلم.
إنه إحسان خليل الأغا، الذي مضى إلى حيث النهاية الطبيعية لبني البشر، أسلم لله روحه بأمن وأمان، وخرجت معطرة بشهادة المسلم، 0 لا غله إلا الله محمد رسول الله ) لتكون آخر كلامه في الدنيا، وتلك ميزة لا يكتسبها إلا بمن أنعم الله عليه بالخير.
في مقبرة العائلة الخاصة حيث الأكرمين من أبنائها الذين لاقوا ربهم، لم تتسع للحشود الكبيرة التي شاركت في الجنازة رغم اتساع مساحتها.
في ديوان العائلة الرابض في قلعتها الصامدة لم يتسع الطابقين لحشود المعزين في وفاته.
أبناء غزة الكرام الذين لم يتمكنوا من الحضور للمشاركة في جنازته بسبب قصف الاحتلال طريق صلاح الدين حاولوا الترجل من غزة إلى خان يونس لتقديم واجب العزاء .
أبناء المعسكرات الوسطى قدموا إلى خان يونس رغم القصف الإسرائيلي من الجو والبحر، معبرين عن حزنهم في وفاة إحسان.
وهكذا رحل المعلم عن الدار الفانية، فاستقبلت روحه ملائكة الرحمن، حاملة روحه إلى أعلى عليين، ووضعتها حيث أمرها الله.
إن مسيرة إحسان تمثل للطامحين درباً، وللباحثين عن الإبداع منهجاً، فمن أراد أن يسلك درب الإبداع فعليه بالعودة إلى سيرة حياته من خلال
موقع العائلة، حيث سيجد ضالته.
عندما نسترشد اليوم في أبحاثنا بالعديد من الأدباء والنقاد والباحثين من أمثال السكاكيني، والجاحظ وابن رشد، وأحمد عبد ربه، وقدامة بن جعفر، ودرويش الجندي، وغالي شكري، ومحمد خفاجي، ومحي الدين صبحي، وغيرهم من العلماء، فعلينا أن نضيف إليهم إحسان الأغا، كواحد من رواد العصر الذي كتب في العديد من المجالات التربوية والعلمية والفكرية والأدبيةن فكانت ومازالت نبراساً يستنير بها كل مَن أراد لنفسه الإبداع.
لم يكن إحسان إنساناً عادياً، بل كان موسوعة فكرية متميزة، شهدت له قاعات الدرس في جامعات الوطن بكاملها.
وكان أستاذاً جامعياً متفرداً، فقد أشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوارة في جامعات الوطن.
وكان باحثاً تربوياً متخصصاً في مجاله، فقد أثرى المكتبة الفلسطينية والعربية والألمانية والبريطانية والأمريكية بالعديد من الأبحاث المتميزة.
وكان أديباً بارعاً، أسهم في تجديد الفكر الأدبي بالعديد من الكتابات الرائدة.
وكان رائداً من رواد التربية، وضع أسساً علمية وعملية في بناء البحث العلمي.
إن القائمة تطول في إبراز إنتاجه الفكري، لكننا نقول بأن فلسطين فقدت بوفاته رائداً من رواد الفكر العربي ربما لن تشهد له الساحة الفلسطينية مثيلاً له إلا القليل.
رحم الله إحسان رحمة واسعة، ولشقيقتي حياة أرملته الصبر، ولنور عينيه بناته غادة وسها وسمر وعلياء ونور ودينا أحر التعازي، ولنجله الوحيد خليل السلوان.
أما العائلة الكريمة التي آلمها المصاب، فإننا نرجو من الله أن يخفف عنها مصيبتها بأن يكون مثواه الجنة بإذن
الله.

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على السفير يحيى زكريا إسعيد حمدان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد