01/09/2007
بسم الله الرحمن الرحيم
للمتفوقين من أبناء العائلة كل تقدير
د/ يحيى زكريا الأغا
أما بعد - فحمداً لله، وصلاة وسلاماً على مَن علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على محمد صلى الله عليه وسلم، به أشرق وجه جديد للحياة، فعلّم الناس لغة أبجدية عصرية ما عهدها العرب قبل ذلك، فأخرجهم من واقع غُلفت فيه القلوب والبصائر بغلاف جاهلي مرير، إلى واقع مشرق، ففتح لمن أرسل إليهم، قلوبهم، وأنار بصائرهم، وهداهم إلى سواء السبيل، فكان كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، حوى بين دفتيه عقائد، وسير الأوائل من الأنبياء والمرسلين، فبهم اقتدينا، واقتفينا واتعظنا، ومازلنا وسنبقى إلى قيام الساعة نتمسك بها، فنعم دين الإسلام الجامع للقيم لكل المسلمين والناس أجمعين، ونعم سير الأولين منهاجاً لنا في حياتنا كأمة، وعائلة، نسير عليها رغم غياب العديد من القيم التي استبدلت بجاهلية في التصرف والإداء عند البعض.
في خضم الواقع الذي نعيشه منذ زمن فإنني أعتقد جازما بأن عائلتي تقبض على الجمر، حتى حظيت بمكانة أتمنى أن تكون في نظر الأخرين عالية وهي كذلك، اختط منهاجها الأولون من دستور القرآن، وأخلاقهم، وما زال الخلف يسير على تلك الخطى التي تمثّل نبراساً لكل الطامحين للمجد والعلا في زمن مدلهم، حتى لا يكاد يبين الخيط الأبيض من الأسود رغم الفجر.
كغيري من أبناء العائلة الذين ينتمون لوطن اسمه فلسطين ورغم التقسيمات العرقية التي تكاد تعصف بالوطن أو عصفت به، من أجل أهداف دنيوية، فإن لغة جديدة برزت في ديوان العائلة ( الأغا) داخل قلعة برقوق تعكس تراث العائلة الضارب في التاريخ الممتد لأكثر من ستمائة عام، تلك الكوكبة من المتفوقين من أبنائها الكرام، بدءاً من مرحلة الأساس وصولاً إلى الدكتوارة، وتلك همم العظماء في زمن لو عصف بدولة لانهارت.
إنها العزيمة والإصرار وتحدي كل المعوقات الخارجية والداخلية، ولتكون حافزاً لعطاء متدفق حمله الكبار من أجل الأبناء والأحفاد، وحملته النسوة من أجل إرضاع أبنائهن وبناتهن حليب العزة والكرامة والتفوق والأخلاق، فجاء يوم التكريم عظيماً في معناه مجسداً حقيقة واحدة، أن هذا الوطن لا يحميه إلا مَن حمل لواء الأخلاق والعلم وليس لواء السلاح، فبالأخلاق والعلم تنهض الأمم وليس بسلاح الثأر والنار يسود الأمن والاستقرار.
يوم التكريم كان عظيماً بكل ما للكلمة من معنى، قرأت وغيري الفرحة في عيون المكرَّمين، والمكرِّمين على السواء، فامتزجت معاني الحنو الإنساني، لا فرق، فتحت قبة الديوان، الكل خادم للوطن أولاً، ورافع من شأن العائلة ثانياً، وعاقد العزم على تسلم زمام الإبداع ممن سبقهم مستقبلاً، فتلك هي شيمنا التي تركها لنا السلف الصالح، وأودعاها الخلف، للخلف الجديد الذي أنار العتمة في ساحة الشهداء داخل القلعة، رغم انقطاع التيار الكهربائي في ذلك الوقت.
حملة الدكتوراة يودِعون أمانتهم لدى المتفوقين، فيشدوا على ايديهم ليكونوا منارات لمن سيحمل اللواء بعدهم، هكذا نحن، تعلمنا فعلمنا، ونعلّم الآخرين من أجل رفعة الوطن وتعزيز مكانته، ولنضيف مع أبناء الوطن الكبير من جميع العائلات بعداً آخر هو الوحدة بأسمى معانيها.
يوم التكريم سواء تكريم الطلاب أم الطالبات، أبرز معاني المحبة التي كدنا أن نفتقدها، ولكن الشجرة الطيبة مازالت تنبت نباتاً طيباً، فلم تتأثر بجفاف فكري، أو ثقافي أو أخلاقي ساد الوطن منذ الاحتلال وإلى يومنا الذي نعيش، فعشنا معكم لحظات الأمل بغدٍ أكثر أملاً.
لا أبحث هنا عن كلمات أكيل بها مديحاً للعائلة، ولكنه الفخر الذي يمنيني دوماً بأن أكون أمينا مع غيري على هذه الشجرة بكلمة صادقة كلما سنحت فرصة لذلك، وما أروعها اليوم من فرصة أن تكون الكلمات منصبة حول المكرمين في يوم التكريم للمتفوقين، فهنيئاً إليكم أيها الأبناء والآباء، وهنيئاً إليكن أيتها الأمهات والبنات على هذا التكريم الذي يفتح أمامنا مسؤوليات عظام .
أذكر في هذا المقام يوم التكريم الأول الذي تشرفت بإلقاء كلمة المغتربين فيه، وكان حاضراً أنذاك عدد كبير من وجهاء العائلة الذين فارقونا جسداً ومازلنا نحمل في أعناقنا سلوكهم ومنهجهم في الحياة، ومازلت أذكر هذه الجملة( أيها الأبناء: العائلة تنتسب إلى تراث أصيل، فحافظوا عليه كما حافظ السابقون، ولتكونوا منابر يقتدي بكم الآخرون، عملاً وقولاً، فالوطن محتاج إليكم قدر حاجتكم إليه، ولتعقدوا العزم على خدمته دون أن يكون أمامكم أي مصلحة خاصة، سوى إخلاصكم وانتمائكم لفلسطين التي نعتز ونشرف بها، ومن ثم العائلة التي تمثل مرجعاً حضارياً أصيلا يجب أن نسير عليه، مدوا يد العون للأخرين، كونوا عوناً لمن طلب منكم المساعدة، وآثروا على أنفسكم، من أجل الآخرين تسودوا بطيب الكلام....).
يوم التكريم امتزجت فيه دموع الفرحة بدموع الحسرة والألم على ما أصاب الوطن، وكم كنت وغيري أن يكون الوطن أفضل حالاً مما وصل إليه من تشرزم لا يخدم إلا العدو، وهي دعوة إلى العقلاء أجددها ثانياً بأن يعيدوا حساباتهم من أجل مستقبل أفضل لأبناء الوطن.
وإذا كان يوم التكريم حظي به أبناء العائلة في الوطن، فإنني أتمنى من الأخوة القائمين على هذا التكريم ( اللجنة الثقافية والإعلامية) الذين يستحقون كل احترام فكرة وتنظيماً وعملاً وتصويراً أن يأخذوا بعين الاعتبار الأخوة والأخوات المتفوقين من أبناء العائلة في الدول العربية، ولو بذكر أسمائهم فقط، واسم الدولة التي يتعلمون بها، فهو تكريم لهم، وشكر للدولة التي يدرسون بها.
كما وأتمنى على أعضاء اللجنة الكرام تكريم الأخوة والأخوات الذين يؤلفون كتاباً، أو يعدونه، تشجيعا للأخرين وحفزاً لهم ولغيرهم.
كما وأثنّي على جائزة المرحوم الأستاذ / عصام سعيد الأغا، للتفوق فلأبنائه الأوفياء كل تقدير وشكر، فرجل مثل الأستاذ / عصام يستحق هذا الوفاء، فمازالت وستبقى الأجيال تذكره بكل احترام وتقدير.
(352) نبراساً أضاء سماء خانيونس وبكل فخر في يوم التكريم ، فلكم ولكل أبناء العائلة العازمين على تحقيق المزيد من التفوق كل تقدير واحترام.
شكر وتقدير:
كم هو عظيم موقع العائلة، يربطنا نحن الذين نعيش في دول العالم ربطاً عضويا بكل ما يدور في فلك العائلة من أفراح وأتراح داخل الوطن، فشكراً لكل القائمين عليه، والمتواصلين معه، وتحديداً المهندس سفيان.