الحمد لله رب العالمين مفرّج الكربات ونسأله تعالى أن يتم علينا نعمة الهدى والإيمان وأن يجللنا بالأمن والأمان والقوة والغلبة ، وأفضل الصلاة والسلام على معلّمنا وسيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم ، ونحمده تعالى أن دلّنا على مفاتيح ذِكرِه والتقرب إليه ومن تلك المفاتيح الدعاء .
وقبل الدخول في صلب موضوع الدعاء أود الإشارة إلى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان أكثر الخلق دعاءً على مرِّ الأزمان والأوقات في آناء الليل وأطراف النهار ، وفي كلِّ المناسبات ، وكان أكثر الخلق حمداً وثناءً لله ، وهو الذي غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وكان ذلك تعليماً منه لأمته المحمّدية ليسيروا على منهاجه القويم وهَدْيِهِ المستقيم وتَمَسُكَاً بسنّته الحميدة صلّى الله عليه وسلّم ليبقوا متواصلين مع الله تعالى رب العالمين مقدّر الأقدار .
وقد حوصر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في شِعْبِ أبي طالب بين مكة ومنى سنتين وأربعة أشهر مع القلة القليلة من المسلمين ـ آنذاك ـ ، ومنع المشركون والكفار الطعام والشراب عن المسلمين حتى اضطروا لأكل أوراق الشجر ، ومنعوهم الخروج والدخول من وإلى الشِعب وضيّقوا عليهم وسدوا الطرقات ، وذهبوا بعيداً في الظلم فمنعوا الناس من الذهاب إليهم أو الاتصال بهم ، وعندما كانت تأتيهم الوفود من بعض القبائل مثل شيبان ونجران ووفد الملك النجاشي من الحبشة كان المشركون يجبرونهم على الدخول إلى المسلمين من هذا المكان أو ذاك !! ، وإمعاناً في الظلم والجبروت كان لأبي لهبٍ الذي تبت يداه من فوق سبع سموات _ وهو عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم _ شِعباً بجوار شِعب أبي طالب فبنى جداراً بين الشِعبين ، وربما لو كان لديه حفارات آنذاك لبنى جداراً تحت الأرض ! ، ولو استطاع لاستعان بالخبراء من روم بيزنطة لتشديد حصار المسلمين ، وما أشبه اليوم بالبارحة ! .
والله سبحانه وتعالى كان قادراً أن ينزل على المسلمين مائدة من السماء ، ولكن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والفئة القليلة من المسلمين ـ آنذاك ـ تمسكوا بدينهم وصبروا وصابروا وعملوا وأعدوا ما استطاعوا وتوجهوا إلى الله تعالى بالسؤال والدعاء ، والله تعالى يريد أن يميز الخبيث من الطيّب ، وهكذا حتى نصر الله تعالى المسلمين بنصره العزيز ، وهُدِم جدار أبو لهب وفُتِحَت الطرق وخرج المسلمون بنصرٍ وعزّة من الله العزيز المنتقم الجبار ، وذهب أبو لهب ـ ُتَبُّت يداه ـ إلى جهنم ، وبقيت راية الله العزيز الجبار ترفرف عالية خفاقة وستبقى بإذن الله حتى يوم القيامة .
أمّا يوسف الصدّيق فقد تآمر عليه أخوته ! والقوُهُ في غياهب البئر ، ومن ثمَّ باعوه بثمنٍ بخسٍ ، ولكنه ظل متواصلاً مع الله تعالى مناجياً وسائلاً حتى نجّاه وأنقذه الله تعالى من حصار جدران البئر وأصبح عزيزاً مكرماً وبعد زمنٍ أتاه أخوته ساجدين . وينطبق على أمثال أبي لهب وأخوة يوسف اليوم قول الله تعالى في سورة الكهف:‘‘ قُلْ هَلْ نُنَبِِِِّئُكُم بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً(103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَياةِ الدُّنيَا وَهُمْ يَحْسَبُونِ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعَاَ(104) اُوْلََئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَت أعْمَالُهُمْ فَلا َ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنًَا (105)’’ .
أمَّا الدعاء فهو مفتاح العبودية والرحمة بين الله تعالى وعباده ، فالعبد الذي يسأل الله تعالى يعلم ويدرك أنّ له رباً يسأله ، إذا مدَّت إليه الأيادي لا يعيدها فارغة ، فالله هو العاطي والمنعم والرحمن بجميع العباد ، والرحيم بالمؤمنين ، والله تعالى هو الصمد الذي نطلب منه كلَّ حاجاتنا ، وكلٌ شيء بإرادته عزَّ وجلَّ . وباب الدعاء واسعٌ جداً لا يمكن الإحاطة بهِ في صفحات قليلة أو مقالة ، والمؤمن يتوجه إلى الله تعالى في كل مسألة من مسائل حياته ويرفع يديه فيسأله مسألة العبد الضعيف من ربٍّ غني قدير لا تنفذ خزائنه ولا تدرك العقول ملكه ، ولو أعطى الله سبحانه وتعالى لكل عبدٍ من عباده مسألته ما نقص من ملكه شيء ، كما لو غمسنا إبرةً في مياه البحر وأخرجناها منه فما نقص البحر . والدعاء له ارتباط وثيق بإيمان العبد وعلاقته مع الله تعالى ، فالدعاء هو الافتقار والتبرؤ من الحول والقوة والمنعةُ للإنسان إلى حول الله تعالى وقوته بِنيّة الاستشعار بذلّ العبودية إلى عزّة وربوبية الله تعالى الواحد الأحد .
وقد ورد في السيرة النبوية العطرة أن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال:[ أن قوماً سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:‘‘ أقريبٌ ربنا فنناجيه أو بعيد فنناديه ’’ ، فنزلت الآية الكريمة من سورة البقرة آية(186):‘‘ وَإذَا سَألَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَاعِ إذّا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنوا بِي لعَلهُمْ يَرْشُدُونَ ’’ . والله تعالى يقول في سورة الفرقان :‘‘ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رّبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُم (77)’’ ، وهو سبحانه وتعالى تفرّد بالإجابة ، مصداقاً لقوله تعالى في سورة النمل آية(62):‘‘ أمَّن يُجِيبُ الُمضْطَرَّ إذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ’’ .
وقال صلّى الله عليه وسلّم مروياً عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه:‘‘ الدعاء مفتاح الرحمة ، والوضوء مفتاح الصلاة ، والصلاة مفتاح الجنة ’’ ، ورُوِيّ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:‘‘ ليس شيء أكرم على الله من الدعاء ’’. والدعاء والتوجه إلى الله تعالى مطلوب من العباد كجزء من العبادة ، فالله تعالى أمرنا وطلب منَّا أن ندعوه ، ورسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم قال:‘‘ الدعاء هو العبادة ’’ ثم تلا صلّى الله عليه وسلّم قوله تعالى:‘‘ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ إنَّ الَّذِيِنَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِيِنَ (60)’’( سورة غافر) ، فالله جلّ شأنه يأمر عباده أن يدعونه ، ومن يستكبر عن عبادته ( أي دعاءه ) سيدخل جهنم في ذلٍّ ورغماً عن أنوفهم .
ويُستَحب من العباد أن يتوجهوا إلى الله تعالى فيسألونه حاجاتهم ومسائلهم في كلِّ الأوقات ، الشدة والرخاء ، ورسول الله سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم علّمنا فقال:‘‘ سَلُوا الله حوائجكم حتى الملح ’’ أي ملح الطعام ، وما أهون ملح الطعام كما يظنُّ البعض . ولنعلم أن استجابة الله تعالى لدعاء عباده مشروطة باستجابتهم لله تعالى ، والله سبحانه وتعالى لا يضيِّع من طرق بابه وذلك لما رويَّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:‘‘ إنَ ربكم حييّ كريم ليستحي من عبد إذا رفع يديه أن يردهما صفراً ’’ .
فعندما نقرأ في القرآن الكريم: أن‘‘ اللهُ الصَّمَدُ ’’ ، فهذه الآية الكريمة تثبت كمال الله تعالى ، فـ ‘‘ الصَّمدُ ’’ : هو السيد والمقصود في قضاء كل الحاجات ، ويحتاجه الخلق في كلِّ شيءٍ وتقصده كل المخلوقات وهي صامدةٌ ولاجئة إليه في جميع شئونها ، وهو في نفس الوقت مستغنٍ عن العالمين . وهذا هو مضمون ما جاء في وصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما فقال له:‘‘ إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ’’. وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه سلّم:‘‘ من لم يَدعُ الله عزَّ وجلَّ غضب عليه ’’ ، وفي رواية أخرى: ‘‘ إنّه مَنْ لم يسأل الله يغضب عليه ’’ ، والغضب هنا من الله تعالى ينزل على العبد الذي لا يسأل الله تعالى لأسباب : فإمّا أن يكون العبد يائسٌ من عطاء الله وكرمه وقانط من رحمته فلم يسأله ، أو أن يكون متكبرٌ عن سؤال الله سبحانه وتعالى فلم يسأله ، وهذا موجب لغضب الله تعالى ، وقال بعض الصالحون في ذلك شعراً : الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم يغضب حين يُسْألُ والدعاء سلاح المؤمن ومَنَعةً وقوةً له ، مصداقاً لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:‘‘ الدعاء سلاح المؤمن ، وعماد الدين ، ونور السماوات والأرض ’’ .
وفي رواية عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:‘‘ ألا أدلكم على ما ينجيكم من عدوكم ويدرُّ لكم أرزاقكم ؟ تدعون الله في ليلكم ونهاركم فإن الدعاء سلاح المؤمن ’’ . وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:‘‘ من سرّه أن يستجيب له الله تعالى عند الشدائد والكرب فليُكثِر الدعاء في الرخاء ’’ . وأحب العباد إلى الله تعالى من يسأله_ وهو الكريم _ وأبغض العباد إلى الله تعالى من استغنى عنه والعياذ بالله . والدعاء يَرُدَّ المقدّر من البلاء ، فقد روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:‘‘ إنَّ الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، فعليكم عباد الله بالدعاء ’’. أي أن الدعاء _ إذا استوفى شروطه _ ينفع لمن دعا الله تعالى فيما نزل به من مكاره وشدائد فيرفعها الله بإذنه تعالى ويدفعها عن العبد الذي يتوجه إليه الله بالدعاء . وقد رُويَّ في كتب الحديث عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:‘‘ لا يَرُدُّ القَدَر إلاّ الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا الِبرِّ ، وإنَّ الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يذنبه ’’.
وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:‘‘ لا يُغْني حذرٌ من قدر ، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، وإنَّ البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة ’’ ، ويعتلجان: أي يتعاركان ، فالدعاء يدفع البلاء عن الداعي ويظل يدفع به إلى يوم القيامة . وقد يقول البعض إن الشيء الذي يدعو به المسلّم إن كان قد قُدِّر فلا بد من وقوعه ، دعا به العبد أم لم يَدعُ ، وإن لم يكن قُدِّر فلا يقع أصلاً ، سواء دعا به العبد أم لم يدعُ ، وقد يُسأل أيضاً ما فائدة الدعاء مع القدر ؟ وكيف يُرَّد القضاء بالدعاء ؟. وفي هذا المقام علينا أن نعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الذي قدَّر المقدورات وقَدَّر لها أسباباً ، فالله سبحانه وتعالى هو الذي قدَّر الأسباب _ ولم تكن صدفةً _ فالله تعالى قدّر الزرع بسبب البذور ، والله تعالى يدفع قَدَر الجوع بقَدَر الطعام ، والله تعالى يدفع قَدَر الظمأ بقَدَر الشراب والله تعالى يدفع قَدَرَ المرض بقَدَر الدواء ، والله تعالى قدَّر الحياة بسبب الهواء والماء والغذاء . وكما كلُّ تلك الأقدار ، فالله سبحانه وتعالى قدَّر رفع البلاء بالدعاء ، فالأسباب مقدّرة ، والكل بقضاءٍ وقدرٍ من الله تعالى وبالقدر يُدفع القَدر ، ويفر المرء من القَدر إلى القَدر . ويقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:‘‘ ما من رجل يدعو بدعاء إلاّ استجيب له ، فإما أن يعجّل له في الدنيا وإما أن يؤخر له في الآخرة ، وإما أن يُكِفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل ، يقول:( دعوت ربي فما استجاب لي)’’.
وروى الترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:‘‘ ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع’’ ، والشسع هو: خيط النعل . وهذا يعني أن نسأل الله تعالى كل شيء وما قد نعتبره أقلَّ وأصغر الأشياء ، ثم نسلك طريق العمل والأسباب الموصلة إلى الأشياء بالطرق الشرعية والمشروعة .
والدعاء والتضرع إلى الله تعالى نوعان : الأول : دعاء المسألة : وهو طلب الداعي من الله تعالى جلب نفعٍ من حاجات دنيوية أو كشف ضرٍّ أو بلاء ، فالله تعالى وحده العاطي وهو وحده يكشف ويرفع الضرر والعلل والأسقام والبلاء عن العباد ، والثاني : دعاء عبادة : وهو طلب الثواب والرضا والقبول من الله تعالى بالأعمال الصالحة من قيام وقعود وركوع وسجود وذكرٍ وتهليلٍ وتحميدٍ لله تعالى وتسبيح وتكبير واستغفار أو قراءة قرآن ...الخ . وللدعاء آداب وشروط وكيفيّة علّمها لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لنتبّعها ، فالداعي يرفع يديه ويدعو الله تعالى ويسأله ، ولكنه لا يقول مباشرةً يا رب أسألك كذا أو إعطنى كذا ، بل عليه أن يتّبع آداب وشروط الدعاء ليُستجَاب له دعاؤه بإذن الله تعالى .
وهنا يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:‘‘ إذا صلّى أحدكم فليبدأ بتحميد الله تعالى والثناء عليه ثمَّ ليُصَلِّ على النبي عليه الصلاة والسلام ثمَّ ليدع بما شاء ’’ . والله تعالى لا يستجيب لداعٍ من قلب لاهٍ أو غير خاشع ، فالداعي يجب أن يكون مع الله تعالى متوجهاً إليه بأحاسيسه وعقله وقلبه ، لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:‘‘ ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافلٍ لاةٍ ’’. والداعي يدعو الله سبحانه وتعالى بأدعيةٍ من الأمور الجائزة شرعاً قولاً وفعلاً ورسول الله صلّى الله علي وسلّم قال :‘‘.. ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم ’’ ، ويدخل في الرحم جميع حقوق المسلّمين . والله سبحانه وتعالى يجيب كل الدعاء ، وعلى الداعي أن لا يملَّ من استبطاء الإجابة ، والله تعالى إمِّا يعجّل له الإجابة في الدنيا أو يُكّفر عنه من ذنوبه ، وإما يدخره له في الآخرة ، وذلك لما رواه أبو سعيد الخُدْرِي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:‘‘ ما من مسلّم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلاّ أعطاه الله بها ثلاث : إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخر له ثوابه وإما أن يَكُفَ عنه من السوء بمثلها ’’ .
وعن أنس رضي الله أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:‘‘ ما أذِنَ الله تعالى لعبد في الدعاء حتى أذِنَ له بالإجابة ’’. من أجل هذا فليكثر ما استطاع من فتح الله عليه بالدعاء . وقد أوصانا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بالتأمين على دعائنا فقال:‘‘ إذا دعا أحدكم فليؤمن على دعاء نفسه ’’ ، أي يقول: آمين . وقال سيّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه:‘‘ إنِّي لا أحمل همَّ الإجابة ولكن همَّ الدعاء ، فإذا أتممت الدعاء _ أي دعوت بصدقٍ حضور قلب وخضوع _ علمت أنَّ الإجابة معه ’’. وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:‘‘ إذا سأل أحدكم مسألة فَتعرّف الإجابة فليقل الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، ومن أبطأ عليه شيء فليقل الحمد لله على كلِّ حال ’’ . ولنعلم أن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم نهانا عن الدعاء على أنفسنا أو أموالنا أو أولادنا وخدمنا ، فقد توافق ساعة استجابة فيستجاب بذلك _والعياذ بالله_ فقال عليه الصلاة والسلام:‘‘ لا تدعوا على أنفسكم إلاّ بخير فإن الملائكة يؤمنّون على ما تقولون ’’. وقال صلّى الله عليه وسلّم أيضاً:‘‘ لا تدعو على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافق من الله ساعة نيّل فيها عطاء فيستجاب لكم ’’ . ‘‘ يا أيُّهَا الِّذيِنَ ءَامَنُوا اصْبِروا وَصَابِروُاْ وَرَابِطُـواْ وَاتَّقواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفلِحُونَ (200)’’ ( سورة آل عمران ) . أما كلمة التمني في القرآن ( لعلَّ ) فهي هنا للتأكيد وليس للتمني ، أي أنّكم ستفلحون ، ولنا إن شاء الله تعالى بحث آخر في هذا المقام . نسأل الله تعالى أن يلهمنا الدعاء وأن نتوّجه إليه بالسؤال في كلِّ وقت وفي كل حاجاتنا ونسأله مغفرته وعطاءاته والاستجابة لدعواتنا في السراء والضرّاء ، وأن يلهمنا الصبر ويفرج الكرب ويرد كيد الكائدين إلى نحورهم ، اللهمّ ارحم أموات المسلمين والمؤمنين ، وأعزّ وانصر من ينصرك ، اللهمَّ آمين ، وصلّى الله على سيدنا محمّد وآله وصحبه أجمعين ومن تبعهم إلى يوم الدين ، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين .
[1] مهند مأمون كامل الشوربجي | جزاك الله خيرا واجزل لك العطاء | 27-01-2010
[2] باسم جعفر طاهر الأغــا ( أبو طاهر ) | تحية وتقدير | 27-01-2010
[3] د. ناصر جاسر الاغا | شكر وتقدير | 28-01-2010
[4] د0سلام زكريا اسعيد الأغا | جزاك اللله خير الجزاء | 30-01-2010