05/12/2006
مكارم سمو الأمير للشعب الفلسطيني
برج القدس
(1)
د / يحيى زكريا الأغا
المستشار الثقافي بالسفارة
ذاكرة الزمن الإنساني تسجل بأحرف من نور لأمير قطر سمو الشيخ / حمد بن خليفة آل ثاني ثلاثة مكارم في يوم واحد للشعب الفلسطيني نحسبها في أعلى عليين، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا مَن أتى الله بقلب سليم.
إنه يوم مشهود الثاني من ديسمبر من عام2006 ، حيث تفضّل سموه مع دولة إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني بوضع حجر الأساس لبرج القدس المكوّن من 100 طابق ليكون أعلى برج في منطقة (الدفنة) على الخليج العربي.
سير العظماء زاخرة بأعمالهم، ومشهود من التابعين لهم بأنهم أرسوا قواعد من العمل الإنساني لا يمكن لأحد الدنو منها لعظمتها، وتلك مكارم العظماء في كل الأزمنة، تبقى محفورة وخالدة، نذكرها باعتزاز وفخار، نسترشد بها، ونسير على خطاها، حتى اليوم نذكر بإعزاز ما قام به المماليك، من إقامة منشآت دينية ومدنية مختلفة كانت آية في العمارة، منها خمسون مدرسة، وسبعة ربط، وعشرات الزوايا، وبيمارستانات متعددة، وكلها وقف للمدينة المقدسة.
أما معاوية بن أبي سفيان فقد أعاد بناء المدينة عام 674م، وعبد الملك بن مروان بنى قبّة الصخرة عام 691، ثم أعيد بناء المسجد الأقصى في عهد الخليفة العباس المنصور، وفي عام 1187 بنى صلاح الدين الأيوبي المنبر بعد أن حررها من الصليبيين، ثم قام السلطان الظاهر بيبرس عام 1269بتجديد بناء قبة الصخرة، هذا إضافة إلى العديد من الأشخاص والعائلات أوقفوا أعز ما يملكون للمدينة المقدسة، وفي عام 1968 اتفقت العديد من الدول وعلى رأسها المملكة الأرنية الهاشمية على إعادة إعمار المسجد بعد تعرضه للحرق، واليوم يضاف اسم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى سجل العظماء الذين أوقفوا أو عمّروا، من أجل القدس قلب العالم، وبوابة السماء من الأرض.
وقفية سموه ببناء هذا البرج هو رسالة إلى العالم الإسلامي مدّوا أيديكم لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين قبل أن تهوّد، مدّوا أياديكم للمدينة المقدسة لتبقى محافظة على وجهها الحضاري الإسلامي قبل أن تعوث بها أيدي الظلم.
إذا كانت إسرائيل تحول دون البناء، فيمكنكم الاقتداء بنا حتى تبقى المدينة محافظة على وجهها الإسلامي المشرق الذي أنار ظلمات الحياة عندما كانت قبلته ذلك المكان الطاهر قبل أكثر من 1400 عام وإلى اليوم.
القدس تناديكم أيها العرب، القدس تستنجد بكم فلبوا النداء كما لبّى سمو أمير قطر الذي استشعر الألم والمعاناة، ألم الحجارة الصماء، ومعاناة أسوارها، سمع سموّه صرخة البراق فهب من ابعد نقطة ليكون أقرب إنسان في هذا الزمن الذي انحرفت فيه البوصلة عن الجادة، ويضيف اسمه إلى قاموس الشرفاء الذين لن تنحني لهم قامة مادموا مع الله لتلبية صرخة الأقصى الجريح في هذا الزمن الصعب.
ستبقى مكرمة أمير دولة قطر لإنقاذ المدينة المقدسة من التهويد منارة لن تنطفئ جزوتها طالما يوجد في عالمنا من الأفياء والشرفاء والكرماء أمثال حمد بن خليفة آل ثاني.
هنيئاً لك يا سمو الأمير في أعلى عليين بإذن الله، هنيئاً لكل عملٍ مخلص لله، هنيئاً لأصحاب المكارم والهمم العالية، هنيئاً لكم يا أهل الكرم والوفا يا شعب قطر بأميركم حمد.
مكارم سمو الأمير للشعب الفلسطيني
مجمع المدارس الفلسطينية (مسمير)
(2)
د / يحيى زكريا الأغا
المستشار الثقافي بالسفارة
أحسب نفسي أنني أكثر فرحة من غيري، لكنني وجدت الفرحة غامرة في عيون مَن كان شاهداً على العصر لحظة تقديم الحجر القدسي الذي حمله أول طفل سجّل بالمدرسة الفلسطينية إلى سمو الأمير، فيحمله بحنوٍ ويضعه سوياً مع دولة إسماعيل هنية في المكان المخصص له في منطقة (مسمير) ليأذن بانطلاق عجلة البناء لهذا المجمع التربوي في أرض الخير.
ما أعظمها من لحظة، وما أجملها من مناسبة، أسجلها في سفر الخالدين بمداد من ذهب لأمير قطر " حمد"، وأحفرها في ذاكرتي وذاكرة الأجيال في سويداء القلب.
عندما انطلقت المدرسة عام 2003/2004 كان هدفنا هو بناء هذا المجمع المؤسسي التربوي ليكون جسراً للتواصل مع الوطن فلسطين، ورغم الصعوبات التي واجهتنا في البداية، إلا أننا استطعنا تذليلها بفضل أيادي الخير التي امتدت من أجل أن يرى هذا الصرح النور.
لقد شرفتني السفارة بالإشراف عليها عندما كانت بذرة زرعناها في أرض طيبة وخصبة، رويتها بحب اهل قطر والشرفاء والأوفياء والكرماء من أبناء الجالية، ثم أزهرت بعد أربعة أعوام برعاية كريمة من وزارة التربية والتعليم القطرية والفلسطينية والسفارة، وفي الثاني من ديسمبر من عام 2006 أثمرت عندما وضع سمو أمير دولة قطر وضيفه دولة رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية، حجر الأساس لمجمع المدارس الفلسطينية.
عندما رفعت العلم الفلسطيني عليها قبل أربعة أعوام انتابني شعور غامر بالفرحة، وتكرر المشهد اليوم، وأذكر يومها كلمة للمرحوم " يس الشريف" سفير فلسطين الأسبق بالدوحة، لا يهمني بعد اليوم إن فارقت الحياة، فقد تحقق الحلم الذي كنت آمل أن يترسخ لأبناء فلسطين بالدوحة، واليوم أقول وكل أعضاء السفارة: حققنا حلمنا، وأملنا أن يرى النور قريباً.
لم يكن عناقي الشديد والكبير لسمو الأمير لحظة وضع حجر الأساس إلا تعبراً عن الفرحة الغامرة التي تملكتني، فالمناسبة ألغت كل الأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها، وجعلتني أسمو بروحي وأطوف بها حول اسوارها، وأقول متى سيُرفع العلم القطري والفلسطيني على أعلى مكان بالمدرسة؟
خمسة وعشرون ألف متر مربع هي مساحة المكرمة الأميرية لبناء المدارس الفلسطينية،ذات تصاميم متميزة، جمعت العصرية والتراثية، بشكل متناسق.
وتتكون المدارس الفلسطينية من ثلاثة أقسام حسب التصاميم التي قُدّمت للمهندس المختص، القسم الأول: الحضانة والروضة والتمهيدي والمرحلة الأساس حتى الصف الخامس( بنين وبنات) ، القسم الثاني:من السادس وحتى الثاني عشر بنات، والقسم الثالث، من السادس وحتى الثاني عشر بنين.
ويضم المجمع، مسبحاً دولياً، وقاعة متعددة الأغراض، وعمارتين للمدرسين والمدرسات الذين سيتم التعاقد معهم من فلسطين، وملاعب مغطاة ومكشوفة، ومواقف للسيارات والحافلات.
هنيئاً لنا بمكرمة سمو الأمير، هنيئاً للجالية الفلسطينية بالدوحة، هنيئاً لطلابنا وطالباتنا الذين ستتوفر لهم البيئة التربوية السليمة حتى يتوازو مع أقرانهم في المدارس والأكاديميات القطرية، هنيئاً لنا بهذا الإنجاز العظيم، الذي لا يأتي إلا من أهل الكرم والوفا من حمد الخير.
مكارم سمو الأمير للشعب الفلسطيني
رواتب قطاع التعليم في فلسطين
(3)
د / يحيى زكريا الأغا
المستشار الثقافي بالسفارة
يعاني قطاع التعليم في فلسطين وهو أكبر قطاع مؤسسي معاناة شديدة منذ بدء العام الدراسي بسبب عدم دفع رواتب المدرسين والمدرسات الذين يصل عددهم إلى (40) ألف موظف، ومليون ومائة ألف طالب وطالبة انقطعت بهم سبل التحصيل العلمي بشكل لائق.
لا أبالغ إن قلت بأن التعليم في العشر سنوات الأخيرة امتطى صهوة الإبداع في جميع المؤسسات التربوية الفلسطينية، بفضل الجهود المخلصة من الجميع، حتى اصبح لنا منهاجاً مستقلاً يشهد له كل التربويين بأنه من أرقى المناهج على الإطلاقز
هذا العام 2006/2007 اكتمل عقد المنهاج حتى أصبح الطالب يفتخر بما يقرأ، والمعلم يتفاعل بما يشرح، ونحن نستشعر بأن الكيان الفلسطيني حدوده قد ترسمت من خلال هذا المنهاج .
بعد الانتخابات التشريعية الديمقراطية، وقف العالم ضد نتائجها، وأحال المستقبل عند الطلاب إلى نقطة سوداء، فتنوعت أشكال التعطيل الدراسي لأسباب متعددة على رأسها عدم دفع الرواتب، مما انعكس سلباً على الحياة التعليمية بكاملها، وبدأ الطلاب يدفعون ضريبة من طموحهم ومستقبلهم.
استشعر سمو الأمير هذا الخطر على ابنائه الطلاب، فامتدت أيادي الخير إلى كل فلسطين من خلال أعظم مكرمة في أصعب مرحلة من مراحل حياتنا..
استشعر سمو الشيخ حمد بحسّه المرهف حجم الكارثة التي يمكن أن تلحق بأكبر شريحة في المجتمع الفلسطيني، فكانت يد الرحمة تسبق الكلمة، وكان القرار الحكيم بدفع رواتب جميع الموظفين بوزارة التربية والتعليم، بمثابة حبل النجاة لهذا الجيل والإجيال القادمة.
استشعر سموه بأن هذا الشعب الذي يضحي بدمائه دفاعاً عن الأرض المقدسة، لا يمكنه أن يُترك في الشارع دون أن يتلقى تعليماً متميزاً.
استشعر سموه بأن فلسطين وأهلها شعب يستحق الحياة، ولابد من وقفة أبيّة معهم حتى يخرجوا من عنق الزجاجة التي وضعوا فيها، ولا ذنب لهم، سوى رفض العالم لديمقراطيتهم التي لم تكن على "مقاسهم".
هذا هو أمير المكارم، عشرون مليون دولار شهرياً لأسرة التربية والتعليم، فهنيئاً لك يا سمو الأمير بهذا العمل الخيّر.
هنيئاً لكم يا طلاب المدارس بالعودة إلى غرف الدراسة واللحاق بأقرانكم من طلاب المدرسة الفلسطينية بالدوحة، علماً وتعليماً وانضباطاً.
هنيئاً لكم يا أسرة التعليم، بهذه المكرمة التي ستبقى شاهدة على المكارم لا يمكنها أن تأتي إلا من حمد.