مجيد الأغا... أيصدأ الذهب!
بقلم عاصم كمال الأغا
باحث فى الشأن الفلسطيني
سمع من والدته منذ نعومة أظافره عن جده الشيخ، وعن انخراطه بالعمل الجهادي في مقارعة المحتلين الإنجليز، وعن نشاطه البارز سياسيا، ودعويا، ومشاركته في المؤتمرات الوطنية والإسلامية فى منتصف القرن العشرين، وأدى نشاطه إلى نفيه إلى سمخ وبيسان. كان الفتى يسمع بشغف عن كفاح جده الشيخ المجاهد سعيد والشعب الفلسطيني، فشب على حب الكفاح وقصص البطولة.
التحق سفيان عبد الله الأغا واسمه الحركي مجيد بحركة فتح منذ البدايات الأولى، ظل في الخندق الأمامي في المواجهات ، قاتل وقاد القتال وأشرف وتابع الإعداد لأهم العمليات البطولية الخالدة، عملية الساحل ،مجموعة دلال المغربي البطولية، وعملية فندق سافوى مع القادة الأفذاذ أبو جهاد، ومأمون مريش، وعزمي صغير، وكايد يوسف، وشارك في تأسيس الرصد الثوري والأمن الموحد مع القادة الكبار، صلاح خلف 'أبوإياد' وهايل عبد الحميد 'أبو الهول' واضعين الفلسفة الثورية للأمن.
فمجيد من رعيل الحركة العقائديين إبناً من أبناء مدرسة التحرر الوطني، علاقته بالسلاح والعسكر وطيدة، رغم ذلك كان منفتحاً، مقاتل ليس من أجل القتال، ولكن من أجل أن يجني ثماراً، يؤمن بمقولة الزعيم ياسرعرفات ذائعة الصيت، جئتكم حاملاً بندقية الثائر في يدي وفي الأ خرى غصن الزيتون، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي. تراه بلباسه المدني الأنيق كثيراً، إلا أنه يحن للباسه العسكري، بذلة المقاتلين، متمنطقاً بسلاحه ويفتخر به كيف لا، والفلسطينيون يحبون حمله ويرددون دائماً 'السلاح زينة الرجال'.
يحتفظ لمجيد بصورة المقاتل الصلب، الثابت، ويشهد القادة والمقاتلون الذين عملوا معه بعنفوانه وشهامته ومعدنه الأصيل ، ببساطة كانت لديه كاريزما تعاهدها بالرعاية. كان الفلسطيني عنده مناضلاً شريفاً إلى أن يثبت العكس، ألا يكفي الفلسطيني أنه مضطهد من إسرائيل والصهيونية !
عاش في القاهرة وعمان وبيروت والرياض وتونس، تساوت لديه جميع البلاد والمدن إلا مدينة واحدة، وبلد واحد ظلت عنده قدس الأقداس فلسطين والقدس، ظل يشعر بالغربة ويئن من التشرد. من المناسب القول أنه كان زاهداً في الدنيا، وهذا أمر صحيح عرفه كل ذي صلة به. فمسكنه ومائدته يشهدان بذلك، كان موسوعة في سرد الأحاديث والطرائف والأشعار، يدهشك بحديثه عن رجالات فلسطين وشعارائها وأخبارهم، يردد على مسامعك قصائدهم،أسمعنا قصيدة أبوسلمى الشهيرة
أنشر على لهب القصيد شكوى العبيد للعبيد
أيه فلسطين، أقحمي لجج اللهيب ولا تحيدي
حدثني مجيد في جلسة طويلة كان ينعم خلالها ببال رايق وذاكرة قوية عن قادة وكوادر وأحداث هامة، عرف عنه مهارته في ممارسة فن الإقناع. زرته بصحبة أصدقاء مشتركين، وكانت المرة الأخيرة التى أراه فيه قبل ان يمرض، قال الأطباء انه القلب ---وقال البعض---كذا ---وقال أخرون أنها السجائر--------! قلت لبعض الأصدقاء إنها فتح –أعيدوا له فتح- يعود، فلم يحب مجيد شيئاً في حياته قط أكثر من فلسطين وفتح.
مجيد أيصدأ الذهب ، نستطيع أن نذكر العشرات ولكننا هنا نكتفي بسرد بعض من قالوا: محمود عباس (أبومازن): مجيد هو إبن من أبناء فلسطين البررة، الغر الميامين، الذين نظروا أنفسهم لخدمة فلسطين أرضاً وقضية ومقدسات وشعب.أبو علاء قريع: شكل مجيد ظاهرة ثورية في حركة فتح.ماهر مقداد: مجيد الأغا بإختصار حكاية ثورة وقيمة وطنية واخلاقية كبيرة تعجبك صلابته كما يدهشك ادبه وتواضعه. هاني الحسن: مجيد ينجح في الإنتخابات بدون دعم الحركة. فيصل الخيري: إذا صدقت مقولة لكل دولة قادة ورجال فمجيد كان رجلاً وقائد عصره. عدلي صادق: تأبط مجيد أسرار ثورتنا إلى القبر. بكر بكر: مجيد نور الشمس وطريق الراغبين في صنع الغد، كان حاضراً دوماً ومازال.عماد أبو حمد: الأخ مجيد الأغا لم يكن لواء إستثنائيا بل كان جيشا بأكمله.