25/11/2006
رسالة إلى الرئيسين: محمود عبّاس وإسماعيل هنية
أقول لكما ( لا )
د/ يحيى زكريا الأغا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لتسمحا لي، وعبر نافذة الحرية والديمقراطية التي مُنحنا شرفها دون غيرنا من بعض دول العالم المتحضر، أن أرسل لكما هذه الرسالة، ليس لأنكما لا تتلمسان صور المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني الذي انتخبكما عن قناعة تامة، بل إيماناً بأن الإنسان بين الحين والحين يحتاج إلى مَن يذكّره، حتى لو كان من أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره.
أستند في رسالتي إليكما أيها الحبيبين إلى قصة المرأة التي قالت للخليفة الفاروق وهو في المسجد يوماً ما ( لا ).
فقال عمر رضي الله عنه، الحمد لله الذي يوجد، وفي رواية أوجد من أمتي مَن يقول لعمر ( لا ). فهل يمكنكما أن تقولا : الحمد لله الذي أوجد في الشعب الفلسطيني مَن يقول لنا (لا) أعتقد ذلك، فالذي قال لكما ( نعم) وهو مقتنع تماماً، يمكن أن يقول لكما اليوم ( لا) عن قناعة وإيمان .
أيها الحبيبين: الشعب الفلسطيني خرج ليقول ( نعم) لك يا (أبا مازن) ، في أصعب مرحلة نضالية عرفها، لإيمانه بأنك الرجل المناسب والأنسب لقيادة الشعب الفلسطيني، ثم قال ( نعم) في صناديق التشريعي لك يا (ابا العبد)، لإيمانه بأنك المناسب لتقول الحق في التشريعي.
واسمحا لي اليوم أيها الحبيبين أن أقول لكما ( لا ) وبملء الفيه.
o لا تختلفا على الثوابت الفلسطينية والمحددات الوطنية.
o لا تطيلا أمد اللقاءات والمباحثات مهما كلّف الأمر
o لا تختلفا على شخصية رئيس الوزراء.
o لا تختلفا على الحقائب الوزارية.
o لا تختلفا على الشخصيات المستوزرة.
o لا تختلفا على ما اتفقتما عليه سابقاً.
o لا تختلفا على محددات العمل الوطني.
o لا تختلفا على الجزئيات والتفاصيل.
o لا تستمعا إلى كلام المغرضين والمفسدين من الداخل والخارج.
o لا تقذفا الحق بالباطل.
o لا تتركا المجال للتكهنات المفضية إلى تلاسنات بين المتحدثين الرئسميين والدخلاء والطابور الخامس.
فالشعب الشهيد لا يستحق منكما كلمة ( لا ) فكلما يمضى يوم دون الإعلان عن اتفاق، أقول كغيري: أعان الله الشعب الفلسطيني على اليوم الذي يليه، والذي يليه.
لا أحد من الفلسطينيين يشك ولو للحظة في مكانتكما، ووطنيتكما، وحبكما للوطن، وتفانيكما من أجله، لرفعة شأنه، والتخفيف عنه، إلا إن قراءة للواقع الفلسطيني الحالي وأنتم تعلمون ذلك يقينا، تقول: الفقر مدقع، والبطالة تستشري كالنار في الهشيم، والفلتان الأمني يزداد، والفتن تنفخ ببوق الثأر بين العائلات دون حزم وحسم، وتفشٍ للعديد منل الأمراض الإجتماعية السيئة، والموت البطيئ يدق الجسد القوي، والأمراض تنتشر ، والتعليم والصحة في تراجع، والاقتصاد انهار وينهار، والهجرة الفلسطينية تزداد، ورؤوس الأموال هربت وتهرب، والمتعلمين والمثقفين يبحثون عن وطن بديل، وعقول الأدباء جفّت، والجامعات انحصرت أهدافها، والحياة أصبحت لا تطاق في ظل جدار عازل سيكتمل بناؤه بعد أيام، وتحتفل إسرائيل بإقامة الحدود السياسية لها، ونحن نبحث عن رئيس مللوزراء متوافق عليه، ووزراء ليسو من هنا أو هناك.
مَن المسؤول عن ذلك كلّه؟ يقول رسولنا الأعظم" كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فنحن الرعاة، وأنتم المسؤولون عنّا.
أما خارجياً، فمكانتنا كفلسطينيين اختلفت نظرة الجميع لنا، وإذا احتجنا إلى تعاطف عربي ودولي وشعبي، فلابد من مجزرة إسرائيلية كمجزرة ( بيت حانون) ليتعاطف العالم لحظياً معنا، ونصلى على الغائب، ونشد الرحال إلى خطب عصماء، أو مسيرات هنا وهناك، أو شيوخ تخاطب الوجدان، وتفتح مصبات جديدة لدماء فلسطينية بريئة، ثم نمدّ أيدينا للعالم ليساعدنا في ترميم ما أفسده الاحتلال، كم أتمنى أن تقطع هذه الأيدي التي لم تتعب من هذا الأسلوب القميئ، حيث تحولنا إلى شحّاذين على ابواب السلاطين ! ثم ترجع عقارب الساعة للوراء، منتظرين جريمة جديدة.
متى بالله عليكما ستحددان يوماً للتوافق الفلسطيني الوطني، هل سيتم الإعلان عن هذا اليوم بعد دورة الألعاب الأسيوية المقامة في الدوحة؟ ليكن ذلك، ولكن نأمل الإعلان اليوم حتى يبدأ الرئيس المكلف بالبدء في ترتيبات تشكيل الحكومة المحدَد شخوصها سلفا.
أم سيتم الإعلان عن التوافق بعد قيام رئيس الوزراء الحالي كما تناقلت وكالات الأنباء بزيارات رسمية إلى العديد من الدول العربية ؟ لا أعتقد أن الرئيس / إسماعيل هنية يمكنه أن يقوم بمثل هذه الزيارات والشعب الفلسطيني يعاني معاناة شديدة قبل أن يُعلن عن هذا التوافق، فهو أسمى من يقوم بمثل هذه الزيارات التي ربما تستمر فترة طويلة ليقينه أن يوماً واحداً في ظل الظروف الحالية تزيد من ألم ومعاناة الشعب الفسليطني.
أم أنه لن يتم الإعلان عن ذلك كلّه، وما يحدث هو كسب للوقت، ورهان على متغيرات جديدة كما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية! وليتحمل الفلسطينيون ما يحدث لهم.
لا أطيل، لكن من أجل الشعب الذي يتلوى ألماً، ويعتصر قهراً، أن تنطلقا إلى أفق وطني يخلّد لكما أحياء وأحياءً أعظم لحظة في تاريخكما النضالي، فلا تفضّا إي لقاء أيها " الزعيمين "إلا بعد أن تتفقا حتى ولو استمر اللقاء يوماً أو يومين متصلين، فالشعب الذي قال لكما ( نعم ) يستحقان منكما أن تقولا له اليوم وفي لحظة مصيرة ( نعم ) اتفقنا من أجلكم، وأجل المستقبل، وأقول: لن يضيعكما الله.
سنبقى لكما أفياء، كما نحن اليوم.
تحية لك يا فخامة الرئيس / محمود عباس، وتحية لك سيادة الرئيس / إسماعيل هنية.
وفقكما الله لِما فيه الخير، وأحفّكما الله ببطانة الخير من أجل خير الشعب الفلسطيني، الذي يستحق منكما كل تقدير ووفاء، وردٍ للجميل.